الباحث القرآني

﴿قالَ أغَيْرَ اللَّهِ أبْغِيكم إلَهًا وهو فَضَّلَكم عَلى العالَمِينَ﴾ ما أحْسَنَ ما خاطَبَهم مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ بَدَأهم أوَّلًا بِنِسْبَتِهِمْ إلى الجَهْلِ ثُمَّ ثانِيًا أخْبَرَهم بِأنَّ عُبّادَ الأصْنامِ لَيْسُوا عَلى شَيْءٍ بَلْ مَآلُ أمْرِهِمْ إلى الهَلاكِ وبُطْلانِ العَمَلِ، وثالِثًا أنْكَرَ وتَعَجَّبَ أنْ يَقَعَ هو عَلَيْهِ السَّلامُ في أنْ يَبْغِيَ لَهم غَيْرَ اللَّهِ إلَهًا أيْ أغَيْرَ المُسْتَحِقِّ لِلْعِبادَةِ والأُلُوهِيَّةِ أطْلُبُ لَكم مَعْبُودًا ؟ وهو الَّذِي شَرَّفَكم واخْتَصَّكم بِالنِّعَمِ الَّتِي لَمْ يُعْطِها مَن سَلَفَ مِنَ الأُمَمِ لا غَيْرُهُ فَكَيْفَ أبْغِي لَكم إلَهًا غَيْرَهُ، ومَعْنى عَلى العالَمِينَ عَلى عالَمَيْ زَمانِهِمْ أوْ بِكَثْرَةِ الأنْبِياءِ فِيهِمْ، قالَ ابْنُ القُشَيْرِيِّ: بِإهْلاكِ عَدُوِّهِمْ وبِما خَصَّهم مِنَ الآياتِ، وانْتَصَبَ (غَيْرَ) مَفْعُولًا بِأبْغِيكم أيْ أبْغِي لَكم غَيْرَ اللَّهِ، (وإلَهًا) تَمْيِيزٌ عَنْ (غَيْرَ) أوْ حالٌ أوْ عَلى الحالِ (وإلَهًا) المَفْعُولُ والتَّقْدِيرُ أبْغِي لَكم إلَهًا غَيْرَ اللَّهِ فَكانَ غَيْرُ صِفَةً، فَلَمّا تَقَدَّمَ انْتَصَبَ حالًا، وقالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وغَيْرُ مَنصُوبَةٌ بِفِعْلٍ مُضْمَرٍ هَذا هو الظّاهِرُ ويُحْتَمَلُ أنْ يَنْتَصِبَ عَلى الحالِ انْتَهى. ولا يَظْهَرَ نَصْبُهُ بِفِعْلٍ مُضْمَرٍ لِأنَّ أبْغِي مُفَرِّغٌ لَهُ أوْ لِقَوْلِهِ إلَهًا، فَإنَّ تَخَيُّلَ أنَّهُ مَنصُوبٌ بِـ أبْغِي مُضْمَرَةً يُفَسِّرُها هَذا الظّاهِرُ فَلا يَصِحُّ لِأنَّ الجُمْلَةَ المُفَسِّرَةَ لا رابِطَ فِيها لا مِن ضَمِيرٍ ولا مِن مُلابِسٍ يَرْبُطُها بِغَيْرٍ، فَلَوْ كانَ التَّرْكِيبُ أغَيْرَ اللَّهِ أبْغِيكُمُوهُ لَصَحَّ، ويَحْتَمِلُ وهو فَضَّلَكم أنْ يَكُونَ حالًا وأنْ يَكُونَ مُسْتَأْنَفًا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب