الباحث القرآني
ومُشارَكَةُ المَلائِكَةِ وأُولِي العِلْمِ لِلَّهِ تَعالى في الشَّهادَةِ، مِن حَيْثُ عُطِفا عَلَيْهِ لِصِحَّةِ نِسْبَةِ الإعْلامِ، أوْ صِحَّةِ نِسْبَةِ الإظْهارِ والبَيانِ، وإنِ اخْتَلَفَتْ كَيْفِيَّةُ الإظْهارِ والبَيانِ، مِن حَيْثُ إنَّ إظْهارَهُ تَعالى بِخَلْقِ الدَّلائِلِ، وإظْهارَ المَلائِكَةِ بِتَقْرِيرِها لِلرُّسُلِ، والرُّسُلِ لِأُولِي العِلْمِ. وقالَ الواحِدِيُّ: شَهادَةُ اللَّهِ: بَيانُهُ وإظْهارُهُ، والشّاهِدُ هو العالِمُ الَّذِي بَيَّنَ ما عَلِمَهُ، واللَّهُ تَعالى بَيَّنَ دَلالاتِ التَّوْحِيدِ بِجَمِيعِ ما خَلَقَ، وشَهادَةُ المَلائِكَةِ بِمَعْنى الإقْرارِ؛ كَقَوْلِهِ: ﴿قالُوا شَهِدْنا عَلى أنْفُسِنا﴾ [الأنعام: ١٣٠] أيْ: أقْرَرْنا. فَنَسَّقَ شَهادَةَ المَلائِكَةِ عَلى شَهادَةِ اللَّهِ، وإنِ اخْتَلَفَتْ مَعْنًى، لِتَماثُلِهِما لَفْظًا. كَقَوْلِهِ: ﴿إنَّ اللَّهَ ومَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلى النَّبِيِّ﴾ [الأحزاب: ٥٦] لِأنَّها مِنَ اللَّهِ الرَّحْمَةُ، ومِنَ المَلائِكَةِ الِاسْتِغْفارُ، والدُّعاءُ، وشَهادَةُ أُولِي العِلْمِ يَحْتَمِلُ الإقْرارَ، ويَحْتَمِلُ التَّبْيِينَ؛ لِأنَّهم أقَرُّوا وبَيَّنُوا انْتَهى. وقالَ المُؤَرِّجُ: شَهِدَ اللَّهُ، بِلُغَةِ قَيْسِ بْنِ غَيْلانَ. و﴿أُولُوا العِلْمِ﴾ قِيلَ: هُمُ الأنْبِياءُ. وقِيلَ: العُلَماءُ، وقِيلَ: مُؤْمِنُوَ أهْلِ الكِتابِ.
وقِيلَ: المُهاجِرُونَ والأنْصارُ. وقِيلَ: عُلَماءُ المُؤْمِنِينَ. وقالَ الحَسَنُ: المُؤْمِنُونَ. والمُرادُ بِأُولِي العِلْمِ: مَن كانَ مِنَ البَشَرِ عالِمًا، لِأنَّهم (p-٤٠٣)يَنْقَسِمُونَ إلى عالِمٍ وجاهِلٍ، بِخِلافِ المَلائِكَةِ، فَإنَّهم في العِلْمِ سَواءٌ. و﴿أنَّهُ لا إلَهَ إلّا هُوَ﴾: مَفْعُولُ شَهِدَ، وفَصَلَ بِهِ بَيْنَ المَعْطُوفِ عَلَيْهِ والمَعْطُوفِ؛ لِيَدُلَّ عَلى الِاعْتِناءِ بِذِكْرِ المَفْعُولِ، ولِيَدُلَّ عَلى تَفاوُتِ دَرَجَةِ المُتَعاطِفَيْنِ، بِحَيْثُ لا يُنَسَّقانِ مُتَجاوِرَيْنِ. وقَدَّمَ المَلائِكَةَ عَلى أُولِي العِلْمِ مِنَ البَشَرِ؛ لِأنَّهُمُ المَلَأُ الأعْلى، وعِلْمُهم كُلُّهُ ضَرُورِيٌّ، بِخِلافِ البَشَرِ، فَإنَّ عِلْمَهم ضَرُورِيٌّ واكْتِسابِيٌّ. وقَرَأ أبُو الشَّعْثاءِ: شُهِدَ، بِضَمِّ الشِّينِ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ، فَيَكُونُ: أنَّهُ، في مَوْضِعِ البَدَلِ أيْ: شَهِدَ وحْدانِيَّةَ اللَّهِ وأُلُوهِيَّتَهُ. وارْتِفاعُ: المَلائِكَةُ، عَلى هَذِهِ القِراءَةِ عَلى الِابْتِداءِ، والخَبَرُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ: والمَلائِكَةُ وأُولُوَ العِلْمِ يَشْهَدُونَ. وحَذَفَ الخَبَرَ لِدَلالِ المَعْنى عَلَيْهِ، ويُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ فاعِلًا بِإضْمارِ فِعْلٍ مَحْذُوفٍ لِدَلالَةِ ”شَهِدَ“ عَلَيْهِ، لِأنَّهُ إذا بُنِيَ الفِعْلُ لِلْمَفْعُولِ فَإنَّهُ قَبْلَ ذَلِكَ كانَ مَبْنِيًّا لِلْفاعِلِ، والتَّقْدِيرُ: وشَهِدَ بِذَلِكَ المَلائِكَةُ، وأُولُو العِلْمِ. وقَرَأ أبُو المُهَلَّبِ، عَمُّ مُحارِبِ بْنِ دِثارٍ: شُهَداءَ اللَّهِ، عَلى وزْنِ: فُعَلاءَ، جَمْعًا مَنصُوبًا.
قالَ ابْنُ جِنِّي: عَلى الحالِ مِنَ الضَّمِيرِ في المُسْتَغْفِرِينَ. وقِيلَ: نَصْبٌ عَلى المَدْحِ، وهو جَمْعُ شُهَداءَ، وجَمْعُ شاهِدٍ: كَظُرَفاءَ وعُلَماءَ. ورُوِيَ عَنْهُ، وعَنْ أبِي نَهِيكٍ: شُهَداءُ اللَّهِ، بِالرَّفْعِ أيْ: هم شُهَداءُ اللَّهِ. وفي القِراءَتَيْنِ: شُهَداءُ، مُضافٌ إلى اسْمِ اللَّهِ.
ورُوِيَ عَنْ أبِي المُهَلَّبِ: شُهُدٌ بِضَمِّ الشِّينِ والهاءِ، جَمْعُ: شَهِيدٍ، كَنَذِيرٍ ونُذُرٍ، وهو مَنصُوبٌ عَلى الحالِ، واسْمُ اللَّهِ مَنصُوبٌ. وذَكَرَ النَّقّاشُ: أنَّهُ قُرِئَ كَذَلِكَ بِضَمِّ الدّالِ، وبِفَتْحِها مُضافًا لِاسْمِ اللَّهِ في القِراءَتَيْنِ. وذَكَرَ الزَّمَخْشَرِيُّ، أنَّهُ قُرِئَ: شُهَداءُ لِلَّهِ، بِرَفْعِ الهَمْزَةِ ونَصْبِها، وبِلامِ الجَرِّ داخِلَةٌ عَلى اسْمِ اللَّهِ، فَوَجْهُ النَّصْبِ عَلى الحالِ مِنَ المَذْكُورِينَ، والرَّفْعِ عَلى إضْمارِهِمْ، ووَجْهُ رَفْعِ المَلائِكَةِ عَلى هاتَيْنِ القِراءَتَيْنِ عَطْفًا عَلى الضَّمِيرِ المَسْتَكِنِّ في شُهَداءَ، وجازَ ذَلِكَ الوُقُوعُ الفاصِلُ بَيْنَهُما، وتَقَدَّمَ تَوْجِيهُ رَفْعِ المَلائِكَةِ إمّا عَلى الفاعِلِيَّةِ، وإمّا عَلى الِابْتِداءِ.
وقَرَأ أبُو عَمْرٍو بِخِلافٍ عَنْهُ بِإدْغامِ، واوٍ، وهو في: واوِ ”والمَلائِكَةُ“ . وقَرَأ ابْنُ عَبّاسٍ: (إنَّهُ لا إلَهَ إلّا هو) بِكَسْرِ الهَمْزَةِ في: إنَّهُ، وخَرَّجَ ذَلِكَ عَلى أنَّهُ أجْرى شَهِدَ مَجْرى قالَ؛ لِأنَّ الشَّهادَةَ في مَعْنى القَوْلِ، فَلِذَلِكَ كَسَرَ إنَّ، أوْ عَلى أنَّ مَعْمُولَ شَهِدَ، هو أنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإسْلامُ ويَكُونُ قَوْلُهُ: ﴿أنَّهُ لا إلَهَ إلّا هُوَ﴾ جُمْلَةُ اعْتِراضٍ بَيْنَ المَعْطُوفِ عَلَيْهِ والمَعْطُوفِ، إذْ فِيها تَسْدِيدٌ لِمَعْنى الكَلامِ وتَقْوِيَةٌ؛ هَكَذا خَرَّجُوهُ والضَّمِيرُ في: أنَّهُ، يَحْتَمِلُ أنْ يَكُونَ عائِدًا عَلى: اللَّهُ، ويَحْتَمِلُ أنْ يَكُونَ ضَمِيرَ الشَّأْنِ، ويُؤَيِّدُ هَذا قِراءَةُ عَبْدِ اللَّهِ (شَهِدَ اللَّهُ أنْ لا إلَهَ إلّا هو) فَفي هَذِهِ القِراءَةِ يَتَعَيَّنُ أنْ يَكُونَ المَحْذُوفُ إذا خَفَّفْتَ ضَمِيرَ الشَّأْنِ، لِأنَّها إذا خُفِّفَتْ لَمْ تَعْمَلْ في غَيْرِهِ إلّا ضَرُورَةً، وإذا عَمِلَتْ فِيهِ لَزِمَ حَذْفُهُ. قالُوا: وانْتُصِبَ: ﴿قائِمًا بِالقِسْطِ﴾ عَلى الحالِ مِنِ اسْمِ اللَّهِ تَعالى، أوْ مِن هو، أوْ مِنَ الجَمِيعِ، عَلى اعْتِبارِ كُلِّ واحِدٍ واحِدٍ، أوْ عَلى المَدْحِ، أوْ صِفَةٌ لِلْمَنفِيِّ، كَأنَّهُ قِيلَ: لا إلَهَ قائِمًا بِالقِسْطِ إلّا هو. أوْ: عَلى القَطْعِ، لِأنَّ أصْلَهُ: القائِمُ، وكَذا قَرَأ ابْنُ مَسْعُودٍ، فَيَكُونُ كَقَوْلِهِ: ﴿ولَهُ الدِّينُ واصِبًا﴾ [النحل: ٥٢] أيِ: الواصِبُ. وقَرَأ أبُو حَنِيفَةَ: قَيِّمًا، وانْتِصابُهُ عَلى ما ذُكِرَ.
وذَكَرَ السَّجاوَنْدِيُّ: أنَّ قِراءَةَ عَبْدِ اللَّهِ: قائِمٌ، فَأمّا انْتِصابُهُ عَلى الحالِ مِنِ اسْمِ اللَّهِ فَعامِلُها شَهِدَ، إذْ هو العامِلُ في الحالِ، وهي في هَذا الوَجْهِ حالٌ لازِمَةٌ، لِأنَّ القِيامَ بِالقِسْطِ وصْفٌ ثابِتٌ لِلَّهِ تَعالى. وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وانْتِصابُهُ عَلى أنَّهُ حالٌ مُؤَكِّدَةٌ مِنهُ، أيْ: مِنَ اللَّهِ، كَقَوْلِهِ ﴿وهُوَ الحَقُّ مُصَدِّقًا﴾ [البقرة: ٩١] انْتَهى. ولَيْسَ مِنَ الحالِ المُؤَكِّدَةِ، لِأنَّهُ لَيْسَ مِن بابِ: ﴿ويَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا﴾ [مريم: ١٥] ولا مِن بابِ: أنا عَبْدُ اللَّهِ شُجاعًا. فَلَيْسَ ”قائِمًا بِالقِسْطِ“ (p-٤٠٤)بِمَعْنى شَهِدَ، ولَيْسَ مُؤَكِّدًا لِمَضْمُونِ الجُمْلَةِ السّابِقَةِ في نَحْوِ: أنا عَبْدُ اللَّهِ شُجاعًا، وهو زَيْدٌ شُجاعًا. لَكِنْ في هَذا التَّخْرِيجِ قَلَقٌ في التَّرْكِيبِ، إذْ يَصِيرُ كَقَوْلِكَ: أكَلَ زَيْدٌ طَعامًا، وعائِشَةُ وفاطِمَةُ جائِعًا.
فَيَفْصِلُ بَيْنَ المَعْطُوفِ عَلَيْهِ والمَعْطُوفِ بِالمَفْعُولِ، وبَيْنَ الحالِ وذِي الحالِ بِالمَفْعُولِ والمَعْطُوفِ، لَكِنْ بِمَشِيئَةِ كَوْنِها كُلِّها مَعُمُولَةً لِعامِلٍ واحِدٍ، وأمّا انْتِصابُهُ عَلى الحالِ مِنَ الضَّمِيرِ الَّذِي هو: هو، فَجَوَّزَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ وابْنُ عَطِيَّةَ. قالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: فَإنْ قُلْتَ: قَدْ جَعَلْتُهُ حالًا مِن فاعِلِ: شَهِدَ، فَهَلْ يَصِحُّ أنْ يَنْتَصِبَ حالًا مِن: هو، في: ﴿لا إلَهَ إلّا هُوَ﴾ ؟ قُلْتُ: نَعَمْ؛ لِأنَّها حالٌ مُؤَكِّدَةٌ، والحالُ المُؤَكِّدَةُ لا تَسْتَدْعِي أنْ يَكُونَ في الجُمْلَةِ الَّتِي هي زِيادَةٌ في فائِدَتِها عامِلٌ فِيها، كَقَوْلِهِ: أنا عَبْدُ اللَّهِ شُجاعًا انْتَهى. ويَعْنِي. أنَّ الحالَ المُؤَكِّدَةَ لا يَكُونُ العامِلُ فِيها النَّصْبَ شَيْئًا مِنَ الجُمْلَةِ السّابِقَةِ قَبْلَها، وإنَّما يَنْتَصِبُ بِعامِلٍ مُضْمَرٍ تَقْدِيرُهُ: أحَقُّ، أوْ نَحْوُهُ مُضْمَرًا بَعْدَ الجُمْلَةِ، وهَذا قَوْلُ الجُمْهُورِ. والحالُ المُؤَكِّدَةُ لِمَضْمُونِ الجُمْلَةِ، هي الدّالَّةُ عَلى مَعْنًى مُلازِمٍ لِلْمُسْنَدِ إلَيْهِ الحُكْمُ، أوْ شَبِيهٍ بِالمُلازِمِ، فَإنْ كانَ المُتَكَلِّمُ بِالجُمْلَةِ مُخْبِرًا عَنْ نَفْسِهِ، فَيُقَدَّرُ الفِعْلُ: أُحَقُّ، مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ، نَحْوَ: أنا عَبْدُ اللَّهِ شُجاعًا، أيْ: أُحَقُّ شُجاعًا. وإنْ كانَ مُخْبِرًا عَنْ غَيْرِهِ نَحْوَ: هو زَيْدٌ شُجاعًا، فَتَقْدِيرُهُ: أُحَقُّهُ شُجاعًا. وذَهَبَ الزَّجّاجُ إلى أنَّ العامِلَ في هَذِهِ الحالِ هو الخَبَرُ بِما ضُمِّنَ مِن مَعْنى المُسَمّى، وذَهَبَ ابْنُ خَرُوفٍ إلى أنَّهُ المُبْتَدَأُ بِما ضُمِّنَ مِن مَعْنى التَّنْبِيهِ. وأمّا مَن جَعَلَهُ حالًا مِنَ الجَمِيعِ، عَلى ما ذُكِرَ، فَرُدَّ بِأنَّهُ لَوْ جازَ ذَلِكَ لَجازَ: جاءَ القَوْمُ راكِبًا، أيْ: كُلُّ واحِدٍ مِنهم. وهَذا لا تَقُولُهُ العَرَبُ. وأمّا انْتِصابُهُ عَلى المَدْحِ، فَقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: (فَإنْ قُلْتَ) ألَيْسَ مِن حَقِّ المُنْتَصِبِ عَلى المَدْحِ أنْ يَكُونَ مَعْرِفَةً، كَقَوْلِكَ: الحَمْدُ لِلَّهِ الحَمِيدِ، ”«إنّا مَعْشَرَ الأنْبِياءِ لا نُورَثُ»
؎إنّا بَنِي نَهْشَلٍ لا نُدْعى لِأبٍ
“ قُلْتُ: قَدْ جاءَ نَكِرَةً في قَوْلِ الهُذَلِيِّ:
؎ويَأْوِي إلى نِسْوَةٍ عُطُلٍ ∗∗∗ وشُعْثٍ مَراضِيعَ مِثْلِ السَّعالِي
(p-٤٠٥)انْتَهى سُؤالُهُ وجَوابُهُ. وفي ذَلِكَ تَخْلِيطٌ، وذَلِكَ أنَّهُ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ المَنصُوبِ عَلى المَدْحِ، أوِ الذَّمِّ، أوِ التَّرَحُّمِ، وبَيْنَ المَنصُوبِ عَلى الِاخْتِصاصِ، وجَعَلَ حُكْمَهُما واحِدًا، وأوْرَدَ مِثالًا مِنَ المَنصُوبِ عَلى المَدْحِ وهو: الحَمْدُ لِلَّهِ الحَمِيدِ، ومِثالَيْنِ في المَنصُوبِ عَلى الِاخْتِصاصِ وهُما: «إنّا مَعْشَرَ الأنْبِياءِ لا نُورَثُ» .
؎إنّا بَنِي نَهْشَلٍ لا نُدْعى لِأبٍ
والَّذِي ذَكَرَ النَّحْوِيُّونَ أنَّ المَنصُوبَ عَلى المَدْحِ أوِ الذَّمِّ أوِ التَّرَحُّمِ قَدْ يَكُونُ مَعْرِفَةً، وقَبْلَهُ مَعْرِفَةٌ يَصْلُحُ أنْ يَكُونَ تابِعًا لَها، وقَدْ لا يَصْلُحُ، وقَدْ يَكُونُ نَكِرَةً كَذَلِكَ، وقَدْ يَكُونُ نَكِرَةً وقَبْلَها مَعْرِفَةٌ، فَلا يَصْلُحُ أنْ يَكُونَ نَعْتًا لَها نَحْوَ قَوْلِ النّابِغَةِ:
؎أقارِعُ عَوْفٍ لا أُحاوِلُ غَيْرَها ∗∗∗ وُجُوهَ قُرُودٍ تَبْتَغِي مَن تُجادِعُ
فانْتَصَبَ: وُجُوهَ قُرُودٍ، عَلى الذَّمِّ. وقَبْلَهُ مَعْرِفَةٌ وهو قَوْلُهُ: أقارِعُ عَوْفٍ. وأمّا المَنصُوبُ عَلى الِاخْتِصاصِ فَنَصُّوا عَلى أنَّهُ لا يَكُونُ نَكِرَةً ولا مُبْهَمًا، ولا يَكُونُ إلّا مُعَرَّفًا بِالألِفِ واللّامِ، أوْ بِالإضافَةِ، أوْ بِالعَلَمِيَّةِ، أوْ بِأيٍّ، ولا يَكُونُ إلّا بَعْدَ ضَمِيرِ مُتَكَلِّمٍ مُخْتَصٍّ بِهِ، أوْ مُشارِكٍ فِيهِ، ورُبَّما أتى بَعْدَ ضَمِيرِ مُخاطَبٍ. وأمّا انْتِصابُهُ عَلى أنَّهُ صِفَةٌ لِلْمَنفِيِّ فَقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: فَإنْ قُلْتَ: هَلْ يَجُوزُ أنْ يَكُونَ صِفَةً لِلْمَنفِيِّ كَأنَّهُ قِيلَ: لا إلَهَ قائِمًا بِالقِسْطِ إلّا هو ؟ قُلْتُ: لا يَبْعُدُ، فَقَدْ رَأيْناهم يَتَّسِعُونَ في الفَصْلِ بَيْنَ الصِّفَةِ والمَوْصُوفِ، ثُمَّ قالَ: وهو أوْجَهُ مِنِ انْتِصابِهِ عَنْ فاعِلِ: شَهِدَ، وكَذَلِكَ انْتِصابُهُ عَلى المَدْحِ، انْتَهى. وكانَ قَدْ مَثَّلَ في الفَصْلِ بَيْنَ الصِّفَةِ والمَوْصُوفِ بِقَوْلِهِ: لا رَجُلَ إلّا عَبْدُ اللَّهِ شُجاعًا. ويَعْنِي أنَّ انْتِصابَ قائِمًا، عَلى أنَّهُ صِفَةٌ لِقَوْلِهِ: إلَهَ، أوْ لِكَوْنِهِ انْتَصَبَ عَلى المَدْحِ أوْجَهُ مِنِ انْتِصابِهِ عَلى الحالِ مِن فاعِلِ شَهِدَ، وهو اللَّهُ.
وهَذا الَّذِي ذَكَرَهُ لا يَجُوزُ، لِأنَّهُ فَصَلَ بَيْنَ الصِّفَةِ والمَوْصُوفِ بِأجْنَبِيٍّ، وهو المَعْطُوفانِ اللَّذانِ هُما: المَلائِكَةُ وأُولُو العِلْمِ، ولَيْسا مَعْمُولَيْنِ مِن جُمْلَةِ ﴿لا إلَهَ إلّا هُوَ﴾ بَلْ هُما مَعْمُولانِ: لِـ ”شَهِدَ“، وهو نَظِيرُ: عَرَفَ زَيْدٌ أنَّ هِنْدًا خارِجَةٌ وعَمْرٌو وجَعْفَرٌ التَّمِيمِيَّةَ. فَيَفْصِلُ بَيْنَ هِنْدًا والتَّمِيمِيَّةَ بِأجْنَبِيٍّ لَيْسَ داخِلًا فِيما عَمِلَ فِيها، وفي خَبَرِها بِأجْنَبِيٍّ وهُما: عَمْرٌو وجَعْفَرٌ، المَرْفُوعانِ بِعَرَفَ المَعْطُوفانِ عَلى زَيْدٍ. وأمّا المِثالُ الَّذِي مَثَّلَ بِهِ وهو: لا رَجُلَ إلّا عَبْدُ اللَّهِ شُجاعًا، فَلَيْسَ نَظِيرَ تَخْرِيجِهِ في الآيَةِ، لِأنَّ قَوْلَكَ: إلّا عَبْدُ اللَّهِ، يَدُلُّ عَلى المَوْضِعِ مِن: لا رَجُلَ، فَهو تابِعٌ عَلى المَوْضِعِ، فَلَيْسَ بِأجْنَبِيٍّ. عَلى أنَّ في جَوازِ هَذا التَّرْكِيبِ نَظَرًا، لِأنَّهُ بَدَلٌ، وشُجاعًا وصْفٌ، والقاعِدَةُ أنَّهُ: إذا اجْتَمَعَ البَدَلُ والوَصْفُ قُدِّمَ الوَصْفُ عَلى البَدَلِ، وسَبَبُ ذَلِكَ أنَّهُ عَلى نِيَّةِ تَكْرارِ العامِلِ عَلى المَذْهَبِ الصَّحِيحِ، فَصارَ مِن جُمْلَةٍ أُخْرى عَلى المَذْهَبِ. وأمّا انْتِصابُهُ عَلى القَطْعِ، فَلا يَجِيءُ إلّا عَلى مَذْهَبِ الكُوفِيِّينَ، وقَدْ أبْطَلَهُ البَصْرِيُّونَ.
والأوْلى مِن هَذِهِ الأقْوالِ كُلِّها أنْ يَكُونَ مَنصُوبًا عَلى الحالِ مِنِ اسْمِ اللَّهِ، والعامِلُ فِيهِ: شَهِدَ، وهو قَوْلُ الجُمْهُورِ. وأمّا قِراءَةُ عَبْدِ اللَّهِ: القائِمُ بِالقِسْطِ، فَرَفْعُهُ عَلى أنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ: هو القائِمُ بِالقِسْطِ. قالَ الزَّمَخْشَرِيُّ وغَيْرُهُ: إنَّهُ بَدَلٌ مِن: هو، ولا يَجُوزُ ذَلِكَ، لِأنَّ فِيهِ فَصْلًا بَيْنَ البَدَلِ والمُبْدَلِ مِنهُ بِأجْنَبِيٍّ. وهو المَعْطُوفانِ، لِأنَّهُما مَعْمُولانِ لِغَيْرِ العامِلِ في المُبْدَلِ مِنهُ، ولَوْ كانَ العامِلُ في المَعْطُوفِ هو العامِلَ في المُبْدَلِ مِنهُ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ أيْضًا، لِأنَّهُ إذا (p-٤٠٦)اجْتَمَعَ العَطْفُ والبَدَلُ، قُدِّمَ البَدَلُ عَلى العَطْفِ، لَوْ قُلْتَ: جاءَ زَيْدٌ وعائِشَةُ أخُوكَ، لَمْ يَجُزْ. إنَّما الكَلامُ: جاءَ زَيْدٌ أخُوكَ وعائِشَةُ. وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ فَإنْ قُلْتَ: لِمَ جازَ إفْرادُهُ بِنَصْبِ الحالِ دُونَ المَعْطُوفَيْنِ عَلَيْهِ، ولَوْ قُلْتَ: جاءَنِي زَيْدٌ وعُمَرُ وراكِبًا لَمْ يَجُزْ ؟ قُلْتُ: إنَّما جازَ هَذا لِعَدَمِ الإلْباسِ، كَما جازَ في قَوْلِهِ: ﴿ووَهَبْنا لَهُ إسْحاقَ ويَعْقُوبَ نافِلَةً﴾ [الأنبياء: ٧٢] إنِ انْتَصَبَ نافِلَةً حالًا، عَنْ يَعْقُوبَ، ولَوْ قُلْتَ: جاءَنِي زَيْدٌ وهِنْدٌ راكِبًا، جازَ لِتَمَيُّزِهِ بِالذُّكُورَةِ انْتَهى كَلامُهُ.
وما ذَكَرَ مِن قَوْلِهِ في: جاءَنِي زَيْدٌ وعَمْرٌو راكِبًا، أنَّهُ لا يَجُوزُ لَيْسَ كَما ذَكَرَ، بَلْ هَذا جائِزٌ، لِأنَّ الحالَ قُيِّدَ فِيمَن وقَعَ مِنهُ، أوْ بِهِ الفِعْلُ، أوْ ما أشْبَهَ ذَلِكَ، وإذا كانَ قَيْدًا فَإنَّهُ يُحْمَلُ عَلى أقْرَبِ مَذْكُورٍ، ويَكُونُ راكِبًا حالًا مِمّا يَلِيهِ، ولا فَرْقَ في ذَلِكَ بَيْنَ الحالِ والصِّفَةِ، لَوْ قُلْتَ: جاءَنِي زَيْدٌ وعَمْرٌو الطَّوِيلُ. لَكانَ: ”الطَّوِيلُ“ صِفَةً: لِعَمْرٍو، ولا تَقُولُ: لا تَجُوزُ هَذِهِ المَسْألَةُ، لِأنَّهُ يَلْبَسُ بَلْ لا لَبْسَ في هَذا، وهو جائِزٌ فَكَذَلِكَ الحالُ.
وأمّا قَوْلُهُ: في: نافِلَةً، إنَّهُ انْتَصَبَ حالًا عَنْ: يَعْقُوبَ، فَلا يَتَعَيَّنُ أنْ يَكُونَ حالًا عَنْ: يَعْقُوبَ، إذْ يُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ: نافِلَةً مَصْدَرًا كالعافِيَةِ والعاقِبَةِ. ومَعْناهُ: زِيادَةً، فَيَكُونُ ذَلِكَ شامِلًا لِإسْحاقَ ويَعْقُوبَ، لِأنَّهُما زِيدا لِإبْراهِيمَ بَعْدَ ابْنِهِ إسْماعِيلَ وغَيْرِهِ، إذْ كانَ إنَّما جاءَ لَهُ إسْحاقُ عَلى الكِبَرِ، وبَعْدَ أنْ عَجَزَتْ سارَّةُ وأيِسَتْ مِنَ الوِلادَةِ، وأوْلادُ إبْراهِيمَ غَيْرَ إسْماعِيلَ وإسْحاقَ مَدْيانُ، ويُقالُ: مَدْيَنُ، ويُشْناقُ، وشُواحُ وهو خاضِعُ، ورَمْرانُ وهو مَحْدانُ، ومَدْنُ، ويَقْشانُ، وهو مُصْعَبُ، فَهَؤُلاءِ ولَدُ إبْراهِيمَ لِصُلْبِهِ. والعَقِبُ الباقِي مِنهم لِإسْماعِيلَ وإسْحاقَ لا غَيْرُ.
قالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: فَإنْ قُلْتَ: ما المُرادُ بِأُولِي العِلْمِ، الَّذِينَ عَظَّمَهم هَذا التَّعْظِيمَ حَيْثُ جَمَعَهم مَعَهُ، ومَعَ المَلائِكَةِ في الشَّهادَةِ عَلى وحْدانِيَّتِهِ وعَدْلِهِ ؟ قُلْتُ: هُمُ الَّذِينَ يُثْبِتُونَ وحْدانِيَّتَهُ وعَدْلَهُ بِالحُجَجِ القاطِعَةِ، والبَراهِينِ السّاطِعَةِ، وهم عُلَماءُ العَدْلِ والتَّوْحِيدِ، انْتَهى.
ويَعْنِي بِعُلَماءِ العَدْلِ والتَّوْحِيدِ المُعْتَزِلَةَ، وهم يُسَمُّونَ أنْفُسَهم بِهَذا الِاسْمِ كَما أنْشَدَنا شَيْخُنا الإمامُ الحافِظُ أبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ المُؤْمِنِ بْنُ خَلَفٍ الدِّمْياطِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِقِراءَتِي عَلَيْهِ. قالَ: أنْشَدَنا الصّاحِبُ أبُو حامِدٍ عَبْدُ الحُمَيْدِ بْنُ هِبَةَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أبِي الحَدِيدِ المُعْتَزِلِيُّ بِبَغْدادَ لِنَفْسِهِ:
؎لَوْلا ثَلاثٌ لَمْ أُخْفِ صُرْعَتِي ∗∗∗ لَيْسَتْ كَما قالَ فَتى العَبْدِ
؎أنْ أنْصُرَ التَّوْحِيدَ والعَدْلَ في ∗∗∗ كُلِّ مَقامٍ باذِلًا جُهْدِي
؎وأنْ أُناجِيَ اللَّهَ مُسْتَمْتِعًا ∗∗∗ بِخَلْوَةٍ أحْلى مِنَ الشَّهْدِ
؎وإنَّ أتْيَهُ الدَّهْرَ كِبْرًا عَلى ∗∗∗ كُلِّ لَئِيمٍ أصْعَرِ الخَدِّ
؎لِذاكَ أهْوى لا فَتاةَ ولا ∗∗∗ خَمْرَ ولا ذِي مَيْعَةٍ نَهْدِ
﴿لا إلَهَ إلّا هو العَزِيزُ الحَكِيمُ﴾ كُرِّرَ التَّهْلِيلُ تَوْكِيدًا وقِيلَ: الأوَّلُ شَهادَةُ اللَّهِ، والثّانِي شَهادَةُ المَلائِكَةِ وأُولِي العِلْمِ، وهَذا بَعِيدٌ جِدًّا لِأنَّهُ يُؤَدِّي إلى قَطْعِ المَلائِكَةِ عَنِ العَطْفِ عَلى اللَّهِ تَعالى وعَلى إضْمارِ فِعْلٍ رافِعٍ، أوْ عَلى جَعْلِهِمْ مُبْتَدَأً، وعَلى الفَصْلِ بَيْنَ ما يَتَعَلَّقُ بِهِمْ وبَيْنَ التَّهْلِيلِ بِأجْنَبِيٍّ، وهو قَوْلُهُ: ﴿قائِمًا بِالقِسْطِ﴾ وقِيلَ: الأوَّلُ جارٍ مَجْرى الشَّهادَةِ والثّانِي جارٍ مَجْرى الحُكْمِ. وقِيلَ: هَذا الكَلامُ يَنْطَوِي عَلى مُقَدِّمَتَيْنِ، وهَذا هو نَتِيجَتُهُما، فَكَأنَّهُ قالَ: شَهِدَ اللَّهُ والمَلائِكَةُ، وأُولُو العِلْمِ، وما شَهِدُوا بِهِ حَقٌّ، فَلا إلَهَ إلّا هو حَقٌّ، فَحَذَفَ إحْدى المُقَدِّمَتَيْنِ لِلدَّلالَةِ عَلَيْها، وهَذا التَّقْدِيرُ كُلُّهُ لا يُساعِدُ عَلَيْهِ اللَّفْظُ. وقالَ الرّاغِبُ: إنَّما كَرَّرَ ﴿لا إلَهَ إلّا هُوَ﴾؛ لِأنَّ صِفاتِ التَّنْزِيهِ أشْرَفُ مِن صِفاتِ التَّمْجِيدِ؛ لِأنَّ أكْثَرَها مُشارِكٌ في ألْفاظِها العَبِيدُ، فَيَصِحُّ وصْفُهم بِها، وكَذَلِكَ ورَدَتْ ألْفاظُ التَّنْزِيهِ في حَقِّهِ أكْثَرَ، وأبْلَغُ ما وُصِفَ بِهِ مِنَ التَّنْزِيهِ: لا إلَهَ إلّا اللَّهُ، فَتَكْرِيرُهُ هُنا لِأمْرَيْنِ: أحَدُهُما: لِكَوْنِ الثّانِي قَطْعًا لِلْحُكْمِ، كَقَوْلِكَ: (p-٤٠٧)أشْهَدُ أنْ زَيْدًا خارِجٌ، وهو خارِجٌ. والثّانِي: لِئَلّا يَسْبِقَ بِذِكْرِ العَزِيزِ الحَكِيمِ إلى قَلْبِ السّامِعِ تَشْبِيهٌ، إذْ قَدْ يُوصَفُ بِهِما المَخْلُوقُ، انْتَهى. وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: صِفَتانِ مُقَرِّرَتانِ لِما وصَفَ بِهِ ذاتَهُ مِنَ الوَحْدانِيَّةِ، والعَدْلِ، يَعْنِي: أنَّهُ العَزِيزُ الَّذِي لا يُغالِبُهُ إلَهٌ آخَرُ، الحَكِيمُ الَّذِي لا يَعْدِلُ عَنِ العَدْلِ في أفْعالِهِ. انْتَهى.
وهُوَ تَحْوِيمٌ عَلى مَذْهَبِ المُعْتَزِلَةِ. وارْتَفَعَ: العَزِيزُ، عَلى أنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أيْ: هو العَزِيزُ، عَلى الِاسْتِئْنافِ. قِيلَ: ولَيْسَ بِوَصْفٍ؛ لِأنَّ الضَّمِيرَ لا يُوصَفُ، ولَيْسَ هَذا بِالجَمْعِ عَلَيْهِ، بَلْ ذَهَبَ الكِسائِيُّ إلى أنَّ ضَمِيرَ الغائِبِ كَهَذا يُوصَفُ.
وجَوَّزُوا في إعْرابِ: العَزِيزُ، أنْ يَكُونَ بَدَلًا مِن: هو. ورُوِيَ في حَدِيثٍ عَنِ الأعْمَشِ، أنَّهُ قامَ يَتَهَجَّدُ، فَقَرَأ هَذِهِ الآيَةَ، ثُمَّ قالَ: وأنا أشْهَدُ بِما شَهِدَ اللَّهُ بِهِ، وأسْتَوْدِعُ اللَّهَ هَذِهِ الشَّهادَةَ، وهي لِي عِنْدَ اللَّهِ ودِيعَةٌ، إنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإسْلامُ قالَها مِرارًا، فَسُئِلَ، فَقالَ: حَدَّثَنِي أبُو وائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «يُجاءُ بِصاحِبِها يَوْمَ القِيامَةِ فَيَقُولُ اللَّهُ: عَبْدِي عَهِدَ إلَيَّ، وأنا أحَقُّ مَن وفى، أدْخِلُوا عَبْدِي الجَنَّةَ» .
وقالَ أبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الرّازِيُّ: العَزِيزُ، إشارَةٌ إلى كَمالِ القُدْرَةِ، والحَكِيمُ: إشارَةٌ إلى كَمالِ العِلْمِ، وهُما الصِّفَتانِ اللَّتانِ يَمْتَنِعُ حُصُولُ الإلَهِيَّةِ إلّا مَعَهُما؛ لِأنَّ كَوْنَهُ ﴿قائِمًا بِالقِسْطِ﴾ لا يَتِمُّ إلّا إذا كانَ عالِمًا بِمَقادِيرِ الحاجاتِ، فَكانَ قادِرًا عَلى تَحْصِيلِ المُهِمّاتِ، وقُدِّمَ العَزِيزُ في الذِّكْرِ؛ لِأنَّ العِلْمَ بِكَوْنِهِ تَعالى قادِرًا، مُتَقَدِّمٌ عَلى العِلْمِ بِكَوْنِهِ عالِمًا في طَرِيقِ المَعْرِفَةِ الِاسْتِدْلالِيَّةِ، وهَذا الخِطابُ مَعَ المُسْتَدِلِّ انْتَهى كَلامُهُ.
{"ayah":"شَهِدَ ٱللَّهُ أَنَّهُۥ لَاۤ إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ وَٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةُ وَأُو۟لُوا۟ ٱلۡعِلۡمِ قَاۤىِٕمَۢا بِٱلۡقِسۡطِۚ لَاۤ إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ ٱلۡعَزِیزُ ٱلۡحَكِیمُ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق