الباحث القرآني

﴿وكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظّالِمِينَ بَعْضًا بِما كانُوا يَكْسِبُونَ﴾ لَمّا ذَكَرَ تَعالى أنَّهُ ولِيُّ المُؤْمِنِينَ بِمَعْنى أنَّهُ يَحْفَظُهم ويَنْصُرُهم عَلى أنَّ الكافِرِينَ بَعْضُهم أوْلِياءُ بَعْضٍ في الظُّلْمِ والخِزْيِ. قالَ قَتادَةُ: يَجْعَلُ بَعْضَهم ولِيَّ بَعْضٍ في الكُفْرِ والظُّلْمِ، يُرِيدُ ما تَقَدَّمَ مِن ذِكْرِ الجِنِّ والإنْسِ واسْتِمْتاعِ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ. وقالَ قَتادَةُ أيْضًا: يَتْبَعُ بَعْضُهم بَعْضًا في دُخُولِ النّارِ، أيْ: يَجْعَلُ بَعْضَهم يَلِي بَعْضًا في الدُّخُولِ. وقالَ ابْنُ زَيْدٍ: مَعْناهُ نُسَلِّطُ ﴿بَعْضَ الظّالِمِينَ﴾ عَلى بَعْضٍ ونَجْعَلُهم أوْلِياءَ النِّقْمَةِ مِنهم، وهَذا تَأْوِيلٌ بَعِيدٌ، وحِينَ قَتَلَ عَبْدُ المَلِكِ بْنُ مَرْوانَ عَمْرَو بْنَ سَعِيدٍ الأشْدَقَ، قالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، وصَعِدَ المِنبَرَ: إنَّ فَمَ الذِّئابِ قَتَلَ لَطِيمَ الشَّيْطانِ، وتَلا ﴿وكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظّالِمِينَ﴾ الآيَةَ. وقالَ ابْنُ عَبّاسٍ: تَفْسِيرُها أنَّ اللَّهَ إذا أرادَ بِقَوْمٍ شَرًّا ولّى عَلَيْهِمْ شِرارَهم، أوْ خَيْرًا ولّى عَلَيْهِمْ خِيارَهم، وفي بَعْضِ الكُتُبِ المُنَزَّلَةِ: ”أفْنى أعْدائِي بِأعْدائِي ثُمَّ أُفْنِيهِمْ بِأوْلِيائِي“ . وقالَ إسْماعِيلُ الضَّرِيرُ: نَتْرُكُ المُشْرِكِينَ إلى بَعْضِهِمْ في النُّصْرَةِ والمَعُونَةِ والحاجَةِ. وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: نُخَلِّيهِمْ حَتّى يَتَوَلّى بَعْضُهم بَعْضًا، كَما فَعَلَ الشَّياطِينُ وغُواةُ الإنْسِ، أوْ يَجْعَلُ بَعْضَهم أوْلِياءَ بَعْضٍ يَوْمَ القِيامَةِ وقُرَناءَهم كَما كانُوا في الدُّنْيا ﴿بِما كانُوا يَكْسِبُونَ﴾ مِنَ الكُفْرِ والمَعاصِي. انْتَهى. وقَوْلُهُ نُخَلِّيهِمْ هو عَلى طَرِيقِهِ الِاعْتِزالِيِّ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب