الباحث القرآني
﴿إنَّ أوْلى النّاسِ بِإبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وهَذا النَّبِيُّ والَّذِينَ آمَنُوا واللَّهُ ولِيُّ المُؤْمِنِينَ﴾ قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: قالَتْ رُؤَساءُ اليَهُودِ: واللَّهِ يا مُحَمَّدُ، لَقَدْ عَلِمْتَ أنّا أوْلى النّاسِ بِدِينِ إبْراهِيمَ مِنكَ، ومِن غَيْرِكَ، وإنَّهُ كانَ يَهُودِيًّا، وما بِكَ إلّا الحَسَدُ. فَنَزَلَتْ. ورُوِيَ حَدِيثٌ طَوِيلٌ في اجْتِماعِ جَعْفَرٍ وأصْحابِهِ، وعَمْرِو بْنِ العاصِ وأصْحابِهِ بِالنَّجاشِيِّ، وفِيهِ: أنَّ النَّجاشِيَّ قالَ: لا دَهْوَرَةَ اليَوْمَ عَلى حِزْبِ إبْراهِيمَ. أيْ: لا خَوْفَ ولا تَبِعَةَ، فَقالَ عَمْرٌو: مَن حِزْبُ إبْراهِيمَ ؟ فَقالَ النَّجاشِيُّ: هَؤُلاءِ الرَّهْطُ وصاحِبُهم، يَعْنِي جَعْفَرًا (p-٤٨٨)وأصْحابَهُ، ورَسُولَ اللَّهِ ﷺ أنَّهُ قالَ: ”لِكُلِّ نَبِيٍّ وُلاةٌ مِنَ النَّبِيِّينَ، وإنَّ ولِيِّي مِنهم أبِي وخَلِيلُ رَبِّي إبْراهِيمُ“ . ثُمَّ قَرَأ هَذِهِ الآيَةَ. ومَعْنى: أوْلى النّاسِ: أخَصُّهم بِهِ وأقْرَبُهم مِنهُ مِنَ الوَلِيِّ، وهو القُرْبُ. والَّذِينَ اتَّبَعُوهُ يَشْمَلُ كُلَّ مَنِ اتَّبَعَهُ في زَمانِهِ وغَيْرِ زَمانِهِ، فَيَدْخُلُ فِيهِ مُتَّبِعُوهُ في زَمانِ الفَتَراتِ. وعُنِيَ بِالأتْباعِ أتْباعُهُ في شَرِيعَتِهِ.
وقالَ عَلِيُّ بْنُ عِيسى: أحَقُّهم بِنُصْرَتِهِ أيْ: بِالمَعُونَةِ وبِالحُجَّةِ، فَمَن تَبِعَهُ في زَمانِهِ نَصَرَهُ بِمَعُونَتِهِ عَلى مُخالَفَتِهِ. ومُحَمَّدٌ والمُؤْمِنُونَ نَصَرُوهُ بِالحُجَّةِ لَهُ أنَّهُ كانَ مُحِقًّا سالِمًا مِنَ المَطاعِنِ، ﴿وهَذا النَّبِيُّ﴾ يَعْنِي بِهِ مُحَمَّدًا ﷺ وخُصَّ بِالذِّكْرِ مِن سائِرِ مَنِ اتَّبَعَهُ لِتَخْصِيصِهِ بِالشَّرَفِ والفَضِيلَةِ، كَقَوْلِهِ ﴿وجِبْرِيلَ ومِيكالَ﴾ [البقرة: ٩٨] .
﴿والَّذِينَ آمَنُوا﴾ قِيلَ: آمَنُوا مِن أُمَّةِ مُحَمَّدٍ، وخُصُّوا أيْضًا بِالذِّكْرِ تَشْرِيفًا لَهم، إذْ هم أفْضَلُ الأتْباعِ لِلرُّسُلِ، كَما أنَّ رَسُولَهم أفْضَلُ الرُّسُلِ. وقِيلَ: المُؤْمِنُونَ في كُلِّ زَمانٍ. وعُطِفَ ﴿وهَذا النَّبِيُّ﴾ عَلى خَبَرِ ”إنَّ“، ومَن أعْرَبَ (وهَذا النَّبِيُّ والَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ) مُبْتَدَأٌ، والخَبَرُ: هُمُ المُتَّبِعُونَ لَهُ، فَقَدْ تَكَلَّفَ إضْمارًا لا ضَرُورَةَ تَدْعُو إلَيْهِ.
وقُرِئَ: وهَذا النَّبِيَّ، بِالنَّصْبِ، عَطْفًا عَلى: الهاءِ، في ”اتَّبَعُوهُ“، فَيَكُونُ مُتَّبَعًا، لا مَتَّبِعًا: أيْ: أحَقُّ النّاسِ بِإبْراهِيمَ مَنِ اتَّبَعَهُ ومُحَمَّدًا - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِما وسَلَّمَ - ويَكُونُ: والَّذِينَ آمَنُوا، عَطْفًا عَلى خَبَرِ: إنَّ، فَهو في مَوْضِعِ رَفْعٍ.
وقُرِئَ: وهَذا النَّبِيِّ، بِالجَرِّ، ووُجِّهَ عَلى أنَّهُ عُطِفَ عَلى: إبْراهِيمَ، أيْ: إنَّ أوْلى النّاسِ بِإبْراهِيمَ، وبِهَذا النَّبِيِّ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوا إبْراهِيمَ. والنَّبِيُّ: قالُوا: بَدَلٌ مِن هَذا، أوْ نَعْتٌ، أوْ عَطْفُ بَيانٍ. ونَبَّهَ عَلى الوَصْفِ الَّذِي يَكُونُ بِهِ اللَّهُ ولِيًّا لِعِبادِهِ، وهو: الإيمانُ. فَقالَ: ولِيُّ المُؤْمِنِينَ، ولَمْ يَقُلْ: ولِيُّهم. وهَذا وعْدٌ لَهم بِالنَّصْرِ في الدُّنْيا، وبِالفَوْزِ في الآخِرَةِ. وهَذا كَما قالَ تَعالى: ﴿اللَّهُ ولِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ [البقرة: ٢٥٧] .
قِيلَ: وجَمَعَتْ هَذِهِ الآياتُ مِنَ البَلاغَةِ التَّنْبِيهَ والإشارَةَ والجَمْعَ بَيْنَ حَرْفَيِ التَّأْكِيدِ، وبِالفَصْلِ في قَوْلِهِ: ﴿إنَّ هَذا لَهو القَصَصُ الحَقُّ﴾ [آل عمران: ٦٢] وفي: ﴿وإنَّ اللَّهَ لَهو العَزِيزُ﴾ [آل عمران: ٦٢] والِاخْتِصاصِ في: ﴿عَلِيمٌ بِالمُفْسِدِينَ﴾ [آل عمران: ٦٣] وفي: ﴿ولِيُّ المُؤْمِنِينَ﴾ والتَّجَوُّزِ بِإطْلاقِ اسْمِ الواحِدِ عَلى الجَمْعِ في: ﴿إلى كَلِمَةٍ سَواءٍ﴾ [آل عمران: ٦٤] وبِإطْلاقِ اسْمِ الجِنْسِ عَلى نَوْعِهِ في: ﴿يا أهْلَ الكِتابِ﴾ [آل عمران: ٧٠] إذا فُسِّرَ بِاليَهُودِ. والتَّكْرارِ في: إلّا اللَّهُ، وإنَّ اللَّهَ. وفي: يا أهْلَ الكِتابِ تَعالَوْا، يا أهْلَ الكِتابِ لِمَ. وفي إبْراهِيمَ، وما كانَ إبْراهِيمُ، وإنَّ أوْلى النّاسِ بِإبْراهِيمَ. والتَّشْبِيهِ في: أرْبابًا، لَمّا أطاعُوهم في التَّحْلِيلِ والتَّحْرِيمِ، وأذْعَنُوا إلَيْهِمْ أطْلَقَ عَلَيْهِ: أرْبابًا تَشْبِيهًا بِالرَّبِّ المُسْتَحِقِّ لِلْعِبادَةِ والرُّبُوبِيَّةِ، والإجْمالِ في الخِطابِ في: يا أهْلَ الكِتابِ تَعالَوْا، يا أهْلَ الكِتابِ لِمَ تُحاجُّونَ، كَقَوْلِ إبْراهِيمَ: يا أبَتِ، يا أبَتِ. وكَقَوْلِ الشّاعِرِ:
؎مَهْلًا بَنِي عَمِّنا مَهْلًا مَوالِينا لا تَنْبِشُوا بَيْنَنا ما كانَ مَدْفُونا
وقَوْلِ الآخَرِ:
؎بَنِي عَمِّنا لا تَنْبِشُوا الشَّرَّ بَيْنَنا ∗∗∗ فَكَمْ مِن رَمادٍ صارَ مِنهُ لَهِيبُ
والتَّجْنِيسُ المُماثِلُ في: أوْلى ووَلِيٍّ.
{"ayah":"إِنَّ أَوۡلَى ٱلنَّاسِ بِإِبۡرَ ٰهِیمَ لَلَّذِینَ ٱتَّبَعُوهُ وَهَـٰذَا ٱلنَّبِیُّ وَٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ۗ وَٱللَّهُ وَلِیُّ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق