الباحث القرآني
﴿يا أيُّها الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ في الكُفْر مِنَ الَّذِينَ قالُوا آمَنّا بِأفْواهِهِمْ ولَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهم ومِنَ الَّذِينَ هادُوا سَمّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الكَلِمَ مِن بَعْدِ مَواضِعِهِ يَقُولُونَ إنْ أُوتِيتُمْ هَذا فَخُذُوهُ وإنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فاحْذَرُوا ومَن يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهم لَهم في الدُّنْيا خِزْيٌ ولَهم في الآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ﴾ ﴿سَمّاعُونَ لِلْكَذِبِ أكّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإنْ جاءُوكَ فاحْكم بَيْنَهم أوْ أعْرِضْ عَنْهم وإنْ تُعْرِضْ عَنْهم فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئًا وإنْ حَكَمْتَ فاحْكم بَيْنَهم بِالقِسْطِ إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُقْسِطِينَ﴾ [المائدة: ٤٢] ﴿وكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وعِنْدَهُمُ التَّوْراةُ فِيها حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِن بَعْدِ ذَلِكَ وما أُولَئِكَ بِالمُؤْمِنِينَ﴾ [المائدة: ٤٣] ﴿إنّا أنْزَلْنا التَّوْراةَ فِيها هُدًى ونُورٌ يَحْكُمُ بِها النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أسْلَمُوا لِلَّذِينَ هادُوا والرَّبّانِيُّونَ والأحْبارُ بِما اسْتُحْفِظُوا مِن كِتابِ اللَّهِ وكانُوا عَلَيْهِ شُهَداءَ فَلا تَخْشَوُا النّاسَ واخْشَوْنِ ولا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَنًا قَلِيلًا ومَن لَمْ يَحْكم بِما أنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الكافِرُونَ﴾ [المائدة: ٤٤] ﴿وكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ والعَيْنَ بِالعَيْنِ والأنْفَ بِالأنْفِ والأُذُنَ بِالأُذُنِ والسِّنَّ بِالسِّنِّ والجُرُوحَ قِصاصٌ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهو كَفّارَةٌ لَهُ ومَن لَمْ يَحْكم بِما أنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظّالِمُونَ﴾ [المائدة: ٤٥] ﴿وقَفَّيْنا عَلى آثارِهِمْ بِعِيسى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ وآتَيْناهُ الإنْجِيلَ فِيهِ هُدًى ونُورٌ ومُصَدِّقًا لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ وهُدًى ومَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ﴾ [المائدة: ٤٦] ﴿ولْيَحْكم أهْلُ الإنْجِيلِ بِما أنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ ومَن لَمْ يَحْكم بِما أنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الفاسِقُونَ﴾ [المائدة: ٤٧] ﴿وأنْزَلْنا إلَيْكَ الكِتابَ بِالحَقِّ مُصَدِّقًا لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الكِتابِ ومُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فاحْكم بَيْنَهم بِما أنْزَلَ اللَّهُ ولا تَتَّبِعْ أهْواءَهم عَمّا جاءَكَ مِنَ الحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنكم شِرْعَةً ومِنهاجًا ولَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكم أُمَّةً واحِدَةً ولَكِنْ لِيَبْلُوَكم في ما آتاكم فاسْتَبِقُوا الخَيْراتِ إلى اللَّهِ مَرْجِعُكم جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكم بِما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ﴾ [المائدة: ٤٨] السَّحْتُ والسُّحُتُ، بِسُكُونِ الحاءِ وضَمِّها: الحَرامُ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأنَّهُ يُسْحِتُ البَرَكَةَ؛ أيْ: يُذْهِبُها. يُقالُ: سَحَتَهُ اللَّهُ؛ أيْ: أهْلَكَهُ، ويُقالُ: أسْحَتَهُ، وقُرِئَ بِهِما في قَوْلِهِ: ﴿فَيُسْحِتَكم بِعَذابٍ﴾ [طه: ٦١] أيْ: يَسْتَأْصِلَكم يُهْلِكَكم، ومِنهُ قَوْلُ الفَرَزْدَقِ:
؎وعَضُّ زَمانٌ يا بْنَ مَرْوانَ لَمْ يَدَعْ مِنَ المالِ إلّا مُسْحَتًا أوْ مُجَلَّفُ
ومَصْدَرُ الثُّلاثِيِّ سَحَتٌ بِفَتْحَتَيْنِ، وسَحْتُ بِإسْكانِ الحاءِ. وقالَ الفَرّاءُ: أصْلُ السُّحْتِ كَلْبُ الجُوعِ (p-٤٨٦)ويُقالُ: فُلانٌ مَسْحُوتُ المَعِدَةِ إذا كانَ لا يُلْقى أبَدًا إلّا خائِفًا، وهو راجِعٌ لِمَعْنى الهَلاكِ.
الحَبْرُ: بِفَتْحِ الحاءِ وكَسْرِها، العالِمُ؛ وجَمْعُهُ الأحْبارُ. وكانَ أبُو عُبَيْدٍ يُنْكِرُ ذَلِكَ ويَقُولُ: هو بِفَتْحِ الحاءِ. وقالَ الفَرّاءُ: هو بِالكَسْرِ، واخْتارَ أبُو عُبَيْدٍ الفَتْحَ. وتُسَمّى هَذِهِ السُّورَةُ سُورَةَ الأحْبارِ، ويُقالُ: كَعْبُ الأحْبارِ. والحِبْرُ، بِالكَسْرِ، الَّذِي يُكْتَبُ بِهِ، ويُنْسَبُ إلَيْهِ الحِبْرِيُّ الحَبّارُ. ويُقالُ: كُتُبُ الحِبْرِ، لِمَكانِ الحِبْرِ الَّذِي يُكْتَبُ بِهِ، وسُمِّيَ حِبْرًا لِتَحْسِينِهِ الخَطَّ وتَبْيِينِهِ إيّاهُ. وقِيلَ: سُمِّيَ حِبْرًا لِتَأْثِيرِهِ في المَوْضِعِ الَّذِي يَكُونُ بِهِ مِنَ الحَبّارِ وهو الأثَرُ.
العَيْنُ: حاسَّةُ الرُّؤْيَةِ وهي مُؤَنَّثَةٌ، وتُجْمَعُ في القِلَّةِ عَلى أعْيُنٍ وأعْيانٍ، وفي الكَثْرَةِ عَلى عُيُونٍ. وقالَ الشّاعِرُ:
؎ولَكِنَّنِي أغْدُو عَلَيَّ مُفاضَةٌ ∗∗∗ دِلاصٌ كَأعْيانِ الجَرادِ المُنَظَّمِ
ويُقالُ لِلْجاسُوسِ: ذُو العَيْنَيْنِ، والعَيْنُ لَفْظٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ مَعانٍ كَثِيرَةٍ ذَكَرَها اللُّغَوِيُّونَ. الأنْفُ: مَعْرُوفٌ؛ والجَمْعُ آنافٌ وآنُفٌ وأُنُوفٌ.
المُهَيْمِنُ: الشّاهِدُ الرَّقِيبُ عَلى الشَّيْءِ الحافِظُ لَهُ، وهو اسْمُ فاعِلٍ مِن هَيْمَنَ؛ قالُوا: ولَمْ يَجِئْ عَلى هَذا الوَزْنِ إلّا خَمْسَةُ ألْفاظٍ: هَيْمَنَ، وسَيْطَرَ، وبَيْطَرَ، وحَيْمَرَ، وبَيْقَرَ، ذَكَرَ هَذا الخامِسَ الزَّجّاجِيُّ في شَرْحِهِ خُطْبَةَ أدَبِ الكاتِبِ، ومَعْناهُ: سارَ مِنَ الحِجازِ إلى اليَمَنِ، ومِن أُفُقٍ إلى أُفُقٍ. وهَيْمَنَ بِنا أصْلٌ. وذَهَبَ بَعْضُ اللُّغَوِيِّينَ إلى أنَّ مُهَيْمِنًا اسْمُ فاعِلٍ مِن أمَّنَ غَيْرَهُ مِنَ الخَوْفِ، قالَ: فَأصْلُهُ مَأْمَنٌ، قُلِبَتِ الهَمْزَةُ الثّانِيَةُ ياءً، كَراهَةَ اجْتِماعِ الهَمْزَتَيْنِ فَصارَ مُؤَيْمِنٌ، ثُمَّ أُبْدِلَتِ الهَمْزَةُ الأُولى هاءً، كَما قالُوا: أهْراقَ في أراقَ، وهِيّاكَ في إيّاكَ، وهَذا تَكَلُّفٌ لا حاجَةَ إلَيْهِ، وقَدْ ثَبَتَ نَظِيرُ هَذا الوَزْنِ في ألْفاظٍ فَيَكُونُ هَذا مِنها. وأيْضًا فالهَمْزَةُ في مُؤْمِنٍ - اسْمُ فاعِلٍ مِن آمَنَ - قَدْ سَقَطَتْ كَراهَةَ اجْتِماعِ الهَمْزَتَيْنِ، فَلا يُدَّعى أنَّها أُقِرَّتْ وأُبْدِلَ مِنها. وأمّا ما ذَهَبَ إلَيْهِ ابْنُ قُتَيْبَةَ مِن أنَّهُ تَصْغِيرُ مُؤْمِنٍ، وأُبْدِلَتْ هَمْزَتُهُ هاءً، فَقَدْ كَتَبَ إلَيْهِ أبُو العَبّاسِ المُبَرِّدُ يُحَذِّرُهُ مِن هَذا القَوْلِ. واعْلَمْ أنَّ أسْماءَ اللَّهِ تَعالى لا تُصَغَّرُ. الشِّرْعَةُ: السُّنَّةُ والطَّرِيقَةُ؛ شَرَعَ يَشْرَعُ شَرْعًا؛ أيْ: سَنَّ، والشّارِعُ الطَّرِيقُ الأعْظَمُ، ومَنزِلٌ شارِعٌ: إذا كانَ بابُهُ قَدْ شَرَعَ إلى طَرِيقٍ نافِذٍ. المِنهاجُ والمَنهَجُ: الطَّرِيقُ الواضِحُ، ونَهَجَ الأمْرُ اسْتَبانَ، ونَهَجْتُ الطَّرِيقَ أبَنْتُهُ وأوْضَحْتُهُ، ونَهَجْتُ الطَّرِيقَ سَلَكْتُهُ.
﴿ياأيُّها الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ في الكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قالُوا آمَنّا بِأفْواهِهِمْ ولَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ﴾ رُوِيَ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ وابْنِ عَبّاسٍ وجَماعَةٍ: أنَّ سَبَبَ نُزُولِها «أنَّ يَهُودِيًّا زَنى بِيَهُودِيَّةٍ، قِيلَ: بِالمَدِينَةِ. وقِيلَ: بِغَيْرِها مِن أرْضِ الحِجازِ، فَسَألُوا الرَّسُولَ، ﷺ، وطَمِعُوا أنْ يَكُونَ غَيْرَ الرَّجْمِ حَدُّهُما، وكانَ في التَّوْراةِ رَجْمٌ، فَأنْكَرُوا ذَلِكَ أنْ يَكُونَ في التَّوْراةِ وافْتَضَحُوا إذْ أحْضَرُوها، وحَكَمَ الرَّسُولُ فِيهِما بِالرَّجْمِ وأنْفَذَهُ» . وقالَ قَتادَةُ: السَّبَبُ أنَّ بَنِي النَّضِيرِ كانُوا إذا غَزَوْا بَنِي قُرَيْظَةَ، فَإنْ قَتَلَ قُرَظِيٌّ نَضِيرِيًّا قُتِلَ بِهِ، أوْ نَضِيرِيٌّ قُرَظِيًّا أعْطى الدِّيَةَ. وقِيلَ: كانَتْ دِيَةُ القُرَظِيِّ عَلى نِصْفِ دِيَةِ النَّضِيرِيِّ، فَلَمّا جاءَ الرَّسُولُ المَدِينَةَ طَلَبَتْ قُرَيْظَةُ الِاسْتِواءَ لِأنَّهُما ابْنا عَمٍّ، وطَلَبَتِ الحُكُومَةُ إلى الرَّسُولِ، ﷺ، فَقالَتْ بَنُو النَّضِيرِ: إنْ حَكَمَ بِما نَحْنُ عَلَيْهِ فَخُذُوهُ، وإلّا فاحْذَرُوا. وقالَ السُّدِّيُّ: نَزَلَتْ في رَجُلٍ مِنَ الأنْصارِ وهَذا بَعِيدٌ مِن مَساقِ الآيَةِ. وذَكَرُوا أنَّ هَذا الرَّجُلَ هو أبُو لُبابَةَ بْنُ عَبْدِ المُنْذِرِ، أشارَتْ إلَيْهِ قُرَيْظَةُ يَوْمَ حَصْرِهِمْ عَلامَ يُنْزَلُ مِنَ الحُكْمِ، فَأشارَ إلى حَلْقِهِ بِمَعْنى أنَّهُ الذَّبْحُ. وقالَ الشَّعْبِيُّ: نَزَلَتْ في قَوْمٍ مِنَ اليَهُودِ قَتَلَ واحِدٌ مِنهم آخَرَ، فَكَلَّفُوا رَجُلًا مِنَ المُسْلِمِينَ أنْ يَسْألَ الرَّسُولَ قالُوا: فَإنْ أفْتى بِالدِّيَةِ قَبِلْنا، وإنْ أفْتى بِالقَتْلِ لَمْ نَقْبَلْ. وهَذا نَحْوٌ مَن قَوْلِ قَتادَةَ في النَّضِيرِ وقُرَيْظَةَ.
ومُناسَبَةُ هَذِهِ الآيَةِ لِما قَبْلَها أنَّهُ تَعالى لَمّا بَيَّنَ أحْكامَ الحِرابَةِ والسَّرِقَةِ، وكانَ في ذِكْرِ المُحارِبِينَ أنَّهم يُحارِبُونَ اللَّهَ ورَسُولَهُ ويَسْعَوْنَ في (p-٤٨٧)الأرْضِ فَسادًا، أمَرَهُ تَعالى أنْ لا يَحْزَنَ ولا يَهْتَمَّ بِأمْرِ المُنافِقِينَ وأمْرِ اليَهُودِ مِن تَعَنُّتِهِمْ وتَرَبُّصِهِمْ بِهِ وبِمَن مَعَهُ الدَّوائِرَ ونَصْبِهِمْ لَهُ حَبائِلَ المَكْرُوهِ، وما يَحْدُثُ لَهم مِنَ الفَسادِ في الأرْضِ. ونَصْبِ المُحارَبَةِ لِلَّهِ ولِرَسُولِهِ وغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الرَّذائِلِ الصّادِرَةِ عَنْهم. ونِداؤُهُ تَعالى لَهُ: يا أيُّها الرَّسُولُ هُنا، وفي ﴿ياأيُّها الرَّسُولُ بَلِّغْ﴾ [المائدة: ٦٧] ويا أيُّها النَّبِيُّ في مَواضِعَ، تَشْرِيفٌ وتَعْظِيمٌ وتَفْخِيمٌ لِقَدْرِهِ، ونادى غَيْرَهُ مِنَ الأنْبِياءِ بِاسْمِهِ فَقالَ: ﴿ياآدَمُ اسْكُنْ﴾ [البقرة: ٣٥] و﴿يانُوحُ اهْبِطْ﴾ [هود: ٤٨]، ﴿ياإبْراهِيمُ﴾ [الصافات: ١٠٤] ﴿قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا﴾ [الصافات: ١٠٥]، ﴿يامُوسى إنِّي اصْطَفَيْتُكَ﴾ [الأعراف: ١٤٤]، ﴿ياعِيسى إنِّي مُتَوَفِّيكَ﴾ [آل عمران: ٥٥]، ﴿يايَحْيى خُذِ الكِتابَ﴾ [مريم: ١٢] . وقالَ مُجاهِدٌ وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَثِيرٍ: ﴿مِنَ الَّذِينَ قالُوا آمَنّا بِأفْواهِهِمْ ولَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ﴾، هُمُ اليَهُودُ المُنافِقُونَ، وسَمّاعُونَ لِلْكَذِبِ هُمُ اليَهُودُ. والمَعْنى عَلى هَذا: لا تَهْتَمَّ بِمُسارَعَةِ المُنافِقِينَ في الكُفْرِ واليَهُودِ بِإظْهارِ ما يَلُوحُ لَهم مِن آثارِ الكُفْرِ وهو كَيْدُهم لِلْإسْلامِ وأهْلِهِ، فَإنَّ اللهَ ناصِرُكَ عَلَيْهِمْ، ويُقالُ: أسْرَعَ فِيهِ السَّبَبُ، وأسْرَعَ فِيهِ الفَسادُ، إذا وقَعَ فِيهِ سَرِيعًا؛ ومُسارَعَتُهم في الكُفْرِ: وُقُوعُهم وتَهافُتُهم فِيهِ أسْرَعُ شَيْءٍ إذا وجَدُوا فُرْصَةً لَمْ يُخْطِئُوها، وتَكُونُ مِنَ الأُولى والثّانِيَةِ عَلى هَذا تَنْبِيهًا وتَقْسِيمًا لِلَّذِينِ يُسارِعُونَ في الكُفْرِ، ويَكُونُ سَمّاعُونَ خَبَرَ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ؛ أيْ: هم سَمّاعُونَ، والضَّمِيرُ عائِدٌ عَلى المُنافِقِينَ وعَلى اليَهُودِ؛ ويَدُلُّ عَلى هَذا المَعْنى قِراءَةُ الضَّحّاكِ: سَمّاعِينَ، وانْتِصابُهُ عَلى الذَّمِّ نَحْوَ قَوْلِهِ:
؎أقارِعُ عَوْفٍ لا أُحاوِلُ غَيْرَها ∗∗∗ وُجُوهُ قُرُودٍ تَبْتَغِي مَن تُخادِعُ
ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ: ﴿ومِنَ الَّذِينَ هادُوا﴾ اسْتِئْنافًا، وسَمّاعُونَ مُبْتَدَأٌ وهُمُ اليَهُودُ، وبِأفْواهِهِمْ مُتَعَلِّقٌ بِقالُوا لا بِآمَنّا؛ والمَعْنى: أنَّهم لَمْ يُجاوِزْ قَوْلُهم أفْواهَهم، إنَّما نَطَقُوا بِالإيمانِ خاصَّةً دُونَ اعْتِقادٍ. وقالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: ويَحْتَمِلُ أنْ يَكُونَ المَعْنى: لا يَحْزُنْكَ المُسارِعُونَ في الكُفْرِ مِنَ اليَهُودِ، وصَفَهم بِأنَّهم قالُوا: آمَنّا؛ بِأفْواهِهِمْ ولَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهم إلْزامًا مِنهم ذَلِكَ مِن حَيْثُ حَرَّفُوا تَوْراتَهم وبَدَّلُوا أحْكامَها، فَهم يَقُولُونَ بِأفْواهِهِمْ: نَحْنُ مُؤْمِنُونَ بِالتَّوْراةِ وبِمُوسى، وقُلُوبُهم غَيْرُ مُؤْمِنَةٍ مِن حَيْثُ بَدَّلُوا وجَحَدُوا ما فِيها مِن نُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ، ﷺ، وغَيْرُ ذَلِكَ مِمّا يُنْكِرُونَهُ. ويُؤَيِّدُ هَذا التَّأْوِيلَ قَوْلُهُ تَعالى بَعْدَ هَذا ﴿وما أُولَئِكَ بِالمُؤْمِنِينَ﴾ [المائدة: ٤٣] ويَجِيءُ عَلى هَذا التَّأْوِيلِ قَوْلُهُ: مِنَ الَّذِينَ قالُوا كَأنَّهُ قالَ: ومِنهم، ولَكِنْ صَرَّحَ بِذِكْرِ اليَهُودِ مِن حَيْثُ الطّائِفَةُ السَّمّاعَةُ غَيْرُ الطّائِفَةِ الَّتِي تُبَدِّلُ التَّوْراةَ عَلى عِلْمٍ مِنها. انْتَهى. وهو احْتِمالٌ بَعِيدٌ مُتَكَلَّفٌ، وسَمّاعُونَ مِن صِفاتِ المُبالَغَةِ، ولا يُرادُ بِهِ حَقِيقَةُ السَّماعِ إلّا إنْ كانَ لِلْكَذِبِ مَفْعُولًا مِن أجْلِهِ، ويَكُونُ المَعْنى: إنَّهم سَمّاعُونَ مِنكَ أقْوالَكَ مِن أجْلِ أنْ يَكْذِبُوا عَلَيْكَ، ويَنْقُلُونَ حَدِيثَكَ، ويَزِيدُونَ مَعَ الكَلِمَةِ أضْعافَها كَذِبًا. وإنْ كانَ لِلْكَذِبِ مَفْعُولًا بِهِ لِقَوْلِهِ: سَمّاعُونَ، وعُدِّيَ بِاللّامِ عَلى سَبِيلِ التَّقْوِيَةِ لِلْعامِلِ، فَمَعْنى السَّماعِ هُنا قَبُولُهم ما يَفْتَرِيهِ أحْبارُهم ويَخْتَلِقُونَهُ مِنَ الكَذِبِ عَلى اللَّهِ وتَحْرِيفَ كِتابِهِ مِن قَوْلِهِمُ: المَلِكُ يَسْمَعُ كَلامَ فُلانٍ، ومِنهُ ”سَمِعَ اللَّهُ لِمَن حَمِدَهُ“ وتَقَدَّمَ ذِكْرُ الخِلافِ في قِراءَةِ يَحْزُنْكَ ثُلاثِيًا وُرُباعِيًّا. وقَرَأ السُّلَمِيُّ: يُسْرِعُونَ، بِغَيْرِ ألِفٍ، مِن أسْرَعَ. وقَرَأ الحَسَنُ وعِيسى بْنُ عُمَرَ: لِلْكِذْبِ، بِكَسْرِ الكافِ وسُكُونِ الذّالِ. وقَرَأ زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ: الكُذُبُ، بِضَمِّ الكافِ والذّالِ، جَمْعُ كَذُوبٍ، نَحْوَ صَبُورٍ وصُبُرٍ؛ أيْ: سَمّاعُونَ لِكَذِبِ الكُذُبِ.
* * *
﴿سَمّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ﴾ فَيَحْتَمِلُ أنْ يَكُونَ المَعْنى: سَمّاعُونَ لِكَذِبِ قَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ؛ أيْ: كَذِبُهم، والَّذِينَ لَمْ يَأْتُوهُ يَهُودُ فَدَكَ. وقِيلَ: يَهُودُ خَيْبَرَ. وقِيلَ: أهْلُ الرَّأْيَيْنِ. وقِيلَ: أهْلُ الخِصامِ في القَتْلِ والدِّيَةِ. ويَحْتَمِلُ أنْ يَكُونَ المَعْنى: سَمّاعُونَ لِأجْلِ قَوْمٍ آخَرِينَ؛ أيْ: هم عُيُونٌ لَهم وجَواسِيسُ؛ يَسْمَعُونَ مِنكَ ويَنْقُلُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ، وهَذا الوَصْفُ يُمْكِنُ أنْ يَتَّصِفَ بِهِ المُنافِقُونَ، ويَهُودُ المَدِينَةِ. وقِيلَ: السَّمّاعُونَ بَنُو قُرَيْظَةَ، والقَوْمُ الآخَرُونَ يَهُودُ خَيْبَرَ. وقِيلَ لِسُفْيانَ بْنِ عُيَيْنَةَ: هَلْ جَرى ذِكْرُ الجاسُوسِ في كِتابِ اللَّهِ ؟ فَقالَ: نَعَمْ. وتَلا هَذِهِ الآيَةَ (p-٤٨٨)سَمّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ، لَمْ يَأْتُوكَ: صِفَةٌ لِقَوْمٍ آخَرِينَ. ومَعْنى لَمْ يَأْتُوكَ: لَمْ يَصِلُوا إلى مَجْلِسِكَ وتَجافَوْا عَنْكَ لِما فَرَطَ مِنهم مَن شِدَّةِ العَداوَةِ والبَغْضاءِ، فَعَلى هَذا الظّاهِرُ أنَّ المَعْنى: هم قائِلُونَ مِنَ الأحْبارِ كَذِبُهم وافْتِراؤُهم، ومِن أُولَئِكَ المُفْرِطِينَ في العَداوَةِ الَّذِينَ لا يَقْدِرُونَ أنْ يَنْظُرُوا إلَيْكَ.
﴿يُحَرِّفُونَ الكَلِمَ مِن بَعْدِ مَواضِعِهِ﴾ قُرِئَ الكَلِمُ، بِكَسْرِ الكافِ وسُكُونِ اللّامِ؛ أيْ: يُزِيلُونَهُ ويُمِيلُونَهُ عَنْ مَواضِعِهِ الَّتِي وضَعَها اللَّهُ فِيها. قالَ ابْنُ عَبّاسٍ والجُمْهُورُ: هي حُدُودُ اللَّهِ في التَّوْراةِ، وذَلِكَ أنَّهم غَيَّرُوا الرَّجْمَ؛ أيْ: وضَعُوا الجَلْدَ مَكانَ الرَّجْمِ. وقالَ الحَسَنُ: يُغَيِّرُونَ ما يَسْمَعُونَ مِنَ الرَّسُولِ، عَلَيْهِ السَّلامُ، بِالكَذِبِ عَلَيْهِ. وقِيلَ: بِإخْفاءِ صِفَةِ الرَّسُولِ. وقِيلَ: بِإسْقاطِ القَوَدِ بَعْدَ اسْتِحْقاقِهِ. وقِيلَ: بِسُوءِ التَّأْوِيلِ. قالَ الطَّبَرِيُّ: المَعْنى يُحَرِّفُونَ حُكْمَ الكَلامِ، فَحُذِفَ لِلْعِلْمِ بِهِ. انْتَهى. ويَحْتَمِلُ أنْ يَكُونَ هَذا وصْفًا لِلْيَهُودِ فَقَطْ، ويَحْتَمِلُ أنْ يَكُونَ وصْفًا لَهم ولِلْمُنافِقِينَ فِيما يُحَرِّفُونَهُ مِنَ الأقْوالِ عِنْدَ كَذِبِهِمْ، لِأنَّ مَبادِئَ كَذِبِهِمْ يَكُونُ مِن أشْياءَ قِيلَتْ وفُعِلَتْ، وهَذا هو الكَذِبُ الَّذِي يَقْرُبُ قَبُولُهُ. ومَعْنى مِن بَعْدِ مَواضِعِهِ: قالَ الزَّجّاجُ مِن بَعْدِ أنْ وضَعَهُ اللَّهُ مَواضِعَهُ، فَأحَلَّ حَلالَهُ وحَرَّمَ حَرامَهُ.
* * *
﴿يَقُولُونَ إنْ أُوتِيتُمْ هَذا فَخُذُوهُ﴾ الإشارَةُ بِهَذا قِيلَ: إلى التَّحْمِيمِ والجَلْدِ في الزِّنا. وقِيلَ: إلى قَبُولِ الدِّيَةِ في أمْرِ القَتْلِ. وقِيلَ: عَلى إبْقاءِ عِزَّةِ النَّضِيرِ عَلى قُرَيْظَةَ، وهَذا بِحَسَبِ الِاخْتِلافِ المُتَقَدِّمِ في سَبَبِ النُّزُولِ. وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: إنْ أُوتِيتُمْ، هَذا المُحَرَّفَ المُزالَ عَنْ مَواضِعِهِ فَخُذُوهُ واعْلَمُوا أنَّهُ الحَقُّ، واعْمَلُوا بِهِ. انْتَهى. وهو راجِعٌ لِواحِدٍ مِمّا ذَكَرْناهُ، والفاعِلُ المَحْذُوفُ هو الرَّسُولُ؛ أيْ: إنْ أتاكُمُ الرَّسُولُ هَذا.
﴿وإنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فاحْذَرُوا﴾ أيْ: وإنْ أفْتاكم مُحَمَّدٌ بِخِلافِهِ فاحْذَرُوا وإيّاكم مِن قَبُولِهِ فَهو الباطِلُ والضَّلالُ. وقِيلَ: فاحْذَرُوا أنْ تُعْلِمُوهُ بِقَوْلِهِ السُّدِّيُّ. وقِيلَ: أنْ تُطْلِعُوهُ عَلى ما في التَّوْراةِ فَيَأْخُذَكم بِالعَمَلِ بِهِ. وقِيلَ: فاحْذَرُوا أنْ تَسْألُوهُ بَعْدَها، والظّاهِرُ الأوَّلُ لِأنَّهُ مُقابِلٌ لِقَوْلِهِ: فَخُذُوهُ. فالمَعْنى: وإنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ وأتاكم بِغَيْرِهِ فاحْذَرُوا قَبُولَهُ.
﴿ومَن يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا﴾ قالَ الحَسَنُ وقَتادَةُ: فِتْنَتَهُ؛ أيْ: عَذابَهُ بِالنّارِ. ومِنهُ يَوْمَ هم عَلى النّارِ يُفْتَنُونَ؛ أيْ: يُعَذَّبُونَ؛ وقالَ الزَّجّاجُ: فَضِيحَتَهُ؛ وقِيلَ: اخْتِبارَهُ لِما يَظْهَرُ بِهِ أمْرُهُ؛ وقِيلَ: إهْلاكَهُ؛ وقالَ ابْنُ عَبّاسٍ ومُجاهِدٌ: كُفْرَهُ وإضْلالَهُ، يُقالُ: فَتَنَهُ عَنْ دِينِهِ صَرَفَهُ عَنْهُ، وأصْلُهُ فَلَنْ يَقْدِرَ عَلى دَفْعِ ما يُرِيدُ اللَّهُ مِنهُ. وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: ومَن يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ: تَرْكَهُ مَفْتُونًا وخِذْلانَهُ، فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ مِن لُطْفِ اللَّهِ وتَوْفِيقِهِ شَيْئًا. انْتَهى. وهَذا عَلى طَرِيقَةِ الِاعْتِزالِ. وهَذِهِ الجُمْلَةُ جاءَتْ تَسْلِيَةً لِلرَّسُولِ وتَخْفِيفًا عَنْهُ مِن ثِقَلِ حُزْنِهِ عَلى مُسارَعَتِهِمْ في الكُفْرِ. وقَطْعًا لِرَجائِهِ مِن فَلاحِهِمْ.
﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ﴾ أيْ: سَبَقَ لَهم في عِلْمِ اللَّهِ ذَلِكَ، وأنْ يَكُونُوا مُدَنَّسِينَ بِالكُفْرِ. وفي هَذا وما قَبْلَهُ رَدٌّ عَلى القَدَرِيَّةِ والمُعْتَزِلَةِ. وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أنْ يَمْنَحَهم مِن ألْطافِهِ ما يُطَهِّرُ بِهِ قُلُوبَهم، لِأنَّهم لَيْسُوا مِن أهْلِها لِعِلْمِهِ أنَّها لا تَنْفَعُ ولا تَنْجَعُ فِيها. إنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللَّهِ لا يَهْدِيهِمُ اللَّهُ كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إيمانِهِمْ. انْتَهى. وهو عَلى مَذْهَبِهِ الِاعْتِزالِيِّ.
﴿لَهم في الدُّنْيا خِزْيٌ﴾ أيْ: ذُلٌّ وفَضِيحَةٌ. فَخِزْيُ المُنافِقِينَ بِهَتْكِ سِتْرِهِمْ، وخَوْفِهِمْ مِنَ القَتْلِ إنِ اطَّلَعَ عَلى كُفْرِهِمُ المُسْلِمُونَ، وخِزْيُ اليَهُودِ: تَمَسْكُنِهِمْ وضَرْبِ الجِزْيَةِ عَلَيْهِمْ، وكَوْنِهِمْ في أقْطارِ الأرْضِ تَحْتَ ذِمَّةِ غَيْرِهِمْ وفي إيالَتِهِ. وقالَ مُقاتِلٌ: خِزْيُ قُرَيْظَةَ بِقَتْلِهِمْ وسَبْيِهِمْ، وخِزْيُ بَنِي النَّضِيرِ بِإجْلائِهِمْ.
﴿ولَهم في الآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ﴾ وُصِفَ بِالعِظَمِ لِتَزايُدِهِ؛ فَلا انْقِضاءَ لَهُ، أوْ لِتَزايُدِ ألَمِهِ أوْ لَهُما.
{"ayah":"۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلرَّسُولُ لَا یَحۡزُنكَ ٱلَّذِینَ یُسَـٰرِعُونَ فِی ٱلۡكُفۡرِ مِنَ ٱلَّذِینَ قَالُوۤا۟ ءَامَنَّا بِأَفۡوَ ٰهِهِمۡ وَلَمۡ تُؤۡمِن قُلُوبُهُمۡۛ وَمِنَ ٱلَّذِینَ هَادُوا۟ۛ سَمَّـٰعُونَ لِلۡكَذِبِ سَمَّـٰعُونَ لِقَوۡمٍ ءَاخَرِینَ لَمۡ یَأۡتُوكَۖ یُحَرِّفُونَ ٱلۡكَلِمَ مِنۢ بَعۡدِ مَوَاضِعِهِۦۖ یَقُولُونَ إِنۡ أُوتِیتُمۡ هَـٰذَا فَخُذُوهُ وَإِن لَّمۡ تُؤۡتَوۡهُ فَٱحۡذَرُوا۟ۚ وَمَن یُرِدِ ٱللَّهُ فِتۡنَتَهُۥ فَلَن تَمۡلِكَ لَهُۥ مِنَ ٱللَّهِ شَیۡـًٔاۚ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ ٱلَّذِینَ لَمۡ یُرِدِ ٱللَّهُ أَن یُطَهِّرَ قُلُوبَهُمۡۚ لَهُمۡ فِی ٱلدُّنۡیَا خِزۡیࣱۖ وَلَهُمۡ فِی ٱلۡـَٔاخِرَةِ عَذَابٌ عَظِیمࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق