الباحث القرآني
﴿وقالُوا مَهْما تَأْتِنا بِهِ مِن آيَةٍ لِتَسْحَرَنا بِها فَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ﴾ (p-٣٧١)الضَّمِيرُ في (وقالُوا) عائِدٌ عَلى آلِ فِرْعَوْنَ لَمْ يَزِدْهُمُ الأخْذُ بِالجُدُوبِ ونَقْصِ الثَّمَراتِ إلّا طُغْيانًا وتَشَدُّدًا في كُفْرِهِمْ وتَكْذِيبِهِمْ، ولَمْ يَكْتَفُوا بِنِسْبَةِ ما يُصِيبُهم مِنَ السَّيِّئاتِ إلّا أنَّ ذَلِكَ بِسَبَبِ مُوسى ومَن مَعَهُ حَتّى واجَهُوهُ بِهَذا القَوْلِ الدّالِّ عَلى أنَّهُ لَوْ أتى بِما أتى مِنَ الآياتِ فَإنَّهم لا يُؤْمِنُونَ بِها، وأتَوْا بِمَهْما الَّتِي تَقْتَضِي العُمُومَ، ثُمَّ فَسَّرُوا بِآيَةٍ عَلى سَبِيلِ الِاسْتِهْزاءِ في تَسْمِيَتِهِمْ ذَلِكَ آيَةً كَما قالُوا في قَوْلِهِ: ﴿إنّا قَتَلْنا المَسِيحَ عِيسى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ﴾ [النساء: ١٥٧] وتَسْمِيَتُهُ لَها بِآيَةٍ، أيْ: عَلى زَعْمِكَ ولِذَلِكَ عَلَّلُوا الإتْيانَ بِقَوْلِهِمْ ﴿لِتَسْحَرَنا بِها﴾ وبالَغُوا في انْتِفاءِ الإيمانِ بِأنْ صَدَّرُوا الجُمْلَةَ بِنَحْنُ وأدْخَلُوا الباءَ في (بِمُؤْمِنِينَ)، أيْ: إنَّ إيمانَنا لَكَ لا يَكُونُ أبَدًا (ومَهْما) مُرْتَفِعٌ بِالِابْتِداءِ، أوْ مُنْتَصِبٌ بِإضْمارِ فِعْلٍ يُفَسِّرُهُ فِعْلُ الشَّرْطِ، فَيَكُونُ مِن بابِ الِاشْتِغالِ، أيْ: أيُّ شَيْءٍ يَحْضُرُ تَأْتِنا بِهِ، والضَّمِيرُ في (بِهِ) عائِدٌ عَلى (مَهْما) وفي (بِها) عائِدٌ أيْضًا عَلى مَعْنى مَهْما؛ لِأنَّ المُرادَ بِهِ أيَّةُ آيَةٍ كَما عادَ عَلى ما في قَوْلِهِ: ﴿ما نَنْسَخْ مِن آيَةٍ أوْ نُنْسِها﴾ [البقرة: ١٠٦]، وكَما قالَ زُهَيْرٌ:
؎ومَهْما تَكُنْ عِنْدَ امْرِئٍ مِن خَلِيقَةٍ وإنْ خالَها تَخْفى عَلى النّاسِ تُعْلَمِ
فَأنَّثَ عَلى المَعْنى، قالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وهَذِهِ الكَلِمَةُ في عِدادِ الكَلِماتِ الَّتِي يُحَرِّفُها مَن لا يَدَ لَهُ في عِلْمِ العَرَبِيَّةِ فَيَضَعُها غَيْرَ مَوْضِعِها ويَحْسَبُ مَهْما بِمَعْنى مَتى ما، ويَقُولُ مَهْما جِئْتَنِي أعْطَيْتُكَ، وهَذا مِن وضْعِهِ، ولَيْسَ مِن كَلامِ واضِعِ العَرَبِيَّةِ في شَيْءٍ، ثُمَّ يَذْهَبُ فَيُفَسِّرُ مَهْما تَأْتِنا بِهِ مِن آيَةٍ بِمَعْنى الوَقْتِ، فَيُلْحِدُ في آياتِ اللَّهِ تَعالى وهو لا يَشْعُرُ، وهَذا وأمْثالُهُ مِمّا يُوجِبُ الجُثُوَّ بَيْنَ يَدَيِ النّاظِرِ في كِتابِ سِيبَوَيْهِ. انْتَهى. وهَذا الَّذِي أنْكَرَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ مِن أنَّ مَهْما لا تَأْتِي ظَرْفَ زَمانٍ، وقَدْ ذَهَبَ إلَيْهِ ابْنُ مالِكٍ ذَكَرَهُ في التَّسْهِيلِ وغَيْرِهِ مِن تَصانِيفِهِ إلّا أنَّهُ لَمْ يَقْصُرْ مَدْلُولُها عَلى أنَّها ظَرْفُ زَمانٍ، بَلْ قالَ: وقَدْ تَرِدُ ما ومَهْما ظَرْفَيْ زَمانٍ وقالَ في أُرْجُوزَتِهِ الطَّوِيلَةِ المُسَمّاةِ بِالشّافِيَةِ الكافِيَةِ:
؎، وقَدْ أتَتْ مَهْما وما ظَرْفَيْنِ في ∗∗∗ شَواهِدَ مَن يَعْتَضِدْ بِها كُفِي
وقالَ في شَرْحِ هَذا البَيْتِ: جَمِيعُ النَّحْوِيِّينَ يَجْعَلُونَ ما ومَهْما مِثْلَ مِن في لُزُومِ التَّجَرُّدِ عَنِ الظَّرْفِ مَعَ أنَّ اسْتِعْمالَهُما ظَرْفَيْنِ ثابِتٌ في اسْتِعْمالِ الفُصَحاءِ مِنَ العَرَبِ، وأنْشَدَ أبْياتًا عَنِ العَرَبِ زَعَمَ مِنها أنَّ ما (p-٣٧٢)ومَهْما ظَرْفا زَمانٍ وكَفانا الرَّدَّ عَلَيْهِ فِيها ابْنُهُ الشَّيْخُ بَدْرُ الدِّينِ مُحَمَّدٌ، وقَدْ تَأوَّلْنا نَحْنُ بَعْضَها وذَكَرْنا ذَلِكَ في كِتابِ التَّكْمِيلِ لِشَرْحِ التَّسْهِيلِ مِن تَأْلِيفِنا، وكَفاهُ رَدًّا نَقْلُهُ عَنْ جَمِيعِ النَّحْوِيِّينَ خِلافَ ما قالَهُ لَكِنَّ مَن يُعانِي عِلْمًا يَحْتاجُ إلى مُثُولِهِ بَيْنَ يَدَيِ الشُّيُوخِ، وأمّا مَن فَسَّرَ مَهْما في الآيَةِ بِأنَّها ظَرْفُ زَمانٍ فَهو كَما قالَ الزَّمَخْشَرِيُّ مُلْحِدٌ في آياتِ اللَّهِ، وأمّا قَوْلُ الزَّمَخْشَرِيِّ، وهَذا وأمْثالُهُ إلى آخِرِ كَلامِهِ فَهو يَدُلُّ عَلى أنَّهُ جَثا بَيْنَ يَدَيِ النّاظِرِ في كِتابِ سِيبَوَيْهِ، وذَلِكَ صَحِيحٌ، رَحَلَ مِن خُوارَزْمَ في شَيْبَتِهِ إلى مَكَّةَ شَرَّفَها اللَّهُ تَعالى لِقِراءَةِ كِتابِ سِيبَوَيْهِ عَلى رَجُلٍ مِن أصْحابِنا مِن أهْلِ جَزِيرَةِ الأنْدَلُسِ كانَ مُجاوِرًا بِمَكَّةَ وهو الشَّيْخُ الإمامُ العَلّامَةُ المُشاوِرُ أبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ طَلْحَةَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأنْدَلُسِيُّ مِن أهْلِ بابَرَةَ مِن بِلادِ جَزِيرَةِ الأنْدَلُسِ، فَقَرَأ عَلَيْهِ الزَّمَخْشَرِيُّ جَمِيعَ كِتابِ سِيبَوَيْهِ وأخْبَرَهُ بِهِ قِراءَةً عَنِ الإمامِ الحافِظِ أبِي عَلِيٍّ الحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أحْمَدَ الغَسّانِيِّ الجَيّانِيِّ قالَ: قَرَأْتُهُ عَلى أبِي مَرْوانَ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ سِراجِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِراجٍ القُرْطُبِيِّ قالَ: قَرَأْتُهُ عَلى أبِي القاسِمِ بْنِ الإفْلِيلِيِّ عَنْ أبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ عاصِمٍ العاصِمِيِّ عَنِ الرَّباحِيِّ بِسَنَدِهِ، ولِلزَّمَخْشَرِيِّ قَصِيدٌ يَمْدَحُ بِهِ سِيبَوَيْهِ وكِتابَهُ، وهَذا يَدُلُّ عَلى أنَّهُ ناظِرٌ في كِتابِ سِيبَوَيْهِ بِخِلافِ ما كانَ يَعْتَقِدُ فِيهِ بَعْضُ أصْحابِنا مِن أنَّهُ إنَّما نَظَرَ في نُتَفٍ مِن كَلامِ أبِي عَلِيٍّ الفارِسِيِّ، وابْنِ جِنِّي، وقَدْ صَنَّفَ أبُو الحَجّاجِ يُوسُفُ بْنُ مَعْزُوزٍ كِتابًا في الرَّدِّ عَلى الزَّمَخْشَرِيِّ في كِتابِ المُفَصَّلِ والتَّنْبِيهِ عَلى أغْلاطِهِ الَّتِي خالَفَ فِيها إمامَ الصِّناعَةِ أبا بِشْرٍ عَمْرَو بْنَ عُثْمانَ سِيبَوَيْهِ رَحِمَ اللَّهُ جَمِيعَهم.
{"ayah":"وَقَالُوا۟ مَهۡمَا تَأۡتِنَا بِهِۦ مِنۡ ءَایَةࣲ لِّتَسۡحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحۡنُ لَكَ بِمُؤۡمِنِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق