الباحث القرآني
قَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿إنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنّاتِ النَّعِيمِ﴾ ﴿أفَنَجْعَلُ المُسْلِمِينَ كالمُجْرِمِينَ﴾ ﴿ما لَكم كَيْفَ تَحْكُمُونَ﴾ ﴿أمْ لَكم كِتابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ﴾ ﴿إنَّ لَكم فِيهِ لَما تَخَيَّرُونَ﴾ ﴿أمْ لَكم أيْمانٌ عَلَيْنا بالِغَةٌ إلى يَوْمِ القِيامَةِ إنَّ لَكم لَما تَحْكُمُونَ﴾ ﴿سَلْهم أيُّهم بِذَلِكَ زَعِيمٌ﴾ ﴿أمْ لَهم شُرَكاءُ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكائِهِمْ إنْ كانُوا صادِقِينَ﴾ ﴿يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ ويُدْعَوْنَ إلى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ﴾ ﴿خاشِعَةً أبْصارُهم تَرْهَقُهم ذِلَّةٌ وقَدْ كانُوا يُدْعَوْنَ إلى السُّجُودِ وهم سالِمُونَ﴾ ﴿فَذَرْنِي ومَن يُكَذِّبُ بِهَذا الحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهم مِن حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ﴾ ﴿وأُمْلِي لَهم إنَّ كَيْدِي مَتِينٌ﴾ ﴿أمْ تَسْألُهم أجْرًا فَهم مِن مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ﴾ ﴿أمْ عِنْدَهُمُ الغَيْبُ فَهم يَكْتُبُونَ﴾ ﴿فاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ ولا تَكُنْ كَصاحِبِ الحُوتِ إذْ نادى وهو مَكْظُومٌ﴾ ﴿لَوْلا أنْ تَدارَكَهُ نِعْمَةٌ مِن رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالعَراءِ وهو مَذْمُومٌ﴾ ﴿فاجْتَباهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصّالِحِينَ﴾ ﴿وإنْ يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأبْصارِهِمْ لَمّا سَمِعُوا الذِّكْرَ ويَقُولُونَ إنَّهُ لَمَجْنُونٌ﴾ ﴿وما هو إلّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ﴾ .
(p-٣١٥)لَمّا ذَكَرَ تَعالى أنَّهُ بَلا كَفّارَ قُرَيْشٍ وشَبَّهَ بَلاءَهم بِبَلاءِ أصْحابِ الجَنَّةِ، أخْبَرَ بِحالِ أضْدادِهِمْ وهُمُ المُتَّقُونَ، فَقالَ: إنَّ لِلْمُتَّقِينَ أيِ: الكُفْرَ جَنّاتِ النَّعِيمِ. أضافَها إلى النَّعِيمِ؛ لِأنَّ النَّعِيمَ لا يُفارِقُها، إذْ لَيْسَ فِيها إلّا هو، فَلا يَشُوبُهُ كَدَرٌ كَما يَشُوبُ جَنّاتِ الدُّنْيا. ورُوِيَ أنَّهُ لَمّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ قالَتْ قُرَيْشٌ: إنْ كانَ ثَمَّ جَنَّةٌ فَلَنا فِيها أكْثَرُ الحَظِّ، فَنَزَلَتْ: أفَنَجْعَلُ المُسْلِمِينَ كالمُجْرِمِينَ. وقالَ مُقاتِلٌ: قالُوا فَضَّلَنا اللَّهُ عَلَيْكم في الدُّنْيا، فَهو يُفَضِّلُنا عَلَيْكم في الآخِرَةِ، وإلّا فالمُشارَكَةُ، فَأجابَ - تَعالى -: (أفَنَجْعَلُ) أيْ: لا يَتَساوى المُطِيعُ والعاصِي، هو اسْتِفْهامٌ فِيهِ تَوْقِيفٌ عَلى خَطَأِ ما قالُوا وتَوْبِيخٌ. ثُمَّ التَفَتَ إلَيْهِمْ، فَقالَ: ما لَكم أيْ: أيُّ شَيْءٍ لَكم فِيما تَزْعُمُونَ ؟ وهو اسْتِفْهامُ إنْكارٍ عَلَيْهِمْ. ثُمَّ قالَ: كَيْفَ تَحْكُمُونَ وهو اسْتِفْهامٌ ثالِثٌ عَلى سَبِيلِ الإنْكارِ عَلَيْهِمْ، اسْتَفْهَمَ عَنْ هَيْئَةِ حُكْمِهِمْ. فَفي قَوْلِهِ: ما لَكم اسْتِفْهامٌ عَنْ كَيْنُونَةٍ مُبْهَمَةٍ، وفي كَيْفَ تَحْكُمُونَ اسْتِفْهامٌ عَنْ هَيْئَةِ حُكْمِهِمْ.
ثُمَّ أضْرَبَ عَنْ هَذا إضْرابَ انْتِقالٍ لِشَيْءٍ آخَرَ لا إبْطالٍ لِما قَبْلَهُ، فَقالَ: أمْ لَكم أيْ: بَلْ ألْكم ؟ (كِتابٌ) أيْ: مِن عِنْدِ اللَّهِ (تَدْرُسُونَ) أنَّ ما تَخْتارُونَهُ يَكُونُ لَكم. وقَرَأ الجُمْهُورُ: إنَّ لَكم بِكَسْرِ الهَمْزَةِ، فَقِيلَ هو اسْتِئْنافُ قَوْلٍ عَلى مَعْنى: إنْ لَكم كِتابٌ فَلَكم فِيهِ مُتَخَيَّرٌ. وقِيلَ: إنَّ مَعْمُولَةٌ لِتَدْرُسُونِ، أيْ: تَدْرُسُونَ في الكِتابِ أنَّ لَكم لَما تَخَيَّرُونَ أيْ: تَخْتارُونَ مِنَ النَّعِيمِ، وكُسِرَتِ الهَمْزَةُ مِن أنَّ لِدُخُولِ اللّامِ في الخَبَرِ، وهي بِمَعْنى أنَّ بِفَتْحِ الهَمْزَةِ، قالَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ وبَدَأ بِهِ وقالَ: ويَجُوزُ أنْ تَكُونَ حِكايَةً لِلْمَدْرُوسِ كَما هو، كَقَوْلِهِ: ﴿وتَرَكْنا عَلَيْهِ في الآخِرِينَ سَلامٌ عَلى نُوحٍ﴾ [الصافات: ٧٨] . انْتَهى. وقَرَأ طَلْحَةُ والضَّحّاكُ: ”أنَّ لَكم“ بِفَتْحِ الهَمْزَةِ، واللّامِ في لَما زائِدَةٌ، كَهي في قِراءَةِ مَن قَرَأ ”إلّا أنَّهم لَيَأْكُلُونَ الطَّعامَ“ بِفَتْحِ هَمْزَةِ أنَّهم. وقَرَأ الأعْرَجُ: أإنَّ لَكم عَلى الِاسْتِفْهامِ. أمْ لَكم أيْمانٌ أيْ: أقْسامٌ عَلَيْنا (بالِغَةٌ) أيْ: مُتَناهِيَةٌ في التَّوْكِيدِ. يُقالُ: لِفُلانٍ عَلَيَّ يَمِينٌ إذا حَلَفْتُ لَهُ عَلى الوَفاءِ بِما حَلَفْتُ عَلَيْهِ، وإلى يَوْمِ القِيامَةِ مُتَعَلِّقٌ بِما تَعَلَّقَ بِهِ الخَبَرُ وهو لَكم، أيْ: ثابِتَةٌ لَكم إلى يَوْمِ القِيامَةِ، أوْ بِبالِغَةٍ أيْ: تَبْلُغُ إلى ذَلِكَ اليَوْمِ وتَنْتَهِي إلَيْهِ. وقَرَأ الجُمْهُورُ: (بالِغَةٌ) بِالرَّفْعِ عَلى الصِّفَةِ، والحَسَنُ وزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ: بِالنَّصْبِ عَلى الحالِ مِنَ الضَّمِيرِ المُسْتَكِنِّ في عَلَيْنا. وقالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: حالٌ مِن نَكِرَةٍ؛ لِأنَّها مُخَصَّصَةٌ تَغْلِيبًا. إنَّ لَكم لَما تَحْكُمُونَ: جَوابُ القَسَمِ؛ لِأنَّ مَعْنى أمْ لَكم أيْمانٌ عَلَيْنا: أمْ أقْسَمْنا لَكم، قالَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ. وقَرَأ الأعْرَجُ: أإنَّ لَكم عَلَيَّ، كالَّتِي قَبْلَها عَلى الِاسْتِفْهامِ. سَلْهم أيُّهم بِذَلِكَ زَعِيمٌ أيْ: ضامِنٌ بِما يَقُولُونَهُ ويَدَّعُونَ صِحَّتَهُ، وسَلْ مُعَلَّقَةٌ عَنْ مَطْلُوبِها الثّانِي، لَمّا كانَ السُّؤالُ سَبَبًا لِحُصُولِ العِلْمِ جازَ تَعْلِيقُهُ كالعِلْمِ، ومَطْلُوبُها الثّانِي أصْلُهُ أنْ يُعَدّى بِعْنَ أوْ بِالباءِ، كَما قالَ تَعالى: ﴿يَسْألُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الحَرامِ﴾ [البقرة: ٢١٧] وقالَ الشّاعِرُ:
؎فَإنْ تَسْألُونِي بِالنِّساءِ فَإنَّنِي عَلِيمٌ بِأدْواءِ النِّساءِ طَبِيبُ
ولَوْ كانَ غَيْرَ اسْمِ اسْتِفْهامٍ لَتَعَدّى إلَيْهِ بِعْنَ أوْ بِالباءِ، كَما تَقُولُ: سَلْ زَيْدًا عَنْ مَن يَنْظُرُ في كَذا، ولَكِنَّهُ عَلَّقَ سَلْهم، فالجُمْلَةُ في مَوْضِعِ نَصْبٍ. وقَرَأ الجُمْهُورُ: أمْ لَهم شُرَكاءُ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكائِهِمْ. وعَبْدُ اللَّهِ وابْنُ أبِي عَبْلَةَ: فَلْيَأْتُوا بِشِرْكِهِمْ، قِيلَ: والمُرادُ في القِراءَتَيْنِ الأصْنامُ، أوْ ناسٌ يُشارِكُونَهم في قَوْلِهِمْ ويُوافِقُونَهم فِيهِ، أيْ: لا أحَدَ يَقُولُ بِقَوْلِهِمْ، كَما أنَّهُ لا كِتابَ لَهم، ولا عَهْدَ مِنَ اللَّهِ، ولا زَعِيمَ بِذَلِكَ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكائِهِمْ هَذا اسْتِدْعاءٌ وتَوْقِيفٌ. قِيلَ: في الدُّنْيا أيْ: لِيُحْضِرُوهم حَتّى تَرى، هَلْ هم بِحالِ مَن يَضُرُّ ويَنْفَعُ أمْ لا. وقِيلَ: في الآخِرَةِ، عَلى أنْ يَأْتُوا بِهِمْ.
يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ وعَلى هَذا القَوْلِ النّاصِبِ لِيَوْمِ ”فَلْيَأْتُوا“ . وقِيلَ: اذْكُرْ، وقِيلَ التَّقْدِيرُ: يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ كانَ كَيْتَ وكَيْتَ، وحُذِفَ لِلتَّهْوِيلِ العَظِيمِ بِما يَكُونُ فِيهِ مِنَ الحَوادِثِ. والظّاهِرُ، وقَوْلُ الجُمْهُورِ: إنَّ هَذا اليَوْمَ هو يَوْمُ القِيامَةِ. وقالَ (p-٣١٦)أبُو مُسْلِمٍ: هَذا اليَوْمُ هو في الدُّنْيا؛ لِأنَّهُ قالَ: ويُدْعَوْنَ إلى السُّجُودِ ويَوْمُ القِيامَةِ لَيْسَ فِيهِ تَعَبُّدٌ ولا تَكْلِيفٌ، بَلِ المُرادُ مِنهُ إمّا آخِرُ أيّامِ الرَّجُلِ في دُنْياهُ؛ لِقَوْلِهِ: ﴿يَوْمَ يَرَوْنَ المَلائِكَةَ لا بُشْرى﴾ [الفرقان: ٢٢] ثُمَّ يَرى النّاسَ يُدْعَوْنَ إلى الصَّلاةِ إذا حَضَرَتْ أوْقاتُها، فَلا يَسْتَطِيعُ الصَّلاةَ؛ لِأنَّهُ الوَقْتُ الَّذِي لا يَنْفَعُ فِيهِ نَفْسًا إيمانُها. وإمّا حالُ المَرَضِ والهَرَمِ والمُعْجِزَةِ. وقَدْ كانُوا قَبْلَ ذَلِكَ اليَوْمِ يُدْعَوْنَ إلى السُّجُودِ وهم سالِمُونَ مِمّا بِهِمُ الآنَ. فَذَلِكَ إمّا لِشِدَّةِ النّازِلَةِ بِهِمْ مِن هَوْلِ ما عايَنُوا عِنْدَ المَوْتِ، وإمّا مِنَ العَجْزِ والهَرَمِ. وأُجِيبَ بِأنَّ الدُّعاءَ إلى السُّجُودِ لَيْسَ عَلى سَبِيلِ التَّكْلِيفِ، بَلْ عَلى سَبِيلِ التَّقْرِيعِ والتَّخْجِيلِ. وعِنْدَما يُدْعَوْنَ إلى السُّجُودِ، سُلِبُوا القُدْرَةَ عَلَيْهِ، وحِيلَ بَيْنَهم وبَيْنَ الِاسْتِطاعَةِ حَتّى يَزْدادَ حُزْنُهم ونَدامَتُهم عَلى ما فَرَّطُوا فِيهِ حِينَ دُعُوا إلَيْهِ وهم سالِمُو الأطْرافِ والمَفاصِلِ. وقَرَأ الجُمْهُورُ: (يُكْشَفُ) بِالياءِ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ. وقَرَأ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أبِي عَبْلَةَ: بِفَتْحِ الياءِ مَبْنِيًّا لِلْفاعِلِ. وابْنُ عَبّاسٍ وابْنُ مَسْعُودٍ أيْضًا وابْنُ هُرْمُزَ: بِالنُّونِ. وابْنُ عَبّاسٍ: يَكْشِفُ بِفَتْحِ الياءِ مَبْنِيًّا لِلْفاعِلِ. وعَنْهُ أيْضًا بِالياءِ مَضْمُومَةً مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ. وقُرِئَ: يُكْشِفُ بِالياءِ المَضْمُومَةِ وكَسْرِ الشِّينِ، مِن أكْشَفَ إذا دَخَلَ في الكَشَفِ، ومِنهُ أكْشَفَ الرَّجُلُ: انْقَلَبَتْ شَفَتُهُ العُلْيا، وكَشْفُ السّاقِ كِنايَةٌ عَنْ شِدَّةِ الأمْرِ وتَفاقُمِهِ. قالَ مُجاهِدٌ: هي أوَّلُ ساعَةٍ مِن يَوْمِ القِيامَةِ، وهي أفْظَعُها. ومِمّا جاءَ في الحَدِيثِ مِن قَوْلِهِ: ”فَيُكْشَفُ لَهم عَنْ ساقٍ“، مَحْمُولٌ أيْضًا عَلى الشِّدَّةِ في ذَلِكَ اليَوْمِ، وهو مَجازٌ شائِعٌ في لِسانِ العَرَبِ. قالَ حاتِمٌ:
؎أخُو الحَرْبِ إنْ عَضَّتْ بِهِ الحَرْبُ عَضَّها ∗∗∗ وإنْ شَمَّرَتْ عَنْ ساقِها الحَرْبُ شَمَّرا
(وقالَ الرّاجِزُ):
؎عَجِبْتُ مِن نَفْسِي ومِن إشْفاقِها ∗∗∗ ومِن طِرادِي الخَيْلَ عَنْ أرْزاقِها
؎فِي سَنَةٍ قَدْ كَشَفَتْ عَنْ ساقِها ∗∗∗ حَمْراءَ تَبْرِي اللَّحْمَ عَنْ عِراقِها
(وقالَ الرّاجِزُ):
؎قَدْ شَمَّرَتْ عَنْ ساقِها فَشُدُّوا ∗∗∗ وجَدَّتِ الحَرْبُ بِكم فَجِدُّوا
(وقالَ آخَرُ):
؎صَبْرًا أُمامَ إنْ شَرٌّ باقِ ∗∗∗ وقامَتِ الحَرْبُ بِنا عَلى ساقِ
وقالَ الشّاعِرُ:
؎كَشَفَتْ لَهم عَنْ ساقِها ∗∗∗ وبَدا مِنَ الشَّرِّ البَوارِحُ
ويُرْوى: الصُّداحُ. وقالَ ابْنُ عَبّاسٍ: يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ شِدَّةٍ. وقالَ أبُو عُبَيْدَةَ: هَذِهِ كَلِمَةٌ تُسْتَعْمَلُ في الشِّدَّةِ، يُقالُ: كَشَفَ عَنْ ساقِهِ إذا تَشَمَّرَ. قالَ: ومِن هَذا تَقُولُ العَرَبُ لِسَنَةِ الجَدْبِ: كَشَفَتْ ساقَها. ونَكَّرَ (ساقٍ) لِلدَّلالَةِ عَلى أنَّهُ أمْرٌ مُبْهَمٌ في الشِّدَّةِ، خارِجٌ عَنِ المَأْلُوفِ، كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿يَوْمَ يَدَعُ الدّاعِ إلى شَيْءٍ نُكُرٍ﴾ [القمر: ٦] فَكَأنَّهُ قِيلَ: يَوْمَ يَقَعُ أمْرٌ فَظِيعٌ هائِلٌ. ويُدْعَوْنَ إلى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ ظاهِرُهُ أنَّهم يُدْعَوْنَ، وتَقَدَّمَ أنَّ ذَلِكَ عَلى سَبِيلِ التَّوْبِيخِ لا عَلى سَبِيلِ التَّكْلِيفِ. وقِيلَ: الدّاعِي ما يَرَوْنَهُ مِن سُجُودِ المُؤْمِنِينَ، فَيُرِيدُونَ هُمُ السُّجُودَ فَلا يَسْتَطِيعُونَهُ، كَما ورَدَ في الحَدِيثِ الَّذِي حاوَرَهم فِيهِ اللَّهُ - تَعالى - أنَّهم يَقُولُونَ: أنْتَ رَبُّنا، ويَخِرُّونَ لِلسُّجُودِ، فَيَسْجُدُ كُلُّ مُؤْمِنٍ، وتَصِيرُ أصْلابُ المُنافِقِينَ والكُفّارِ كَصَياصِي البَقَرِ عَظْمًا واحِدًا، فَلا يَسْتَطِيعُونَ سُجُودًا. انْتَهى. ونَفْيُ الِاسْتِطاعَةِ لِلسُّجُودِ في الآخِرَةِ لا يَدُلُّ عَلى أنَّ لَهُمُ اسْتِطاعَةً في الدُّنْيا، كَما ذَهَبَ إلَيْهِ الجُبّائِيُّ. و(خاشِعَةً): حالٌ، وذُو الحالِ الضَّمِيرُ في (يُدْعَوْنَ) وخَصَّ الأبْصارَ بِالخُشُوعِ، وإنْ كانَتِ الجَوارِحُ كُلُّها خاشِعَةً؛ لِأنَّهُ أبْيَنُ فِيهِ مِنهُ في كُلِّ جارِحَةٍ. (تَرْهَقُهم): تَغْشاهم (p-٣١٧)ذِلَّةٌ وقَدْ كانُوا يُدْعَوْنَ إلى السُّجُودِ. قِيلَ: هو عِبارَةٌ عَنْ جَمِيعِ الطّاعاتِ، وخُصَّ بِالذِّكْرِ مِن حَيْثُ هو أعْظَمُ الطّاعاتِ، ومِن حَيْثُ امْتُحِنُوا بِهِ في الآخِرَةِ. وقالَ النَّخَعِيُّ والشَّعْبِيُّ: أرادَ بِالسُّجُودِ: الصَّلَواتُ المَكْتُوبَةُ. وقالَ ابْنُ جُبَيْرٍ: كانُوا يَسْمَعُونَ النِّداءَ لِلصَّلاةِ وحَيَّ عَلى الفَلّاحِ فَلا يُجِيبُونَ.
فَذَرْنِي ومَن يُكَذِّبُ بِهَذا الحَدِيثِ المَعْنى: خَلِّ بَيْنِي وبَيْنَهُ، فَإنِّي سَأُجازِيهِ ولَيْسَ ثَمَّ مانِعٌ. وهَذا وعِيدٌ شَدِيدٌ لِمَن يُكَذِّبُ بِما جاءَ بِهِ الرَّسُولُ ﷺ مِن أمْرِ الآخِرَةِ وغَيْرِهِ، وكانَ تَعالى قَدَّمَ أشْياءَ مِن أحْوالِ السُّعَداءِ والأشْقِياءِ. ”ومِن“ في مَوْضِعِ نَصْبٍ، إمّا عَطْفًا عَلى الضَّمِيرِ في ”ذَرْنِي“، وإمّا عَلى أنَّهُ مَفْعُولٌ مَعَهُ. (سَنَسْتَدْرِجُهم) إلى قَوْلِهِ: (مَتِينٌ): تُكُلِّمَ عَلَيْهِ في الأعْرافِ. أمْ تَسْألُهم أجْرًا إلى: (يَكْتُبُونَ): تُكُلِّمَ عَلَيْهِ في الطَّوْرِ. رُوِيَ «أنَّهُ ﷺ أرادَ أنْ يَدْعُوَ عَلى الَّذِينَ انْهَزَمُوا بِأُحُدٍ حِينَ اشْتَدَّ بِالمُسْلِمِينَ الأمْرُ» . وقِيلَ: حِينَ أرادَ أنْ يَدْعُوَ عَلى ثَقِيفٍ، فَنَزَلَتْ: فاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ: وهو إمْهالُهم وتَأْخِيرُ نَصْرِكَ عَلَيْهِمْ، وامْضِ لِما أُمِرْتَ بِهِ مِنَ التَّبْلِيغِ واحْتِمالِ الأذى ولا تَكُنْ كَصاحِبِ الحُوتِ: هو يُونُسُ - عَلَيْهِ السَّلامُ - إذْ نادى أيْ: في بَطْنِ الحُوتِ، وهو قَوْلُهُ: أنْ لا إلَهَ إلّا أنْتَ سُبْحانَكَ ولَيْسَ النَّهْيُ مُنْصَبًّا عَلى الذَّواتِ، إنَّما المَعْنى: لا يَكُنْ حالُكَ مِثْلَ حالِهِ. إذْ نادى فالعامِلُ في ”إذْ“ هو المَحْذُوفُ المُضافُ، أيْ: كَحالِ أوْ كَقِصَّةِ صاحِبِ الحُوتِ إذْ نادى وهو مَكْظُومٌ: مَمْلُوءٌ غَيْظًا عَلى قَوْمِهِ، إذْ لَمْ يُؤْمِنُوا لَمّا دَعاهم إلى الإيمانِ، وأحْوَجُوهُ إلى اسْتِعْجالِ مُفارَقَتِهِ إيّاهم. وقالَ ذُو الرُّمَّةِ:
؎وأنْتَ مِن حُبِّ مَيٍّ مُضْمِرٌ حُزْنًا ∗∗∗ عانِي الفُؤادِ قَرِيحُ القَلْبِ مَكْظُومُ
وتَقَدَّمَتْ مادَّةُ كَظَمَ في قَوْلِهِ: والكاظِمِينَ الغَيْظَ. وقَرَأ الجُمْهُورُ: (تَدارَكَهُ) ماضِيًّا، ولَمْ تَلْحَقْهُ عَلامَةُ التَّأْنِيثِ لِتَحْسِينِ الفَصْلِ. وقَرَأ عَبْدُ اللَّهِ وابْنُ عَبّاسٍ: تَدارَكَتْهُ بِتاءِ التَّأْنِيثِ. وابْنُ هُرْمُزَ والحَسَنُ والأعْمَشُ: بِشَدِّ الدّالِ. قالَ أبُو حاتِمٍ: ولا يَجُوزُ ذَلِكَ، والأصْلُ في ذَلِكَ تَتَدارَكُهُ؛ لِأنَّهُ مُسْتَقْبَلٌ انْتَصَبَ بِـ (أنْ) الخَفِيفَةِ قَبْلَهُ. وقالَ بَعْضُ المُتَأخِّرِينَ: هَذا لا يَجُوزُ عَلى حِكايَةِ الحالِ الماضِيَةِ المُقْتَضِيَةِ، أيْ: لَوْلا أنْ كانَ يُقالُ تَتَدارَكُهُ، ومَعْناهُ: لَوْلا هَذِهِ الحالُ المَوْجُودَةُ كانَتْ لَهُ مِن نِعَمِ اللَّهِ لَنُبِذَ بِالعَراءِ ونَحْوُهُ قَوْلُهُ: فَوَجَدَ فِيها رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ. وجَوابُ (لَوْلا) قَوْلُهُ: لَنُبِذَ بِالعَراءِ وهو مَذْمُومٌ أيْ: لَكِنَّهُ نَبَذَهُ وهو غَيْرُ مَذْمُومٍ، كَما قالَ: فَنَبَذْناهُ بِالعَراءِ. والمُعْتَمَدُ فِيهِ عَلى الحالِ لا عَلى النَّبْذِ مُطْلَقًا، بَلْ بِقَيْدِ الحالِ. وقِيلَ: لَنُبِذَ بِعَراءِ القِيامَةِ مَذْمُومًا، ويَدُلُّ عَلَيْهِ فَلَوْلا أنَّهُ كانَ مِنَ المُسَبِّحِينَ لَلَبِثَ في بَطْنِهِ إلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ. ثُمَّ أخْبَرَ تَعالى أنَّهُ (اجْتَباهُ) أيْ: اصْطَفاهُ وجَعَلَهُ مِنَ الصّالِحِينَ أيِ: الأنْبِياءِ. وعَنِ ابْنِ عَبّاسٍ: رَدَّ اللَّهُ إلَيْهِ الوَحْيَ وشَفَّعَهُ في قَوْمِهِ.
ولَمّا أمَرَهُ تَعالى بِالصَّبْرِ لِما أرادَهُ تَعالى ونَهاهُ عَنْ ما نَهاهُ، أخْبَرَهُ بِشِدَّةِ عَداوَتِهِمْ لِيَتَلَقّى ذَلِكَ بِالصَّبْرِ؛ فَقالَ: وإنْ يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ أيْ: لَيُزْلِقُونَ قَوْمَكَ بِنَظَرِهِمُ الحادِّ الدّالِّ عَلى العَداوَةِ المُفْرِطَةِ، أوْ لَيُهْلِكُونَكَ، مِن قَوْلِهِمْ: نَظَرَ إلَيَّ نَظَرًا يَكادُ يَصْرَعُنِي ويَكادُ يَأْكُلُنِي، أيْ: لَوْ أمْكَنَهُ بِنَظَرِهِ الصَّرْعُ والأكْلُ لَفَعَلَهُ. وقالَ الشّاعِرُ:
؎يَتَعارَضُونَ إذا التَقَوْا في مَوْطِنٍ ∗∗∗ نَظَرًا يَزِلُّ مَواطِنَ الأقْدامِ
وقالَ الكَلْبِيُّ: لَيُزْلِقُونَكَ، لَيَصْرِفُونَكَ. وقَرَأ الجُمْهُورُ: (لَيُزْلِقُونَكَ) بِضَمِّ الياءِ مِن أزْلَقَ. ونافِعٌ: بِفَتْحِها مِن زَلِقَتِ الرِّجْلُ، عُدِّيَ بِالفَتْحَةِ مَن زَلِقَ الرَّجُلُ بِالكَسْرِ، نَحْوُ شَتِرَتْ عَيْنُهُ بِالكَسْرِ، وشَتَرَها اللَّهُ بِالفَتْحِ. وقَرَأ عَبْدُ اللَّهِ وابْنُ عَبّاسٍ والأعْمَشُ وعِيسى: لَيُزْهِقُونَكَ. وقِيلَ: مَعْنى لَيُزْلِقُونَكَ بِأبْصارِهِمْ: لَيَأْخُذُونَكَ بِالعَيْنِ، وذَكَرَ أنَّ اللَّفْعَ بِالعَيْنِ كانَ في بَنِي أسَدٍ. قالَ ابْنُ الكَلْبِيِّ: كانَ رَجُلٌ مِنَ العَرَبِ يَمْكُثُ يَوْمَيْنِ أوْ ثَلاثَةً لا يَأْكُلُ، ثُمَّ يَرْفَعُ جانِبَ خِبائِهِ، فَيَقُولُ: لَمْ أرَ كاليَوْمِ إبِلًا ولا غَنَمًا أحْسَنَ (p-٣١٨)مِن هَذِهِ، فَما تَذْهَبُ إلّا قَلِيلًا ثُمَّ تَسْقُطُ طائِفَةٌ، أوْ عِدَّةٌ مِنها. قالَ الكُفّارُ لِهَذا الرَّجُلِ أنْ يُصِيبَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، فَأجابَهم، وأنْشَدَ:
؎قَدْ كانَ قَوْمُكَ يَحْسُبُونَكَ سَيِّدًا ∗∗∗ وأخالُ أنَّكَ سَيِّدٌ مَعْيُونٌ
أيْ: مُصابٌ بِالعَيْنِ، فَعَصَمَ اللَّهُ نَبِيَّهُ ﷺ وأنْزَلَ عَلَيْهِ هَذِهِ الآيَةَ. قالَ قَتادَةُ: نَزَلَتْ لِدَفْعِ العَيْنِ حِينَ أرادُوا أنْ يَعْيِنُوهُ - عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ - . وقالَ الحَسَنُ: دَواءُ مَن أصابَتْهُ العَيْنُ أنْ يَقْرَأ هَذِهِ الآيَةَ. وقالَ القُشَيْرِيُّ: الإصابَةُ بِالعَيْنِ إنَّما تَكُونُ مَعَ الِاسْتِحْسانِ، لا مَعَ الكَراهَةِ والبُغْضِ، وقالَ: ويَقُولُونَ إنَّهُ لَمَجْنُونٌ. وقالَ القُرْطُبِيُّ: ولا يَمْنَعُ كَراهَةُ الشَّيْءِ مِن أنْ يُصابَ بِالعَيْنِ عَداوَةً لَهُ حَتّى يَهْلِكَ. انْتَهى. وقَدْ يَكُونُ في المُعْيَنِ، وإنْ كانَ مُبْغَضًا عِنْدَ العائِنِ صِفَةٌ يَسْتَحْسِنُها العائِنُ، فَيَعْيِنُهُ مِن تِلْكَ الصِّفَةِ، لا سِيَّما مَن تَكُونُ فِيهِ صِفاتُ كَمالٍ. لَمّا سَمِعُوا الذِّكْرَ: مَن يَقُولُ ”لَمّا“ ظَرْفٌ يَكُونُ العامِلُ فِيهِ ”لَيُزْلِقُونَكَ“، وإنْ كانَ حَرْفَ وُجُوبٍ لِوُجُوبٍ، وهو الصَّحِيحُ، كانَ الجَوابُ مَحْذُوفًا لِدَلالَةِ ما قَبْلَهُ عَلَيْهِ، أيْ: لَمّا سَمِعُوا الذِّكْرَ كادُوا يُزْلِقُونَكَ، والذِّكْرُ: القُرْآنُ. ويَقُولُونَ إنَّهُ لَمَجْنُونٌ تَنْفِيرًا عَنْهُ، وقَدْ عَلِمُوا أنَّهُ ﷺ أتَمُّهم فَضْلًا وأرْجَحُهم عَقْلًا. ”وما هو“ أيِ: القُرْآنُ، ”إلّا ذِكْرٌ“: عِظَةٌ وعِبْرَةٌ، ”لِلْعالَمِينَ“ أيْ: لِلْجِنِّ والإنْسِ، فَكَيْفَ يَنْسُبُونَ إلى الجِنِّ مَن جاءَ بِهِ ؟ .
{"ayahs_start":34,"ayahs":["إِنَّ لِلۡمُتَّقِینَ عِندَ رَبِّهِمۡ جَنَّـٰتِ ٱلنَّعِیمِ","أَفَنَجۡعَلُ ٱلۡمُسۡلِمِینَ كَٱلۡمُجۡرِمِینَ","مَا لَكُمۡ كَیۡفَ تَحۡكُمُونَ","أَمۡ لَكُمۡ كِتَـٰبࣱ فِیهِ تَدۡرُسُونَ","إِنَّ لَكُمۡ فِیهِ لَمَا تَخَیَّرُونَ","أَمۡ لَكُمۡ أَیۡمَـٰنٌ عَلَیۡنَا بَـٰلِغَةٌ إِلَىٰ یَوۡمِ ٱلۡقِیَـٰمَةِ إِنَّ لَكُمۡ لَمَا تَحۡكُمُونَ","سَلۡهُمۡ أَیُّهُم بِذَ ٰلِكَ زَعِیمٌ","أَمۡ لَهُمۡ شُرَكَاۤءُ فَلۡیَأۡتُوا۟ بِشُرَكَاۤىِٕهِمۡ إِن كَانُوا۟ صَـٰدِقِینَ","یَوۡمَ یُكۡشَفُ عَن سَاقࣲ وَیُدۡعَوۡنَ إِلَى ٱلسُّجُودِ فَلَا یَسۡتَطِیعُونَ","خَـٰشِعَةً أَبۡصَـٰرُهُمۡ تَرۡهَقُهُمۡ ذِلَّةࣱۖ وَقَدۡ كَانُوا۟ یُدۡعَوۡنَ إِلَى ٱلسُّجُودِ وَهُمۡ سَـٰلِمُونَ","فَذَرۡنِی وَمَن یُكَذِّبُ بِهَـٰذَا ٱلۡحَدِیثِۖ سَنَسۡتَدۡرِجُهُم مِّنۡ حَیۡثُ لَا یَعۡلَمُونَ","وَأُمۡلِی لَهُمۡۚ إِنَّ كَیۡدِی مَتِینٌ","أَمۡ تَسۡـَٔلُهُمۡ أَجۡرࣰا فَهُم مِّن مَّغۡرَمࣲ مُّثۡقَلُونَ","أَمۡ عِندَهُمُ ٱلۡغَیۡبُ فَهُمۡ یَكۡتُبُونَ","فَٱصۡبِرۡ لِحُكۡمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُن كَصَاحِبِ ٱلۡحُوتِ إِذۡ نَادَىٰ وَهُوَ مَكۡظُومࣱ","لَّوۡلَاۤ أَن تَدَ ٰرَكَهُۥ نِعۡمَةࣱ مِّن رَّبِّهِۦ لَنُبِذَ بِٱلۡعَرَاۤءِ وَهُوَ مَذۡمُومࣱ","فَٱجۡتَبَـٰهُ رَبُّهُۥ فَجَعَلَهُۥ مِنَ ٱلصَّـٰلِحِینَ","وَإِن یَكَادُ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ لَیُزۡلِقُونَكَ بِأَبۡصَـٰرِهِمۡ لَمَّا سَمِعُوا۟ ٱلذِّكۡرَ وَیَقُولُونَ إِنَّهُۥ لَمَجۡنُونࣱ","وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكۡرࣱ لِّلۡعَـٰلَمِینَ"],"ayah":"فَذَرۡنِی وَمَن یُكَذِّبُ بِهَـٰذَا ٱلۡحَدِیثِۖ سَنَسۡتَدۡرِجُهُم مِّنۡ حَیۡثُ لَا یَعۡلَمُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











