الباحث القرآني

﴿وهو الَّذِي جَعَلَكم خَلائِفَ الأرْضِ ورَفَعَ بَعْضَكم فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَبْلُوَكم فِيما آتاكُمْ﴾ . أذْكَرَهم تَعالى بِنِعْمَتِهِ عَلَيْهِمْ إذْ كانَ النَّبِيُّ ﷺ المُبْعَثَ، وهو مُحَمَّدٌ ﷺ خاتَمُ النَّبِيِّينَ، فَأُمَّتُهُ خَلَفَتْ سائِرَ الأُمَمِ ولا يَجِيءُ بَعْدَها أُمَّةٌ تَخْلُفُها إذْ عَلَيْهِمْ تَقُومُ السّاعَةُ، وقالَ الحَسَنُ: إنَّ النَّبِيَّ ﷺ قالَ «تُوفُونَ سَبْعِينَ أُمَّةً أنْتُمْ خَيْرُها وأكْرَمُها عَلى اللَّهِ»، ورُوِيَ «أنْتُمْ آخِرُها وأكْرَمُها عَلى اللَّهِ»، ورَفْعُ الدَّرَجاتِ هو بِالشَّرَفِ في المَراتِبِ الدُّنْيَوِيَّةِ والعِلْمِ وسَعَةِ الرِّزْقِ، ولِيَبْلُوَكم مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ، ورَفَعَ فِيما آتاكم مِن ذَلِكَ جاهًا ومالًا وعِلْمًا، وكَيْفَ تَكُونُونَ في ذَلِكَ، وقِيلَ: الخِطابُ لِبَنِي آدَمَ خُلِّفُوا في الأرْضِ عَنِ الجِنِّ أوْ عَنِ المَلائِكَةِ، وقِيلَ: يَخْلُفُ بَعْضُهم بَعْضًا، وقِيلَ: خُلَفاءُ الأرْضِ تَمْلِكُونَها وتَتَصَرَّفُونَ فِيها. ﴿إنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ العِقابِ وإنَّهُ لِغَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ لَمّا كانَ الِابْتِلاءُ يَظْهَرُ بِهِ المُسِيءُ والمُحْسِنُ والطّائِعُ والعاصِي ذَكَرَ هَذَيْنِ الوَصْفَيْنِ وخَتَمَ بِهِما، ولَمّا كانَ الغالِبُ عَلى فَواصِلِ الآيِ قَبْلَها هو التَّهْدِيدُ بَدَأ بِقَوْلِهِ سَرِيعُ العِقابِ، يَعْنِي لِمَن كَفَرَ ما أعْطاهُ اللَّهُ تَعالى، وسُرْعَةُ عِقابِهِ إنْ كانَ في الدُّنْيا فالسُّرْعَةُ ظاهِرَةٌ، وإنْ كانَ في الآخِرَةِ فَوُصِفَ بِالسُّرْعَةِ لِتَحَقُّقِهِ إذْ كُلُّ ما هو آتٍ آتٍ ولَمّا كانَتْ جِهَةُ الرَّحْمَةِ أرْجى أكَّدَ ذَلِكَ بِدُخُولِ اللّامِ في الخَبَرِ ويَكُونُ الوَصْفَيْنِ بُنِيا بِناءَ مُبالَغَةٍ ولَمْ يَأْتِ في جِهَةِ العِقابِ بِوَصْفِهِ، بِذَلِكَ فَلَمْ يَأْتِ إنَّ رَبَّكَ مُعاقِبٌ وسَرِيعُ العِقابِ مِن بابِ الصِّفَةِ المُشَبَّهَةِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب