الباحث القرآني
﴿إنّا أنْزَلْنا عَلَيْكَ الكِتابَ لِلنّاسِ بِالحَقِّ فَمَنِ اهْتَدى فَلِنَفْسِهِ ومَن ضَلَّ فَإنَّما يَضِلُّ عَلَيْها وما أنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ﴾ ﴿اللَّهُ يَتَوَفّى الأنْفُسَ حِينَ مَوْتِها والَّتِي لَمْ تَمُتْ في مَنامِها فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضى عَلَيْها المَوْتَ ويُرْسِلُ الأُخْرى إلى أجَلٍ مُسَمًّى إنَّ في ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ ﴿أمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ شُفَعاءَ قُلْ أوَلَوْ كانُوا لا يَمْلِكُونَ شَيْئًا ولا يَعْقِلُونَ﴾ ﴿قُلْ لِلَّهِ الشَّفاعَةُ جَمِيعًا لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ والأرْضِ ثُمَّ إلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ ﴿وإذا ذُكِرَ اللَّهُ وحْدَهُ اشْمَأزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وإذا ذُكِرَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ إذا هم يَسْتَبْشِرُونَ﴾ ﴿قُلِ اللَّهُمَّ فاطِرَ السَّماواتِ والأرْضِ عالِمَ الغَيْبِ والشَّهادَةِ أنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبادِكَ في ما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ﴾ ﴿ولَوْ أنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ما في الأرْضِ جَمِيعًا ومِثْلَهُ مَعَهُ لافْتَدَوْا بِهِ مِن سُوءِ العَذابِ يَوْمَ القِيامَةِ وبَدا لَهم مِنَ اللَّهِ ما لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ﴾ ﴿وبَدا لَهم سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا وحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾ .
لَمّا كانَ - عَلَيْهِ السَّلامُ - يَعْظُمُ عَلَيْهِ عَدَمُ إيمانِهِمْ ورُجُوعِهِمْ إلى ما أنْزَلَ اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ، سَلّاهُ تَعالى عَنْ ذَلِكَ، وأخْبَرَهُ أنَّهُ أنْزَلَ عَلَيْهِ الكِتابَ، وهو القُرْآنُ، مَصْحُوبًا بِالحَقِّ، وهو دِينُ الإسْلامِ، لِلنّاسِ أيْ: لِأجْلِهِمْ، إذْ فِيهِ تَكالِيفُهم.
﴿فَمَنِ اهْتَدى﴾: فَثَوابُ هِدايَتِهِ إنَّما هو لَهُ، (ومَن ضَلَّ): فَعِقابُ ضَلالِهِ إنَّما هو عَلَيْهِ.
﴿وما أنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ﴾ أيْ: فَتُجْبِرُهم عَلى الإيمانِ. قالَ قَتادَةُ: بِوَكِيلٍ: بِحَفِيظٍ. وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: لِلنّاسِ: لِأجْلِ حاجَتِهِمْ إلَيْهِ، لِيُبَشَّرُوا ويُنْذَرُوا. فَتَقْوى دَواعِيهِمْ إلى اخْتِيارِ الطّاعَةِ عَلى المَعْصِيَةِ، فَلا حاجَةَ لِي إلى ذَلِكَ، فَأنا الغَنِيُّ. فَمَنِ اخْتارَ الهُدى، فَقَدْ نَفَعَ نَفْسَهُ؛ ومَنِ اخْتارَ الضَّلالَةَ، فَقَدْ ضَرَّها، وما وُكِّلْتَ عَلَيْهِمْ لِتُجْبِرَهم عَلى الهُدى. فَإنَّ التَّكْلِيفَ مَبْنِيٌّ عَلى الِاخْتِيارِ دُونَ الإجْبارِ. انْتَهى، وهو عَلى مَذْهَبِ المُعْتَزِلَةِ.
ولَمّا ذَكَرَ تَعالى أنَّهُ أنْزَلَ الكِتابَ عَلى رَسُولِهِ بِالحَقِّ لِلنّاسِ، نَبَّهَ عَلى أنَّهُ مِن آياتِهِ الكُبْرى يَدُلُّ عَلى الوَحْدانِيَّةِ، لا يُشْرِكُهُ في ذَلِكَ صَنَمٌ وعَلى غَيْرِهِ
فَقالَ: ﴿اللَّهُ يَتَوَفّى الأنْفُسَ حِينَ مَوْتِها﴾، والأنْفُسُ هي الأرْواحُ. وقِيلَ: النَّفْسُ غَيْرُ الرُّوحِ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ. فالرُّوحُ لَها تَدْبِيرُ عالَمِ الحَياةِ، والنَّفْسُ لَها تَدْبِيرُ عالَمِ الإحْساسِ. وفَرَّقَتْ فِرْقَةٌ بَيْنَ نَفْسِ التَّمْيِيزِ ونَفْسِ التَّخْيِيلِ. والَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ الحَدِيثُ واللُّغَةُ أنَّ النَّفْسَ والرُّوحَ مُتَرادِفانِ، وأنَّ فِراقَ ذَلِكَ مِنَ الجَسَدِ هو المَوْتُ. ومَعْنى يَتَوَفّى النَّفْسَ: يُمِيتُها، والَّتِي أيْ: والأنْفُسُ الَّتِي لَمْ تَمُتْ في مَنامِها، أيْ: يَتَوَفّاها حِينَ تَنامُ، (p-٤٣١)تَشْبِيهًا لِلنُّوامِ بِالأمْواتِ.
ومِنهُ: ﴿وهُوَ الَّذِي يَتَوَفّاكم بِاللَّيْلِ﴾ [الأنعام: ٦٠] . فَبَيْنَ المَيِّتِ والنّائِمِ قَدْرٌ مُشْتَرَكٌ، وهو كَوْنُهُما لا يُمَيِّزانِ ولا يَتَصَرَّفانِ. فَيُمْسِكُ مَن قَضى عَلَيْها المَوْتَ الحَقِيقِيَّ، ولا يَرُدُّها في وقْتِها حَيَّةً؛ ويُرْسِلُ النّائِمَةَ لِجَسَدِها إلى أجَلٍ ضَرَبَهُ لِمَوْتِها. وقِيلَ: ﴿يَتَوَفّى الأنْفُسَ﴾: يَسْتَوْفِيها ويَقْبِضُها، وهي الأنْفُسُ الَّتِي يَكُونُ مَعَها الحَياةَ والحَرَكَةَ. ويَتَوَفّى الأنْفُسَ الَّتِي لَمْ تَمُتْ في مَنامِها، وهي أنْفُسُ التَّمْيِيزِ، قالُوا: فالَّتِي تُتَوَفّى في النَّوْمِ هي نَفْسُ التَّمْيِيزِ لا نَفْسُ الحَياةِ؛ لِأنَّ نَفْسَ الحَياةِ إذا زالَتْ زالَ مَعَها النَّفَسُ. والنّائِمُ يَتَنَفَّسُ، وكَوْنُ النَّفْسِ تُقْبَضُ، والرُّوحُ في الجَسَدِ حالَةَ النَّوْمِ، بِدَلِيلِ أنَّهُ يَتَقَلَّبُ ويَتَنَفَّسُ، هو قَوْلُ الأكْثَرِينَ. ودَلَّ عَلى التَّغايُرِ وكَوْنِها شَيْئًا واحِدًا هو قَوْلُ ابْنِ جُبَيْرٍ وأحَدُ قَوْلَيِ ابْنِ عَبّاسٍ: والخَوْضُ في هَذا، وطَلَبُ إدْراكِ ذَلِكَ عَلى جَلِيَّتِهِ عَناءٌ ولا يُوصَلُ إلى ذَلِكَ.
﴿إنَّ في ذَلِكَ﴾ أيْ: في تَوَفِّي الأنْفُسِ مائِتَةً ونائِمَةً، وإمْساكِها وإرْسالِها إلى أجَلٍ، (لَآياتٍ): لَعَلاماتٍ دالَّةٍ عَلى قُدْرَةِ اللَّهِ وعِلْمِهِ، (لِقَوْمٍ) يُجِيلُونَ فِيهِ أفْكارَهم ويَعْتَبِرُونَ.
وقَرَأ الجُمْهُورُ: (قَضى) مَبْنِيًّا لِلْفاعِلِ، (المَوْتَ): نَصْبًا؛ وابْنُ وثّابٍ، والأعْمَشُ، وطَلْحَةُ، وعِيسى، وحَمْزَةُ، والكِسائِيُّ: مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ؛ (المَوْتُ) رَفْعًا. فَأمْ مُنْقَطِعَةٌ تُقَدَّرُ بِبَلْ والهَمْزَةِ، وهو تَقْرِيرٌ وتَوْبِيخٌ. وكانُوا يَقُولُونَ: هَؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَنا، والشَّفاعَةُ إنَّما هي لِمَنِ ارْتَضاهُ اللَّهُ وبِإذْنِهِ تَعالى، وهَذا مَفْقُودٌ في آلِهَتِهِمْ. و(أوَلَوْ) مَعْناهُ: أيَتَّخِذُونَهم شُفَعاءَهم بِهَذِهِ المَثابَةِ مِن كَوْنِهِمْ لا يَعْقِلُونَ ولا يَمْلِكُونَ شَيْئًا، وذَلِكَ عامُّ النَّقْصِ، فَكَيْفَ يَشْفَعُ هَؤُلاءِ ؟ وتَقَدَّمَ لَنا الكَلامُ في أوَلَوْ في سُورَةِ البَقَرَةِ.
وقالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: مَتى دَخَلَتْ ألِفُ الِاسْتِفْهامِ عَلى واوِ العَطْفِ أوْ فائِهِ أحْدَثَتْ مَعْنى التَّقْرِيرِ. انْتَهى.
وإذا كانُوا لا يَمْلِكُونَ شَيْئًا، فَكَيْفَ يَمْلِكُونَ الشَّفاعَةَ ؟ وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ أيْ: ولَوْ كانُوا عَلى هَذِهِ الصِّفَةِ لا يَمْلِكُونَ شَيْئًا قَطُّ حَتّى يَمْلِكُوا الشَّفاعَةَ، ولا عَقْلَ لَهم. انْتَهى.
فَأتى بِقَوْلِهِ: قَطُّ، بَعْدَ قَوْلِهِ: لا يَمْلِكُونَ، ولَيْسَ بِفِعْلٍ ماضٍ، وقَطُّ ظَرْفٌ يُسْتَعْمَلُ مَعَ الماضِي لا مَعَ غَيْرِهِ، وقَدْ تَكَرَّرَ لِلزَّمَخْشَرِيِّ هَذا الِاسْتِعْمالُ، ولَيْسَ بِاسْتِعْمالٍ عَرَبِيٍّ.
﴿قُلْ لِلَّهِ الشَّفاعَةُ جَمِيعًا﴾: فَهو مالِكُها، يَأْذَنُ فِيها لِمَن يَشاءُ ثُمَّ أتى بِعامٍّ وهو: ﴿لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ والأرْضِ﴾، فانْدَرَجَ فِيهِ مِلْكُ الشَّفاعَةِ. ولَمّا كانَتِ الشَّفاعَةُ مِن غَيْرِهِ مَوْقُوفَةً عَلى إذْنِهِ، كانَتِ الشَّفاعَةُ كُلُّها لَهُ. ولَمّا أخْبَرَ أنَّهُ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ والأرْضِ، هَدَّدَهم بِقَوْلِهِ: ﴿ثُمَّ إلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾، فَيَعْلَمُونَ أنَّهم لا يَشْفَعُونَ، ويَخِيبُ سَعْيُكم في عِبادَتِهِمْ.
وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: مَعْناهُ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ والأرْضِ اليَوْمَ، ثُمَّ إلَيْهِ تُرْجَعُونَ يَوْمَ القِيامَةِ، فَلا يَكُونُ المُلْكُ في ذَلِكَ إلّا لَهُ، فَلَهُ مُلْكُ الدُّنْيا والآخِرَةِ.
﴿وإذا ذُكِرَ اللَّهُ وحْدَهُ﴾ أيْ: مُفْرَدًا بِالذِّكْرِ، ولَمْ يُذْكَرْ مَعَ آلِهَتِهِمْ. وقِيلَ: إذا قِيلَ لا إلَهَ إلّا اللَّهُ، ﴿وإذا ذُكِرَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ﴾، وهي الأصْنامُ.
والِاشْمِئْزازُ والِاسْتِبْشارُ مُتَقابِلانِ غايَةً؛ لِأنَّ الِاشْمِئْزازَ: امْتِلاءُ القَلْبِ غَمًّا وغَيْظًا، فَيَظْهَرُ أثَرُهُ، وهو الِانْقِباضُ في الوَجْهِ، والِاسْتِبْشارُ: امْتِلاؤُهُ سُرُورًا، فَيَظْهَرُ أثَرُهُ، وهو الِانْبِساطُ، والتَّهَلُّلُ في الوَجْهِ.
وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: (فَإنْ قُلْتَ): ما العامِلُ في وإذا ذُكِرَ ؟ (قُلْتُ): العامِلُ في إذا الفُجائِيَّةِ تَقْدِيرُهُ: وقْتُ ذِكْرِ الَّذِينَ مِن دُونِهِ فاجَأُوا الِاسْتِبْشارَ.
وقالَ الحَوْفِيُّ: ﴿إذا هم يَسْتَبْشِرُونَ﴾، إذا مُضافَةٌ إلى الِابْتِلاءِ والخَبَرِ، وإذا مُكَرَّرَةٌ لِلتَّوْكِيدِ وحُذِفَ ما تُضافُ إلَيْهِ، والتَّقْدِيرُ: إذا كانَ ذَلِكَ هم يَسْتَبْشِرُونَ، فَيَكُونُ هم يَسْتَبْشِرُونَ العامِلَ في إذا، المَعْنى: إذا كانَ ذَلِكَ اسْتَبْشَرُوا. انْتَهى.
أمّا قَوْلُ الزَّمَخْشَرِيِّ: فَلا أعْلَمُهُ مِن قَوْلِ مَن يَنْتَمِي لِلنَّحْوِ، وهو أنَّ الظَّرْفَيْنِ مَعْمُولانِ لِعامِلٍ واحِدٍ، ثُمَّ إذا الأُولى يَنْتَصِبُ عَلى الظَّرْفِ، والثّانِيَةُ عَلى المَفْعُولِ بِهِ.
وأمّا قَوْلُ الحَوْفِيِّ فَبَعِيدٌ جِدًّا عَنِ الصَّوابِ، إذْ جَعَلَ إذا مُضافَةً إلى الِابْتِداءِ والخَبَرِ، ثُمَّ قالَ: وإذا مُكَرَّرَةٌ لِلتَّوْكِيدِ وحُذِفَ ما تُضافُ إلَيْهِ، فَكَيْفَ تَكُونُ مُضافَةً إلى الِابْتِداءِ والخَبَرِ الَّذِي هم (p-٤٣٢)يَسْتَبْشِرُونَ ؟ وهَذا كُلُّهُ يُوجِبُهُ عَدَمُ الإتْقانِ لِعِلْمِ النَّحْوِ والتَّحَدُّثِ فِيهِ، وقَدْ تَقَدَّمَ لَنا في مَواضِعِ إذا الَّتِي لِلْمُفاجَأةِ جَوابًا لِإذا الشَّرْطِيَّةِ، وقَدْ قَرَّرْنا في عِلْمِ النَّحْوِ الَّذِي كَتَبْناهُ أنَّ إذا الشَّرْطِيَّةَ لَيْسَتْ مُضافَةً إلى الجُمْلَةِ الَّتِي تَلِيها، وإنْ كانَ مَذْهَبَ الأكْثَرِينَ، وأنَّها لَيْسَتْ بِمَعْمُولَةٍ لِلْجَوابِ، وأقَمْنا الدَّلِيلَ عَلى ذَلِكَ، بَلْ هي مَعْمُولَةٌ لِلْفِعْلِ الَّذِي يَلِيها، كَسائِرِ أسْماءِ الشَّرْطِيَّةِ الظَّرْفِيَّةِ، وإذا الفُجائِيَّةُ رابِطَةٌ لِجُمْلَةِ الجَزاءِ بِجُمْلَةِ الشَّرْطِ، كالفاءِ؛ وهي مَعْمُولَةٌ لِما بَعْدَها. إنْ قُلْنا إنَّها ظَرْفٌ، سَواءٌ كانَ زَمانًا أوْ مَكانًا. ومَن قالَ إنَّها حَرْفٌ، فَلا يَعْمَلُ فِيها شَيْءٌ، فَإذا الأُولى مَعْمُولَةٌ لِذِكْرِهِمْ، والثّانِيَةُ مَعْمُولَةٌ لَيَسْتَبْشِرُونَ.
ولَمّا أخْبَرَ عَنْ سَخافَةِ عُقُولِهِمْ بِاشْمِئْزازِهِمْ مِن ذِكْرِ اللَّهِ، واسْتِبْشارِهِمْ بِذِكْرِ الأصْنامِ، أمَرَهُ أنْ يَدْعُوَ بِأسْماءِ اللَّهِ العُظْمى مِنَ القُدْرَةِ والعِلْمِ ونِسْبَةِ الحُكْمِ إلَيْهِ، إذْ غَيْرُهُ لا قُدْرَةَ لَهُ ولا عِلْمَ تامَّ ولا حُكْمَ، وفي ذَلِكَ وصْفٌ لِحالِهِمُ السَّيِّئِ ووَعِيدٌ لَهم وتَسْلِيَةٌ لِلرَّسُولِ - عَلَيْهِ السَّلامُ - .
وتَقَدَّمَ الكَلامُ في (اللَّهُمَّ) في سُورَةِ آلَ عِمْرانَ.
﴿ولَوْ أنَّ لِلَّذِينِ ظَلَمُوا﴾: تَقَدَّمَ الكَلامُ عَلى تَشْبِيهِهِ في العُقُودِ.
﴿وبَدا لَهم مِنَ اللَّهِ﴾ أيْ: كانَتْ ظُنُونُهم في الدُّنْيا مُتَفَرِّقَةً، حَسَبَ ضَلالاتِهِمْ وتَخَيُّلاتِهِمْ فِيما يَعْتَقِدُونَهُ. فَإذا عايَنُوا العَذابَ يَوْمَ القِيامَةِ، ظَهَرَ لَهم خِلافُ ما كانُوا يَظُنُّونَ، وما كانَ في حِسابِهِمْ. وقالَ سُفْيانُ الثَّوْرِيُّ: ويْلٌ لِأهْلِ الرِّياءِ مِن هَذِهِ الآيَةِ.
﴿وحاقَ بِهِمْ ما كانُوا﴾ أيْ: جَزاءُ ما كانُوا وما في ﴿ما كَسَبُوا﴾ يُحْتَمَلُ أنْ تَكُونَ بِمَعْنى الَّذِي، أيْ: سَيِّئاتُ أعْمالِهِمْ، وأنْ تَكُونَ مَصْدَرِيَّةً، أيْ: سَيِّئاتُ كَسْبِهِمْ. والسَّيِّئاتُ: أنْواعُ العَذابِ سُمِّيَتْ سَيِّئاتٌ، كَما قالَ: ﴿وجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها﴾ [الشورى: ٤٠] .
{"ayahs_start":41,"ayahs":["إِنَّاۤ أَنزَلۡنَا عَلَیۡكَ ٱلۡكِتَـٰبَ لِلنَّاسِ بِٱلۡحَقِّۖ فَمَنِ ٱهۡتَدَىٰ فَلِنَفۡسِهِۦۖ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا یَضِلُّ عَلَیۡهَاۖ وَمَاۤ أَنتَ عَلَیۡهِم بِوَكِیلٍ","ٱللَّهُ یَتَوَفَّى ٱلۡأَنفُسَ حِینَ مَوۡتِهَا وَٱلَّتِی لَمۡ تَمُتۡ فِی مَنَامِهَاۖ فَیُمۡسِكُ ٱلَّتِی قَضَىٰ عَلَیۡهَا ٱلۡمَوۡتَ وَیُرۡسِلُ ٱلۡأُخۡرَىٰۤ إِلَىٰۤ أَجَلࣲ مُّسَمًّىۚ إِنَّ فِی ذَ ٰلِكَ لَـَٔایَـٰتࣲ لِّقَوۡمࣲ یَتَفَكَّرُونَ","أَمِ ٱتَّخَذُوا۟ مِن دُونِ ٱللَّهِ شُفَعَاۤءَۚ قُلۡ أَوَلَوۡ كَانُوا۟ لَا یَمۡلِكُونَ شَیۡـࣰٔا وَلَا یَعۡقِلُونَ","قُل لِّلَّهِ ٱلشَّفَـٰعَةُ جَمِیعࣰاۖ لَّهُۥ مُلۡكُ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ ثُمَّ إِلَیۡهِ تُرۡجَعُونَ","وَإِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَحۡدَهُ ٱشۡمَأَزَّتۡ قُلُوبُ ٱلَّذِینَ لَا یُؤۡمِنُونَ بِٱلۡـَٔاخِرَةِۖ وَإِذَا ذُكِرَ ٱلَّذِینَ مِن دُونِهِۦۤ إِذَا هُمۡ یَسۡتَبۡشِرُونَ","قُلِ ٱللَّهُمَّ فَاطِرَ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ عَـٰلِمَ ٱلۡغَیۡبِ وَٱلشَّهَـٰدَةِ أَنتَ تَحۡكُمُ بَیۡنَ عِبَادِكَ فِی مَا كَانُوا۟ فِیهِ یَخۡتَلِفُونَ","وَلَوۡ أَنَّ لِلَّذِینَ ظَلَمُوا۟ مَا فِی ٱلۡأَرۡضِ جَمِیعࣰا وَمِثۡلَهُۥ مَعَهُۥ لَٱفۡتَدَوۡا۟ بِهِۦ مِن سُوۤءِ ٱلۡعَذَابِ یَوۡمَ ٱلۡقِیَـٰمَةِۚ وَبَدَا لَهُم مِّنَ ٱللَّهِ مَا لَمۡ یَكُونُوا۟ یَحۡتَسِبُونَ","وَبَدَا لَهُمۡ سَیِّـَٔاتُ مَا كَسَبُوا۟ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا۟ بِهِۦ یَسۡتَهۡزِءُونَ"],"ayah":"أَمِ ٱتَّخَذُوا۟ مِن دُونِ ٱللَّهِ شُفَعَاۤءَۚ قُلۡ أَوَلَوۡ كَانُوا۟ لَا یَمۡلِكُونَ شَیۡـࣰٔا وَلَا یَعۡقِلُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق