الباحث القرآني

قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿والسَّماءَ بَنَيْناها بِأيْدٍ وإنّا لَمُوسِعُونَ﴾ ﴿والأرْضَ فَرَشْناها فَنِعْمَ الماهِدُونَ﴾ ﴿ومِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكم تَذَكَّرُونَ﴾ ﴿فَفِرُّوا إلى اللَّهِ إنِّي لَكم مِنهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ﴾ ﴿ولا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إلَهًا آخَرَ إنِّي لَكم مِنهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ﴾ ﴿كَذَلِكَ ما أتى الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ مِن رَسُولٍ إلّا قالُوا ساحِرٌ أوْ مَجْنُونٌ﴾ ﴿أتَواصَوْا بِهِ بَلْ هم قَوْمٌ طاغُونَ﴾ ﴿فَتَوَلَّ عَنْهم فَما أنْتَ بِمَلُومٍ﴾ ﴿وذَكِّرْ فَإنَّ الذِّكْرى تَنْفَعُ المُؤْمِنِينَ﴾ ﴿وما خَلَقْتُ الجِنَّ والإنْسَ إلّا لِيَعْبُدُونِ﴾ ﴿ما أُرِيدُ مِنهم مِن رِزْقٍ وما أُرِيدُ أنْ يُطْعِمُونِ﴾ ﴿إنَّ اللَّهَ هو الرَّزّاقُ ذُو القُوَّةِ المَتِينُ﴾ ﴿فَإنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوبًا مِثْلَ ذَنُوبِ أصْحابِهِمْ فَلا يَسْتَعْجِلُونِ﴾ ﴿فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِن يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ﴾ . (p-١٤٢)أيْ: وبَنَيْنا السَّماءَ، فَهو مِن بابِ الِاشْتِغالِ، وكَذا وفَرَشْنا الأرْضَ. وقَرَأ أبُو السَّمّالِ، ومُجاهِدٌ، وابْنُ مِقْسَمٍ: بِرَفْعِ السَّماءِ ورَفْعِ الأرْضِ عَلى الِابْتِداءِ. (بِأيْدٍ): أيْ بِقُوَّةٍ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ ومُجاهِدٌ قَتادَةُ، وهو كَقَوْلِهِ: ﴿داوُدَ ذا الأيْدِ﴾ [ص: ١٧] . ﴿وإنّا لَمُوسِعُونَ﴾: أيْ بِناءَها، فالجُمْلَةُ حالِيَّةٌ، أيْ بَنَيْناها مُوَسِّعُوها، كَقَوْلِهِ: جاءَ زَيْدٌ وإنَّهُ لَمُسْرِعٌ، أيْ مُسْرِعًا، فَهي بِحَيْثُ أنَّ الأرْضَ وما يُحِيطُ مِنَ الماءِ والهَواءِ كالنُّقْطَةِ وسَطَ الدّائِرَةِ. وقالَ ابْنُ زَيْدٍ قَرِيبًا مِن هَذا وهو: أنَّ الوُسْعَ راجِعٌ إلى السَّماءِ. وقِيلَ: لَمُوسِعُونَ قُوَّةً وقُدْرَةً، أيْ لَقادِرُونَ مِنَ الوُسْعِ، وهو الطّاقَةُ. وقالَ الحَسَنُ: أوْسَعَ الرِّزْقَ بِالمَطَرِ والماءِ. ﴿فَنِعْمَ الماهِدُونَ﴾، و﴿خَلَقْنا زَوْجَيْنِ﴾، قالَ مُجاهِدٌ: إشارَةٌ إلى المُتَضادّاتِ والمُتَقابِلاتِ، كاللَّيْلِ والنَّهارِ والشَّقاوَةِ والسَّعادَةِ، والهُدى والضَّلالِ، والسَّماءِ والأرْضِ، والسَّوادِ والبَياضِ، والصِّحَّةِ والمَرَضِ، والكُفْرِ والإيمانِ، ونَحْوِ ذَلِكَ، ورَجَّحَهُ الطَّبَرِيُّ بِأنَّهُ أدَلُّ عَلى القُدْرَةِ الَّتِي تُوجِدُ الضِّدَّيْنِ، بِخِلافِ ما يُفْعَلُ بِطَبْعِهِ كالتَّسْخِينِ والتَّبْرِيدِ. ومَثَّلَ الحَسَنُ بِأشْياءَ مِمّا تَقَدَّمَ وقالَ: كُلُّ اثْنَيْنِ مِنها زَوْجٌ، واللَّهُ تَعالى فَرْدٌ لا مِثْلَ لَهُ. وقالَ ابْنُ زَيْدٍ وغَيْرُهُ: (مِن كُلِّ شَيْءٍ): أيْ مِنَ الحَيَوانِ، ﴿خَلَقْنا زَوْجَيْنِ﴾: ذَكَرًا وأُنْثى. وقِيلَ: المُرادُ بِالشَّيْءِ الجِنْسُ، وما يَكُونُ تَحْتَ الجِنْسِ نَوْعانِ: فَمِن كُلِّ جِنْسٍ خَلَقَ نَوْعَيْنِ مِنَ الجَواهِرِ، مِثْلَ النّامِي والجامِدِ. ومِنَ النّامِي المُدْرِكَ والنَّباتَ، ومِنَ المُدْرِكِ النّاطِقَ والصّامِتَ، وكُلُّ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلى أنَّهُ فَرْدٌ لا كَثْرَةَ فِيهِ. (لَعَلَّكم تَذَكَّرُونَ): أيْ بِأنِّي بانِي السَّماءِ وفارِشُ الأرْضِ وخالِقُ الزَّوْجَيْنِ، تَعالى أنْ يَكُونَ لَهُ زَوْجٌ. أوْ تَذْكُرُونَ أنَّهُ لا يُعْجِزُهُ حَشْرُ الأجْسادِ وجَمْعُ الأرْواحِ. وقَرَأ أُبَيٌّ: تَتَذَكَّرُونَ، بِتاءَيْنِ وتَخْفِيفِ الذّالِ. وقِيلَ: إرادَةَ أنْ تَتَذَكَّرُوا، فَتَعْرِفُوا الخالِقَ وتَعْبُدُوهُ. ﴿فَفِرُّوا إلى اللَّهِ﴾: أمْرٌ بِالدُّخُولِ في الإيمانِ وطاعَةِ اللَّهِ، وجَعَلَ الأمْرَ بِذَلِكَ بِلَفْظِ الفِرارِ، لِيُنَبِّهَ عَلى أنَّ وراءَ النّاسِ عِقابٌ وعَذابٌ وأمْرٌ حَقُّهُ أنْ يُفَرَّ مِنهُ، فَجُمِعَتْ لَفْظَةُ فَفِرُّوا بَيْنَ التَّحْذِيرِ والِاسْتِدْعاءِ. ويَنْظُرُ إلى هَذا المَعْنى قَوْلُ النَّبِيِّ، ﷺ: «لا مَلْجَأ ولا مَنجا مِنكَ إلّا إلَيْكَ»، قالَهُ ابْنُ عَطِيَّةَ، وهو تَفْسِيرٌ حَسَنٌ. وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: إلى طاعَتِهِ وثَوابِهِ مِن مَعْصِيَتِهِ وعِقابِهِ، ووَحِّدُوهُ ولا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا. وكَرَّرَ ﴿إنِّي لَكم مِنهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ﴾، عِنْدَ الأمْرِ بِالطّاعَةِ والنَّهْيِ عَنِ الشِّرْكِ، لِيُعْلَمَ أنَّ الإيمانَ لا يَنْفَعُ إلّا مَعَ العَمَلِ، كَما أنَّ العَمَلَ لا يَنْفَعُ إلّا مَعَ الإيمانِ، وأنَّهُ لا يَفُوزُ عِنْدَ اللَّهِ إلّا الجامِعُ بَيْنَهُما. ألا تَرى إلى قَوْلِهِ: ﴿لا يَنْفَعُ نَفْسًا إيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أوْ كَسَبَتْ في إيمانِها خَيْرًا﴾ [الأنعام: ١٥٨] ؟ والمَعْنى: قُلْ يا مُحَمَّدُ فَفِرُّوا إلى اللَّهِ. انْتَهى، وهو عَلى طَرِيقِ الِاعْتِزالِ. وقَدْ رَدَدْنا عَلَيْهِ في تَفْسِيرِ ﴿لا يَنْفَعُ نَفْسًا إيمانُها﴾ [الأنعام: ١٥٨] في مَوْضِعِ هَذِهِ الآيَةِ. (كَذَلِكَ): أيْ أمْرُ الأُمَمِ السّابِقَةِ عِنْدَ مَجِيءِ الرُّسُلِ إلَيْهِمْ مِثْلُ الأمْرِ مِنَ الكُفّارِ الَّذِينَ بُعِثْتَ إلَيْهِمْ، وهو التَّكْذِيبُ. ﴿ساحِرٌ أوْ مَجْنُونٌ﴾ [الذاريات: ٣٩]: أوْ لِلتَّفْصِيلِ، أيْ قالَ بَعْضٌ ساحِرٌ، وقالَ بَعْضٌ مَجْنُونٌ، وقالَ بَعْضٌ كِلاهُما، ألا تَرى إلى قَوْمِ نُوحٍ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ لَمْ يَقُولُوا عَنْهُ إنَّهُ ساحِرٌ، بَلْ قالُوا بِهِ جِنَّةٌ، فَجَمَعُوا في الضَّمِيرِ ودَلَّتْ أوْ عَلى التَّفْصِيلِ ؟ ﴿أتَواصَوْا بِهِ﴾: أيْ بِذَلِكَ القَوْلِ، وهو تَوْقِيفٌ وتَعْجِيبٌ مِن تَوارُدِ نُفُوسِ الكَفَرَةِ عَلى تَكْذِيبِ الأنْبِياءِ، مَعَ افْتِراقِ أزْمانِهِمْ، ﴿بَلْ هم قَوْمٌ طاغُونَ﴾: أيْ لَمْ يَتَواصَوْا بِهِ، لِأنَّهم لَمْ يَكُونُوا في زَمانٍ واحِدٍ، بَلْ جَمَعَتْهم عِلَّةٌ واحِدَةٌ، وهي كَوْنُهم طُغاةً، فَهم مُسْتَعْلُونَ في الأرْضِ، مُفْسِدُونَ فِيها عاتُونَ. ﴿فَتَوَلَّ عَنْهُمْ﴾: أيْ أعْرِضْ عَنِ الَّذِينَ كَرَّرْتَ عَلَيْهِمُ الدَّعْوَةَ، (p-١٤٣)فَلَمْ يُجِيبُوا. ﴿فَما أنْتَ بِمَلُومٍ﴾: إذْ قَدْ بَلَّغْتَ ونَصَحْتَ. ﴿وذَكِّرْ فَإنَّ الذِّكْرى تَنْفَعُ المُؤْمِنِينَ﴾: تُؤَثِّرُ فِيهِمْ وفِيمَن قَدَّرَ اللَّهُ أنْ يُؤْمِنَ، وما دَلَّ عَلَيْهِ الظّاهِرُ مِنَ المُوادَعَةِ مَنسُوخٌ بِآيَةِ السَّيْفِ. وعَنْ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ وجْهَهُ: لَمّا نَزَلَ ﴿فَتَوَلَّ عَنْهُمْ﴾، حَزِنَ المُسْلِمُونَ وظَنُّوا أنَّهُ أمْرٌ بِالتَّوَلِّي عَنِ الجَمِيعِ، وأنَّ الوَحْيَ قَدِ انْقَطَعَ، نَزَلَتْ ﴿وذَكِّرْ فَإنَّ الذِّكْرى تَنْفَعُ المُؤْمِنِينَ﴾، فَسُرُّوا بِذَلِكَ. ﴿إلّا لِيَعْبُدُونِ﴾: أيْ ﴿وما خَلَقْتُ الجِنَّ والإنْسَ﴾ الطّائِعِينَ، قالَهُ زَيْدُ بْنُ أسْلَمَ وسُفْيانُ، ويُؤَيِّدُهُ رِوايَةُ ابْنِ عَبّاسٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ، ﷺ: «وما خَلَقْتُ الجِنَّ والإنْسَ مِنَ المُؤْمِنِينَ» . وقالَ عَلِيٌّ وابْنُ عَبّاسٍ: ﴿إلّا لِيَعْبُدُونِ﴾: إلّا لِأمْرِهِمْ بِعِبادَتِي، ولِيُقِرُّوا لِي بِالعِبادَةِ. فَعَبَّرَ بِقَوْلِهِ: ﴿لِيَعْبُدُونِ﴾، إذِ العِبادَةُ هي مُضَمَّنُ الأمْرِ، فَعَلى هَذا الجِنُّ والإنْسُ عامٌّ. وقِيلَ: يَحْتَمِلُ أنْ يَكُونَ المَعْنى: إلّا مُعَدِّينَ لِيَعْبُدُونِ، وكَأنَّ الآيَةَ تَعْدِيدُ نِعَمِهِ، أيْ خَلَقْتُ لَهم حَواسًّا وعُقُولًا وأجْسامًا مُنْقادَةً نَحْوَ العِبادَةِ، كَما تَقُولُ: هَذا مَخْلُوقٌ لِكَذا، وإنْ لَمْ يَصْدُرْ مِنهُ الَّذِي خُلِقَ لَهُ، كَما تَقُولُ: القَلَمُ مَبْرِيٌّ لِأنْ يُكْتَبَ بِهِ، وهو قَدْ يُكْتَبُ بِهِ وقَدْ لا يُكْتَبُ بِهِ، وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: إلّا لِأجْلِ العِبادَةِ، ولَمْ أُرِدْ مِن جَمِيعِهِمْ إلّا إيّاها. فَإنْ قُلْتَ: لَوْ كانَ مُرِيدًا لِلْعِبادَةِ مِنهم، لَكانُوا كُلُّهم عُبّادًا. قُلْتُ: إنَّما أرادَ مِنهم أنْ يَعْبُدُوهُ مُخْتارِينَ لِلْعِبادَةِ لا مُضْطَرِّينَ إلَيْها، لِأنَّهُ خَلَقَهم مُمَكَّنِينَ، فاخْتارَ بَعْضُهم تَرْكَ العِبادَةِ مَعَ كَوْنِهِ مُرِيدًا لَها، ولَوْ أرادَها عَلى القَسْرِ والإلْجاءِ لَوُجِدَتْ مِن جَمِيعِهِمْ. انْتَهى، وهو عَلى طَرِيقَةِ الِاعْتِزالِ. وقالَ مُجاهِدٌ: ﴿إلّا لِيَعْبُدُونِ﴾: لِيَعْرِفُونِ. وقالَ ابْنُ زَيْدٍ: لِأحْمِلَهم في العِبادَةِ عَلى الشَّقاوَةِ والسَّعادَةِ. وقالَ الرَّبِيعُ بْنُ أنَسٍ: إلّا لِلْعِبادَةِ، قالَ: وهو ظاهِرُ اللَّفْظِ. وقِيلَ: إلّا لِيَذِلُّوا لِقَضائِي. وقالَ الكَلْبِيُّ: إلّا لِيُوَحِّدُونِ، فالمُؤْمِنُ يُوَحِّدُهُ في الشِّدَّةِ والرَّخاءِ، والكافِرُ في الشِّدَّةِ. وقالَ عِكْرِمَةُ: لِيُطِيعُونِ فَأُثِيبَ العابِدَ، وأُعاقِبَ الجاحِدَ. وقالَ مُجاهِدٌ أيْضًا: إلّا لِلْأمْرِ والنَّهْيِ. ﴿ما أُرِيدُ مِنهم مِن رِزْقٍ﴾: أيْ أنْ يَرْزُقُوا أنْفُسَهم ولا غَيْرَهم. ﴿وما أُرِيدُ أنْ يُطْعِمُونِ﴾: أيْ أنْ يُطْعِمُوا خَلْقِي، فَهو عَلى حَذْفِ مُضافٍ، فالإضافَةُ إلى الضَّمِيرِ تَجُوزُ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ. وقِيلَ: ﴿أنْ يُطْعِمُونِ﴾: أنْ يَنْفَعُونِ، فَذَكَرَ جُزْءًا مِنَ المَنافِعِ وجَعَلَهُ دالًّا عَلى الجَمِيعِ. وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: يُرِيدُ إنَّ شَأْنِي مَعَ عِبادِي لَيْسَ كَشَأْنِ السّادَةِ مَعَ عَبِيدِهِمْ، لِأنَّ مُلّاكَ العَبِيدِ إنَّما يَمْلِكُونَهم لِيَسْتَعِينُوا في تَحْصِيلِ مَعايِشِهِمْ وأرْزاقِهِمْ بِهِمْ؛ فَإمّا مُجَهَّزٌ في تِجارَةٍ يَبْغِي رِبْحًا، أوْ مُرَتَّبٌ في فِلاحَةٍ لِيَقْتُلَ أرْضًا، أوْ مُسَلَّمٌ في حِرْفَةٍ لِيَنْتَفِعَ بِأُجْرَتِهِ، أوْ مُحْتَطِبٌ، أوْ مُحْتَشٌّ، أوْ مُسْتَقٍ، أوْ طابِخٌ، أوْ خابِزٌ، أوْ ما أشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الأعْمالِ والمِهَنِ الَّتِي تُصْرَفُ في أسْبابِ المَعِيشَةِ وأبْوابِ الرِّزْقِ. فَأمّا مالِكُ مُلّاكِ العَبِيدِ فَقالَ لَهم: اشْتَغِلُوا بِما يُسْعِدُكم في أنْفُسِكم، ولا أُرِيدُ أنْ أصْرِفَكم في تَحْصِيلِ رِزْقِي ولا رِزْقِكم، وأنا غَنِيٌّ عَنْكم وعَنْ مَرافِقِكم، ومُتَفَضِّلٌ عَلَيْكم بِرِزْقِكم وبِما يُصْلِحُكم ويُعَيِّشُكم مِن عِنْدِي، فَما هو إلّا أنا وحْدِي. انْتَهى، وهو تَكْثِيرٌ وخَطابَةٌ. وقَرَأ ابْنُ مُحَيْصِنٍ: (الرَّزّاقُ)، كَما قَرَأ: ﴿وفِي السَّماءِ﴾ [الذاريات: ٢٢]: اسْمُ فاعِلٍ، وهي قِراءَةُ حُمَيْدٍ. وقَرَأ الأعْمَشُ، وابْنُ وثّابٍ: ﴿القُوَّةِ المَتِينُ﴾ بِالجَرِّ، صِفَةً لِلْقُوَّةِ عَلى مَعْنى الِاقْتِدارِ، قالَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ، أوْ كَأنَّهُ قالَ: ذُو الأيْدِ، وأجازَ أبُو الفَتْحِ أنْ تَكُونَ صِفَةً لَذُو وخُفِضَ عَلى الجِوارِ، كَقَوْلِهِمْ: هَذا جُحْرُ ضَبٍّ خَرِبٍ. ﴿فَإنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا﴾: هم أهْلُ مَكَّةَ وغَيْرُهم مِنَ الكُفّارِ الَّذِينَ كَذَّبُوا الرَّسُولَ، ﷺ، ذَنُوبًا: أيْ حَظًّا ونَصِيبًا، ﴿مِثْلَ ذَنُوبِ أصْحابِهِمْ﴾: مِنَ الأُمَمِ السّابِقَةِ الَّتِي كَذَّبَتِ الرُّسُلَ في الإهْلاكِ والعَذابِ. وعَنْ قَتادَةَ: سَجْلًا مِن عَذابِ اللَّهِ مِثْلَ سَجْلِ أصْحابِهِمْ. وقالَ الجَوْهَرِيُّ: الذَّنُوبُ: الدَّلْوُ المَلْأى ماءً، ولا يُقالُ لَها ذَنُوبٌ وهي فارِغَةٌ وجَمْعُها العَدَدُ، وفي الكَثِيرِ ذَنائِبُ. والذَّنُوبُ: الفَرَسُ الطَّوِيلُ الذَّنَبِ، والذَّنُوبُ: النَّصِيبُ، والذَّنُوبُ: لَحْمٌ أسْفَلَ المَتْنِ. وقالَ ابْنُ الأعْرابِيِّ: يُقالُ يَوْمٌ ذَنُوبٌ: أيْ طَوِيلُ الشَّرِّ لا يَنْقَضِي. ﴿فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِن يَوْمِهِمُ﴾، قِيلَ: يَوْمُ بَدْرٍ. وقِيلَ: (p-١٤٤)يَوْمُ القِيامَةِ ﴿الَّذِي يُوعَدُونَ﴾: أيْ بِهِ، أوْ يُوعَدُونَهُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب