الباحث القرآني

﴿قُلْ إنَّنِي هَدانِي رَبِّي إلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ أمَرَهُ تَعالى بِالإعْلانِ بِالشَّرِيعَةِ، ونَبْذِ ما سِواها، ووَصَفَها بِأنَّها طَرِيقٌ مُسْتَقِيمٌ لا عِوَجَ فِيها وهو إشارَةٌ إلى قَوْلِهِ: ﴿وأنَّ هَذا صِراطِي مُسْتَقِيمًا فاتَّبِعُوهُ﴾ [الأنعام: ١٥٣] ولَمّا تَقَدَّمَ ذِكْرُ الفِرَقِ أمَرَهُ أنْ يُخْبِرَ أنَّهُ لَيْسَ مِن تِلْكَ الفِرَقِ، بَلْ هو عَلى الصِّراطِ المُسْتَقِيمِ، وأسْنَدَ الهِدايَةَ إلى رَبِّهِ لِيَدُلَّ عَلى اخْتِصاصِهِ بِعِبادَتِهِ إيّاهُ كَأنَّهُ قِيلَ: هَدانِي مَعْبُودِي لا مَعْبُودُكم مِنَ الأصْنامِ، ومَعْنى ﴿هَدانِي﴾ خَلَقَ فِيَّ الهِدايَةَ. وقالَ بَعْضُ المُعْتَزِلَةِ: دَلَّنِي. قالَ الماتُرِيدِيُّ: وهَذا باطِلٌ إذْ لا فائِدَةَ في تَخْصِيصِهِ لِأنَّ النّاسَ كُلَّهم كَذَلِكَ. ﴿دِينًا قِيَمًا﴾ بِالحَقِّ والبُرْهانِ. ﴿مِلَّةَ إبْراهِيمَ حَنِيفًا وما كانَ مِنَ المُشْرِكِينَ﴾ أذْكَرَهم أنَّ هَذا الدِّينَ الَّذِي هو عَلَيْهِ هو مِلَّةُ إبْراهِيمَ (p-٢٦٢)وهُوَ النَّبِيُّ الَّذِي يُعَظِّمُهُ أهْلُ الشَّرائِعِ والدِّياناتِ وتَزْعُمُ كُفّارُ قُرَيْشٍ أنَّهم عَلى دِينِهِ، فَرَدَّ تَعالى عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ: ﴿وما كانَ مِنَ المُشْرِكِينَ﴾ وانْتَصَبَ ﴿دِينًا﴾ عَلى إضْمارِ عَرَّفَنِي لِدَلالَةِ هَدانِي عَلَيْهِ، أوْ بِإضْمارِ هَدانِي، أوْ بِإضْمارِ اتَّبِعُوا والزَمُوا، أوْ عَلى أنَّهُ مَصْدَرٌ لِهَدانِي عَلى المَعْنى كَأنَّهُ، قالَ اهْتِداءً، أوْ عَلى البَدَلِ مِن إلى صِراطٍ عَلى المَوْضِعِ؛ لِأنَّهُ يُقالُ: هَدَيْتُ القَوْمَ الطَّرِيقَ. قالَ اللَّهُ تَعالى: ﴿ويَهْدِيَكَ صِراطًا مُسْتَقِيمًا﴾ [الفتح: ٢] . وقَرَأ الكُوفِيُّونَ، وابْنُ عامِرٍ: قِيَمًا، وتَقَدَّمَ تَوْجِيهُهُ في أوائِلِ سُورَةِ النِّساءِ. وقَرَأ باقِي السَّبْعَةِ (قَيِّمًا) كَسَيِّدٍ، و(مِلَّةَ) بَدَلٌ مِن قَوْلِهِ: ﴿دِينًا﴾ و﴿حَنِيفًا﴾ تَقَدَّمَ إعْرابُهُ في قَوْلِهِ: ﴿بَلْ مِلَّةَ إبْراهِيمَ حَنِيفًا﴾ [البقرة: ١٣٥] في سُورَةِ البَقَرَةِ. وقالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: و﴿حَنِيفًا﴾ نُصِبَ عَلى الحالِ مِن إبْراهِيمَ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب