الباحث القرآني
(p-٣٠٧)﴿يا أيُّها النّاسُ أنْتُمُ الفُقَراءُ إلى اللَّهِ واللَّهُ هو الغَنِيُّ الحَمِيدُ﴾ ﴿إنْ يَشَأْ يُذْهِبْكم ويَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ﴾ ﴿وما ذَلِكَ عَلى اللَّهِ بِعَزِيزٍ﴾ ﴿ولا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى وإنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إلى حِمْلِها لا يُحْمَلْ مِنهُ شَيْءٌ ولَوْ كانَ ذا قُرْبى إنَّما تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهم بِالغَيْبِ وأقامُوا الصَّلاةَ ومَن تَزَكّى فَإنَّما يَتَزَكّى لِنَفْسِهِ وإلى اللَّهِ المَصِيرُ﴾ ﴿وما يَسْتَوِي الأعْمى والبَصِيرُ﴾ ﴿ولا الظُّلُماتُ ولا النُّورُ﴾ ﴿ولا الظِّلُّ ولا الحَرُورُ﴾ ﴿وما يَسْتَوِي الأحْياءُ ولا الأمْواتُ إنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَن يَشاءُ وما أنْتَ بِمُسْمِعٍ مَن في القُبُورِ﴾ ﴿إنْ أنْتَ إلّا نَذِيرٌ﴾ ﴿إنّا أرْسَلْناكَ بِالحَقِّ بَشِيرًا ونَذِيرًا وإنْ مِن أُمَّةٍ إلّا خَلا فِيها نَذِيرٌ﴾ ﴿وإنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ جاءَتْهم رُسُلُهم بِالبَيِّناتِ وبِالزُّبُرِ وبِالكِتابِ المُنِيرِ﴾ ﴿ثُمَّ أخَذْتُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ﴾ .
هَذِهِ آيَةُ مَوْعِظَةٍ وتَذْكِيرٍ، وأنَّ جَمِيعَ النّاسِ مُحْتاجُونَ إلى إحْسانِ اللَّهِ تَعالى وإنْعامِهِ في جَمِيعِ أحْوالِهِمْ، لا يَسْتَغْنِي أحَدٌ عَنْهُ طَرْفَةَ عَيْنٍ، وهو الغَنِيُّ عَنِ العالَمِ عَلى الإطْلاقِ. وعَرَّفَ الفُقَراءَ لِيُرِيَهم شَدِيدَ افْتِقارِهِمْ إلَيْهِ، إذْ هم جِنْسُ الفُقَراءِ، وإنْ كانَ العالَمُ بِأسْرِهِ مُفْتَقِرًا إلَيْهِ، فَلِضَعْفِهِمْ جُعِلُوا كَأنَّهم جَمِيعُ هَذا الجِنْسِ؛ ولَوْ نَكَّرَ لَكانَ المَعْنى: أنْتُمْ، يَعْنِي الفُقَراءَ، وقُوبِلَ الفُقَراءُ بِالغَنِيِّ، ووُصِفَ بِالحَمِيدِ دَلالَةً عَلى أنَّهُ جَوادٌ مُنْعِمٌ، فَهو مَحْمُودٌ عَلى ما يُسْدِيهِ مِنَ النِّعَمِ، مُسْتَحِقٌّ لِلْحَمْدِ. ولَمّا ذَكَرَ أنَّهُ الغَنِيُّ عَلى الإطْلاقِ، ذَكَرَ ما يَدُلُّ عَلى اسْتِغْنائِهِ عَنِ العالَمِ، وأنَّهُ لَيْسَ بِمُحْتاجٍ إلَيْهِمْ فَقالَ ﴿إنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ﴾ أيْ إنْ يَشَأْ إذْهابَكم يُذْهِبْكم، وفي هَذا وعِيدٌ بِإهْلاكِهِمْ.
﴿وما ذَلِكَ﴾ أيْ إذْهابُكم، والإتْيانُ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ ﴿بِعَزِيزٍ﴾، أيْ بِمُمْتَنِعٍ عَلَيْهِ، إذْ هو المُتَّصِفُ بِالقُدْرَةِ التّامَّةِ، فَلا يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِمّا يُرِيدُهُ. ومَعْنى ﴿بِخَلْقٍ جَدِيدٍ﴾ بَدَلَكم لِقَوْلِهِ ﴿وإنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ﴾ [محمد: ٣٨] . وعَنِ ابْنِ عَبّاسٍ: يَخْلُقُ بَعْدَكم مَن يَعْبُدُهُ، لا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا. وقَدْ جاءَ هَذا المَعْنى مِن ذِكْرِ الإذْهابِ بَعْدَ وصْفِهِ تَعالى بِالغَنِيِّ في قَوْلِهِ تَعالى ﴿ورَبُّكَ الغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ إنْ يَشَأْ يُذْهِبْكم ويَسْتَخْلِفْ مِن بَعْدِكم ما يَشاءُ﴾ [الأنعام: ١٣٣] . وجاءَ أيْضًا تَعْلِيقُ الإذْهابِ مَخْتُومًا آخِرَ الآيَةِ بِذِكْرِ القُدْرَةِ الدّالَّةِ عَلى ذَلِكَ في قَوْلِهِ ﴿إنْ يَشَأْ يُذْهِبْكم أيُّها النّاسُ ويَأْتِ بِآخَرِينَ وكانَ اللَّهُ عَلى ذَلِكَ قَدِيرًا﴾ [النساء: ١٣٣] .
رُوِيَ أنَّ الوَلِيدَ بْنَ المُغِيرَةِ قالَ لِقَوْمٍ مِنَ المُؤْمِنِينَ: اكْفُرُوا بِمُحَمَّدٍ وعَلَيَّ وِزْرُكم، فَنَزَلَتْ. وأخْبَرَ تَعالى، لا يَحْمِلُهُ أحَدٌ عَنْ أحَدٍ. قالَ ابْنُ عَبّاسٍ، ومُجاهِدٌ، وقَتادَةُ: هَذِهِ الآيَةُ في الذُّنُوبِ والجَرائِمِ. ويُقالُ: وزَرَ الشَّيْءَ: حَمَلَهُ، ووازِرَةٌ: صِفَةٌ لِمَحْذُوفٍ، أيْ نَفْسٌ وازِرَةٌ: حامِلَةٌ، وذَكَرَ الصِّفَةَ ولَمْ يَذْكُرِ المَوْصُوفَ مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ؛ لِأنَّ المَعْنى: أنَّ كُلَّ نَفْسٍ لا تُرى إلّا حامِلَةً وِزْرَها، لا وِزْرَ غَيْرِها، فَلا يُؤاخِذُ نَفْسًا بِذَنْبِ نَفْسٍ، كَما يَأْخُذُ جَبابِرَةُ الدُّنْيا الجارَ بِالجارِ، والصَّدِيقَ بِالصَّدِيقِ، والقَرِيبَ بِالقَرِيبِ. وقالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: ومَن تَطَرَّفَ مِنَ الحُكّامِ إلى أخْذِ قَرِيبٍ بِقَرِيبِهِ في جَرِيمَتِهِ، كَفِعْلِ زِيادٍ ونَحْوِهِ، فَإنَّما ذَلِكَ ظُلْمٌ؛ لِأنَّ المَأْخُوذَ رُبَّما أعانَ المُجْرِمَ بِمُؤازَرَةٍ ومُواصَلَةٍ، أوِ اطِّلاعٍ عَلى حالِهِ وتَقْرِيرٍ لَها، فَهو قَدْ أخَذَ مِنَ الجُرْمِ بِنَصِيبٍ. انْتَهى. وكَأنَّ ابْنَ عَطِيَّةَ تَأوَّلَ أفْعالَ زِيادٍ وما فَعَلَ في الإسْلامِ، وكانَتْ سِيرَتُهُ قَرِيبَةً مِن سِيرَةِ الحَجّاجِ، ولا مُنافاةَ بَيْنَ هَذِهِ الآيَةِ والَّتِي في العَنْكَبُوتِ؛ لِأنَّ تِلْكَ في الضّالِّينَ المُضِلِّينَ يَحْمِلُونَ أثْقالَ إضْلالِ النّاسِ مَعَ أثْقالِ ضَلالِهِمْ، فَكُلُّ ذَلِكَ أثْقالُهم، ما فِيها مِن ثِقْلِ غَيْرِهِمْ شَيْءٌ. ألا تَرى ﴿وما هم بِحامِلِينَ مِن خَطاياهم مِن شَيْءٍ﴾ [العنكبوت: ١٢] ؟
﴿وإنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ﴾ أيْ نَفْسٌ مُثْقَلَةٌ بِحِمْلِها، ﴿إلى حِمْلِها لا يُحْمَلْ مِنهُ شَيْءٌ﴾ أيْ لا غِياثَ يَوْمَئِذٍ لِمَنِ اسْتَغاثَ، ولا إعانَةَ حَتّى أنَّ نَفْسًا قَدْ أثْقَلَتْها الأوْزارُ لَوْ دَعَتْ إلى أنْ يُخَفَّفَ بَعْضُ وِزْرِها لَمْ تُجَبْ وإنْ كانَ المَدْعُوُّ بَعْضَ قَرابَتِها مِن أبٍ أوْ ولَدٍ أوْ أخٍ فالآيَةُ قَبْلَها في الدَّلالَةِ عَلى عَدْلِ اللَّهِ في حُكْمِهِ وأنَّهُ لا يُؤاخِذُ نَفْسًا بِغَيْرِ ذَنْبِها وهَذِهِ في نَفْيِ الإعانَةِ، والحِمْلُ: ما كانَ عَلى الظَّهْرِ في الأجْرامِ، فاسْتُعِيرَ لِلْمَعانِي كالذُّنُوبِ ونَحْوِها فَيُجْعَلُ كُلُّ مَحْمُولٍ مُتَّصِلًا بِالظَّهْرِ كَقَوْلِهِ ﴿وهم يَحْمِلُونَ أوْزارَهم عَلى ظُهُورِهِمْ﴾ [الأنعام: ٣١]، كَما جُعِلَ كُلُّ اكْتِسابٍ مَنسُوبًا إلى اليَدِ. وقَرَأ الجُمْهُورُ: (يُحْمَلْ) بِالياءِ، مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ؛ وأبُو السَّمّالِ عَنْ طَلْحَةَ، وإبْراهِيمُ بْنُ زادانَ عَنِ الكِسائِيِّ: بِفَتْحِ التّاءِ مِن فَوْقٍ وكَسْرِ المِيمِ، وتَقْتَضِي هَذِهِ القِراءَةُ نَصْبَ شَيْءٍ، كَما اقْتَضَتْ قِراءَةُ الجُمْهُورِ رَفْعَهُ، والفاعِلُ بِـ (يُحْمَلْ) ضَمِيرٌ عائِدٌ عَلى مَفْعُولِ (تَدْعُ) المَحْذُوفِ، أيْ وإنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ نَفْسًا أُخْرى إلى حَمْلِها، لَمْ تَحْمِلْ مِنهُ شَيْئًا. واسْمُ كانَ (p-٣٠٨)ضَمِيرٌ يَعُودُ عَلى المَدْعُوِّ المَفْهُومِ مِن قَوْلِهِ ﴿وإنْ تَدْعُ﴾، هَذا مَعْنى قَوْلِ الزَّمَخْشَرِيِّ، قالَ: وتُرِكَ المَدْعُوُّ لِيَعُمَّ ويَشْمَلَ كُلَّ مَدْعُوٍّ. قالَ: فَإنْ قُلْتَ: فَكَيْفَ اسْتِفْهامُ إضْمارٍ، ولا يَصِحُّ أنْ يَكُونَ العامُّ ذا قُرْبى لِلْمُثْقَلِ ؟ قُلْتُ: هو مِنَ العُمُومِ الكائِنِ عَلى طَرِيقِ البَدَلِ. انْتَهى. وقالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: واسْمُ كانَ مُضْمَرٌ تَقْدِيرُهُ ولَوْ كانَ. انْتَهى، أيْ ولَوْ كانَ الدّاعِي ذا قُرْبى مِنَ المَدْعُوِّ، فَإنَّ المَدْعُوَّ لا يَحْمِلُ مِنهُ شَيْئًا. وذُكِرَ الضَّمِيرُ حَمْلًا عَلى المَعْنى؛ لِأنَّ قَوْلَهُ ﴿مُثْقَلَةٌ﴾، لا يُرِيدُ بِهِ مُؤَنَّثَ المَعْنى فَقَطْ، بَلْ كُلَّ شَخْصٍ، فَكَأنَّهُ قِيلَ: وإنْ تَدْعُ شَخْصًا مُثْقَلًا. وقُرِئَ: ولَوْ كانَ ذُو قُرْبى، عَلى أنَّ (كانَ) تامَّةٌ، أيْ ولَوْ حَضَرَ إذْ ذاكَ ذُو قُرْبى ودَعَتْهُ، لَمْ يَحْمِلْ مِنهُ شَيْئًا. وقالَتِ العَرَبُ: قَدْ كانَ لَبَنٌ، أيْ حَضَرَ وحَدَثَ. وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: نَظْمُ الكَلامِ أحْسَنُ مُلاءَمَةً لِلنّاقِصَةِ؛ لِأنَّ المَعْنى: عَلى أنَّ المُثْقَلَةَ إذا دَعَتْ أحَدًا إلى حِمْلِها لا يَحْمِلُ مِنهُ، وإنْ كانَ مَدْعُوُّها ذا قُرْبى، وهو مَعْنى صَحِيحٌ مُلْتَئِمٌ. ولَوْ قُلْتَ: ولَوْ وُجِدَ ذُو قُرْبى، لَتَفَكَّكَ وخَرَجَ عَنِ اتِّساقِهِ والتِئامِهِ. انْتَهى. وهو نَسَقٌ مُلْتَئِمٌ عَلى التَّقْدِيرِ الَّذِي ذَكَرْناهُ، وتَفْسِيرُهُ كانَ، وهو مَبْنِيٌّ لِلْفاعِلِ، يُؤْخَذُ المَبْنِيُّ لِلْمَفْعُولِ تَفْسِيرَ مَعْنًى، ولَيْسَ مُرادِفًا، ومُرادِفُهُ حَدَثَ أوْ حَضَرَ أوْ وقَعَ، هَكَذا فَسَّرَهُ النُّحاةُ.
ولَمّا سَبَقَ ما تَضَمَّنَ الوَعِيدَ وبَعْضَ أهْوالِ القِيامَةِ، كانَ ذَلِكَ إنْذارًا، فَذَكَرَ أنَّ الإنْذارَ إنَّما يُجْدِي ويَنْفَعُ مَن يَخْشى اللَّهَ.
﴿بِالغَيْبِ﴾ حالٌ مِنَ الفاعِلِ أوِ المَفْعُولِ، أيْ يَخْشَوْنَ رَبَّهم غافِلِينَ عَنْ عَذابِهِ، أوْ يَخْشَوْنَ عَذابَهُ غائِبًا عَنْهم. وقِيلَ: بِالغَيْبِ في السِّرِّ، وقِيلَ: بِالغَيْبِ، أيْ وهو بِحالِ غَيْبِهِ عَنْهم إنَّما هي رِسالَةٌ. وقَرَأ الجُمْهُورُ ﴿ومَن تَزَكّى﴾، فِعْلًا ماضِيًا، ﴿فَإنَّما يَتَزَكّى﴾ فِعْلًا، مُضارِعُ تَزَكّى، أيْ ومَن تَطَهَّرَ بِفِعْلِ الطّاعاتِ وتَرْكِ المَعاصِي، فَإنَّما ثَمَرَةُ ذَلِكَ عائِدَةٌ عَلَيْهِ، وهو إنَّما زَكاتُهُ لِنَفْسِهِ لا لِغَيْرِهِ، والتَّزَكِّي شامِلٌ لِلْخَشْيَةِ وإقامَةِ الصَّلاةِ. وقَرَأ العَبّاسُ عَنْ أبِي عَمْرٍو: ومَن يَزَّكّى فَإنَّما يَزَّكّى، بِالياءِ مِن تَحْتٍ وشَدِّ الزّايِ فِيهِما، وهُما مُضارِعانِ أصْلُهُما ومَن يَتَزَكّى، أُدْغِمَتِ التّاءُ في الزّايِ، كَما أُدْغِمَتْ في الذّالِ في قَوْلِهِ ﴿يَذَّكَّرُونَ﴾ [الأنعام: ١٢٦] . وقَرَأ ابْنُ مَسْعُودٍ، وطَلْحَةُ: ومَنِ ازَّكّى، بِإدْغامِ التّاءِ في الزّايِ واجْتِلابِ هَمْزَةِ الوَصْلِ في الِابْتِداءِ؛ وطَلْحَةُ أيْضًا: فَإنَّما يَزَّكّى، بِإدْغامِ التّاءِ في الزّايِ.
﴿وإلى اللَّهِ المَصِيرُ﴾ وعْدٌ لِمَن يَزَّكّى بِالثَّوابِ.
﴿وما يَسْتَوِي الأعْمى والبَصِيرُ﴾ الآيَةَ. هي طَعْنٌ عَلى الكَفَرَةِ وتَمْثِيلٌ. فالأعْمى الكافِرُ، والبَصِيرُ المُؤْمِنُ، أوِ الأعْمى الصَّنَمُ، والبَصِيرُ اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ وعَلا، أيْ لا يَسْتَوِي مَعْبُودُهم ومَعْبُودُ المُؤْمِنِينَ. والظُّلُماتُ والنُّورُ، والظِّلُّ والحَرُورُ: تَمْثِيلٌ لِلْحَقِّ والباطِلِ وما يُؤَدِّيانِ إلَيْهِ مِنَ الثَّوابِ والعِقابِ. والأحْياءُ والأمْواتُ، تَمْثِيلٌ لِمَن دَخَلَ في الإسْلامِ ومَن لَمْ يَدْخُلْ فِيهِ. والحَرُورُ: شِدَّةُ حَرِّ الشَّمْسِ. وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: والحَرُورُ: السَّمُومُ، إلّا أنَّ السَّمُومَ تَكُونُ بِالنَّهارِ، والحَرُورُ بِاللَّيْلِ والنَّهارِ؛ وقِيلَ: بِاللَّيْلِ. انْتَهى. وقالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: قالَ رُؤْبَةُ: الحَرُورُ بِاللَّيْلِ، والسَّمُومِ بِالنَّهارِ، ولَيْسَ كَما قالَ، وإنَّما الأمْرُ كَما حَكى الفَرّاءُ وغَيْرُهُ: أنَّ السَّمُومَ يَخْتَصُّ بِالنَّهارِ. ويُقالُ: الحَرُورُ في حَرِّ اللَّيْلِ، وفي حَرِّ النَّهارِ. انْتَهى. ولا يُرَدُّ عَلى رُؤْبَةَ؛ لِأنَّهُ مِنهُ تُؤْخَذُ اللُّغَةُ، فَأخْبَرَ عَنْ لُغَةِ قَوْمِهِ. وقالَ قَوْمٌ: الظِّلُّ هُنا: الجَنَّةُ، والحَرُورُ: جَهَنَّمُ، ويَسْتَوِي مِنَ الأفْعالِ الَّتِي لا تَكْتَفِي بِفاعِلٍ واحِدٍ. فَدُخُولُ لا في النَّفْيِ لِتَأْكِيدِ مَعْناهُ لِقَوْلِهِ ﴿ولا تَسْتَوِي الحَسَنَةُ ولا السَّيِّئَةُ﴾ [فصلت: ٣٤] . وقالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: دُخُولُ لا إنَّما هو عَلى هَيْئَةِ التَّكْرارِ، كَأنَّهُ قالَ: ولا الظُّلُماتُ والنُّورُ ولا النُّورُ والظُّلُماتُ، فاسْتَغْنى بِذِكْرِ الأوائِلِ عَنِ الثَّوانِي، ودَلَّ مَذْكُورُ الكَلامِ عَلى مَتْرُوكِهِ. انْتَهى. وما ذُكِرَ غَيْرُ مُحْتاجٍ إلى تَقْدِيرِهِ؛ لِأنَّهُ إذا نَفى اسْتِواءَ الظُّلُماتِ والنُّورِ، فَأيُّ فائِدَةٍ في تَقْدِيرِ نَفْيِ اسْتِوائِهِما ثانِيًا وادِّعاءِ مَحْذُوفَيْنِ ؟ وأنْتَ تَقُولُ: ما قامَ زَيْدٌ ولا عَمْرٌو، فَتُؤَكِّدُ بِـ (لا) مَعْنى النَّفْيِ، فَكَذَلِكَ هَذا. وقَرَأ زادانُ عَنِ الكِسائِيِّ: وما تَسْتَوِي الأحْياءُ، بِتاءِ التَّأْنِيثِ؛ والجُمْهُورُ: بِالياءِ، وتَرْتِيبُ هَذِهِ المَنفِيِّ عَنْها الِاسْتِواءُ في غايَةِ الفَصاحَةِ. وذَكَرَ الأعْمى والبَصِيرَ (p-٣٠٩)مَثَلًا لِلْمُؤْمِنِ والكافِرِ، ثُمَّ البَصِيرُ ولَوْ كانَ حَدِيدَ النَّظَرِ لا يُبْصِرُ إلّا في ضَوْءٍ، فَذَكَرَ ما هو فِيهِ الكافِرُ مِن ظُلْمَةِ الكُفْرِ، وما هو فِيهِ المُؤْمِنُ مِن نُورِ الإيمانِ. ثُمَّ ذَكَرَ مَآلَهُما، وهو الظِّلُّ، وهو أنَّ المُؤْمِنَ بِإيمانِهِ في ظِلٍّ وراحَةٍ، والكافِرَ بِكُفْرِهِ في حَرٍّ وتَعَبٍ.
ثُمَّ ذَكَرَ مَثَلًا آخَرَ في حَقِّ المُؤْمِنِ والكافِرِ فَوْقَ حالِ الأعْمى والبَصِيرِ، إذِ الأعْمى قَدْ يُشارِكُ البَصِيرَ في إدْراكٍ ما، والكافِرُ غَيْرُ مُدْرِكٍ إدْراكًا نافِعًا، فَهو كالمَيِّتِ، ولِذَلِكَ أعادَ الفِعْلَ فَقالَ ﴿وما يَسْتَوِي الأحْياءُ ولا الأمْواتُ﴾، كَأنَّهُ جَعَلَ مَقامَ سُؤالٍ، وكَرَّرَ لا فِيما ذَكَرَ لِتَأْكِيدِ المُنافاةِ. فالظُّلُماتُ تُنافِي النُّورَ وتُضادُهُ، والظِّلُّ والحَرُورُ كَذَلِكَ، والأعْمى والبَصِيرُ لَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأنَّ الشَّخْصَ الواحِدَ قَدْ يَكُونُ بَصِيرًا. ثُمَّ يَعْرِضُ لَهُ العَمى، فَلا مُنافاةَ إلّا مِن حَيْثُ الوَصْفُ. والمُنافاةُ بَيْنَ الظِّلِّ والحَرُورِ دائِمَةٌ؛ لِأنَّ المُرادَ مِنَ الظِّلِّ عَدَمُ الحَرِّ والبَرْدِ؛ فَلَمّا كانَتِ المُنافاةُ أتَمَّ، أُكِّدَ بِالتَّكْرارِ. وأمّا الأحْياءُ والأمْواتُ مِن حَيْثُ أنَّ الجِسْمَ الواحِدَ يَكُونُ مَحَلًّا لِلْحَياةِ، فَيَصِيرُ مَحَلًّا لِلْمَوْتِ. فالمُنافاةُ بَيْنَهُما أتَمُّ مِنَ المُنافاةِ بَيْنَ الأعْمى والبَصِيرِ؛ لِأنَّ هَذَيْنِ قَدْ يَشْتَرِكانِ في إدْراكٍ ما، ولا كَذَلِكَ الحَيُّ. والمَيِّتُ يُخالِفُ الحَيَّ في الحَقِيقَةِ، لا في الوَصْفِ، عَلى ما بُيِّنَ في الحِكْمَةِ الإلَهِيَّةِ. وقُدِّمَ الأشْرَفُ في مَثَلَيْنِ، وهو الظِّلُّ والحَيُّ؛ وأُخِّرَ في مَثَلَيْنِ، وهُما البَصِيرُ والنُّورُ، ولا يُقالُ لِأجْلِ السَّجْعِ؛ لِأنَّ مُعْجِزَةَ القُرْآنِ لَيْسَتْ في مُجَرَّدِ اللَّفْظِ، بَلْ فِيهِ. وفي المَعْنى: والشّاعِرُ قَدْ يُقَدِّمُ ويُؤَخِّرُ لِأجْلِ السَّجْعِ والقُرْآنُ المَعْنى صَحِيحٌ، واللَّفْظُ فَصِيحٌ، وكانُوا قَبْلَ المَبْعَثِ في ضَلالَةٍ، فَكانُوا كالعُمْيِ، وطَرِيقُهُمُ الظُّلْمَةُ. فَلَمّا جاءَ الرَّسُولُ، واهْتَدى بِهِ قَوْمٌ، صارُوا بَصِيرِينَ، وطَرِيقُهُمُ النُّورُ، وقَدَّمَ ما كانَ مُتَقَدِّمًا مِنَ المُتَّصِفِ بِالكُفْرِ، وطَرِيقَتُهُ عَلى ما كانَ مُتَأخِّرًا مِنَ المُتَّصِفِ بِالإيمانِ وطَرِيقَتِهِ. ثُمَّ لَمّا ذَكَرَ المَآلَ والمَرْجِعَ، قَدَّمَ ما يَتَعَلَّقُ بِالرَّحْمَةِ عَلى ما يَتَعَلَّقُ بِالغَضَبِ، كَما جاءَ: سَبَقَتْ رَحْمَتِي غَضَبِي، فَقَدَّمَ الظِّلَّ عَلى الحَرُورِ.
ثُمَّ إنَّ الكافِرَ المُصِرَّ بَعْدَ البَعْثَةِ صارَ أضَلَّ مِنَ الأعْمى، وشابَهَ الأمْواتَ في عَدَمِ إدْراكِ الحَقِّ فَقالَ ﴿وما يَسْتَوِي الأحْياءُ﴾ الَّذِينَ آمَنُوا بِما أنْزَلَ اللَّهُ، ﴿ولا الأمْواتُ﴾ الَّذِينَ تُلِيَتْ عَلَيْهِمُ الآياتُ البَيِّناتُ، ولَمْ يَنْتَفِعُوا بِها. وهَؤُلاءِ كانُوا بَعْدَ إيمانِ مَن آمَنَ، فَأخَّرَهم لِوُجُودِ حَياةِ المُؤْمِنِينَ قَبْلَ مَماتِ الكافِرِ. وأفْرَدَ الأعْمى والبَصِيرَ؛ لِأنَّهُ قابَلَ الجِنْسَ بِالجِنْسِ، إذْ قَدْ يُوجَدُ في أفْرادِ العُمْيانِ ما يُساوِي بِهِ بَعْضَ أفْرادِ البُصَراءِ، كَأعْمًى عِنْدَهُ مِنَ الذَّكاءِ ما يُساوِي بِهِ البَصِيرَ البَلِيدَ. فالتَّفاوُتُ بَيْنَ الجِنْسَيْنِ مَقْطُوعٌ بِهِ، لا بَيْنَ الأفْرادِ. وجُمِعَتِ الظُّلُماتُ؛ لِأنَّ طُرُقَ الكُفْرِ مُتَعَدِّدَةٌ؛ وأُفْرِدَ النُّورُ؛ لِأنَّ التَّوْحِيدَ والحَقَّ واحِدٌ، والتَّفاوُتُ بَيْنَ كُلِّ فَرْدٍ مِن تِلْكَ الأفْرادِ وبَيْنَ هَذا الواحِدِ فَقالَ: الظُّلُماتُ لا تَجِدُ فِيها ما يُساوِي هَذا النُّورَ. وأمّا الأحْياءُ والأمْواتُ، فالتَّفاوُتُ بَيْنَهُما أكْثَرُ، إذْ ما مِن مَيِّتٍ يُساوِي في الإدْراكِ حَيًّا، فَذَكَرَ أنَّ الأحْياءَ لا يُساوُونَ الأمْواتَ، سَواءٌ قابَلْتَ الجِنْسَ بِالجِنْسِ، أمْ قابَلْتَ الفَرْدَ بِالفَرْدِ. انْتَهى. مِن كَلامِ أبِي عَبْدِ اللَّهِ الرّازِيِّ، وفِيهِ بَعْضُ تَلْخِيصٍ.
ثُمَّ سَلّى رَسُولَهُ بِقَوْلِهِ ﴿إنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَن يَشاءُ﴾ أيْ إسْماعُ هَؤُلاءِ مَنُوطٌ بِمَشِيئَتِنا، وكَنّى بِالإسْماعِ عَنِ الَّذِي تَكُونُ عَنْهُ الإجابَةُ لِلْإيمانِ. ولَمّا ذَكَرَ أنَّهُ ﴿وما يَسْتَوِي الأحْياءُ ولا الأمْواتُ﴾، قالَ ﴿وما أنْتَ بِمُسْمِعٍ مَن في القُبُورِ﴾ أيْ هَؤُلاءِ، مِن عَدَمِ إصْغائِهِمْ إلى سَمْعِ الحَقِّ، بِمَنزِلَةِ مَن هم قَدْ ماتُوا فَأقامُوا في قُبُورِهِمْ. فَكَما أنَّ مَن ماتَ لا يُمْكِنُ أنْ يَقْبَلَ مِنكَ قَوْلَ الحَقِّ، فَكَذَلِكَ هَؤُلاءِ؛ لِأنَّهم أمْواتُ القُلُوبِ. وقَرَأ الأشْهَبُ، والحَسَنُ بِمُسْمِعِ مَن، عَلى الإضافَةِ؛ والجُمْهُورُ: بِالتَّنْوِينِ.
﴿إنْ أنْتَ إلّا نَذِيرٌ﴾ أيْ ما عَلَيْكَ إلّا أنْ تُبَلِّغَ وتُنْذِرَ. فَإنْ كانَ المُنْذَرُ مِمَّنْ أرادَ اللَّهُ هِدايَتَهُ سَمِعَ واهْتَدى، وإنْ كانَ مِمَّنْ أرادَ اللَّهُ ضَلالَهُ فَما عَلَيْكَ؛ لِأنَّهُ تَعالى هو الَّذِي يَهْدِي ويُضِلُّ. و﴿بِالحَقِّ﴾ حالٌ مِنَ الفاعِلِ، أيْ مُحِقٌّ. أوْ مِنَ المَفْعُولِ، أيْ مُحِقًّا، أوْ صِفَةٌ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ، أيْ إرْسالًا بِالحَقِّ، أيْ مَصْحُوبًا. قالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: أوْ صِلَةُ بَشِيرٍ ونَذِيرٍ، فَنَذِيرٌ عَلى بَشِيرٍ بِالوَعْدِ الحَقِّ؛ (p-٣١٠)ونَذِيرٌ بِالوَعِيدِ. انْتَهى. ولا يُمْكِنُ أنْ يَتَعَلَّقَ بِالحَقِّ هَذا بَشِيرٌ ونَذِيرٌ مَعًا، بَلْ يَنْبَغِي أنْ يُتَأوَّلَ كَلامُهُ عَلى أنَّهُ أرادَ أنَّ ثَمَّ مَحْذُوفًا، والتَّقْدِيرُ: بِالوَعْدِ الحَقِّ بَشِيرًا، وبِالوَعِيدِ الحَقِّ نَذِيرًا، فَحَذَفَ المُقابِلَ لِدَلالَةِ مُقابِلِهِ عَلَيْهِ.
﴿وإنْ مِن أُمَّةٍ إلّا خَلا فِيها نَذِيرٌ﴾، الأُمَّةُ: الجَماعَةُ الكَثِيرَةُ، والمَعْنى: أنَّ الدُّعاءَ إلى اللَّهِ لَمْ يَنْقَطِعْ عَنْ كُلِّ أُمَّةٍ. إمّا بِمُباشَرَةٍ مِن أنْبِيائِهِمْ وما يُنْقَلُ إلى وقْتِ بِعْثَةِ مُحَمَّدٍ ﷺ والآياتُ الَّتِي تَدُلُّ عَلى أنَّ قُرَيْشًا ما جاءَهم نَذِيرٌ مَعْناهُ لَمْ يُباشِرْهم ولا آباؤُهُمُ القَرِيبِينَ، وإمّا أنَّ النِّذارَةَ انْقَطَعَتْ فَلا. ولَمّا شَرَعَتْ آثارُ النِّذارَةِ تَنْدَرِسُ، بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّدًا ﷺ وما ذَكَرَهُ أهْلُ عِلْمِ الكَلامِ مِن حالِ أهْلِ الفَتَراتِ، فَإنَّ ذَلِكَ عَلى حَسَبِ العَرْضِ لِأنَّهُ واقِعٌ، ولا تُوجَدُ أُمَّةٌ عَلى وجْهِ الأرْضِ إلّا وقَدْ عَلِمَتِ الدَّعْوَةَ إلى اللَّهِ وعِبادَتِهِ. واكْتَفى بِذِكْرِ ﴿نَذِيرٌ﴾ عَنْ بَشِيرٍ؛ لِأنَّها مَشْفُوعَةٌ بِها في قَوْلِهِ ﴿بَشِيرًا ونَذِيرًا﴾، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلى أنَّهُ مُرادٌ، وحُذِفَ لِلدَّلالَةِ عَلَيْهِ.
﴿وإنْ يُكَذِّبُوكَ﴾ مَسْلاةٌ لِلرَّسُولِ ﷺ وتَقَدَّمَ الكَلامُ عَلى نَظِيرِ هَذِهِ الجُمَلِ في أواخِرِ آلِ عِمْرانَ وقَوْلُهُ ﴿فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ﴾، تَوَعُّدٌ لِقُرَيْشٍ بِما جَرى لِمُكَذِّبِي رُسُلِهِمْ.
{"ayahs_start":15,"ayahs":["۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلنَّاسُ أَنتُمُ ٱلۡفُقَرَاۤءُ إِلَى ٱللَّهِۖ وَٱللَّهُ هُوَ ٱلۡغَنِیُّ ٱلۡحَمِیدُ","إِن یَشَأۡ یُذۡهِبۡكُمۡ وَیَأۡتِ بِخَلۡقࣲ جَدِیدࣲ","وَمَا ذَ ٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ بِعَزِیزࣲ","وَلَا تَزِرُ وَازِرَةࣱ وِزۡرَ أُخۡرَىٰۚ وَإِن تَدۡعُ مُثۡقَلَةٌ إِلَىٰ حِمۡلِهَا لَا یُحۡمَلۡ مِنۡهُ شَیۡءࣱ وَلَوۡ كَانَ ذَا قُرۡبَىٰۤۗ إِنَّمَا تُنذِرُ ٱلَّذِینَ یَخۡشَوۡنَ رَبَّهُم بِٱلۡغَیۡبِ وَأَقَامُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَۚ وَمَن تَزَكَّىٰ فَإِنَّمَا یَتَزَكَّىٰ لِنَفۡسِهِۦۚ وَإِلَى ٱللَّهِ ٱلۡمَصِیرُ","وَمَا یَسۡتَوِی ٱلۡأَعۡمَىٰ وَٱلۡبَصِیرُ","وَلَا ٱلظُّلُمَـٰتُ وَلَا ٱلنُّورُ","وَلَا ٱلظِّلُّ وَلَا ٱلۡحَرُورُ","وَمَا یَسۡتَوِی ٱلۡأَحۡیَاۤءُ وَلَا ٱلۡأَمۡوَ ٰتُۚ إِنَّ ٱللَّهَ یُسۡمِعُ مَن یَشَاۤءُۖ وَمَاۤ أَنتَ بِمُسۡمِعࣲ مَّن فِی ٱلۡقُبُورِ","إِنۡ أَنتَ إِلَّا نَذِیرٌ","إِنَّاۤ أَرۡسَلۡنَـٰكَ بِٱلۡحَقِّ بَشِیرࣰا وَنَذِیرࣰاۚ وَإِن مِّنۡ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِیهَا نَذِیرࣱ","وَإِن یُكَذِّبُوكَ فَقَدۡ كَذَّبَ ٱلَّذِینَ مِن قَبۡلِهِمۡ جَاۤءَتۡهُمۡ رُسُلُهُم بِٱلۡبَیِّنَـٰتِ وَبِٱلزُّبُرِ وَبِٱلۡكِتَـٰبِ ٱلۡمُنِیرِ","ثُمَّ أَخَذۡتُ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ۖ فَكَیۡفَ كَانَ نَكِیرِ"],"ayah":"وَمَا یَسۡتَوِی ٱلۡأَعۡمَىٰ وَٱلۡبَصِیرُ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق