الباحث القرآني

﴿وأوْحَيْنا إلى مُوسى أنْ ألْقِ عَصاكَ فَإذا هي تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ﴾ ﴿فَوَقَعَ الحَقُّ وبَطَلَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ﴾ ﴿فَغُلِبُوا هُنالِكَ وانْقَلَبُوا صاغِرِينَ﴾ ﴿وأُلْقِيَ السَّحَرَةُ ساجِدِينَ﴾ ﴿قالُوا آمَنّا بِرَبِّ العالَمِينَ﴾ [الأعراف: ١٢١] ﴿رَبِّ مُوسى وهارُونَ﴾ [الأعراف: ١٢٢] ﴿قالَ فِرْعَوْنُ آمَنتُمْ بِهِ قَبْلَ أنْ آذَنَ لَكم إنَّ هَذا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ في المَدِينَةِ لِتُخْرِجُوا مِنها أهْلَها فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾ [الأعراف: ١٢٣] ﴿لَأُقَطِّعَنَّ أيْدِيَكم وأرْجُلَكم مِن خِلافٍ ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّكم أجْمَعِينَ﴾ [الأعراف: ١٢٤] ﴿قالُوا إنّا إلى رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ﴾ [الأعراف: ١٢٥] ﴿وما تَنْقِمُ مِنّا إلّا أنْ آمَنّا بِآياتِ رَبِّنا لَمّا جاءَتْنا رَبَّنا أفْرِغْ عَلَيْنا صَبْرًا وتَوَفَّنا مُسْلِمِينَ﴾ [الأعراف: ١٢٦] ﴿وقالَ المَلَأُ مِن قَوْمِ فِرْعَوْنَ أتَذَرُ مُوسى وقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا في الأرْضِ ويَذَرَكَ وآلِهَتَكَ قالَ سَنُقَتِّلُ أبْناءَهم ونَسْتَحْيِي نِساءَهم وإنّا فَوْقَهم قاهِرُونَ﴾ [الأعراف: ١٢٧] ﴿قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ واصْبِرُوا إنَّ الأرْضَ لِلَّهِ يُورِثُها مَن يَشاءُ مِن عِبادِهِ والعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾ [الأعراف: ١٢٨] ﴿قالُوا أُوذِينا مِن قَبْلِ أنْ تَأْتِيَنا ومِن بَعْدِ ما جِئْتَنا قالَ عَسى رَبُّكم أنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكم ويَسْتَخْلِفَكم في الأرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ﴾ [الأعراف: ١٢٩] ﴿ولَقَدْ أخَذْنا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ ونَقْصٍ مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهم يَذَّكَّرُونَ﴾ [الأعراف: ١٣٠] ﴿فَإذا جاءَتْهُمُ الحَسَنَةُ قالُوا لَنا هَذِهِ وإنْ تُصِبْهم سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسى ومَن مَعَهُ ألا إنَّما طائِرُهم عِنْدَ اللَّهِ ولَكِنَّ أكْثَرَهم لا يَعْلَمُونَ﴾ [الأعراف: ١٣١] ﴿وقالُوا مَهْما تَأْتِنا بِهِ مِن آيَةٍ لِتَسْحَرَنا بِها فَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ﴾ [الأعراف: ١٣٢] ﴿فَأرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الطُّوفانَ والجَرادَ والقُمَّلَ والضَّفادِعَ والدَّمَ آياتٍ مُفَصَّلاتٍ فاسْتَكْبَرُوا وكانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ﴾ [الأعراف: ١٣٣] ﴿ولَمّا وقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قالُوا يا مُوسى ادْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ ولَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إسْرائِيلَ﴾ [الأعراف: ١٣٤] ﴿فَلَمّا كَشَفْنا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إلى أجَلٍ هم بالِغُوهُ إذا هم يَنْكُثُونَ﴾ [الأعراف: ١٣٥] ﴿فانْتَقَمْنا مِنهم فَأغْرَقْناهم في اليَمِّ بِأنَّهم كَذَّبُوا بِآياتِنا وكانُوا عَنْها غافِلِينَ﴾ [الأعراف: ١٣٦] ﴿وأوْرَثْنا القَوْمَ الَّذِينَ كانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشارِقَ الأرْضِ ومَغارِبَها الَّتِي بارَكْنا فِيها وتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الحُسْنى عَلى بَنِي إسْرائِيلَ بِما صَبَرُوا ودَمَّرْنا ما كانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وقَوْمُهُ وما كانُوا يَعْرِشُونَ﴾ [الأعراف: ١٣٧] ﴿وجاوَزْنا بِبَنِي إسْرائِيلَ البَحْرَ فَأتَوْا عَلى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلى أصْنامٍ لَهم قالُوا يا مُوسى اجْعَلْ لَنا إلَهًا كَما لَهم آلِهَةٌ قالَ إنَّكم قَوْمٌ تَجْهَلُونَ﴾ [الأعراف: ١٣٨] ﴿إنَّ هَؤُلاءِ مُتَبَّرٌ ما هم فِيهِ وباطِلٌ ما كانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [الأعراف: ١٣٩] (p-٣٦٣)لَقِفَ الشَّيْءَ لَقْفًا ولَقَفانًا: أخَذَهُ بِسُرْعَةٍ فَأكَلَهُ، أوِ ابْتَلَعَهُ ورَجُلٌ ثَقِفٌ لَقِفٌ: سَرِيعُ الأخْذِ ولَقِيفٌ ثَقِيفٌ: بَيِّنُ الثَّقافَةِ واللَّقافَةِ، ولَقِمَ ولَهِمَ ولَقِفَ بِمَعْنًى، ومِنهُ التَقَفْتُهُ وتَلَقَّفْتُهُ تَلَقُّفًا. مَهْما: اسْمٌ، خِلافًا لِلسُّهَيْلِيِّ إذْ زَعَمَ أنَّها قَدْ تَأْتِي حَرْفًا، وهي أداةُ شَرْطٍ ونَدَرَ الِاسْتِفْهامُ بِها في قَوْلِهِ: ؎مَهْما لِيَ اللَّيْلَةَ مَهْما لِيَهْ أوْدى بِنَعْلَيَّ وسِرْبالِيَهْ وزَعَمَ بَعْضُهم أنَّها إذا كانَتِ اسْمَ شَرْطٍ قَدْ تَأْتِي ظَرْفَ زَمانٍ، وفي بَساطَتِها وتَرْكِيبِها مِن ما ما أوْ مِن مَهْ ما خِلافٌ ذُكِرَ في النَّحْوِ ويَنْبَغِي أنْ يُحْمَلَ قَوْلُ الشّاعِرِ: ؎أماوِيُّ مَهْ مَن يَسْتَمِعْ في صَدِيقِهِ ∗∗∗ أقاوِيلَ هَذا النّاسِ ماوِيُّ يَنْدَمِ عَلى أنَّهُ لا تَرْكِيبَ فِيها، بَلْ مَهْ بِمَعْنى اكْفُفْ، ومَن هي اسْمُ الشَّرْطِ، الجَرادُ: مَعْرُوفٌ واحِدُهُ جَرادَةٌ بِالتّاءِ لِلذَّكَرِ والأُنْثى ويُمَيِّزُ بَيْنَهُما الوَصْفُ وذَكَرَ التَّصْرِيفِيُّونَ أنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنَ الجَرادِ قالُوا: والِاشْتِقاقُ في أسْماءِ الأجْناسِ قَلِيلٌ جِدًّا. القُمَّلُ: قالَ أبُو عُبَيْدَةَ: هو الحَمْنانُ واحِدُهُ حَمْنانَةٌ، وهو ضَرْبٌ مِنَ القِرْدانِ، وسَتَأْتِي أقْوالُ المُفَسِّرِينَ فِيهِ. الضِّفْدَعُ: هو الحَيَوانُ المَعْرُوفُ، وتُكْسَرُ دالَهُ وتُفْتَحُ، وهو مُؤَنَّثٌ وشَذَّ جَمْعُهم لَهُ بِالألِفِ والتّاءِ قالُوا: ضِفْدَعاتٌ. النَّكْثُ: النَّقْضُ. اليَمُّ: البَحْرُ. قالَ ذُو الرُّمَّةِ: ؎دَوِيَّةٌ ودُجى لَيْلٍ كَأنَّهُما ∗∗∗ يَمٌّ تَراطَنَ في حافاتِهِ الرُّومُ وتَقَدَّمَتْ هَذِهِ المادَّةُ في فَتَيَمَّمُوا إلّا أنَّ ابْنَ قُتَيْبَةَ قالَ: اليَمُّ البَحْرُ بِالسُّرْيانِيَّةِ. وقِيلَ: بِالعِبْرانِيَّةِ. التَّدْمِيرُ: الإهْلاكُ وإخْرابُ البِناءِ. التَّتْبِيرُ: الإهْلاكُ، ومِنهُ التِّبْرُ لِتَهالُكِ النّاسِ عَلَيْهِ. وقالَ ابْنُ عَطِيَّةَ والكِرْمانِيُّ: التَّتْبِيرُ: الإهْلاكُ وسُوءُ العُقْبى وأصْلُهُ الكَسْرُ، ومِنهُ تِبْرُ الذَّهَبِ؛ لِأنَّهُ كِسارُهُ. ﴿وأوْحَيْنا إلى مُوسى أنْ ألْقِ عَصاكَ فَإذا هي تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ﴾ . الظّاهِرُ أنَّهُ وحْيُ إعْلامٍ كَما رُوِيَ أنَّ جِبْرِيلَ - عَلَيْهِ السَّلامُ - أتاهُ وقالَ لَهُ أنَّ الحَقَّ يَأْمُرُكَ أنْ تُلْقِيَ عَصاكَ، وكَوْنُهُ وحْيَ إعْلامٍ فِيهِ تَثْبِيتٌ لِلْجَأْشِ وتَبْشِيرٌ بِالنَّصْرِ، وقالَ قَوْمٌ: هو وحْيُ إلْهامٍ أُلْقِيَ ذَلِكَ في رُوعِهِ، وأنْ: يُحْتَمَلُ أنْ تَكُونَ المُفَسِّرَةَ، وأنْ تَكُونَ النّاصِبَةَ، أيْ: بِأنْ ألْقِ، وفي الكَلامِ حَذْفٌ قَبْلَ الجُمْلَةِ الفُجائِيَّةِ، أيْ: فَألْقاها ﴿فَإذا هي تَلْقَفُ﴾ وتَكُونُ الجُمْلَةُ الفُجائِيَّةُ إخْبارًا بِما تَرَتَّبَ عَلى الإلْقاءِ، ولا يَكُونُ مُوحًى بِها في الذِّكْرِ ومَن يَذْهَبُ إلى أنَّ الفاءَ في نَحْوِ خَرَجْتُ فَإذا الأسَدُ زائِدَةٌ يُحْتَمَلُ عَلى قَوْلِهِ أنْ تَكُونَ هَذِهِ الجُمْلَةُ مُوحًى بِها في الذِّكْرِ إلّا أنَّهُ يُقَدَّرُ المَحْذُوفُ بَعْدَها، أيْ: فَألْقاها فَلَقِفَتْهُ، وقَرَأ حَفْصٌ (تَلْقَفُ) بِسُكُونِ اللّامِ مِن لَقِفَ، وقَرَأ باقِي السَّبْعَةِ (تَلَقَّفُ) مُضارِعُ لَقَّفَ، حُذِفَتْ إحْدى تاءَيْهِ، إذِ الأصْلُ تَتَلَقَّفُ، وقَرَأ البَزِّيُّ بِإدْغامِ المُضارِعَةِ في التّاءِ في الأصْلِ، وقَرَأ ابْنُ جُبَيْرٍ تَلْقَمُ بِالمِيمِ، أيْ: تَبْلَعُ كاللُّقْمَةِ (وما) مَوْصُولَةٌ، أيْ: (p-٣٦٤)ما يَأْفِكُونَهُ، أيْ: يَقْلِبُونَهُ عَنِ الحَقِّ إلى الباطِلِ ويُزَوِّرُونَهُ، قالُوا: أوْ مَصْدَرِيَّةٌ، أيْ: تَلْقَفُ إفْكَهم، تَسْمِيَةٌ لِلْمَفْعُولِ بِالمَصْدَرِ. رُوِيَ أنَّ مُوسى - عَلَيْهِ السَّلامُ - لَمّا كانَ يَوْمُ الجُمُعَةِ خَرَجَ مُتَوَكِّئًا عَلى عَصاهُ، ويَدُهُ في يَدِ أخِيهِ، وقَدْ صُفَّ لَهُ السَّحَرَةُ في عَدَدٍ عَظِيمٍ، فَلَمّا ألْقَوْا واسْتَرْهَبُوا، أوْحى اللَّهُ إلَيْهِ فَألْقى، فَإذا هي ثُعْبانٌ عَظِيمٌ حَتّى كانَ كالجَبَلِ، وقِيلَ: طالَ حَتّى جازَ النِّيلَ، وقِيلَ: طالَ حَتّى جازَ بِذَنَبِهِ بَحْرَ القُلْزُمِ، وقِيلَ: كانَ الجَمْعُ بِإسْكِنْدِرِيَّةَ، وطالَ حَتّى جازَ مَدِينَةَ البُحَيْرَةِ، ورُوِيَ أنَّهم جَعَلُوا يَرْقَوْنَ وحِبالُهم وعِصِيُّهم تَعْظُمُ وعَصا مُوسى تَعْظُمُ حَتّى سَدَّتِ الأُفُقَ وابْتَلَعَتِ الكُلَّ ورَجَعَتْ بَعْدُ عَصًا وأعْدَمَ اللَّهُ العِصِيَّ والحِبالَ، ومَدَّ مُوسى يَدَهُ في الثُّعْبانِ فَعادَ عَصًا كَما كانَ، فَعَلِمَ السَّحَرَةُ حِينَئِذٍ أنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِن عِنْدِ البَشَرِ فَخَرُّوا سُجَّدًا مُؤْمِنِينَ بِاللَّهِ ورَسُولِهِ، قالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: أعْدَمَ اللَّهُ بِقُدْرَتِهِ تِلْكَ الأجْرامَ العَظِيمَةَ، أوْ فَرَّقَها أجْزاءً لَطِيفَةً، وقالَتِ السَّحَرَةُ لَوْ كانَ هَذا سِحْرًا لَبَقِيَتْ حِبالُنا وعِصِيُّنا. ﴿فَوَقَعَ الحَقُّ وبَطَلَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ﴾ قالَ ابْنُ عَبّاسٍ، والحَسَنُ: ظَهَرَ واسْتَبانَ، وقالَ أرْبابُ المَعانِي الوُقُوعُ ظُهُورُ الشَّيْءِ بِوُجُودِهِ نازِلًا إلى مُسْتَقَرِّهِ، قالَ القاضِي: فَوَقَعَ الحَقُّ يُفِيدُ قُوَّةَ الظُّهُورِ والثُّبُوتِ بِحَيْثُ لا يَصِحُّ فِيهِ البُطْلانُ كَما لا يَصِحُّ في الواقِعِ أنْ يَصِيرَ إلّا واقِعًا ومَعَ ثُبُوتِ الحَقِّ بِطَلَبٍ وزالَتْ تِلْكَ الأعْيانُ الَّتِي أتَوْا بِها وهي الحِبالُ والعِصِيُّ، قالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: ومِن بِدَعِ التَّفاسِيرِ فَوَقَعَ في قُلُوبِهِمْ، أيْ: فَأثَّرَ فِيها مِن قَوْلِهِمْ: فَأْسٌ وقِيعٌ، أيْ: مُجَرَّدٌ. انْتَهى. و﴿ما كانُوا يَعْمَلُونَ﴾ يَعُمُّ سِحْرَ السَّحَرَةِ وسَعْيَ فِرْعَوْنَ وشِيعَتِهِ. ﴿فَغُلِبُوا هُنالِكَ وانْقَلَبُوا صاغِرِينَ﴾، أيْ: غُلِبَ جَمِيعُهم في مَكانِ اجْتِماعِهِمْ، أوْ ذَلِكَ الوَقْتِ ﴿وانْقَلَبُوا﴾ أذِلّاءَ، وذَلِكَ أنَّ الِانْقِلابَ إنْ كانَ قَبْلَ إيمانِ السَّحَرَةِ فَهم شُرَكاؤُهم في ضَمِيرِ (انْقَلَبُوا) وإنْ كانَ بَعْدَ الإيمانِ فَلَيْسُوا داخِلِينَ في الضَّمِيرِ ولا لِحَقَهم صَغارٌ يَصِفُهُمُ اللَّهُ بِهِ؛ لِأنَّهم آمَنُوا واسْتَشْهَدُوا، وهَذا إذا كانَ الِانْقِلابُ حَقِيقَةً أمّا إذا لُوحِظَ فِيهِ مَعْنى الصَّيْرُورَةِ فالضَّمِيرُ في ﴿وانْقَلَبُوا﴾ شامِلٌ لِلسَّحَرَةِ، وغَيْرِهِمْ، ولِذَلِكَ فَسَّرَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ بِقَوْلِهِ: وصارُوا أذِلّاءَ مَبْهُوتِينَ. ﴿وأُلْقِيَ السَّحَرَةُ ساجِدِينَ﴾ لَمّا كانَ الضَّمِيرُ قَبْلُ مُشْتَرِكًا جُرِّدَ المُؤْمِنُونَ وأُفْرِدُوا بِالذِّكْرِ، والمَعْنى: خَرُّوا سُجَّدًا كَأنَّما ألْقاهم مُلْقٍ لِشِدَّةِ خَرُورِهِمْ، وقِيلَ: لَمْ يَتَمالَكُوا مِمّا رَأوْا فَكَأنَّهم ألْقَوْا، وسُجُودُهم كانَ لِلَّهِ تَعالى لَمّا رَأوْا مِن قُدْرَةِ اللَّهِ تَعالى فَتَيَقَّنُوا نُبُوَّةَ مُوسى - عَلَيْهِ السَّلامُ - واسْتَعْظَمُوا هَذا النَّوْعَ مِن قُدْرَةِ اللَّهِ تَعالى، وقِيلَ: ألْقاهُمُ اللَّهُ سُجَّدًا سَبَّبَ لَهم مِنَ الهُدى ما وقَعُوا بِهِ ساجِدِينَ، وقِيلَ: سَجَدُوا مُوافَقَةً لِمُوسى وهارُونَ فَإنَّهُما سَجَدا لِلَّهِ شُكْرًا عَلى وُقُوعِ الحَقِّ فَوافَقُوهُما إذْ عَرَفُوا الحَقَّ، فَكَأنَّما ألْقَياهم، قالَ قَتادَةُ: كانُوا أوَّلَ النَّهارِ كُفّارًا سَحَرَةً وفي آخِرِهِ شُهَداءَ بَرَرَةً، وقالَ الحَسَنُ: تَراهُ وُلِدَ في الإسْلامِ ونَشَأ بَيْنَ المُسْلِمِينَ يَبِيعُ دِينَهُ بِكَذا وكَذا وهَؤُلاءِ كُفّارٌ نَشَئُوا في الكُفْرِ بَذَلُوا أنْفُسَهم لِلَّهِ تَعالى.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب