الباحث القرآني
﴿لَوْلا يَنْهاهُمُ الرَّبّانِيُّونَ والأحْبارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الإثْمَ وأكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ ما كانُوا يَصْنَعُونَ﴾ لَوْلا: تَحْضِيضٌ يَتَضَمَّنُ تَوْبِيخَ العُلَماءِ والعِبادِ عَلى سُكُوتِهِمْ عَنِ النَّهْيِ عَنْ مَعاصِي اللَّهِ تَعالى والأمْرِ بِالمَعْرُوفِ. وقالَ العُلَماءُ: ما في القُرْآنِ آيَةٌ أشَدُّ تَوْبِيخًا مِنها لِلْعُلَماءِ؛ وقالَ الضَّحّاكُ: ما في القُرْآنِ أخْوَفُ مِنها، ونَحْوُهُ ابْنُ عَبّاسٍ. والإثْمُ هُنا ظاهِرُهُ الكُفْرُ، أوْ يُرادُ بِهِ سائِرُ أقْوالِهِمُ الَّتِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْها الإثْمُ؛ وقَرَأ الجَرّاحُ وأبُو واقِدٍ: الرِّبِّيُّونَ؛ مَكانَ الرَّبّانِيُّونَ، وابْنُ عَبّاسٍ: بِئْسَ ما كانُوا يَصْنَعُونَ؛ بِغَيْرِ لامِ قَسَمٍ. والظّاهِرُ أنَّ الضَّمِيرَ في كانُوا عائِدٌ عَلى الرَّبّانِيِّينَ والأحْبارِ، إذْ هُمُ المُحَدَّثُ عَنْهم والمُوَبَّخُونَ بِعَدَمِ النَّهْيِ. قالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: كُلُّ عامِلٍ لا يُسَمّى صانِعًا، ولا كُلُّ عَمَلٍ يُسَمّى صِناعَةً حَتّى يَتَمَكَّنَ فِيهِ ويَتَدَرَّبَ ويُنْسَبَ إلَيْهِ، وكانَ المَعْنى في ذَلِكَ: إنَّ مُواقِعَ المَعْصِيَةِ مَعَهُ الشَّهْوَةُ الَّتِي تَدْعُوهُ إلَيْها وتَحْمِلُهُ عَلى ارْتِكابِها، وأمّا الَّذِي يَنْهاهُ فَلا شَهْوَةَ مَعَهُ في فِعْلِ غَيْرِهِ، فَإذا أفْرَطَ في الإنْكارِ كانَ أشَدَّ حالًا مِنَ المُواقِعِ، وظَهَرَ بِذَلِكَ الفَرْقُ بَيْنَ ذَمِّ مُتَعاطِي الذَّنْبِ، وبَيْنَ تارِكِ النَّهْيِ عَنْهُ، حَيْثُ جَعَلَ ذَلِكَ عَمَلًا وهَذا صِناعَةً. وقَدْ يُقالُ: إنَّهُ غايَرَ في ذَلِكَ لِتَفَنُّنِ الفَصاحَةِ، ولِتَرْكِ تَكْرارِ اللَّفْظِ. وفي الحَدِيثِ: (ما مِن رَجُلٍ يُجاوِرُ قَوْمًا فَيَعْمَلُ بِالمَعاصِي بَيْنَ ظَهْرانَيْهِمْ فَلا يَأْخُذُونَ عَلى يَدَيْهِ إلّا أوْشَكَ أنْ يَعُمَّهُمُ اللَّهُ مِنهُ بِعِقابٍ) وأُوحِيَ إلى يُوشَعَ بِهَلاكِ أرْبَعِينَ ألْفًا مِن خِيارِ قَوْمِهِ، وسِتِّينَ ألْفًا مِن شِرارِهِمْ؛ فَقالَ: يا رَبِّ ما بالُ الأخْيارِ ؟ فَقالَ: إنَّهم لَمْ يَغْضَبُوا لِغَضَبِي، وواكَلُوهم وشارَبُوهم. وقالَ مالِكُ بْنُ دِينارٍ: أوْحى اللَّهُ إلى المَلائِكَةِ أنْ عَذِّبُوا قَرْيَةَ كَذا، فَقالَتِ المَلائِكَةُ: إنَّ فِيها عَبْدَكَ العابِدَ فَقالَ: أسْمِعُونِي ضَجِيجَهُ، فَإنَّهُ لَمْ يَتَمَعَّرْ وجْهُهُ؛ أيْ: لَمْ يَحْمَرَّ غَضَبًا. وكَتَبَ بَعْضُ العُلَماءِ إلى عابِدٍ تَزَهَّدَ وانْقَطَعَ في البادِيَةِ: إنَّكَ تَرَكْتَ المَدِينَةَ مُهاجَرَ رَسُولِ اللَّهِ، ﷺ، ومَهْبِطَ وحْيِهِ وآثَرْتَ البَداوَةَ؛ فَقالَ: كَيْفَ لا أتْرُكُ مَكانًا أنْتَ رَئِيسُهُ، وما رَأيْتُ وجْهَكَ تَمَعَّرَ في ذاتِ اللَّهِ قَطُّ يَوْمًا. أوْ كَلامًا هَذا مَعْناهُ أوْ قَرِيبٌ مِن مَعْناهُ. وأمّا زَمانُنا هَذا وعُلَماؤُنا وعُبّادُنا فَحالُهم مَعْرُوفٌ فِيهِ، ولَمْ نَرَ في أعْصارِنا مَن يُقارِبُ السَّلَفَ في ذَلِكَ غَيْرَ رَجُلٍ واحِدٍ وهو أُسْتاذُنا أبُو جَعْفَرِ بْنُ الزُّبَيْرِ، فَإنَّ لَهُ مَقاماتٍ في ذَلِكَ مَعَ مُلُوكِ بِلادِهِ ورُؤَسائِهِمْ حُمِدَتْ فِيها آثارُهُ، فَفي بَعْضِها ضُرِبَ ونُهِبَتْ أمْوالُهُ وخُرِّبَتْ دِيارُهُ، وفي بَعْضِها أنْجاهُ مِنَ المَوْتِ فِرارُهُ، وفي بَعْضِها جُعِلَ السِّجْنُ قَرارَهُ.
{"ayah":"لَوۡلَا یَنۡهَىٰهُمُ ٱلرَّبَّـٰنِیُّونَ وَٱلۡأَحۡبَارُ عَن قَوۡلِهِمُ ٱلۡإِثۡمَ وَأَكۡلِهِمُ ٱلسُّحۡتَۚ لَبِئۡسَ مَا كَانُوا۟ یَصۡنَعُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق