الباحث القرآني
﴿فَلَمّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ أنْجَيْنا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وأخَذْنا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذابٍ بَئِيسٍ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ﴾ الضَّمِيرُ في نَسُوا لِلْمَنهِيِّينَ، أيْ: تَرَكُوا ما ذَكَّرَهم بِهِ الصّالِحُونَ، وجَعَلَ التَّرْكَ نِسْيانًا مُبالَغَةً؛ إذْ أقْوى أحْوالِ التَّرْكِ أنْ يُنْسى المَتْرُوكُ، وما مَوْصُولَةٌ بِمَعْنى الَّذِي. قالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: ويُحْتَمَلُ أنْ يُرادَ بِهِ الذِّكْرُ نَفْسُهُ، ويُحْتَمَلُ أنْ يُرادَ بِهِ ما كانَ في الذِّكْرِ، انْتَهى، ولا يَظْهَرُ لِي هَذانِ الِاحْتِمالانِ، والسُّوءُ عامٌّ في المَعاصِي، وبِحَسَبَ القَصَصِ يَخْتَصُّ هُنا بِصَيْدِ الحُوتِ، والَّذِينَ ظَلَمُوا هُمُ العاصُونَ نَبَّهَ عَلى العِلَّةِ في أخْذِهِمْ، وهي الظُّلْمُ. قالَ مُجاهِدٌ: بَئِيسٍ شَدِيدٌ مُوجِعٌ، وقالَ الأخْفَشُ: مُهْلِكٌ، وقَرَأ أهْلُ المَدِينَةِ نافِعٌ وأبُو جَعْفَرٍ وشَيْبَةُ وغَيْرُهُما: بِيسٍ، عَلى وزْنِ جَيِّدٍ، وابْنُ عامِرٍ كَذَلِكَ، إلّا أنَّهُ هَمَزَ كَبِئْرٍ، ووُجِّهَتا عَلى أنَّهُ فِعْلٌ سُمِّيَ بِهِ، كَما جاءَ: أنْهاكم عَنْ قِيلَ وقالَ، ويُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ وُضِعَ وصْفًا عَلى وزْنِ فِعْلٍ، كَحِلْفٍ، فَلا يَكُونُ أصْلُهُ فِعْلًا، وخَرَّجَهُ الكِسائِيُّ عَلى وجْهٍ آخَرَ، وهو أنَّ الأصْلَ بَيْئِسٌ فَخُفِّفَ الهَمْزَةُ فالتَقَتَ ياءانِ فَحُذِفَتْ إحْداهُما وكُسِرَ أوَّلُهُ، كَما يُقالُ: رَغِيفٌ وشَهِيدٌ، وخَرَّجَهُ غَيْرُهُ عَلى أنْ يَكُونَ عَلى وزْنِ فِعْلٍ فَكُسِرَ أوَّلُهُ إتْباعًا، ثُمَّ حُذِفَتِ الكَسْرَةُ، كَما قالُوا: فَخِذٌ، ثُمَّ خَفَّفُوا الهَمْزَةَ، وقَرَأ الحَسَنُ: بَئِيسٌ بِهَمْزٍ وبِغَيْرِ هَمْزٍ عَنْ نافِعٍ وأبِي بَكْرٍ مِثْلَهُ، إلّا أنَّهُ بِغَيْرِ هَمْزٍ عَنْ نافِعٍ، كَما تَقُولُ بِيسَ الرَّجُلُ، وضَعَّفَها أبُو حاتِمٍ، وقالَ: لا وجْهَ لَها، قالَ: لِأنَّهُ لا يُقالُ: مَرَرْتُ بِرَجُلٍ بِيسَ حَتّى يُقالَ: بِيسَ الرَّجُلُ، أوْ بِيسَ رَجُلًا، قالَ النَّحّاسُ: هَذا مَرْدُودٌ مِن كَلامِ أبِي حاتِمٍ، حَكى النَّحْوِيُّونَ إنْ فَعَلْتَ كَذا وكَذا فَبِها ونِعْمَتْ، يُرِيدُونَ: ونِعْمَتِ الخَصْلَةُ، والتَّقْدِيرُ: بِيسَ العَذابُ، وقُرِئَ بَئِسَ عَلى وزْنِ شَهِدَ، حَكاها يَعْقُوبُ القارِئُ وعَزاها أبُو الفَضْلِ الرّازِيُّ إلى عِيسى وزَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ.
وقَرَأ جُرَيَّةُ بْنُ عائِدٍ ونَصْرُ بْنُ عاصِمٍ في رِوايَةٍ: بَأسَ، عَلى وزْنِ ضَرَبَ، فِعْلًا ماضِيًا، وعَنِ الأعْمَشِ ومالِكِ بْنِ دِينارٍ: بَأْسَ أصْلُهُ بَأسَ، فَسَكَّنَ الهَمْزَةَ، جَعَلَهُ فِعْلًا لا يَتَصَرَّفُ، (p-٤١٣)وقَرَأتْ فِرْقَةٌ: بَيَسَ، بِفَتْحِ الباءِ والياءِ والسِّينِ، وحَكى الزَّهْراوِيُّ عَنِ ابْنِ كَثِيرٍ وأهْلِ مَكَّةَ: بِئِسَ، بِكَسْرِ الباءِ والهَمْزِ هَمْزًا خَفِيفًا ولَمْ يُبَيِّنْ هَلِ الهَمْزَةُ مَكْسُورَةٌ أوْ ساكِنَةٌ، وقَرَأتْ فِرْقَةٌ باسَ، بِفَتْحِ الباءِ وسُكُونِ الألِفِ. وقَرَأ خارِجَةُ عَنْ نافِعٍ وطَلْحَةَ: (بَيْسٍ)، عَلى وزْنِ كَيْلٍ لَفْظًا، وكانَ أصْلُهُ: فَيْعَلَ، مَهْمُوزًا إلّا أنَّهُ خَفَّفَ الهَمْزَةَ بِإبْدالِها ياءً وأدْغَمَ ثُمَّ حَذَفَ كَمَيِّتٍ، وقَرَأ نَصْرٌ في رِوايَةِ مالِكِ بْنِ دِينارٍ عَنْهُ: (بَأسٍ)، عَلى وزْنِ جَبَلٍ، وأبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنُ مُصَرِّفٍ: بَئَّسَ، عَلى وزْنِ كَبَّدَ وحَذَّرَ، وقالَ أبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ الرُّقَياتُ:
؎لَيْتَنِي ألْقى رُقَيَّةَ في خَلْوَةٍ مِن غَيْرِ ما بَئَّسْ
وقَرَأ ابْنُ عَبّاسٍ وأبُو بَكْرٍ عَنْ عاصِمٍ والأعْمَشُ: (بَيْأسٍ) عَلى وزْنٍ ضَيْغَمٍ، وقالَ امْرُؤُ القَيْسِ بْنُ عابِسٍ الكِنْدِيُّ:
؎كِلاهُما كانَ رَئِيسًا بَيْأسا ∗∗∗ يَضْرِبُ في يَوْمِ الهِياجِ القَوْنَسا
وقَرَأ عِيسى بْنُ عُمَرَ والأعْمَشُ بِخِلافٍ عَنْهُ: بَيْئِسٍ عَلى وزْنِ صَيْقِلٍ، اسْمُ امْرَأةٍ، بِكَسْرِ الهَمْزَةِ وبِكَسْرِ القافِ وهُما شاذّانِ لِأنَّهُ بِناءٌ مُخْتَصٌّ بِالمُعْتَلِّ كَسَيِّدٍ ومَيِّتٍ، وقَرَأ نَصْرُ بْنُ عاصِمٍ في رِوايَةٍ: بَيْسٍ، عَلى وزْنِ مَيْتٍ وخُرِّجَ عَلى أنَّهُ مِنَ البُؤْسِ، ولا أصْلَ لَهُ في الهَمْزِ، وخُرِّجَ أيْضًا عَلى أنَّهُ خَفَّفَ الهَمْزَةَ بِإبْدالِها ياءً، ثُمَّ أُدْغِمَتْ، وعَنْهُ أيْضًا بِئْسَ بِقَلْبِ الياءِ هَمْزَةً وإدْغامِها في الهَمْزَةِ، ورُوِيَتْ هَذِهِ عَنِ الأعْمَشِ، وقَرَأتْ فِرْقَةٌ: بَأَّسَ، بِفَتْحِ الثَّلاثَةِ والهَمْزَةِ مُشَدَّدَةً، وقَرَأ باقِي السَّبْعَةِ ونافِعٌ وفي رِوايَةِ أبِي قُرَّةَ وعاصِمٌ في رِوايَةِ حَفْصٍ وأبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ ومُجاهِدٌ والأعْرَجُ والأعْمَشُ في رِوايَةٍ وأهْلُ الحِجازِ: بَئِيسٍ عَلى وزْنِ رَئِيسٍ، وخُرِّجَ عَلى أنَّهُ وصْفٌ عَلى وزْنِ فَعِيلٍ لِلْمُبالَغَةِ مِن بائِسٍ عَلى وزْنِ فاعِلٍ، وهي قِراءَةُ أبِي رَجاءٍ عَنْ عَلِيٍّ، أوْ عَلى أنَّهُ مَصْدَرٌ وُصِفَ بِهِ كالنَّكِيرِ والقَدِيرِ، وقالَ أبُو الإصْبَعِ العُدْوانِيُّ:
؎حَنَقا عَلَيَّ ولا أرى ∗∗∗ لِي مِنهُما شَرًّا بَئِيسا
وقَرَأ أهْلُ مَكَّةَ كَذَلِكَ، إلّا أنَّهم كَسَرُوا الباءَ، وهي لُغَةُ تَمِيمٍ في فَعِيلٍ حَلْقِيِّ العَيْنِ يَكْسِرُونَ أوَّلَهُ، وسَواءٌ كانَ اسْمًا أمْ صِفَةً، وقَرَأ الحَسَنُ والأعْمَشُ فِيما زَعَمَ عِصْمَةُ بَئِيسٍ، عَلى وزْنِ طَرِيمٍ وحَزِيمٍ، فَهَذِهِ اثْنَتانِ وعِشْرُونَ قِراءَةً وضَبْطُها بِالتَّلْخِيصِ أنَّها قُرِئَتْ ثُلاثِيَّةَ اللَّفْظِ ورُباعِيَّتَهُ، فالثُّلاثِيُّ اسْمًا بِئْسٍ وبَيْسٍ وبِيسٍ وبَأْسٍ وبَأسٍ وبَيَسٍ، وفِعْلًا بِيسَ وبِئْسَ وبَئِسَ وبَأسَ وبَأْسَ وبُئِسَ، والرُّباعِيَّةُ اسْمًا بَيْأسٍ وبِيئِسٍ وبَيْئِسٍ وبَيْسٍ وبَيِيسٍ وبَئِيسٍ وبائِسٍ وفِعْلًا باءَسَ.
{"ayah":"فَلَمَّا نَسُوا۟ مَا ذُكِّرُوا۟ بِهِۦۤ أَنجَیۡنَا ٱلَّذِینَ یَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلسُّوۤءِ وَأَخَذۡنَا ٱلَّذِینَ ظَلَمُوا۟ بِعَذَابِۭ بَـِٔیسِۭ بِمَا كَانُوا۟ یَفۡسُقُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق