الباحث القرآني

﴿وقالُوا هَذِهِ أنْعامٌ وحَرْثٌ حِجْرٌ لا يَطْعَمُها إلّا مَن نَشاءُ بِزَعْمِهِمْ﴾ أعْلَمَ تَعالى بِأشْياءَ مِمّا شَرَعُوها وتَقْسِيماتٍ ابْتَدَعُوها والتَزَمُوها عَلى جِهَةِ الفِرْيَةِ والكَذِبِ مِنهم عَلى اللَّهِ، أفْرَدُوا مِن أنْعامِهِمْ وزُرُوعِهِمْ وثِمارِهِمْ شَيْئًا وقالُوا: هَذا حِجْرٌ، أيْ: حَرامٌ مَمْنُوعٌ. وقَرَأ أبانُ بْنُ عُثْمانَ: ”نَعَمٌ“ عَلى الإفْرادِ. وقَرَأ باقِي السَّبْعَةِ بِكَسْرِ الحاءِ وسُكُونِ الجِيمِ، والحِجْرُ بِمَعْنى المَحْجُورِ، كالذِّبْحِ والطِّحْنِ يَسْتَوِي في الوَصْفِ بِهِ الواحِدُ والجَمْعُ والمُذَكَّرُ والمُؤَنَّثُ؛ لِأنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الأسْماءِ غَيْرَ الصِّفاتِ، قالَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ. وقَرَأ الحَسَنُ وقَتادَةُ والأعْرَجُ بِضَمِّ الحاءِ وسُكُونِ الجِيمِ. وقالَ القُرْطُبِيُّ: قَرَأ الحَسَنُ وقَتادَةُ بِفَتْحِ الحاءِ وإسْكانِ الجِيمِ، وعَنِ الحَسَنِ أيْضًا: (حِجْرٌ) بِضَمِّ الحاءِ. وقَرَأ أبانُ بْنُ عُثْمانَ وعِيسى بْنُ عُمَرَ بِضَمِّ الحاءِ والجِيمِ، وقالَ هارُونُ: كانَ الحَسَنُ يَضُمُّ الحاءَ مِن (حِجْرٌ)، حَيْثُ وقَعَ إلّا (حِجْرًا مَحْجُورًا) فَيَكْسِرُها، وقَرَأ أبِيٌّ وعَبْدُ اللَّهِ وابْنُ عَبّاسٍ وابْنُ الزُّبَيْرِ وعِكْرِمَةُ وعَمْرُو بْنُ دِينارٍ والأعْمَشُ: حِرْجٌ بِكَسْرِ الحاءِ وتَقْدِيمِ الرّاءِ عَلى الجِيمِ وسُكُونِها، وخَرَجَ عَلى القَلْبِ، فَمَعْناهُ مَعْنى (حِجْرٌ)، أوْ مِنَ الحَرَجِ وهو التَّضْيِيقُ. ”لا يَطْعَمُها“: لا يَأْكُلُها إلّا مَن نَشاءُ وهُمُ الرِّجالُ دُونَ النِّساءِ، أوْ سَدَنَةُ الأصْنامِ، ﴿بِزَعْمِهِمْ﴾ أيْ: بِتَقَوُّلِهِمُ الَّذِي هو أقْرَبُ إلى الباطِلِ مِنهُ إلى الحَقِّ. ﴿وأنْعامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُها﴾ هي البَحائِرُ والسَّوائِبُ والحَوامِي، وتَقَدَّمَ تَفْسِيرُها في المائِدَةِ. ﴿وأنْعامٌ لا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْها﴾ أيْ عِنْدَ الذَّبْحِ. وقالَ أبُو وائِلٍ وجَماعَةٌ: لا يَحُجُّونَ عَلَيْها ولا يُلَبُّونَ، كانَتْ تُرْكَبُ في كُلِّ وجْهٍ إلّا في الحَجِّ. ﴿افْتِراءً عَلَيْهِ﴾ اخْتِلاقًا وكَذِبًا عَلى اللَّهِ، حَيْثُ قَسَّمُوا هَذِهِ الأنْعامَ هَذا التَّقْسِيمَ ونَسَبُوا ذَلِكَ إلى اللَّهِ، وانْتَصَبَ ﴿افْتِراءً﴾ عَلى أنَّهُ مَفْعُولٌ مِن أجْلِهِ أوْ مَصْدَرٌ عَلى إضْمارِ فِعْلٍ، أيْ يَفْتَرُونَ، أوْ مَصْدَرٌ عَلى مَعْنى وقالُوا؛ لِأنَّهُ في مَعْنى افْتَرَوْا، أوْ مَصْدَرٌ في مَوْضِعِ الحالِ. ﴿سَيَجْزِيهِمْ بِما كانُوا يَفْتَرُونَ﴾ تَهْدِيدٌ شَدِيدٌ ووَعِيدٌ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب