الباحث القرآني
﴿ومَن يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوانًا وظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نارًا﴾ الإشارَةُ بِذَلِكَ إلى ما وقَعَ النَّهْيُ عَنْهُ في هَذِهِ الجُمْلَةِ مِن أكْلِ المالِ بِالباطِلِ، وقَتْلِ الأنْفُسِ. لِأنَّ النَّهْيَ عَنْهُما جاءَ مُتَّسِقًا مَسْرُودًا، ثُمَّ ورَدَ الوَعِيدُ حَسَبَ النَّهْيِ. وذَهَبَ إلى هَذا القَوْلِ جَماعَةٌ. وتَقْيِيدُ أكْلِ المالِ بِالباطِلِ بِالِاعْتِداءِ والظُّلْمِ عَلى هَذا القَوْلِ لَيْسَ المَعْنى أنْ يَقَعَ عَلى جِهَةٍ لا يَكُونُ اعْتِداءً وظُلْمًا، بَلْ هو مِنَ الأوْصافِ الَّتِي لا يَقَعُ الفِعْلُ إلّا عَلَيْهِ. وقِيلَ: إنَّما قالَ: عُدْوانًا وظُلْمًا لِيَخْرُجَ مِنهُ السَّهْوُ والغَلَطُ، وما كانَ طَرِيقُهُ الِاجْتِهادَ في الأحْكامِ. وأمّا تَقْيِيدُ قَتْلِ الأنْفُسِ عَلى تَفْسِيرِ قَتْلِ بَعْضِنا بَعْضًا بِقَوْلِهِ: عُدْوانًا وظُلْمًا، فَإنَّما ذَلِكَ لِأنَّ القَتْلَ يَقَعُ كَذَلِكَ، ويَقَعُ خَطَأً واقْتِصاصًا. وقِيلَ الإشارَةُ بِذَلِكَ إلى أقْرَبِ مَذْكُورٍ وهو: قَتْلُ الأنْفُسِ، وهو قَوْلُ عَطاءٍ، واخْتِيارُ الزَّمَخْشَرِيِّ. قالَ: ذَلِكَ إشارَةٌ إلى القَتْلِ أيْ: ومَن يُقْدِمُ عَلى قَتْلِ الأنْفُسِ عُدْوانًا وظُلْمًا لا خَطَأً ولا اقْتِصاصًا انْتَهى. ويَكُونُ نَظِيرَ قَوْلِهِ: ﴿ومَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ﴾ [النساء: ٩٣] وذَهَبَ الطَّبَرِيُّ إلى أنَّ ذَلِكَ إشارَةٌ إلى ما سَبَقَ مِنَ النَّهْيِ الَّذِي لَمْ يَقْتَرِنْ بِهِ وعِيدٌ، وهو مِن قَوْلِهِ: ﴿ياأيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكم أنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهًا ولا تَعْضُلُوهُنَّ﴾ [النساء: ١٩] إلى هَذا النَّهْيِ الَّذِي هو ولا تَقْتُلُوا أنْفُسَكم، فَأمّا ما قَبْلَ ذَلِكَ مِنَ النَّهْيِ فَقَدِ اقْتَرَنَ بِهِ الوَعِيدُ. وما ذَهَبَ إلَيْهِ الطَّبَرِيُّ بَعِيدٌ جِدًّا لِأنَّ كُلَّ جُمْلَةٍ قَدِ اسْتَقَلَّتْ بِنَفْسِها، ولا يَظْهَرُ لَها تَعَلُّقٌ بِما بَعْدَها إلّا تَعَلُّقَ المُناسَبَةِ، ولا تَعَلُّقَ اضْطِرارِ المَعْنى. وأبْعَدُ مِن قَوْلِ الطَّبَرِيِّ ما ذَهَبَ إلَيْهِ جَماعَةٌ مِن أنَّ ذَلِكَ إشارَةٌ إلى كُلِّ ما نَهى عَنْهُ مِنَ القَضايا، مِن أوَّلِ السُّورَةِ إلى النَّهْيِ الَّذِي أعْقَبَهُ قَوْلَهُ: ﴿ومَن يَفْعَلْ ذَلِكَ﴾ . وجَوَّزَ الماتُرِيدِيُّ أنْ يَكُونَ ذَلِكَ إشارَةً إلى أكْلِ المالِ بِالباطِلِ، قالَ: وذَلِكَ يَرْجِعُ إلى ما سَبَقَ مِن أكْلِ المالِ بِالباطِلِ، أوْ قَتْلِ النَّفْسِ بِغَيْرِ حَقٍّ، (p-٢٣٣)أوْ إلَيْهِما جَمِيعًا. انْتَهى. فَعَلى هَذا القَوْلِ يَكُونُ في المُشارِ إلَيْهِ بِذَلِكَ خَمْسَةُ أقْوالٍ.
وانْتِصابُ ﴿عُدْوانًا وظُلْمًا﴾ عَلى المَفْعُولِ مِن أجْلِهِ، وجَوَّزُوا أنْ يَكُونا مَصْدَرَيْنِ في مَوْضِعِ الحالِ، أيْ: مُعْتَدِينَ وظالِمِينَ. وقُرِئَ: (عِدْوانًا) بِالكَسْرِ. وقَرَأ الجُمْهُورُ: نُصْلِيهِ بِضَمِّ النُّونِ. وقَرَأ النَّخَعِيُّ والأعْمَشُ: بِفَتْحِها مِن صَلاهُ، ومِنهُ شاةٌ مَصْلِيَّةٌ. وقُرِئَ أيْضًا: (نُصَلِّيهِ) مُشَدَّدًا. وقُرِئَ: (يُصْلِيهِ) بِالياءِ، والظّاهِرُ أنَّ الفاعِلَ هو ضَمِيرٌ يَعُودُ عَلى اللَّهِ، أيْ: فَسَوْفَ يُصْلِيهِ هو، أيِ اللَّهُ تَعالى. وأجازَ الزَّمَخْشَرِيُّ أنْ يَعُودَ الضَّمِيرُ عَلى ذَلِكَ، قالَ: لِكَوْنِهِ سَبَبًا لِلْمُصَلِّي، وفِيهِ بُعْدٌ. ومَدْلُولُ (نارًا) مُطْلَقٌ، والمُرادُ - واللَّهُ أعْلَمُ - تَقْيِيدُها بِوَصْفِ الشِّدَّةِ، أوْ ما يُناسِبُ هَذا الجِرْمَ العَظِيمَ مِن أكْلِ المالِ بِالباطِلِ وقَتْلِ الأنْفُسِ.
﴿وكانَ ذَلِكَ عَلى اللَّهِ يَسِيرًا﴾ ذَلِكَ إشارَةٌ إلى إصْلائِهِ النّارَ، ويُسْرُهُ عَلَيْهِ تَعالى سُهُولَتُهُ، لِأنَّ حُجَّتَهُ بالِغَةٌ وحُكْمَهُ لا مُعَقِّبَ لَهُ. وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: لِأنَّ الحِكْمَةَ تَدْعُو إلَيْهِ، ولا صارِفَ عَنْهُ مِن ظُلْمٍ أوْ نَحْوِهِ. وفِيهِ دَسِيسَةُ الِاعْتِزالِ.
{"ayah":"وَمَن یَفۡعَلۡ ذَ ٰلِكَ عُدۡوَ ٰنࣰا وَظُلۡمࣰا فَسَوۡفَ نُصۡلِیهِ نَارࣰاۚ وَكَانَ ذَ ٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ یَسِیرًا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق