الباحث القرآني

﴿إنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهم ولا لِيَهْدِيَهم طَرِيقًا إلّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أبَدًا﴾ قِيلَ هَذِهِ في المُشْرِكِينَ. وقَدْ تَقَدَّمَ الكَلامُ عَلى لامِ الجُحُودِ وما بَعْدَها وأنَّ الإتْيانَ بِها أبْلَغُ مِنَ الإتْيانِ بِالفِعْلِ المُجَرَّدِ عَنْها. وهَذا الحُكْمُ مُقَيَّدٌ بِالمُوافاةِ عَلى الكُفْرِ. وقالَ أبُو سُلَيْمانَ الدِّمَشْقِيُّ: المَعْنى لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَسْتُرَ عَلَيْهِمْ قَبِيحَ أفْعالِهِمْ، بَلْ يَفْضَحُهم في الدُّنْيا، ويُعاقِبُهم بِالقَتْلِ والجَلاءِ والسَّبْيِ، وفي الآخِرَةِ بِالنّارِ. وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: كَفَرُوا وظَلَمُوا، جَمَعُوا بَيْنَ الكُفْرِ والمَعاصِي، وكانَ بَعْضُهم كافِرِينَ، وبَعْضُهم ظالِمِينَ أصْحابُ الكَبائِرِ؛ لِأنَّهُ لا فَرْقَ بَيْنَ الفَرِيقَيْنِ في أنَّهُ لا يَغْفِرُ لَهُما إلّا بِالتَّوْبَةِ، ولا لِيَهْدِيَهم طَرِيقًا لا يَلْطُفُ بِهِمْ فَيَسْلُكُونَ الطَّرِيقَ المُوصِلَ إلى جَهَنَّمَ، ولا لِيَهْدِيَهم يَوْمَ القِيامَةِ إلّا طَرِيقَها، انْتَهى. وهو عَلى طَرِيقَةِ الِاعْتِزالِ في أنَّ صاحِبَ الكَبائِرِ لا يُغْفَرُ لَهُ ما لَمْ يَتُبْ مِنها، وإنْ أُرِيدَ بِقَوْلِهِ: طَرِيقًا مَخْصُوصًا؛ أيْ عَمَلًا صالِحًا يَدْخُلُونَ بِهِ الجَنَّةَ؛ كانَ قَوْلُهُ: ﴿إلّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ﴾ اسْتِثْناءً مُنْقَطِعًا. ﴿وكانَ ذَلِكَ عَلى اللَّهِ يَسِيرًا﴾ [النساء: ٣٠]؛ أيِ انْتِفاءُ غُفْرانِهِ وهِدايَتِهِ إيّاهم وطَرْدُهم في النّارِ سَهْلًا لا صارِفَ لَهُ عَنْهُ، وهَذا تَحْقِيرٌ لِأمْرِهِمْ وأنَّهُ تَعالى لا يَعْبَأُ بِهِمْ ولا يُبالِي.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب