الباحث القرآني
﴿خُذِ العَفْوَ وأْمُرْ بِالعُرْفِ وأعْرِضْ عَنِ الجاهِلِينَ﴾ . هَذا خِطابٌ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ ويَعُمُّ جَمِيعَ أُمَّتِهِ، وهي أمْرٌ بِجَمِيعِ مَكارِمِ الأخْلاقِ، وقالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ ومُجاهِدٌ وعُرْوَةُ والجُمْهُورُ: أيِ اقْبَلْ مِنَ النّاسِ في أخْلاقِهِمْ وأمْوالِهِمْ ومُعاشَرَتِهِمْ بِما أتى عَفْوًا دُونَ تَكَلُّفٍ ولا تَحَرُّجٍ، والعَفْوُ ضِدُّ الجَهْدِ، أيْ لا تَطْلُبْ مِنهم ما يَشُقُّ عَلَيْهِمْ حَتّى لا يَنْفِرُوا، وقَدْ أمَرَ بِذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِقَوْلِهِ: «يَسِّرُوا ولا تُعَسِّرُوا» . وقالَ حاتِمٌ:
؎خُذِي العَفْوَ مِنِّي تَسْتَدِيمِي مَوَدَّتِي ولا تَنْطِقِي في سَوْرَتِي حِينَ أغْضَبُ
وقالَ الآخَرُ: إذا ما بُلْغَةٌ جاءَتْكَ عَفْوًا فَخُذْها فالغِنى مَرْعى وشُرْبُ إذا اتَّفَقَ القَلِيلُ وفِيهِ سِلْمٌ فَلا تَرِدِ الكَثِيرَ وفِيهِ حَرْبُ وقالَ الشَّعْبِيُّ: سَألَ الرَّسُولُ ﷺ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ عَنْ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿خُذِ العَفْوَ﴾، فَأخْبَرَهُ عَنِ اللَّهِ تَعالى أنَّهُ يَأْمُرُكَ أنْ تَعْفُوَ عَمَّنْ ظَلَمَكَ وتُعْطِيَ مَن حَرَمَكَ وتَصِلَ مَن قَطَعَكَ، وقالَ ابْنُ عَبّاسٍ والضَّحّاكُ والسُّدِّيُّ: هي في الأمْوالِ قَبْلَ فَرْضِ الزَّكاةِ، أمَرَ أنْ يَأْخُذَ ما سَهُلَ مِن أمْوالِ النّاسِ، أيْ ما فَضَلَ وزادَ، ثُمَّ فُرِضَتِ الزَّكاةُ فَنُسِخَتْ هَذِهِ، وتُؤْخَذُ طَوْعًا وكَرْهًا، وقالَ مَكِّيٌّ عَنْ مُجاهِدٍ: إنَّ العَفْوَ هو الزَّكاةُ المَفْرُوضَةُ، وقالَ ابْنُ زَيْدٍ: الآيَةُ جَمِيعُها في مُداراةِ الكُفّارِ وعَدَمِ مُؤاخَذَتِهِمْ، ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ بِالقِتالِ، انْتَهى، والَّذِي يَظْهَرُ القَوْلُ الأوَّلُ مِن أنَّهُ أمَرَ بِمَكارِمِ الأخْلاقِ، وأنَّ ذَلِكَ حُكْمٌ مُسْتَمِرٌّ في النّاسِ لَيْسَ بِمَنسُوخٍ، ويَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ الحُرِّ بْنِ قَيْسٍ حِينَ أدْخَلَ عُيَيْنَةَ بْنَ حِصْنٍ عَلى عُمَرَ، فَكَلَّمَ عُمَرَ كَلامًا فِيهِ غِلْظَةٌ، فَأرادَ عُمَرُ أنْ يَهُمَّ بِهِ، فَتَلا الحُرُّ هَذِهِ الآيَةَ عَلى عُمَرَ فَقَرَّرَها ووَقَفَ عِنْدَها.
والعُرْفُ: المَعْرُوفُ والجَمِيلُ مِنَ الأفْعالِ والأقْوالِ، وقَرَأ عِيسى بْنُ عُمَرَ: ﴿بِالعُرْفِ﴾ بِضَمِّ الرّاءِ، والأمْرُ بِالإعْراضِ عَنِ الجاهِلِينَ حَضٌّ عَلى التَّخَلُّقِ بِالحِلْمِ والتَّنَزُّهِ عَنْ مُنازَعَةِ السُّفَهاءِ وعَلى الإغْضاءِ عَمّا يَسُوءُ، كَقَوْلِ مَن قالَ: إنَّ هَذِهِ قِسْمَةٌ ما أُرِيدَ بِها وجْهُ اللَّهِ، وقَوْلِ الآخَرانِ: كانَ ابْنَ عَمَّتِكَ، وكالَّذِي جَذَبَ رِداءَهُ حَتّى جَزَّ في عُنُقِهِ، وقالَ: أعْطِنِي مِن مالِ اللَّهِ، وخَرَّجَ البَزّارُ في مَسْنَدِهِ مِن حَدِيثِ جابِرِ بْنِ سُلَيْمٍ ما وصّاهُ بِهِ الرَّسُولُ ﷺ: «اتَّقِ اللَّهَ ولا تُحَقِّرَنَّ مِنَ المَعْرُوفِ شَيْئًا وأنْ تَلْقى أخاكَ بِوَجْهٍ مُنْبَسِطٍ وأنْ تُفْرِغَ مِن فَضْلِ دَلْوِكَ في إناءِ المُسْتَسْقِي وإنِ امْرُؤٌ سَبَّكَ بِما لا يَعْلَمُ مِنكَ فَلا تَسُبَّهُ بِما تَعْلَمُ فِيهِ، فَإنَّ اللَّهَ جاعِلٌ لَكَ أجْرًا وعَلَيْهِ وِزْرًا، ولا تَسُبَّنَّ شَيْئًا مِمّا خَوَّلَكَ اللَّهُ» . وقالَ جَعْفَرٌ الصّادِقُ: أمَرَ اللَّهُ تَعالى نَبِيَّهُ بِمَكارِمِ الأخْلاقِ، ولَيْسَ في القُرْآنِ آيَةٌ أجْمَعُ لِمَكارِمِ الأخْلاقِ مِنها.
{"ayah":"خُذِ ٱلۡعَفۡوَ وَأۡمُرۡ بِٱلۡعُرۡفِ وَأَعۡرِضۡ عَنِ ٱلۡجَـٰهِلِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق