الباحث القرآني
﴿وهم يَحْمِلُونَ أوْزارَهم عَلى ظُهُورِهِمْ﴾ الأوْزارُ: الخَطايا والآثامُ قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ. والظّاهِرُ أنَّ هَذا الحَمْلَ حَقِيقَةٌ وهو قَوْلُ عُمَيْرِ بْنِ هانِئٍ وعَمْرِو بْنِ قَيْسٍ المُلائِئِّ والسُّدِّيِّ واخْتارَهُ الطَّبَرِيُّ وما ذَكَرَهُ مَحْصُولُهُ أنَّ عَمَلَهُ يُمَثَّلُ في صُورَةِ رَجُلٍ قَبِيحِ الوَجْهِ والصُّورَةِ خَبِيثِ الرِّيحِ فَيَسْألُهُ فَيَقُولُ: أنا عَمَلُكَ طالَما رَكِبْتَنِي في الدُّنْيا فَأنا اليَوْمَ أرْكَبُكَ فَيَرْكَبُهُ ويَتَخَطّى بِهِ رِقابَ النّاسِ ويَسُوقُهُ حَتّى يُدْخِلَهُ النّارَ ورَواهُ أبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ بِهَذا المَعْنى واللَّفْظُ مُخْتَلِفٌ، وقِيلَ: هو مَجازٌ عُبِّرَ بِحَمْلِ الوِزْرِ عَنْ ما يَجِدُهُ مِنَ المَشَقَّةِ والآلامِ بِسَبَبِ ذُنُوبِهِ والمَعْنى أنَّهم يُقاسُونَ عِقابَ ذُنُوبِهِمْ مُقاساةَ تَثْقِيلٍ عَلَيْهِمْ وهَذا القَوْلُ بَدَأ بِهِ ابْنُ عَطِيَّةَ ولَمْ يَذْكُرِ الزَّمَخْشَرِيُّ غَيْرَهُ قالَ كَقَوْلِهِ: ﴿فَبِما كَسَبَتْ أيْدِيكُمْ﴾ [الشورى: ٣٠] لِأنَّهُ اعْتِيدَ حَمْلُ الأثْقالِ عَلى الظُّهُورِ كَما أُلِّفَ الكَسْبُ بِالأيْدِي والواوُ في (وهم) واوُ الحالِ وأتَتِ الجُمْلَةُ مُصَدَّرَةً بِالضَّمِيرِ لِأنَّهُ أبْلَغُ في النِّسْبَةِ إذْ صارَ ذُو الحالِ مَذْكُورًا مَرَّتَيْنِ مِن حَيْثُ المَعْنى وخُصَّ الظَّهْرُ لِأنَّهُ غالِبًا مَوْضِعُ اعْتِيادِ الحَمْلِ ولِأنَّهُ يُشْعِرُ بِالمُبالَغَةِ في ثِقَلِ المَحْمُولِ إذْ يُطِيقُ مِنَ الحَمْلِ الثَّقِيلِ ما لا تُطِيقُهُ الرَّأْسُ ولا الكاهِلُ كَما قالَ ﴿فَلَمَسُوهُ بِأيْدِيهِمْ﴾ [الأنعام: ٧] لِأنَّ اللَّمْسَ أغْلَبُ ما يَكُونُ بِاليَدِ ولِأنَّها أقْوى في الإدْراكِ.
﴿ألا ساءَ ما يَزِرُونَ﴾ (ساءَ) هُنا تَحْتَمِلُ وُجُوهًا ثَلاثَةً. أحَدُها: أنْ تَكُونَ المُتَعَدِّيَةَ المُتَصَرِّفَةَ ووَزْنُها (فَعَلَ) بِفَتْحِ العَيْنِ والمَعْنى ألا ساءَهم (p-١٠٨)ما يَزِرُونَ، وتَحْتَمِلُ (ما) عَلى هَذا الوَجْهِ أنْ تَكُونَ مَوْصُولَةً بِمَعْنى الَّذِي، فَتَكُونَ فاعِلَةً، ويُحْتَمَلُ أنْ تَكُونَ (ما) مَصْدَرِيَّةً، فَيَنْسَبِكَ مِنها وما بَعْدَها مَصْدَرٌ، هو الفاعِلُ؛ أيْ ألا ساءَهم وِزْرُهم. والوَجْهُ الثّانِي: أنَّها حُوِّلَتْ إلى (فَعُلَ)، بِضَمِّ العَيْنِ، وأُشْرِبَتْ مَعْنى التَّعَجُّبِ، والمَعْنى ألا ما أسْوَأ الَّذِي يَزِرُونَهُ، أوْ ما أسْوَأ وِزْرَهم، عَلى الِاحْتِمالَيْنِ في (ما) . والثّالِثُ: أنَّها أيْضًا حُوِّلَتْ إلى (فَعُلَ)، بِضَمِّ العَيْنِ، وأُرِيدَ بِها المُبالَغَةُ في الذَّمِّ، فَتَكُونُ مُساوِيَةً لِـ (بِئْسَ) في المَعْنى والأحْكامِ، ويَكُونُ إطْلاقُ الَّذِي سَبَقَ في (ما)، في قَوْلِهِ: ﴿بِئْسَما اشْتَرَوْا بِهِ أنْفُسَهُمْ﴾ [البقرة: ٩٠] جارِيًا فِيها هُنا، والفَرْقُ بَيْنَ هَذا الوَجْهِ، والوَجْهِ الَّذِي قَبْلَهُ؛ أنَّ الَّذِي قَبْلَهُ لا يُشْتَرَطُ فِيهِ ما يُشْتَرَطُ في فاعِلِ (بِئْسَ) مِنَ الأحْكامِ، ولا هو جُمْلَةٌ مُنْعَقِدَةٌ مِن مُبْتَدَأٍ وخَبَرٍ، إنَّما هو مُنْعَقِدٌ مِن فِعْلٍ وفاعِلٍ. والفَرْقُ بَيْنَ هَذَيْنِ الوَجْهَيْنِ والأوَّلِ؛ أنَّ في الأوَّلِ الفِعْلُ مُتَعَدٍّ، وفي هَذَيْنِ قاصِرٌ، وأنَّ الكَلامَ فِيهِ خَبَرٌ، وهو في هَذَيْنِ إنْشاءٌ، وجَعَلَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ مِن بابِ (بِئْسَ) فَقَطْ، فَقالَ: ساءَ ما يَزِرُونَ؛ بِئْسَ شَيْئًا يَزِرُونَ وِزْرَهم، كَقَوْلِهِ: ﴿ساءَ مَثَلًا القَوْمُ﴾ [الأعراف: ١٧٧] . وذَكَرَ ابْنُ عَطِيَّةَ هَذا الوَجْهَ احْتِمالًا أخِيرًا، وبَدَأ بِأنَّ (ساءَ) مُتَعَدِّيَةٌ، و(ما) فاعِلٌ، كَما تَقُولُ: ساءَ في هَذا الأمْرِ، وأنَّ الكَلامَ خَبَرٌ مُجَرَّدٌ؛ قالَ كَقَوْلِ الشّاعِرِ:
؎رَضِيتَ خُطَّةَ خَسْفٍ غَيْرَ طائِلَةٍ فَساءَ هَذا رِضًا يا قَيْسَ غَيْلانا
ولا يَتَعَيَّنُ ما قالَ في البَيْتِ مِن أنَّ الكَلامَ فِيهِ خَبَرٌ مُجَرَّدٌ، بَلْ يَحْتَمِلُ قَوْلُهُ: فَساءَ هَذا رِضًا، الأوْجُهَ الثَّلاثَةَ. وافْتُتِحَتْ هَذِهِ الجُمْلَةُ بِـ (ألا) تَنْبِيهًا وإشارَةً لِسُوءِ مُرْتَكَبِهِمْ، فَألا تَدُلُّ عَلى الإشارَةِ بِما يَأْتِي بَعْدَها، كَقَوْلِهِ: ألا فَلْيُبَلِّغِ الشّاهِدُ الغائِبَ، ﴿ألا إنَّهم يَثْنُونَ صُدُورَهم لِيَسْتَخْفُوا مِنهُ﴾ [هود: ٥]، ألا لا يَجْهَلَنَ أحَدٌ عَلَيْنا.
{"ayah":"قَدۡ خَسِرَ ٱلَّذِینَ كَذَّبُوا۟ بِلِقَاۤءِ ٱللَّهِۖ حَتَّىٰۤ إِذَا جَاۤءَتۡهُمُ ٱلسَّاعَةُ بَغۡتَةࣰ قَالُوا۟ یَـٰحَسۡرَتَنَا عَلَىٰ مَا فَرَّطۡنَا فِیهَا وَهُمۡ یَحۡمِلُونَ أَوۡزَارَهُمۡ عَلَىٰ ظُهُورِهِمۡۚ أَلَا سَاۤءَ مَا یَزِرُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق