الباحث القرآني
﴿إنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهم وكانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنهم في شَيْءٍ إنَّما أمْرُهم إلى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهم بِما كانُوا يَفْعَلُونَ﴾ لَمّا ذَكَرَ تَعالى أنَّ صِراطَهُ مُسْتَقِيمٌ، ونَهى عَنِ اتِّباعِ السُّبُلِ، وذَكَرَ مُوسى - عَلَيْهِ السَّلامُ - وما أنْزَلَ عَلَيْهِ، وذَكَرَ القُرْآنَ وأمَرَ بِاتِّباعِهِ، وذَكَرَ ما يَنْتَظِرُ الكُفّارُ مِمّا هو كائِنٌ بِهِمُ، انْتَقَلَ إلى ذِكْرِ مَنِ اتَّبَعَ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَتْ بِهِ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ، لِيُنَبِّهَ المُؤْمِنِينَ عَلى الِائْتِلافِ عَلى الدِّينِ القَوِيمِ، ولِئَلّا يَخْتَلِفُوا كَما اخْتَلَفَ مَن قَبْلَهم مِنَ الأُمَمِ بَعْدَ أنْ كانُوا مُتَّفِقِينَ عَلى الشَّرائِعِ الَّتِي بُعِثَ أنْبِياؤُهم بِها، والَّذِينَ فَرَّقُوا دَيْنَهُمُ الحَرُورِيَّةُ أوْ أهْلُ الضَّلالَةِ مِن هَذِهِ الأُمَّةِ أوْ أصْحابُ البِدَعِ أوِ الأهْواءِ مِنهم، وهو قَوْلُ الأحْوَصِ وأُمِّ سَلَمَةَ، أوِ اليَهُودُ أوْ هم والنَّصارى، وهو قَوْلُ ابْنِ عَبّاسٍ والضَّحّاكِ وقَتادَةَ، أيْ: فَرَّقُوا دِينَ إبْراهِيمَ الحَنِيفَ، أوْ هم مُشْرِكُو العَرَبِ أوِ الكُفّارُ وأهْلُ البِدَعِ، أقْوالٌ سِتَّةٌ. وافْتِراقُ النَّصارى إلى مِلْكِيَّةٍ ويَعْقُوبِيَّةٍ ونَسْطُورِيَّةٍ، وتَشَعَّبُوا إلى اثْنَيْنِ وسَبْعِينَ فِرْقَةً، وافْتِراقُ اليَهُودِ إلى مُوسَوِيَّةٍ وهارُونِيَّةٍ وداوُدِيَّةٍ وسامِرِيَّةٍ، وتَشَعَّبُوا إلى اثْنَيْنِ وسَبْعِينَ فِرْقَةً، وافْتِراقُ هَذِهِ الأُمَّةِ إلى ثَلاثٍ وسَبْعِينَ فِرْقَةً، كُلُّها في النّارِ إلّا مَن كانَ عَلى ما عَلَيْهِ الرَّسُولُ وأصْحابُهُ. وقِيلَ: مَعْنى ﴿فَرَّقُوا دِينَهُمْ﴾ آمَنُوا بِبَعْضٍ وكَفَرُوا بِبَعْضٍ، وأضافَ الدِّينَ إلَيْهِمْ مِن حَيْثُ كانَ يَنْبَغِي أنْ يَلْتَزِمُوهُ، إذْ هو دِينُ اللَّهِ الَّذِي ألْزَمَهُ العِبادَ، فَهو دِينُ جَمِيعِ النّاسِ بِهَذا الوَجْهِ. وقَرَأ عَلِيٌّ والأخَوانِ: (فارَقُوا) هُنا، وفي الرُّومِ بِألِفٍ، ومَعْناها قَرِيبٌ مِن قِراءَةِ باقِي السَّبْعَةِ بِالتَّشْدِيدِ، تَقُولُ: ضاعَفَ وضَعَّفَ. وقِيلَ: تَرَكُوهُ وبايِنُوهُ، ومَن فَرَّقَ دِينَهُ فَآمَنَ بِبَعْضٍ وكَفَرَ بِبَعْضٍ فَقَدْ فارَقَ دِينَهُ المَطْلُوبَ مِنهُ. وقَرَأ إبْراهِيمُ والأعْمَشُ وأبُو صالِحٍ: (فَرَقُوا) بِتَخْفِيفِ الرّاءِ.
﴿وكانُوا شِيَعًا﴾ أيْ: أحْزابًا كُلٌّ مِنهم تابِعٌ لِشَخْصٍ لا يَتَعَدّاهُ.
﴿لَسْتَ مِنهم في شَيْءٍ﴾ أيْ: لَسْتَ مِن تَفْرِيقِ دَيْنِهِمْ أوْ مِن عِقابِهِمْ أوْ مِن قِتالِهِمْ، أوْ هو إخْبارٌ عَنِ المُبايَنَةِ التّامَّةِ والمُباعَدَةِ، كَقَوْلِ النّابِغَةِ:
؎إذا حاوَلَتَ في أسَدٍ فُجُورًا فَإنِّي لَسْتُ مِنكَ ولَسْتَ مِنِّي
احْتِمالاتٌ أرْبَعَةٌ. وقالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: أيْ لا تَشْفَعُ لَهم، ولا لَهم بِكَ تَعَلُّقٌ، وهَذا عَلى الإطْلاقِ في الكُفّارِ، وعَلى جِهَةِ المُبالَغَةِ في العُصاةِ والمُتَنَطِّعِينَ في الشَّرْعِ، إذْ لَهم حَظٌّ مِن تَفْرِيقِ الدِّينِ، ولَمّا نَفى كَوْنَهُ مِنهم في شَيْءٍ حَصَرَ مَرْجِعَ أمْرِهِمْ مِن هَلاكٍ أوِ اسْتِقامَةِ إلَيْهِ تَعالى، وأخْبَرَ أنَّهُ مُجازِيهِمْ بِأفْعالِهِمْ، وذَلِكَ وعِيدٌ شَدِيدٌ لَهم. وقالَ السُّدِّيُّ: هَذِهِ آيَةٌ لَمْ يُؤْمَرْ فِيها بِقِتالٍ، وهي مَنسُوخَةٌ بِالقِتالِ. قالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وهَذا كَلامٌ غَيْرُ مُتْقَنٍ، فَإنَّ الآيَةَ خَبَرٌ لا يَدْخُلُهُ نَسْخٌ، ولَكِنَّها تَضَمَّنَتْ بِالمَعْنى أمْرًا بِمُوادَعَةٍ، فَيُشْبِهُ أنْ يُقالَ: إنَّ (p-٢٦١)النَّسْخُ وقَعَ في ذَلِكَ المَعْنى الَّذِي قَدْ تَقَرَّرَ في آياتٍ أُخَرَ.
{"ayah":"إِنَّ ٱلَّذِینَ فَرَّقُوا۟ دِینَهُمۡ وَكَانُوا۟ شِیَعࣰا لَّسۡتَ مِنۡهُمۡ فِی شَیۡءٍۚ إِنَّمَاۤ أَمۡرُهُمۡ إِلَى ٱللَّهِ ثُمَّ یُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا۟ یَفۡعَلُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق