الباحث القرآني

﴿وكَذَلِكَ نُرِي إبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ والأرْضِ﴾ هَذِهِ جُمْلَةُ اعْتِراضٍ بَيْنَ قَوْلِهِ: ﴿وإذْ قالَ إبْراهِيمُ﴾ [الأنعام: ٧٤] (p-١٦٥)مُنْكِرًا عَلى أبِيهِ عِبادَةَ الأصْنامِ، وبَيْنَ جُمْلَةِ الِاسْتِدْلالِ عَلَيْهِمْ بِإفْرادِ المَعْبُودِ، وكَوْنِهِ لا يُشْبِهُ المَخْلُوقِينَ وهي قَوْلُهُ: ﴿فَلَمّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ﴾، (ونُرِي) بِمَعْنى أرَيْناهُ، وهي حِكايَةُ حالٍ وهي مُتَعَدِّيَةٌ إلى اثْنَيْنِ، فالظّاهِرُ أنَّها بَصَرِيَّةٌ. قالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وإمّا مِن أُرِيَ الَّتِي بِمَعْنى عَرَفَ. انْتَهى. ويَحْتاجُ كَوْنُ رَأى بِمَعْنى عَرَفَ ثُمَّ تَعَدّى بِالهَمْزَةِ إلى مَفْعُولَيْنِ إلى نَقْلِ ذَلِكَ عَنِ العَرَبِ، والَّذِي نَقَلَ النَّحْوِيُّونَ أنَّ رَأى إذا كانَتْ بَصْرِيَّةً تَعَدَّتْ إلى مَفْعُولٍ واحِدٍ، وإذا كانَتْ بِمَعْنى عَلِمَ النّاصِبَةِ لِمَفْعُولَيْنِ تَعَدَّتْ إلى مَفْعُولَيْنِ، وعَلى كَوْنِها بَصْرِيَّةً، فَقالَ سَلْمانُ الفارِسِيُّ وابْنُ جُبَيْرٍ ومُجاهِدٌ: فُرِجَتْ لَهُ السَّماواتُ والأرْضُ فَرَأى بِبَصَرِهِ المَلَكُوتَ الأعْلى والمَلَكُوتَ الأسْفَلَ ورَأى مَقامَهُ في الجَنَّةِ، قالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: فَإنْ صَحَّ هَذا النَّقْلُ فَفِيهِ تَخْصِيصٌ لِإبْراهِيمَ بِما لَمْ يُدْرِكْهُ غَيْرُهُ قَبْلَهُ ولا بَعْدَهُ. انْتَهى. ورُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «كَشَفَ اللَّهُ لَهُ عَنِ السَّماواتِ والأرْضِ حَتّى العَرْشِ وأسْفَلِ الأرَضِينَ»، وإذا كانَتْ إبْصارًا فَلَيْسَ المَعْنى مُجَرَّدَ الإبْصارِ، ولَكِنْ وقَعَ لَهُ مَعَها مِن الِاعْتِبارِ والعِلْمِ ما لَمْ يَقَعْ لِأحَدٍ مِن أهْلِ زَمانِهِ الَّذِينَ بُعِثَ إلَيْهِمْ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ وغَيْرُهُ. وفي ذَلِكَ تَخْصِيصٌ لَهُ عَلى جِهَةِ التَّقْيِيدِ بِأهْلِ زَمانِهِ وكَوْنِها مِن رُؤْيَةِ القَلْبِ، وجَوَّزَ ابْنُ عَطِيَّةَ ولَمْ يَذْكُرِ الزَّمَخْشَرِيُّ غَيْرَهُ، قالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: رَأى بِها مَلَكُوتَ السَّماواتِ والأرْضِ بِفِكْرَتِهِ ونَظَرِهِ، وذَلِكَ لا بُدَّ مُتَرَكِّبٌ عَلى ما تَقَدَّمَ مِن رُؤْيَتِهِ بِبَصَرِهِ وإدْراكِهِ في الجُمْلَةِ بِحَواسِّهِ، وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: ومِثْلَ ذَلِكَ التَّعْرِيفِ والتَّبْصِيرِ نُعَرِّفُ إبْراهِيمَ ونُبَصِّرُهُ مَلَكُوتَ السَّماواتِ والأرْضِ، يَعْنِي الرُّبُوبِيَّةَ والإلَهِيَّةَ، ونُوَفِّقُهُ لِمَعْرِفَتِهِما ونُرْشِدُهُ بِما شَرَحْنا صَدْرَهُ وسَدَّدْنا نَظَرَهُ لِطَرِيقِ الِاسْتِدْلالِ، ونُرِي حِكايَةُ حالٍ ماضِيَةٍ. انْتَهى. والإشارَةُ بِذَلِكَ إلى الهِدايَةِ، أوْ ومِثْلَ هِدايَتِهِ إلى تَوْحِيدِ اللَّهِ - تَعالى - ودُعاءِ أبِيهِ وقَوْمِهِ إلى عِبادَةِ اللَّهِ - تَعالى - ورَفْضِ الأصْنامِ، أشْهَدْناهُ مَلَكُوتَ السَّماواتِ والأرْضِ. وحَكى الَمَهْدَوِيُّ أنَّ المَعْنى: وكَما هَدَيْناكَ يا مُحَمَّدُ أرَيْنا إبْراهِيمَ، وهَذا بَعِيدٌ مِن دَلالَةِ اللَّفْظِ، ويَجُوزُ أنْ تَكُونَ الكافُ لِلتَّعْلِيلِ أيْ وكَذَلِكَ الإنْكارُ والدُّعاءُ إلى اللَّهِ زَمانَ ادِّعاءِ غَيْرِ اللَّهِ الرُّبُوبِيَّةَ أشْهَدْناهُ مَلَكُوتَ السَّماواتِ والأرْضِ فَصارَ لَهُ بِذَلِكَ اخْتِصاصٌ، قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: جَلائِلَ الأُمُورِ سِرَّها وعَلانِيَتَها، فَلَمْ يُخْفَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِن أعْمالِ الخَلائِقِ، فَلَمّا رَأى ذَلِكَ جَعَلَ يَلْعَنُ أصْحابَ الذُّنُوبِ، قالَ اللَّهُ: إنَّكَ لا تَسْتَطِيعُ هَذا فَرَدَّهُ لا يَرى أعْمالَهم. انْتَهى. قالَ الزَّجّاجُ وغَيْرُهُ: المَلَكُوتُ المُلْكُ كالرَّغَبُوتِ والرَّهَبُوتِ والجَبَرُوتِ، وهو بِناءُ مُبالِغَةٍ، ومِن كَلامِهِمْ: لَهُ مَلَكُوتُ اليَمَنِ والعِراقِ، قالَ مُجاهِدٌ: ويَعْنِي بِهِ آياتِ السَّماواتِ والأرْضِ، وقالَ قَتادَةُ: مَلَكُوتُ السَّماواتِ: الشَّمْسُ والقَمَرُ والنُّجُومُ، ومَلَكُوتُ الأرْضِ: الجِبالُ والشَّجَرُ والبِحارُ، وقِيلَ: عِبادَةُ المَلائِكَةِ وعِصْيانُ بَنِي آدَمَ، وقَرَأ أبُو السَّمالِ: (مَلْكُوتَ) بِسُكُونِ اللّامِ وهي لُغَةٌ بِمَعْنى المُلْكِ، وقَرَأ عِكْرِمَةُ: (مَلَكُوثَ) بِالثّاءِ المُثَلَّثَةِ، وقالَ: مَلَكُوثًا بِاليُونانِيَّةِ أوِ القِبْطِيَّةِ، وقالَ النَّخَعِيُّ: هي مَلَكُوثًا بِالعِبْرانِيَّةِ، وقُرِئَ: وكَذَلِكَ تُرِي، بِالتّاءِ مِن فَوْقُ، ﴿إبْراهِيمَ مَلَكُوتَ﴾، بِرَفْعِ التّاءِ، أيْ تَبَصِّرُهُ دَلائِلَ الرُّبُوبِيَّةِ. ﴿ولِيَكُونَ مِنَ المُوقِنِينَ﴾ أيْ: أرَيْناهُ المَلَكُوتَ، وقِيلَ: ثَمَّ عِلَّةٌ مَحْذُوفَةٌ عُطِفَتْ هَذِهِ عَلَيْها وقُدِّرَتْ لِيُقِيمَ الحُجَّةَ عَلى قَوْمِهِ، وقالَ قَوْمٌ: لِيَسْتَدِلَّ بِها عَلى الصّانِعِ، وقِيلَ: الواوُ زائِدَةٌ، ومُتَعَلَّقُ المُوقِنِينَ قِيلَ: بِوَحْدانِيَّةِ اللَّهِ وقُدْرَتِهِ، وقِيلَ: بِنُبُوَّتِهِ وبِرِسالَتِهِ. وقِيلَ: عِيانًا كَما أيْقَنَ بَيانًا انْتَقَلَ مِن عِلْمِ اليَقِينِ إلى عَيْنِ اليَقِينِ، كَما سَألَ في قَوْلِهِ: ﴿أرِنِي كَيْفَ تُحْيِ المَوْتى﴾ [البقرة: ٢٦٠]، والإتْقانُ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُهُ أوَّلَ البَقَرَةِ، وقالَ أبُو عَبْدِ اللَّهِ الرّازِيُّ: اليَقِينُ عِبارَةٌ عَنْ عِلْمٍ يَحْصُلُ بَعْدَ زَوالِ الشُّبْهَةِ بِسَبَبِ التَّأمُّلِ، ولِهَذا لا يُوصَفُ عِلْمُ اللَّهِ بِكَوْنِهِ يَقِينًا لِأنَّ عِلْمَهُ غَيْرُ مَسْبُوقٍ بِالشُّبْهَةِ وغَيْرُ مُسْتَفادٍ مِنَ الفِكْرِ والتَّأمُّلِ، وإذا كَثُرَتِ الدَّلائِلُ وتَوافَقَتْ وتَطابَقَتْ صارَتْ سَبَبًا لِحُصُولِ اليَقِينِ، إذْ يَحْصُلُ (p-١٦٦)بِكُلِّ واحِدٍ مِنها نَوْعُ تَأْثِيرٍ وقُوَّةٍ فَتَتَزايَدُ حَتّى يَجْزِمَ. ﴿فَلَمّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَبًا قالَ هَذا رَبِّي﴾ . هَذِهِ الجُمْلَةُ مَعْطُوفَةٌ عَلى قَوْلِهِ: ﴿وإذْ قالَ إبْراهِيمُ﴾ [الأنعام: ٧٤]، عَلى قَوْلِ مَن جَعَلَ ﴿وكَذَلِكَ نُرِي﴾ اعْتِراضًا، وهو قَوْلُ الزَّمَخْشَرِيِّ. وقالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: الفاءُ في قَوْلِهِ (فَلَمّا) رابِطَةٌ جُمْلَةَ ما بَعْدَها بِما قَبْلَها، وهي تُرَجِّحُ أنَّ المُرادَ بِالمَلَكُوتِ هو هَذا التَّفْصِيلُ الَّذِي في هَذِهِ الآيَةِ، وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: كانَ أبُوهُ وقَوْمُهُ يَعْبُدُونَ الأصْنامَ والشَّمْسَ والقَمَرَ والكَواكِبَ، فَأرادَ أنْ يُنَبِّهَهم عَلى الخَطَأِ في دِينِهِمْ وأنْ يُرْشِدَهم إلى طَرِيقِ النَّظَرِ والِاسْتِدْلالِ، ويُعَرِّفَهم أنَّ النَّظَرَ الصَّحِيحَ مُؤَدٍّ إلى أنَّ شَيْئًا مِنها لا يَصِحُّ أنْ يَكُونَ إلَهًا لِقِيامِ دَلِيلِ الحُدُوثِ فِيها، وأنَّ وراءَها مُحْدِثًا أحْدَثَها وصانِعًا صَنَعَها ومُدَبِّرًا دَبَّرَ طُلُوعَها وأُفُولَها وانْتِقالَها ومَسِيرَها وسائِرَ أحْوالِها، والكَوْكَبُ الزُّهْرَةُ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ وقَتادَةُ، أوِ المُشْتَرِي، قالَهُ مُجاهِدٌ والسُّدِّيُّ، وهو رُباعِيٌّ والواوُ فِيهِ أصْلٌ وتَكَرَّرَتْ فِيهِ الفاءُ فَوَزْنُهُ فَعْفَلٌ نَحْوَ قَوْقَلٍ، وهو تَرْكِيبٌ قَلِيلٌ، والظّاهِرُ أنَّ جَوابَ لَمّا ﴿رَأى كَوْكَبًا﴾، وعَلى هَذا جَوَّزُوا في ﴿قالَ هَذا رَبِّي﴾ أنْ يَكُونَ نَعْتًا لِلْكَوْكَبِ - وهو مُشْكِلٌ - أوْ مُسْتَأْنَفًا، وهو الظّاهِرُ، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ الجَوابُ (قالَ هَذا رَبِّي)، و﴿رَأى كَوْكَبًا﴾ حالٌ، أيْ: جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رائِيًا كَوْكَبًا، و”هَذا رَبِّي“ الظّاهِرُ أنَّها جُمْلَةٌ خَبَرِيَّةٌ، وقِيلَ: هي اسْتِفْهامِيَّةٌ عَلى جِهَةِ الإنْكارِ حُذِفَ مِنها الهَمْزَةُ، كَقَوْلِهِ: ؎بِسَبْعٍ رَمَيْنَ الجَمْرَ أمْ بِثَمانٍ قالَ ابْنُ الأنْبارِيِّ: وهَذا شاذٌّ لِأنَّهُ لا يَجُوزُ أنْ يُحْذَفَ الحَرْفُ إلّا إذا كانَ ثَمَّ فارَقٌ بَيْنَ الإخْبارِ والِاسْتِخْبارِ، وإذا كانَتْ خَبَرِيَّةً فَيَسْتَحِيلُ عَلَيْهِ أنْ يَكُونَ هَذا الإخْبارُ عَلى سَبِيلِ الِاعْتِقادِ والتَّصْمِيمِ لِعِصْمَةِ الأنْبِياءِ مِنَ المَعاصِي، فَضْلًا عَنِ الشِّرْكِ بِاللَّهِ، وما رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أنَّ ذَلِكَ وقَعَ لَهُ في حالِ صِباهُ وقَبْلَ بُلُوغِهِ، وأنَّهُ عَبَدَهُ حَتّى غابَ، وعَبَدَ القَمَرَ حَتّى غابَ، وعَبَدَ الشَّمْسَ حَتّى غابَتْ، فَلَعَلَّهُ لا يَصِحُّ، وما حُكِيَ عَنْ قَوْمٍ أنَّ ذَلِكَ بَعْدَ البُلُوغِ والتَّكْلِيفِ لَيْسَ بِشَيْءٍ، وما حَكَوْا مِن أنَّ أُمَّهُ أخْفَتْهُ في غارٍ وقْتَ وِلادَتِهِ خَوْفًا مِن نُمْرُوذَ أنَّهُ أخْبَرَهُ المُنَجِّمُونَ أنَّهُ يُولَدُ ولَدٌ في سَنَةِ كَذا يَخْرَبُ مُلْكُهُ عَلى يَدَيْهِ، وأنَّهُ تَقَدَّمَ إلى أنَّهُ مَن وُلِدَ مِن أُنْثى تُرِكَتْ، ومِن ذَكَرٍ ذَبْحَهُ، إلى أنْ صارَ ابْنَ عَشَرَةِ أعْوامٍ، وقِيلَ: خَمْسَةَ عَشَرَ، وأنَّهُ نَظَرَ أوَّلَ ما عَقَلَ مِنَ الغارِ فَرَأى الكَوْكَبَ، فَحِكايَةٌ يَدْفَعُها مَساقُ الآيَةِ، وقَوْلُهُ: ﴿إنِّي بَرِيءٌ مِمّا تُشْرِكُونَ﴾، وقَوْلُهُ: ﴿تِلْكَ حُجَّتُنا آتَيْناها إبْراهِيمَ عَلى قَوْمِهِ﴾ [الأنعام: ٨٣]، وتَأوَّلَ بَعْضُهم ذَلِكَ عَلى إضْمارِ القَوْلِ، وكَثِيرًا ما يُضْمَرُ، تَقْدِيرُهُ: قالَ: يَقُولُونَ هَذا رَبِّي، عَلى حِكايَةِ قَوْلِهِمْ، وتَوْضِيحِ فَسادِهِ مِمّا يَظْهَرُ عَلَيْهِ مِن سِماتِ الحُدُوثِ، ولا يَحْتاجُ هَذا إلى الإضْمارِ، بَلْ يَصِحُّ أنْ يَكُونَ هَذا كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿أيْنَ شُرَكائِيَ﴾ [النحل: ٢٧]، أيْ: عَلى زَعْمِكم، وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: (هَذا رَبِّي) قَوْلُ مَن يُنْصِفُ خَصْمَهُ مَعَ عِلْمِهِ أنَّهُ مُبْطِلٌ، فَيَحْكِي قَوْلَهُ كَما هو غَيْرَ مُتَعَصِّبٍ لِمَذْهَبِهِ؛ لِأنَّ ذَلِكَ أدْعى إلى الحَقِّ وأنْجى مِنَ الشَّغَبِ، ثُمَّ يَكُرُّ عَلَيْهِ بَعْدَ حِكايَتِهِ فَيُبْطِلُهُ بِالحُجَّةِ. انْتَهى. فَيَكُونُ هَذا القَوْلُ مِنهُ اسْتِدْراجًا لِإظْهارِ الحُجَّةِ وتَوَسُّلًا إلَيْها كَما تَوَسَّلَ إلى كَسْرِ الأصْنامِ بِقَوْلِهِ: ﴿فَنَظَرَ نَظْرَةً في النُّجُومِ﴾ [الصافات: ٨٨] ﴿فَقالَ إنِّي سَقِيمٌ﴾ [الصافات: ٨٩]، فَوافَقَهم ظاهِرًا عَلى النَّظَرِ في النُّجُومِ، وأوْهَمَهم أنَّ قَوْلَهُ إنِّي سَقِيمٌ ناشِئٌ عَنْ نَظَرِهِ فِيها. ﴿فَلَمّا أفَلَ قالَ لا أُحِبُّ الآفِلِينَ﴾ أيْ: لا أُحِبُّ عِبادَةَ الآفِلِينَ المُتَغَيِّرِينَ عَنْ حالٍ إلى حالٍ، المُنْتَقِلِينَ مِن مَكانٍ إلى مَكانٍ، (p-١٦٧)المُحْتَجِبِينَ بِسَتْرٍ، فَإنَّ ذَلِكَ مِن صِفاتِ الأجْرامِ، وإنَّما احْتَجَّ بِالأُفُولِ دُونَ البُزُوغِ، وكِلاهُما انْتِقالٌ مِن حالٍ إلى حالٍ؛ لِأنَّ الِاحْتِجاجَ بِالأُفُولِ أظْهَرُ لِأنَّهُ انْتِقالٌ مَعَ خَفاءٍ واحْتِجابٍ، وجاءَ بِلَفْظِ الآفِلِينَ لِيَدُلَّ عَلى أنَّ ثَمَّ آفِلِينَ كَثِيرِينَ، ساواهم هَذا الكَوْكَبُ في الأُفُولِ، فَلا مَزِيَّةَ لَهُ عَلَيْهِمْ في أنْ يُعْبَدَ لِلِاشْتِراكِ في الصِّفَةِ الدّالَّةِ عَلى الحُدُوثِ. ﴿فَلَمّا رَأى القَمَرَ بازِغًا قالَ هَذا رَبِّي﴾ لَمْ يَأْتِ في الكَواكِبِ رَأى كَوْكَبًا بازِغًا لِأنَّهُ أوَّلًا ما ارْتَقَبَ حَتّى بَزَغَ الكَوْكَبُ؛ لِأنَّهُ بِإظْلامِ اللَّيْلِ تَظْهَرُ الكَواكِبُ بِخِلافِ حالِهِ مَعَ القَمَرِ والشَّمْسِ، فَإنَّهُ لَمّا أوْضَحَ لَهم أنَّ هَذا النَّيِّرَ وهو الكَوْكَبُ الَّذِي رَآهُ لا يَصْلُحُ أنْ يَكُونَ رَبًّا ارْتَقَبَ ما هو أنْوَرَ مِنهُ وأضْوَأ عَلى سَبِيلِ إلْحاقِهِ بِالكَوْكَبِ، والِاسْتِدْلالِ عَلى أنَّهُ لا يَصْلُحُ لِلْعِبادَةِ، فَرَآهُ أوَّلَ طُلُوعِهِ وهو البُزُوغُ، ثُمَّ عَمِلَ كَذَلِكَ في الشَّمْسِ، ارْتَقَبَها إذْ كانَتْ أنْوَرَ مِنَ القَمَرِ وأضْوَأ وأكْبَرَ جِرْمًا وأعَمَّ نَفْعًا، ومِنها يَسْتَمِدُّ القَمَرُ عَلى ما قِيلَ، فَقالَ ذَلِكَ عَلى سَبِيلِ الِاحْتِجاجِ عَلَيْهِمْ، وبَيَّنَ أنَّها مُساوِيَةٌ لِلْقَمَرِ والكَواكِبِ في صِفَةِ الحُدُوثِ. ﴿فَلَمّا أفَلَ قالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأكُونَنَّ مِنَ القَوْمِ الضّالِّينَ﴾ القَوْمُ الضّالُّونَ هُنا عَبْدَةُ المَخْلُوقاتِ كالأصْنامِ وغَيْرِها، واسْتَدَلَّ بِهَذا مَن زَعَمَ أنَّ قَوْلَهُ: (هَذا رَبِّي) عَلى ظاهِرِهِ، وأنَّ النّازِلَةَ كانَتْ في حالِ الصِّغَرِ، وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: ﴿لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي﴾ تَنْبِيهٌ لِقَوْمِهِ عَلى أنَّ مَنِ اتَّخَذَ القَمَرَ إلَهًا، وهو نَظِيرُ الكَوْكَبِ في الأُفُولِ، فَهو ضالٌّ، فَإنَّ الهِدايَةَ إلى الحَقِّ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ ولُطْفِهِ. ﴿فَلَمّا رَأى الشَّمْسَ بازِغَةً قالَ هَذا رَبِّي هَذا أكْبَرُ﴾ المَشْهُورُ في الشَّمْسِ أنَّها مُؤَنَّثَةٌ. وقِيلَ: تُذَكَّرُ وتُؤَنَّثُ، فَأُنِّثَتْ أوَّلًا عَلى المَشْهُورِ، وذُكِّرَتْ في الإشارَةِ عَلى اللُّغَةِ القَلِيلَةِ مُراعاةً ومُناسِبَةً لِلْخَبَرِ، فَرُجِّحَتْ لُغَةُ التَّذْكِيرِ الَّتِي هي أقَلُّ عَلى لُغَةِ التَّأْنِيثِ، وأمّا مَن لَمْ يَرَ فِيها إلّا التَّأْنِيثَ، فَقالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: ذَكَّرَ أيْ هَذا المَرْئِيَّ أوِ النَّيِّرَ، وقَدَّرَهُ الأخْفَشُ: هَذا الطّالِعَ، وقِيلَ: الشَّمْسُ بِمَعْنى الضِّياءِ، قالَ تَعالى: ﴿جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً﴾ [يونس: ٥]، فَأشارَ إلى الضِّياءِ، والضِّياءُ مُذَكَّرٌ، وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: جَعَلَ المُبْتَدَأ مِثْلَ الخَبَرِ لِكَوْنِهِما عِبارَةً عَنْ شَيْءٍ واحِدٍ، كَقَوْلِهِمْ: ما جاءَتْ حاجَتُكَ، ”وما كانَتْ أُمُّكِ“، و”لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهم إلّا أنْ قالُوا“، وكانَ اخْتِيارُ هَذِهِ الطَّرِيقَةِ واجِبًا لِصِيانَةِ الرَّبِّ عَنْ شُبْهَةِ التَّأْنِيثِ، ألا تَراهم قالُوا في صِفَةِ اللَّهِ: عَلّامُ، ولَمْ يَقُولُوا: عَلّامَةٌ، وإنْ كانَ عَلّامَةٌ أبْلَغَ احْتِرازًا مِن عَلامَةِ التَّأْنِيثِ. انْتَهى. ويُمْكِنُ أنَّ أكْثَرَ لُغَةِ الأعاجِمِ لا يُفَرِّقُونَ في الضَّمائِرِ ولا في الإشارَةِ بَيْنَ المُذَكَّرِ والمُؤَنَّثِ، ولا عَلامَةَ عِنْدَهم لِلتَّأْنِيثِ بَلِ، المُذَكَّرُ والمُؤَنَّثُ سَواءٌ في ذَلِكَ عِنْدَهم، فَلِذَلِكَ أشارَ إلى المُؤَنَّثِ عِنْدَنا حِينَ حَكى كَلامَ إبْراهِيمَ بِما يُشارُ بِهِ إلى المُذَكَّرِ، بَلْ لَوْ كانَ المُؤَنَّثُ بِفَرْجٍ لَمْ يَكُنْ لَهم عَلامَةٌ تَدُلُّ عَلَيْهِ في كَلامِهِمْ، وحِينَ أخْبَرَ تَعالى عَنْها بِقَوْلِهِ: (بازِغَةً) و(أفَلَتْ) أُنِّثَ عَلى مُقْتَضى العَرَبِيَّةِ، إذْ لَيْسَ ذَلِكَ بِحِكايَةٍ. ﴿فَلَمّا أفَلَتْ قالَ ياقَوْمِ إنِّي بَرِيءٌ مِمّا تُشْرِكُونَ﴾ أيْ: مِنَ الأجْرامِ الَّتِي تَجْعَلُونَها شُرَكاءَ لِخالِقِها، ولَمّا أفَلَتِ الشَّمْسُ لَمْ يَبْقَ لَهم شَيْءٌ يُمَثِّلُ لَهم بِهِ، وظَهَرَتْ حُجَّتُهُ، وقَوِيَ بِذَلِكَ عَلى مُنابِذَتِهِمْ تَبَرَّأ مِن إشْراكِهِمْ، وقالَ الماتُرِيدِيُّ: الِاخْتِيارُ أنْ يُقالَ: اسْتَدَلَّ عَلى (p-١٦٨)عَدَمِ صَلاحِيَتِها لِلْإلَهِيَّةِ لِغَلَبَةِ نُورِ القَمَرِ نُورَ الزُّهْرَةِ، ونُورِ الشَّمْسِ لِنُورِهِ، وقَهْرِ تِيكَ بِذاكَ وهَذا بِتِلْكَ، والرَّبُّ لا يُقْهَرُ، والظَّلامُ غَلَبَ نُورَ الشَّمْسِ وقَهَرَهُ، انْتَهى مُلَخَّصًا. قالَ ابْنُ أبِي الفَضْلِ: ما جاءَ الظَّلامُ إلّا بَعْدَ ذَهابِ الشَّمْسِ فَلَمْ يَجْتَمِعْ مَعَها حَتّى يُقالَ قَهَرَها وقَهَرَ نُورَها. انْتَهى. وقالَ غَيْرُهُ مِنَ المُفَسِّرِينَ: إنَّهُ اسْتَدَلَّ بِما ظَهَرَ عَلَيْها مِن شَأْنِ الحُدُوثِ والِانْتِقالِ مِن حالٍ إلى حالٍ، وذَلِكَ مِن صِفاتِ الأجْسامِ، فَكَأنَّهُ يَقُولُ: إذا بانَ في هَذِهِ النَّيِّراتِ الرَّفِيعَةِ أنَّها لا تَصْلُحُ لِلرُّبُوبِيَّةِ فَأصْنامُكُمُ الَّتِي مِن خَشَبٍ وحِجارَةٍ أحْرى أنْ يَتَبَيَّنَ ذَلِكَ فِيها، ومَثَّلَ لَهم بِهَذِهِ النَّيِّراتِ لِأنَّهم كانُوا أصْحابَ نَظَرٍ في الأفْلاكِ وتَعَلُّقٍ بِالنُّجُومِ، وأجْمَعَ المُفَسِّرُونَ عَلى أنَّ رُؤْيَةَ هَذِهِ النَّيِّراتِ كانَتْ في لَيْلَةٍ واحِدَةٍ، رَأى الكَوْكَبَ الزُّهْرَةَ أوِ المُشْتَرِي عَلى الخِلافِ السّابِقِ جانِحًا لِلْغُرُوبِ، فَلَمّا أفَلَ بَزَغَ القَمَرُ، فَهو أوَّلُ طُلُوعِهِ، فَسَرى اللَّيْلُ أجْمَعَ، فَلَمّا بَزَغَتِ الشَّمْسُ زالَ ضَوْءُ القَمَرِ قَبْلَها لِانْتِشارِ الصَّباحِ وخَفِيَ نُورُهُ ودَنا أيْضًا مِن مَغْرِبِهِ، فَسُمِّيَ ذَلِكَ أُفُولًا لِقُرْبِهِ مِنَ الأُفُولِ التّامِّ عَلى تَجَوُّزٍ في التَّسْمِيَةِ، ثُمَّ بَزَغَتِ الشَّمْسُ عَلى ذَلِكَ. قالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وهَذا التَّرْتِيبُ يَسْتَقِيمُ في اللَّيْلَةِ الخامِسَةَ عَشَرَ مِنَ الشَّهْرِ إلى لَيْلَةِ عِشْرِينَ، ولَيْسَ يَتَرَتَّبُ في لَيْلَةٍ واحِدَةٍ كَما أجْمَعَ أهْلُ التَّفْسِيرِ إلّا في هَذِهِ اللَّيالِي وبِذَلِكَ التَّجَوُّزِ في أُفُولِ القَمَرِ. انْتَهى. والظّاهِرُ والَّذِي عَلَيْهِ المُفَسِّرُونَ أنَّ المُرادَ مِنَ الكَوْكَبِ والقَمَرِ والشَّمْسِ هو ما وضَعَتْهُ لَهُ العَرَبُ مِن إطْلاقِها عَلى هَذِهِ النَّيِّراتِ، وحُكِيَ عَنْ بَعْضِ العَرَبِ: ولَعَلَّهُ لا يَصِحُّ عَنْهُ أنَّ الرُّؤْيَةَ رُؤْيَةُ قَلْبٍ، وعُبِّرَ بِالكَوْكَبِ عَنِ النَّفْسِ الحَيَوانِيَّةِ الَّتِي لِكُلِّ كَوْكَبٍ، وبِالقَمَرِ عَنِ النَّفْسِ النّاطِقَةِ الَّتِي لِكُلِّ فَلَكٍ، وبِالشَّمْسِ عَنِ العَقْلِ المُجَرَّدِ الَّذِي لِكُلِّ فَلَكٍ، وكانَ ابْنُ سِينا يُفَسِّرُ الأُفُولَ بِالإمْكانِ، فَزَعَمَ الغَزالِيُّ أنَّ المُرادَ بِأُفُولِها إمْكانُها لِذاتِها، وكُلُّ مُمْكِنٍ فَلا بُدَّ لَهُ مِن مُؤَثِّرٍ ولا بُدَّ لَهُ مِنَ الِانْتِهاءِ إلى واجِبِ الوُجُودِ، ومِنَ النّاسِ مَن حَمَلَ الكَوْكَبَ عَلى الحِسِّ، والقَمَرَ عَلى الخَيالِ والوَهْمِ، والشَّمْسَ عَلى العَقْلِ، والمُرادُ أنَّ هَذِهِ القُوى المُدْرَكَةَ الثَّلاثَةَ قاصِرَةٌ مُتَناهِيَةُ القُوَّةِ، ومُدَبِّرُ العالَمِ مُسْتَوْلٍ عَلَيْها قاهِرٌ لَها. انْتَهى. وهَذانِ التَّفْسِيرانِ شَبِيهانِ بِتَفْسِيرِ الباطِنِيَّةِ - لَعَنَهُمُ اللَّهُ - إذْ هُما لُغْزٌ ورَمْزٌ يُنَزَّهُ كِتابُ اللَّهِ عَنْهُما، ولَوْلا أنَّ أبا عَبْدِ اللَّهِ الرّازِيَّ وغَيْرَهُ قَدْ نَقَلَهُما في التَّفْسِيرِ لَأضْرَبْتُ عَنْ نَقْلِهِما صَفْحًا، إذْ هُما مِمّا نَجْزِمُ بِبُطْلانِهِ، ومِن تَفْسِيرِ الباطِنِيَّةِ الإمامِيَّةِ ونَسَبُوهُ إلى عَلِيٍّ أنَّ الكَوْكَبَ هو المَأْذُونُ وهو الدّاعِي، والقَمَرَ اللّاحِقُ وهو فَوْقَ المَأْذُونِ بِمَنزِلَةِ الوَزِيرِ مِنَ الإمامِ، والشَّمْسَ الإمامُ، وإبْراهِيمَ في دَرَجَةِ المُسْتَجِيبِ، فَقالَ لِلْمَأْذُونِ: هَذا رَبِّي، عَنى رَبَّ التَّرْبِيَةِ لِلْعِلْمِ، فَإنَّهُ يُرَبِّي المُسْتَجِيبَ بِالعِلْمِ ويَدْعُوهُ إلَيْهِ، فَلَمّا أفَلَ فَنِيَ ما عِنْدَ المَأْذُونِ مِنَ العِلْمِ رَغِبَ عَنْهُ ولَزِمَ اللّاحِقَ، فَلَمّا فَنِيَ ما عِنْدَهُ رَغِبَ عَنْهُ وتَوَجَّهَ إلى التّالِي، وهو الصّامِتُ الَّذِي يَقْبَلُ العِلْمَ مِنَ الرَّسُولِ الَّذِي يُسَمّى النّاطِقَ لِأنَّهُ يُنْطِقُ بِجَمِيعِ ما يَنْطِقُ بِهِ الرَّسُولُ، فَلَمّا فَنِيَ ما عِنْدَهُ ارْتَقى إلى النّاطِقِ وهو الرَّسُولُ وهو المُصَوِّرُ لِلشَّرائِعِ عِنْدَهم. انْتَهى هَذا التَّخْلِيطُ، واللُّغْزُ الَّذِي لا تَدُلُّ عَلَيْهِ الآيَةُ بِوَجْهٍ مِن وُجُوهِ الدَّلالاتِ والتَّفْسِيرِ أنَّ قَبْلَ هَذا شَبِيهانِ بِهَذا التَّفْسِيرِ المُسْتَحِيلِ، ولِلْمَنسُوبَيْنِ إلى الصُّوفِ في تَفْسِيرِ كِتابِ اللَّهِ - تَعالى - أنْواعٌ مِن هَذِهِ التَّفاسِيرِ. قالَ القُشَيْرِيُّ: لَمّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ أحاطَ بِهِ سُجُوفُ الطَّلَبِ ولَمْ يَتَجَلَّ لَهُ بَعْدُ صَباحُ الوُجُودِ، فَطَلَعَ لَهُ نَجْمُ العُقُولِ فَشاهَدَ الحَقَّ بِسِرِّهِ بِنُورِ البُرْهانِ فَقالَ: هَذا رَبِّي، ثُمَّ زِيدَ في ضِيائِهِ فَطَلَعَ قَمَرُ العِلْمِ وطالَعَهُ بِسِرِّ البَيانِ، فَقالَ: هَذا رَبِّي، ثُمَّ أسْفَرَ الصُّبْحُ ومُتِعَ النَّهارُ وطَلَعَتْ شَمْسُ العِرْفانِ مِن بُرْجِ شَرَفِها فَلَمْ يَبْقَ لِلطَّلَبِ مَكانٌ ولا لِلتَّجْوِيزِ حُكْمٌ ولا لِلتُّهْمَةِ قَرارٌ، فَقالَ: ﴿إنِّي بَرِيءٌ مِمّا تُشْرِكُونَ﴾، إذْ لَيْسَ بَعْدَ البَعْثِ رَيْبٌ ولا بَعْدَ الظُّهُورِ سِتْرٌ. انْتَهى. والعَجَبُ كُلُّ العَجَبِ مِن قَوْمٍ يَزْعُمُونَ أنَّ هَؤُلاءِ المَنسُوبِينَ إلى الصُّوفِ هم خَواصُّ اللَّهِ - تَعالى - وكَلامُهم في (p-١٦٩)كِتابِ اللَّهِ - تَعالى - هَذا الكَلامُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب