الباحث القرآني
(p-٣٧٠)﴿فَإذا جاءَتْهُمُ الحَسَنَةُ قالُوا لَنا هَذِهِ وإنْ تُصِبْهم سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسى ومَن مَعَهُ﴾ ابْتُلُوا بِالجَدْبِ ونَقْصِ الثَّمَراتِ رَجاءَ التَّذْكِيرِ فَلَمْ يَقَعِ المَرْجُوُّ وصارُوا إذا أخْصَبُوا وصَحُّوا قالُوا: نَحْنُ أحِقّاءُ بِذَلِكَ، وإذا أصابَهم ما يَسُوءُهم تَشاءَمُوا بِمُوسى وزَعَمُوا أنَّ ذَلِكَ بِسَبَبِهِ، واللّامُ في (لَنا) قِيلَ لِلِاسْتِحْقاقِ كَما تَقُولُ السَّرْجُ لِلْفَرَسِ وتَشاؤُمُهم بِمُوسى ومَن مَعَهُ مَعْناهُ أنَّهُ لَوْلا كَوْنُهم فِينا لَمْ يُصِبْنا كَما قالَ الكُفّارُ لِلرَّسُولِ - عَلَيْهِ السَّلامُ - هَذِهِ مِن عِنْدِكَ في قَوْلِهِ: ﴿وإنْ تُصِبْهم سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِن عِنْدِكَ﴾ [النساء: ٧٨] وأتى الشَّرْطُ بِإذا في مَجِيءِ الحَسَنَةِ وهي لِما تَيَقَّنَ وُجُودُهُ؛ لِأنَّ إحْسانَ اللَّهِ هو المَعْهُودُ الواسِعُ العامُّ لِخَلْقِهِ بِحَيْثُ إنَّ إحْسانَهُ لِخَلْقِهِ عامٌّ حَتّى في حالِ الِابْتِلاءِ، وأتى الشَّرْطُ بِإنْ في إصابَةِ السَّيِّئَةِ وهي لِلْمُمْكِنِ إبْرازًا أنَّ إصابَةَ السَّيِّئَةِ مِمّا قَدْ يَقَعُ، وقَدْ لا يَقَعُ، وجْهُهُ رَحْمَةُ اللَّهِ أوْسَعُ، قالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: فَإنْ قُلْتَ: كَيْفَ قِيلَ ﴿فَإذا جاءَتْهُمُ الحَسَنَةُ﴾ بِإذا وتَعْرِيفِ الحَسَنَةِ ﴿وإنْ تُصِبْهم سَيِّئَةٌ﴾ بِإنْ وتَنْكِيرِ السَّيِّئَةِ قُلْتُ: لِأنَّ جِنْسَ الحَسَنَةِ وُقُوعُهُ كالواجِبِ لِكَثْرَتِهِ واتِّساعِهِ، وأمّا السَّيِّئَةُ فَلا تَقَعُ إلّا في النُّدْرَةِ، ولا يَقَعُ إلّا يَسِيرٌ مِنها ومِنهُ قَوْلُ بَعْضِهِمْ: وقَدْ عَدَدْتَ أيّامَ البَلاءِ فَهَلّا عَدَدْتَ أيّامَ الرَّخاءِ. انْتَهى. وقَرَأ عِيسى بْنُ عُمَرَ، وطَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ: تَطَيَّرُوا بِالتّاءِ وتَخْفِيفِ الطّاءِ فِعْلًا ماضِيًا، وهو جَوابُ ﴿وإنْ تُصِبْهُمْ﴾، وهَذا عِنْدَ سِيبَوَيْهِ مَخْصُوصٌ بِالشِّعْرِ أعْنِي أنْ يَكُونَ فِعْلُ الشَّرْطِ مُضارِعًا وفِعْلُ الجَزاءِ ماضِيَ اللَّفْظِ نَحْوَ قَوْلِ الشّاعِرِ:
؎مَن يَكِدْنِي بِسَيِّئٍ كُنْتُ مِنهُ كالشَّجى بَيْنَ حَلْقِهِ والوَرِيدِ
وبَعْضُ النَّحْوِيِّينَ يُجَوِّزُهُ في الكَلامِ وما رُوِيَ مِن أنْ مُجاهِدًا قَرَأ تَشاءَمُوا مَكانَ تَطَيَّرُوا فَيَنْبَغِي أنْ يُحْمَلَ ذَلِكَ عَلى التَّفْسِيرِ لا عَلى أنَّهُ قُرْآنٌ لِمُخالَفَتِهِ سَوادَ المُصْحَفِ.
* * *
﴿ألا إنَّما طائِرُهم عِنْدَ اللَّهِ ولَكِنَّ أكْثَرَهم لا يَعْلَمُونَ﴾ قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: (طائِرُهم) ما يُصِيبُهم، أيْ: ما طارَ لَهم في القَدَرِ مِمّا هم لاقُوهُ، وهو مَأْخُوذٌ مِن زَجْرِ الطَّيْرِ، سُمِّيَ ما عِنْدَ اللَّهِ مِنَ القَدَرِ لِلْإنْسانِ طائِرًا لَمّا كانَ يُعْتَقَدُ أنَّ كُلَّ ما يُصِيبُهُ إنَّما هو بِحَسَبِ ما يَراهُ في الطّائِرِ فَهي لَفْظَةٌ مُسْتَعارَةٌ. قالَهُ ابْنُ عَطِيَّةَ، وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: أيْ: سَبَبُ خَيْرِهِمْ وشَرِّهِمْ عِنْدَ اللَّهِ تَعالى وهو حُكْمُهُ ومَشِيئَتُهُ، واللَّهُ تَعالى هو الَّذِي يَشاءُ ما يُصِيبُهم مِنَ الحَسَنَةِ والسَّيِّئَةِ، ولَيْسَ شُؤْمُ أحَدِهِمْ ولا يُمْنُهُ بِسَبَبٍ فِيهِ، كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿قُلْ كُلٌّ مِن عِنْدِ اللَّهِ﴾ [النساء: ٧٨] ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ مَعْناهُ: ألا إنَّما سَبَبُ شُؤْمِهِمْ عِنْدَ اللَّهِ وهو عَمَلُهُمُ المَكْتُوبُ عِنْدَهُ يَجْرِي عَلَيْهِمْ ما يَسُوءُهم لِأجْلِهِ ويُعاقَبُونَ لَهُ بَعْدَ مَوْتِهِمْ بِما وعَدَهُمُ اللَّهُ تَعالى في قَوْلِهِ: ﴿النّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها﴾ [غافر: ٤٦] الآيَةَ ولا طائِرَ أشْأمُ مِن هَذا، وقَرَأ الحَسَنُ ألا إنَّما طَيْرُهم وحَكَمَ بِنَفْيِ العِلْمِ عَنْ أكْثَرِهِمْ؛ لِأنَّ القَلِيلَ مِنهم عَلِمَ كَمُؤْمِنِ آلِ فِرْعَوْنَ وآسِيَةَ امْرَأةِ فِرْعَوْنَ، وقالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: ويُحْتَمَلُ أنَّ كَوْنَ الضَّمِيرِ في طائِرِهِمْ لِضَمِيرِ العالَمِ، ويَجِيءُ تَخْصِيصُ الأكْثَرِ عَلى ظاهِرِهِ، ويُحْتَمَلُ أنْ يُرِيدَ و﴿ولَكِنَّ أكْثَرَهُمْ﴾ لَيْسَ قَرِيبًا أنْ يُعْلَمَ لِانْغِمارِهِمْ في الجَهْلِ وعَلى هَذا فِيهِمْ قَلِيلٌ مُعَدٌّ لِأنْ يَعْلَمَ لَوْ وفَّقَهُ اللَّهُ. انْتَهى. وهُما احْتِمالانِ بَعِيدانِ وأبْعَدُ مِنهُ قَوْلُهُ: وإمّا أنْ يُرادَ الجَمْعُ وتَجُوزُ في العِبارَةِ.
{"ayah":"فَإِذَا جَاۤءَتۡهُمُ ٱلۡحَسَنَةُ قَالُوا۟ لَنَا هَـٰذِهِۦۖ وَإِن تُصِبۡهُمۡ سَیِّئَةࣱ یَطَّیَّرُوا۟ بِمُوسَىٰ وَمَن مَّعَهُۥۤۗ أَلَاۤ إِنَّمَا طَـٰۤىِٕرُهُمۡ عِندَ ٱللَّهِ وَلَـٰكِنَّ أَكۡثَرَهُمۡ لَا یَعۡلَمُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق