الباحث القرآني
﴿ولَقَدْ مَكَّنّاكم في الأرْضِ وجَعَلْنا لَكم فِيها مَعايِشَ قَلِيلًا ما تَشْكُرُونَ﴾ تَقَدَّمَ مَعْنى ﴿مَكَّنّاكُمْ﴾ في قَوْلِهِ في أوَّلِ الأنْعامِ ﴿مَكَّنّاهم في الأرْضِ﴾ [الأنعام: ٦] والخِطابُ راجِعٌ لِلَّذِينِ خُوطِبُوا بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿اتَّبِعُوا ما أُنْزِلَ إلَيْكم مِن رَبِّكُمْ﴾ [الأعراف: ٣] وما بَيْنَهُما أُورِدَ مَوْرِدَ الِاعْتِبارِ والإيقاظِ بِذِكْرِ ما آلَ إلَيْهِ أمْرُهم في الدُّنْيا وما يَئُولُ إلَيْهِ في الآخِرَةِ. والمَعائِشُ جَمْعُ مَعِيشَةٍ، ويُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ وزْنُها مَفْعِلَةً ومَفْعُلَةً بِكَسْرِ العَيْنِ وضَمِّها. قالَهُما سِيبَوَيْهِ. وقالَ الفَرّاءُ: مَعِيشَةٌ بِفَتْحِ عَيْنِ الكَلِمَةِ، والمَعِيشَةُ ما يُعاشُ بِهِ مِنَ المَطاعِمِ والمَشارِبِ، وغَيْرِهِما مِمّا يُتَوَصَّلُ بِهِ إلى ذَلِكَ وهي في الأصْلِ مَصْدَرٌ تَنَزَّلَ مَنزِلَةَ الآلاتِ. وقِيلَ عَلى حَذْفِ مُضافٍ، التَّقْدِيرُ: أسْبابُ مَعايِشَ كالزَّرْعِ والحَصْدِ والتِّجارَةِ وما يَجْرِي مَجْرى ذَلِكَ وسَمّاها مَعايِشَ؛ لِأنَّها وصْلَةٌ إلى ما يُعاشُ بِهِ، وقِيلَ المَعائِشُ وُجُوهُ المَنافِعِ وهي إمّا يُحْدِثُهُ اللَّهُ ابْتِداءً كالثِّمارِ، أوْ ما يُحْدِثُهُ بِطَرِيقِ اكْتِسابٍ مِنَ العَدُوِّ وكِلاهُما يُوجِبُ الشُّكْرَ، وقَرَأ الجُمْهُورُ: ”مَعايِشَ“ بِالياءِ وهو القِياسُ؛ لِأنَّ الياءَ في المُفْرَدِ هي أصْلٌ لا زائِدَةٌ فَتُهْمَزُ وإنَّما تُهْمَزُ الزّائِدَةُ نَحْوُ: صَحائِفُ في صَحِيفَةٍ، وقَرَأ الأعْرَجُ وزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ والأعْمَشُ وخارِجَةُ عَنْ نافِعٍ، وابْنُ عامِرٍ في رِوايَةٍ: ”مَعائِشَ“ بِالهَمْزَةِ ولَيْسَ بِالقِياسِ لَكِنَّهم رَوَوْهُ وهم ثِقاتٌ فَوَجَبَ قَبُولُهُ وشَذَّ هَذا الهَمْزُ، كَما شَذَّ في مَنايِرَ جَمْعِ مَنارَةٍ، وأصْلُها مَنوَرَةٌ وفي مَصائِبَ جَمْعِ مُصِيبَةٍ، وأصْلُها مُصْوِبَةٌ وكانَ القِياسُ مَناوِرَ ومَصاوِبَ. وقَدْ قالُوا مَصاوِبَ عَلى الأصْلِ كَما قالُوا في جَمْعِ مَقامَةٍ مَقاوِمَ ومَعُونَةٍ مَعاوِنَ، وقالَ الزَّجّاجُ: جَمِيعُ نُحاةِ البَصْرَةِ تَزْعُمُ أنَّ هَمْزَها خَطَأٌ ولا أعْلَمُ لَها وجْهًا إلّا التَّشْبِيهَ بِصَحِيفَةٍ وصَحائِفَ ولا يَنْبَغِي التَّعْوِيلُ عَلى هَذِهِ القِراءَةِ. وقالَ المازِنِيُّ: أصْلُ أخْذِ هَذِهِ القِراءَةِ عَنْ نافِعٍ ولَمْ يَكُنْ يَدْرِي ما العَرَبِيَّةُ، وكَلامُ العَرَبِ الصَّحِيحُ في نَحْوِ هَذا. انْتَهى. ولَسْنا مُتَعَبِّدِينَ بِأقْوالِ نُحاةِ البَصْرَةِ. وقالَ الفَرّاءُ: رُبَّما هَمَزَتِ العَرَبُ هَذا وشَبَهَهُ يَتَوَهَّمُونَ أنَّها فَعِيلَةٌ فَيُشَبِّهُونَ مُفْعِلَةً بِفَعِيلَةٍ. انْتَهى. فَهَذا نَقْلٌ مِنَ الفَرّاءِ عَنِ العَرَبِ أنَّهم رُبَّما يَهْمِزُونَ هَذا وشَبَهَهُ، وجاءَ بِهِ نَقَلَةُ القِراءَةِ الثِّقاتُ ابْنُ عامِرٍ وهو عَرَبِيٌّ صُراحٌ، وقَدْ أخَذَ القُرْآنَ عَنْ عُثْمانَ قَبْلَ ظُهُورِ اللَّحْنِ، والأعْرَجُ وهو مِن كِبارِ قُرّاءِ التّابِعِينَ وزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ وهو مِنَ الفَصاحَةِ والعِلْمِ بِالمَكانِ الَّذِي قَلَّ أنْ يُدانِيَهُ في ذَلِكَ أحَدٌ، والأعْمَشُ وهو مِنَ الضَّبْطِ والإتْقانِ والحِفْظِ والثِّقَةِ بِمَكانٍ، ونافِعٌ وهو قَدْ قَرَأ عَلى سَبْعِينَ مِنَ التّابِعِينَ وهم مِنَ الفَصاحَةِ والضَّبْطِ والثِّقَةِ بِالمَحَلِّ الَّذِي لا يُجْهَلُ، فَوَجَبَ قَبُولُ ما نَقَلُوهُ إلَيْنا، ولا مُبالاةَ بِمُخالَفَةِ نُحاةِ البَصْرَةِ في مِثْلِ هَذا، وأمّا قَوْلُ المازِنِيِّ أصْلُ أخْذِ هَذِهِ القِراءَةِ عَنْنافِعٍ فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ؛ لِأنَّها نُقِلَتْ عَنِ ابْنِ عامِرٍ وعَنِ الأعْرَجِ وزَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ والأعْمَشِ، وأمّا قَوْلُهُ: إنَّ نافِعًا لَمْ يَكُنْ يَدْرِي ما العَرَبِيَّةُ فَشَهادَةٌ عَلى النَّفْيِ ولَوْ فَرَضْنا أنَّهُ لا يَدْرِي ما العَرَبِيَّةُ وهي هَذِهِ الصِّناعَةُ الَّتِي يُتَوَصَّلُ بِها إلى التَّكَلُّمِ بِلِسانِ العَرَبِ فَهو لا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ إذْ هو فَصِيحٌ مُتَكَلِّمٌ بِالعَرَبِيَّةِ ناقِلٌ لِلْقِراءَةِ عَنِ العَرَبِ الفُصَحاءِ، وكَثِيرٌ مِن هَؤُلاءِ النُّحاةِ يُسِيئُونَ الظَّنَّ (p-٢٧٢)بِالقُرّاءِ ولا يَجُوزُ لَهم ذَلِكَ. وإعْرابُ ﴿قَلِيلًا ما تَشْكُرُونَ﴾ كَإعْرابِ ﴿قَلِيلًا ما تَذَكَّرُونَ﴾ [الأعراف: ٣] .
{"ayah":"وَلَقَدۡ مَكَّنَّـٰكُمۡ فِی ٱلۡأَرۡضِ وَجَعَلۡنَا لَكُمۡ فِیهَا مَعَـٰیِشَۗ قَلِیلࣰا مَّا تَشۡكُرُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق