الباحث القرآني
﴿قُلْ يا أهْلَ الكِتابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ واللَّهُ شَهِيدٌ عَلى ما تَعْمَلُونَ﴾ قالَ الطَّبَرِيُّ: سَبَبُ نُزُولِها ونُزُولِ ما بَعْدَها إلى قَوْلِهِ: ﴿وأُولَئِكَ لَهم عَذابٌ عَظِيمٌ﴾ [آل عمران: ١٠٥] أنَّ رَجُلًا مِنَ اليَهُودِ حاوَلَ الإغْراءَ بَيْنَ الأوْسِ والخَزْرَجِ، واسْمُهُ: شاسُ بْنُ قَيْسٍ، وكانَ أعْمًى شَدِيدَ الضَّغَنِ والحَسَدِ لِلْمُسْلِمِينَ، فَرَأى ائْتِلافَ الأوْسِ والخَزْرَجِ، فَقالَ: ما لَنا مِن قَرارٍ بِهَذِهِ البِلادِ مَعَ اجْتِماعِ مَلَإ بَنِي قَيْلَةَ، فَأمَرَ شابًّا مِنَ اليَهُودِ أنْ يُذَكِّرَهم يَوْمَ بُعاثٍ وما جَرى فِيهِ مِنَ الحَرْبِ وما قالُوهُ مِنَ الشِّعْرِ، فَفَعَلَ، فَتَكَلَّمُوا حَتّى ثارُوا إلى السِّلاحِ بِالحَرَّةِ. فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أبِدَعْوى الجاهِلِيَّةِ وأنا بَيْنَ أظْهُرِكم» ؟ ووَعَظَهم، فَرَجَعُوا، وعانَقَ بَعْضُهم بَعْضًا، هَذا مُلَخَّصُهُ وذَكَرُوهُ مُطَوَّلًا. وقالَ الحَسَنُ، وقَتادَةُ، والسُّدِّيُّ: نَزَلَتْ في أحْبارِ اليَهُودِ الَّذِينَ كانُوا يَصُدُّونَ المُسْلِمِينَ عَنِ الإسْلامِ بِأنْ يَقُولُوا لَهم: إنَّ مُحَمَّدًا لَيْسَ بِالمَوْصُوفِ في كِتابِنا، والظّاهِرُ نِداءُ أهْلِ الكِتابِ عُمُومًا والعامَّةِ، وإنْ لَمْ يَعْلَمُوا، فالحُجَّةُ قائِمَةٌ عَلَيْهِمْ كَقِيامِها عَلى الخاصَّةِ. وكَأنَّهم بِتَرْكِ الِاسْتِدْلالِ والعُدُولِ إلى التَّقْلِيدِ بِمَنزِلَةِ مَن عَلِمَ ثُمَّ أنْكَرَهُ. وقِيلَ: المُرادُ عُلَماءُ أهْلِ الكِتابِ الَّذِينَ عَلِمُوا صِحَّةَ نُبُوَّتِهِ، واسْتُدِلَّ بِقَوْلِهِ: ”﴿وأنْتُمْ شُهَداءُ﴾ [آل عمران: ٩٩]“ . انْتَهى هَذا القَوْلُ. وخَصَّ أهْلَ الكِتابِ بِالذِّكْرِ دُونَ سائِرِ الكُفّارِ؛ لِأنَّهم هُمُ المُخاطَبُونَ في صَدْرِ هَذِهِ الآيَةِ، المُورَدُ الدَّلائِلُ عَلَيْهِمْ مِنَ التَّوْراةِ والإنْجِيلِ عَلى صِحَّةِ نُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ ﷺ، والمُجابُونَ عَنْ شُبَهِهِمْ في ذَلِكَ؛ ولِأنَّ مَعْرِفَتَهم بِآياتِ اللَّهِ أقْوى لِتَقَدُّمِ اعْتِرافِهِمْ بِالتَّوْحِيدِ وأصْلِ النُّبُوَّةِ، ولِمَعْرِفَتِهِمْ بِما في كُتُبِهِمْ مِنَ الشَّهادَةِ لِلرَّسُولِ والبِشارَةِ بِهِ. ولَمّا ذَكَرَ تَعالى أنَّ في البَيْتِ آياتٌ بَيِّناتٌ وأوْجَبَ حَجَّهُ، ثُمَّ قالَ: ﴿ومَن كَفَرَ فَإنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ العالَمِينَ﴾ [آل عمران: ٩٧] ناسَبَ أنْ يُنْكِرَ عَلى الكُفّارِ كُفْرَهم بِآياتِ اللَّهِ، فَناداهم بِـ ”﴿ياأهْلَ الكِتابِ﴾“؛ لِيُنَبِّهَهم عَلى أنَّهم أهْلُ الكِتابِ، فَلا يُناسِبُ مَن يَعْتَزِي إلى كِتابِ اللَّهِ أنْ يَكْفُرَ بِآياتِهِ، بَلْ يَنْبَغِي طَواعِيَتُهُ وإيمانُهُ بِها؛ إذْ لَهُ مَرْجِعٌ مِنَ العِلْمِ يَصِيرُ إلَيْهِ إذا اعْتَرَتْهُ شُبْهَةٌ.
والآياتُ: هي العَلاماتُ الَّتِي نَصَبَها اللَّهُ دَلالَةً عَلى الحَقِّ. وقِيلَ: آياتُ اللَّهِ هي آياتٌ مِنَ التَّوْراةِ فِيها صِفَةُ مُحَمَّدٍ ﷺ . ويُحْتَمَلُ القُرْآنُ ومُعْجِزَةُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ .
﴿واللَّهُ شَهِيدٌ عَلى ما تَعْمَلُونَ﴾ جُمْلَةٌ حالِيَّةٌ فِيها تَهْدِيدٌ ووَعِيدٌ. أيْ إنَّ مَن كانَ اللَّهُ مُطَّلِعًا عَلى أعْمالِهِ مُشاهِدًا لَهُ في جَمِيعِ أحْوالِهِ لا يُناسِبُهُ أنْ يَكْفُرَ بِآياتِهِ، فَلا يُجامِعُ العِلْمَ بِأنَّ اللَّهَ مُطَّلِعٌ عَلى جَمِيعِ أعْمالِ الكُفْرِ بِآياتِ اللَّهِ؛ لِأنَّ مَن تَيَقَّنَ أنَّ اللَّهَ مُجازِيهِ لا يَكادُ يَقَعُ مِنهُ الكُفْرُ الَّذِي هو أعْظَمُ الكَبائِرِ. وأتَتْ صِيغَةُ ”شَهِيدٌ“ لِتَدُلَّ عَلى المُبالَغَةِ بِحَسَبِ المُتَعَلِّقِ؛ لِأنَّ الشَّهادَةَ يُرادُ بِها العِلْمُ في حَقِّ اللَّهِ وصِفاتِهِ تَعالى مِن حَيْثُ هي هي لا تَقْبَلُ التَّفاوُتَ بِالزِّيادَةِ والنُّقْصانِ. فَإذا جاءَتِ الصِّفَةُ مِن أوْصافِهِ لِلْمُبالَغَةِ فَذَلِكَ بِحَسَبِ مُتَعَلِّقاتِها. وتَقَدَّمَ الكَلامُ عَلى ”لِمَ“ وحَذْفِ الألِفِ مِن ”ما“ الِاسْتِفْهامِيَّةِ إذا دَخَلَ عَلَيْها الجارُّ. وقَوْلُهُ: ”﴿عَلى ما تَعْمَلُونَ﴾“ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: شَهِيدٌ، و”ما“ مَوْصُولَةٌ. وجَوَّزُوا (p-١٤)أنْ تَكُونَ مَصْدَرِيَّةً، أيْ عَلى عَمَلِكم.
{"ayah":"قُلۡ یَـٰۤأَهۡلَ ٱلۡكِتَـٰبِ لِمَ تَكۡفُرُونَ بِـَٔایَـٰتِ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ شَهِیدٌ عَلَىٰ مَا تَعۡمَلُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق