الباحث القرآني

﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكم عَلى أعْقابِكم فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِينَ﴾: الخِطابُ عامٌّ يَتَناوَلُ أهْلَ أُحُدٍ وغَيْرِهِمْ. وما زالَ الكُفّارُ مُثابِرِينَ عَلى رُجُوعِ المُؤْمِنِينَ عَنْ دِينِهِمْ، ”﴿ودُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَما كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَواءً﴾ [النساء: ٨٩]“ . ”﴿ووَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ﴾ [الممتحنة: ٢]“، ”﴿لَنْ تَنْفَعَكُمْ﴾ [الممتحنة: ٣]“ ﴿ودَّ كَثِيرٌ مِن أهْلِ الكِتابِ لَوْ يَرُدُّونَكم مِن بَعْدِ إيمانِكم كُفّارًا﴾ [البقرة: ١٠٩] . ﴿ودَّتْ طائِفَةٌ مِن أهْلِ الكِتابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ﴾ [آل عمران: ٦٩] وقِيلَ: الخِطابُ خاصٌّ بِمَن كانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مِنَ المُؤْمِنِينَ يَوْمَ أُحُدٍ. فَعَلى الأوَّلِ عَلَّقَ عَلى مُطْلَقِ طاعَتِهِمُ الرَّدَّ عَلى العَقِبِ والِانْقِلابِ بِالخُسْرانِ، وهَذا غايَةٌ في التَّحَرُّزِ مِنهم والمُجانَبَةِ لَهم، فَلا يُطاعُونَ في شَيْءٍ ولا يُشاوَرُونَ؛ لِأنَّ ذَلِكَ يَسْتَجِرُّ إلى مُوافَقَتِهِمْ، ويَكُونُ الَّذِينَ كَفَرُوا عامًّا، وعَلى القَوْلِ الثّانِي يَكُونُ الَّذِينَ كَفَرُوا خاصًّا. فَقالَ عَلِيٌّ وابْنُ عَبّاسٍ: هُمُ المُنافِقُونَ، قالُوا لِلْمُؤْمِنِينَ لَمّا رَجَعُوا مِن أُحُدٍ: لَوْ كانَ نَبِيًّا ما أصابَهُ الَّذِي أصابَهُ، فارْجِعُوا إلى إخْوانِكم. وقالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: هُمُ اليَهُودُ والنَّصارى، وقالَهُ الحَسَنُ وعَنْهُ: إنْ تَسْتَنْصِحُوا اليَهُودَ والنَّصارى وتَقْبَلُوا مِنهم؛ لِأنَّهم كانُوا يَسْتَغْوُونَهم، ويُوقِعُونَ لَهُمُ الشُّبَهَ، ويَقُولُونَ: لَوْ كانَ لَكم نَبِيًّا حَقًّا لَما غُلِبَ، ولَما أصابَهُ وأصْحابَهُ ما أصابَهم، وإنَّما هو رَجُلٌ حالُهُ كَحالِ غَيْرِهِ مِنَ النّاسِ، يَوْمًا لَهُ ويَوْمًا عَلَيْهِ. وقالَ السُّدِّيُّ: هم أبُو سُفْيانَ وأصْحابُهُ مِن عُبّادِ الأوْثانِ. وقالَ الحَسَنُ أيْضًا: هو كَعْبٌ وأصْحابُهُ. وقالَ أبُو بَكْرٍ الرّازِيُّ: فِيها دَلالَةٌ عَلى النَّهْيِ عَنْ طاعَةِ الكُفّارِ مُطْلَقًا، لَكِنْ أجْمَعُ المُسْلِمُونَ عَلى أنَّهُ لا يَنْدَرِجُ تَحْتَهُ مَن وثِقْنا بِنُصْحِهِ مِنهم، كالجاسُوسِ، والخِرِّيتِ الَّذِي يَهْدِي إلى الطَّرِيقِ، وصاحِبِ الرَّأْيِ ذِي المَصْلَحَةِ الظّاهِرَةِ، والزَّوْجَةِ تُشِيرُ بِصَوابٍ. والرِّدَّةُ هُنا عَلى العَقِبِ كِنايَةٌ عَنِ الرُّجُوعِ إلى الكُفْرِ. وخاسِرِينَ: أيْ مَغْبُونِينَ بِبَيْعِكُمُ الآخِرَةَ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب