الباحث القرآني

﴿وما أرْسَلْنا مِن قَبْلِكَ مِن رَسُولٍ ولا نَبِيٍّ إلّا إذا تَمَنّى ألْقى الشَّيْطانُ في أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آياتِهِ واللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ ﴿لِيَجْعَلَ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ والقاسِيَةِ قُلُوبُهم وإنَّ الظّالِمِينَ لَفي شِقاقٍ بَعِيدٍ﴾ ﴿ولِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ أنَّهُ الحَقُّ مِن رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهم وإنَّ اللَّهَ لَهادِي الَّذِينَ آمَنُوا إلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ ﴿ولا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا في مِرْيَةٍ مِنهُ حَتّى تَأْتِيَهُمُ السّاعَةُ بَغْتَةً أوْ يَأْتِيَهم عَذابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ﴾ ﴿المُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَهم فالَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ في جَنّاتِ النَّعِيمِ﴾ ﴿والَّذِينَ كَفَرُوا وكَذَّبُوا بِآياتِنا فَأُولَئِكَ لَهم عَذابٌ مُهِينٌ﴾ ﴿والَّذِينَ هاجَرُوا في سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوا أوْ ماتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقًا حَسَنًا وإنَّ اللَّهَ لَهو خَيْرُ الرّازِقِينَ﴾ ﴿لَيُدْخِلَنَّهم مُدْخَلًا يَرْضَوْنَهُ وإنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ﴾ ﴿ذَلِكَ ومَن عاقَبَ بِمِثْلِ ما عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ إنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ﴾ ﴿ذَلِكَ بِأنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ في النَّهارِ ويُولِجُ النَّهارَ في اللَّيْلِ وأنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ﴾ ﴿ذَلِكَ بِأنَّ اللَّهَ هو الحَقُّ وأنَّ ما يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هو الباطِلُ وأنَّ اللَّهَ هو العَلِيُّ الكَبِيرُ﴾ . لَمّا ذَكَرَ تَعالى أنَّهُ يُدافِعُ عَنْ (p-٣٨١)الَّذِينَ آمَنُوا وأنَّهُ تَعالى أذِنَ لِلْمُؤْمِنِينَ في القِتالِ وأنَّهم كانُوا أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وذَكَرَ مَسْلاةَ رَسُولِهِ ﷺ بِتَكْذِيبِ مَن تَقَدَّمَ مِنَ الأُمَمِ لِأنْبِيائِهِمْ وما آلَ إلَيْهِ أمْرُهم مِنَ الإهْلاكِ إثْرَ التَّكْذِيبِ وبَعْدَ الإمْهالِ، وأمَرَهُ أنْ يُنادِيَ النّاسَ ويُخْبِرَهم أنَّهُ نَذِيرٌ لَهم بَعْدَ أنِ اسْتَعْجَلُوا بِالعَذابِ، وأنَّهُ لَيْسَ لَهُ تَقْدِيمُ العَذابِ ولا تَأْخِيرُهُ، ذَكَرَ لَهُ تَعالى مَسْلاةً ثانِيَةً بِاعْتِبارِ مَن مَضى مِنَ الرُّسُلِ والأنْبِياءِ وهو أنَّهم كانُوا حَرِيصِينَ عَلى إيمانِ قَوْمِهِمْ مُتَمَنِّينَ لِذَلِكَ مُثابِرِينَ عَلَيْهِ، وأنَّهُ ما مِنهم أحَدٌ إلّا وكانَ الشَّيْطانُ يُراغِمُهُ بِتَزْيِينِ الكُفْرِ لِقَوْمِهِ وبَثِّ ذَلِكَ إلَيْهِمْ وإلْقائِهِ في نُفُوسِهِمْ، كَما أنَّهُ ﷺ كانَ مِن أحْرَصِ النّاسِ عَلى هُدى قَوْمِهِ وكانَ فِيهِمْ شَياطِينُ كالنَّضْرِ بْنِ الحارِثِ يُلْقُونَ لِقَوْمِهِ ولِلْوافِدِينَ عَلَيْهِ شُبَهًا يُثَبِّطُونَ بِها عَنِ الإسْلامِ، ولِذَلِكَ جاءَ قَبْلَ هَذِهِ الآيَةِ ﴿والَّذِينَ سَعَوْا في آياتِنا مُعاجِزِينَ﴾ [الحج: ٥١] وسَعْيَهم بِإلْقاءِ الشُّبَهِ في قُلُوبِ مَنِ اسْتَمالُوهُ، ونَسَبَ ذَلِكَ إلى الشَّيْطانِ لِأنَّهُ هو المُغْوِي والمُحَرِّكُ شَياطِينَ الإنْسِ لِلْإغْواءِ كَما قالَ (لَأُغْوِيَنَّهم) وقِيلَ: إنَّ (الشَّيْطانَ) هُنا هو جِنْسٌ يُرادُ بِهِ شَياطِينُ الإنْسِ. والضَّمِيرُ في (أُمْنِيَّتِهِ) عائِدٌ عَلى (الشَّيْطانُ) أيْ في أُمْنِيَّةِ نَفْسِهِ، أيْ بِسَبَبِ أُمْنِيَّةِ نَفْسِهِ. ومَفْعُولُ (ألْقى) مَحْذُوفٌ لِفَهْمِ المَعْنى وهو الشَّرُّ والكُفْرُ، ومُخالَفَةُ ذَلِكَ الرَّسُولِ أوِ النَّبِيِّ لِأنَّ الشَّيْطانَ لَيْسَ يُلْقِي الخَيْرَ. ومَعْنى ﴿فَيَنْسَخُ اللَّهُ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ﴾ أيْ يُزِيلُ تِلْكَ الشُّبَهَ شَيْئًا فَشَيْئًا حَتّى يُسْلِمَ النّاسُ، كَما قالَ ﴿ورَأيْتَ النّاسَ يَدْخُلُونَ في دِينِ اللَّهِ أفْواجًا﴾ [النصر: ٢] و﴿يُحْكِمُ اللَّهُ آياتِهِ﴾ أيْ مُعْجِزاتِهِ يُظْهِرُها مُحْكَمَةً لا لَبْسَ فِيها ﴿لِيَجْعَلَ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ﴾ مِن تِلْكَ الشُّبَهِ وزَخارِفِ القَوْلِ (فِتْنَةً) لِمَرِيضِ القَلْبِ ولِقاسِيهِ (ولِيَعْلَمَ) مَن أُوتِيَ العِلْمُ أنَّ ما تَمَنّى الرَّسُولُ والنَّبِيُّ مِن هِدايَةِ قَوْمِهِ وإيمانِهِمْ هو الحَقُّ. وهَذِهِ الآيَةُ لَيْسَ فِيها إسْنادُ شَيْءٍ إلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، إنَّما تَضَمَّنَتْ حالَةَ مَن كانَ قَبْلَهُ مِنَ الرُّسُلِ والأنْبِياءِ إذا تَمَنَّوْا. وذَكَرَ المُفَسِّرُونَ في كُتُبِهِمُ ابْنُ عَطِيَّةَ والزَّمَخْشَرِيُّ فَمَن قَبْلَهُما ومَن بَعْدَهُما ما لا يَجُوزُ وُقُوعُهُ مِن آحادِ المُؤْمِنِينَ مَنسُوبًا إلى المَعْصُومِ صَلَواتِ اللَّهِ عَلَيْهِ، وأطالُوا في ذَلِكَ وفي تَقْرِيرِهِ سُؤالًا وجَوابًا وهي قِصَّةٌ سُئِلَ عَنْها الإمامُ مُحَمَّدُ بْنُ إسْحاقَ جامِعُ السِّيرَةِ النَّبَوِيَّةِ، فَقالَ: هَذا مِن وضْعِ الزَّنادِقَةِ، وصَنَّفَ في ذَلِكَ (p-٣٨٢)كِتابًا. وقالَ الإمامُ الحافِظُ أبُو بَكْرٍ أحْمَدُ بْنُ الحُسَيْنِ البَيْهَقِيُّ: هَذِهِ القِصَّةُ غَيْرُ ثابِتَةٍ مِن جِهَةِ النَّقْلِ، وقالَ ما مَعْناهُ: إنَّ رُواتَها مَطْعُونٌ عَلَيْهِمْ ولَيْسَ في الصِّحاحِ ولا في التَّصانِيفِ الحَدِيثِيَّةِ شَيْءٌ مِمّا ذَكَرُوهُ فَوَجَبَ اطِّراحُهُ ولِذَلِكَ نَزَّهْتُ كِتابِي عَنْ ذِكْرِهِ فِيهِ. والعَجَبُ مِن نَقْلِ هَذا وهم يَتْلُونَ في كِتابِ اللَّهِ تَعالى ﴿والنَّجْمِ إذا هَوى﴾ [النجم: ١] ﴿ما ضَلَّ صاحِبُكم وما غَوى﴾ [النجم: ٢] ﴿وما يَنْطِقُ عَنِ الهَوى﴾ [النجم: ٣] ﴿إنْ هو إلّا وحْيٌ يُوحى﴾ [النجم: ٤] وقالَ اللَّهُ تَعالى آمِرًا لِنَبِيِّهِ: ﴿قُلْ ما يَكُونُ لِي أنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقاءِ نَفْسِي إنْ أتَّبِعُ إلّا ما يُوحى إلَيَّ﴾ [يونس: ١٥] وقالَ تَعالى: ﴿ولَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الأقاوِيلِ﴾ [الحاقة: ٤٤] الآيَةَ وقالَ تَعالى: ﴿ولَوْلا أنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إلَيْهِمْ﴾ [الإسراء: ٧٤] الآيَةَ فالتَّثْبِيتُ واقِعٌ والمُقارَبَةُ مَنفِيَّةٌ. وقالَ تَعالى: ﴿كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ﴾ [الفرقان: ٣٢] وقالَ تَعالى: ﴿سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى﴾ [الأعلى: ٦] وهَذِهِ نُصُوصٌ تَشْهَدُ بِعِصْمَتِهِ، وأمّا مِن جِهَةِ المَعْقُولِ فَلا يُمْكِنُ ذَلِكَ لِأنَّ تَجْوِيزَهُ يَطْرُقُ إلى تَجْوِيزِهِ في جَمِيعِ الأحْكامِ والشَّرِيعَةِ فَلا يُؤْمَنُ فِيها التَّبْدِيلُ والتَّغْيِيرُ، واسْتِحالَةُ ذَلِكَ مَعْلُومَةٌ. ولْنَرْجِعْ إلى تَفْسِيرِ بَعْضِ ألْفاظِ الآيَةِ إذْ قَدْ قَرَّرْنا ما لاحَ لَنا فِيها مِنَ المَعْنى فَقَوْلُهُ (مِن قَبْلِكَ) (مِن) فِيهِ لِابْتِداءِ الغايَةِ و(مِن) في (مِن رَسُولٍ) زائِدَةٌ تُفِيدُ اسْتِغْراقَ الجِنْسِ. وعَطْفُ (ولا نَبِيٍّ) عَلى (مِن رَسُولٍ) دَلِيلٌ عَلى المُغايَرَةِ. وقَدْ تَقَدَّمَ لَنا الكَلامُ عَلى مَدْلُولَيْهِما فَأغْنى عَنْ إعادَتِهِ هُنا، وجاءَ بَعْدَ (إلّا) جُمْلَةٌ ظاهِرُها الشَّرْطُ وهو ﴿إذا تَمَنّى ألْقى الشَّيْطانُ﴾ وقالَهُ الحَوْفِيُّ، ونَصُّوا عَلى أنَّهُ يَلِيها في النَّفْيِ مُضارِعٌ لا يُشْتَرَطُ فِيهِ شَرْطٌ، فَتَقُولُ: ما زَيْدٌ إلّا يَفْعَلُ كَذا، وما رَأيْتُ زَيْدًا إلّا يَفْعَلُ كَذا، وماضٍ بِشَرْطِ أنْ يَتَقَدَّمَهُ فِعْلٌ كَقَوْلِهِ ﴿وما يَأْتِيهِمْ مِن رَسُولٍ إلّا كانُوا﴾ [الحجر: ١١] أوْ يَكُونُ الماضِي مَصْحُوبًا بِقَدْ نَحْوَ: ما زَيْدٌ إلّا قَدْ قامَ، وما جاءَ بَعْدَ (إلّا) في الآيَةِ جُمْلَةٌ شَرْطِيَّةٌ ولَمْ يَلِها ماضٍ مَصْحُوبٌ بِقَدْ ولا عارٍ مِنها، فَإنْ صَحَّ ما نَصُّوا عَلَيْهِ تُؤَوَّلُ عَلى أنَّ إذا جُرِّدَتْ لِلظَّرْفِيَّةِ ولا شَرْطَ فِيها وفُصِلَ بِها بَيْنَ (إلّا) والفِعْلِ الَّذِي هو (ألْقى) وهو فَصْلٌ جائِزٌ فَتَكُونُ إلّا قَدْ ولِيَها ماضٍ في التَّقْدِيرِ ووَجَدَ شَرَطَهُ وهو تَقَدُّمُ فِعْلٍ قَبْلَ (إلّا) وهو (وما أرْسَلْنا) وعادَ الضَّمِيرُ في (تَمَنّى) مُفْرَدًا، وذَكَرُوا أنَّهُ إذا كانَ العَطْفُ بِالواوِ عادَ الضَّمِيرُ مُطابِقًا لِلْمُتَعاطِفَيْنِ، وهَذا عَطْفٌ بِالواوِ وما جاءَ غَيْرَ مُطابِقٍ أوَّلُوهُ عَلى الحَذْفِ فَيَكُونُ تَأْوِيلُ هَذا ﴿وما أرْسَلْنا مِن قَبْلِكَ مِن رَسُولٍ﴾ ﴿إلّا إذا تَمَنّى ألْقى الشَّيْطانُ في أُمْنِيَّتِهِ﴾ ﴿ولا نَبِيٍّ إلّا إذا تَمَنّى ألْقى الشَّيْطانُ في أُمْنِيَّتِهِ﴾ فَحَذَفَ مِنَ الأوَّلِ لِدَلالَةِ الثّانِي عَلَيْهِ و(تَمَنّى) تَفَعَّلَ مِنَ المُنْيَةِ. قالَ أبُو مُسْلِمٍ: التَّمَنِّي نِهايَةُ التَّقْدِيرِ، ومِنهُ المُنْيَةُ وفاةُ الإنْسانِ لِلْوَقْتِ الَّذِي قَدَّرَهُ اللَّهُ، ومَنّى اللَّهُ لَكَ أيْ قَدَّرَ. وقالَ رُواةُ اللُّغَةِ: الأُمْنِيَّةُ القِراءَةُ، واحْتَجُّوا بِبَيْتِ حَسّانَ وذَلِكَ راجِعٌ إلى الأصْلِ الَّذِي ذُكِرَ فَإنَّ التّالِيَ مُقَدِّرٌ لِلْحُرُوفِ فَذَكَرَها شَيْئًا فَشَيْئًا. انْتَهى. وبَيْتُ حَسّانَ: ؎تَمَنّى كِتابَ اللَّهِ أوَّلَ لَيْلَةٍ وآخِرَهُ لاقى حِمامَ المَقادِرِ وقالَ آخَرُ: ؎تَمَنّى كِتابَ اللَّهِ أوَّلَ لَيْلَةٍ ∗∗∗ تَمَنِّيَ داوُدَ الزَّبُورَ عَلى رَسْلِ وحَمَلَ بَعْضُ المُفَسِّرِينَ قَوْلَهُ ﴿إذا تَمَنّى﴾ عَلى تَلا و﴿فِي أُمْنِيَّتِهِ﴾ عَلى تِلاوَتِهِ. والجُمْلَةُ بَعْدَ (إلّا) في مَوْضِعِ الحالِ أيْ (وما أرْسَلْناهُ) إلّا، وحالُهُ هَذِهِ. وقِيلَ: الجُمْلَةُ في مَوْضِعِ الصِّفَةِ وهو قَوْلُ الزَّمَخْشَرِيِّ في نَحْوِ: ما مَرَرْتُ بِأحَدٍ إلّا زَيْدٌ خَيْرٌ مِنهُ، والصَّحِيحُ أنَّ الجُمْلَةَ حالِيَّةٌ لا صِفَةَ لِقَبُولِها واوَ الحالِ، واللّامُ في (لِيَجْعَلَ) مُتَعَلِّقَةٌ بِيَحْكُمُ قالَهُ الحَوْفِيُّ. وقالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: بِيَنْسَخُ. وقالَ غَيْرُهُما: بِألْقى، والظّاهِرُ أنَّها لِلتَّعْلِيلِ. وقِيلَ: هي لامُ العاقِبَةِ و(ما) في ما يُلْقِي الظّاهِرُ أنَّها بِمَعْنى الَّذِي، وجَوَّزَ أنْ تَكُونَ مَصْدَرِيَّةً. والفِتْنَةُ: الِابْتِلاءُ والِاخْتِبارُ. والَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ عامَّةُ الكُفّارِ. وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: المُنافِقُونَ والشّاكُونَ ﴿والقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ﴾ خَواصٌّ مِنَ الكُفّارِ عُتاةٌ كَأبِي جَهْلٍ والنَّضْرِ وعُتْبَةَ. وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: (p-٣٨٣)المُشْرِكُونَ المُكَذِّبُونَ ﴿وإنَّ الظّالِمِينَ﴾ يُرِيدُ وإنَّ هَؤُلاءِ المُنافِقِينَ والمُشْرِكِينَ، وأصْلُهُ وإنَّهم فَوَضَعَ الظّاهِرَ مَوْضِعَ المُضْمَرِ، قَضاءً عَلَيْهِمْ بِالظُّلْمِ. والشِّقاقُ المُشاقَّةُ أيْ في شَقٍّ غَيْرِ شَقِّ الصَّلاحِ، ووَصْفُهُ بِالبَعِيدِ مُبالَغَةٌ في انْتِهائِهِ وأنَّهم غَيْرُ مَرْجُوٍّ رَجْعَتُهم مِنهُ. والضَّمِيرُ في: (أنَّهُ) قالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: عائِدٌ عَلى القُرْآنِ ﴿والَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ﴾ [المجادلة: ١١] أصْحابُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وقَدْ تَقَدَّمَ مِن قَوْلِنا في الآيَةِ ما يَعُودُ الضَّمِيرُ إلَيْهِ (فَتُخْبِتَ) أيْ تَتَواضَعَ وتَتَطامَنَ بِخِلافِ مَن في قَلْبِهِ مَرَضٌ وقَسا قَلْبُهُ. وقَرَأ الجُمْهُورُ ﴿لَهادِ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ بِالإضافَةِ، وأبُو حَيْوَةَ وابْنُ أبِي عَبْلَةَ بِتَنْوِينٍ لَهادٍ. المِرْيَةُ: الشَّكُّ. والضَّمِيرُ في (مِنهُ) قِيلَ: عائِدٌ عَلى القُرْآنِ. وقِيلَ: عَلى الرَّسُولِ. وقِيلَ: ما ألْقى الشَّيْطانُ، ولَمّا ذَكَرَ حالَ الكافِرِينَ أوَّلًا ثُمَّ حالَ المُؤْمِنِينَ ثانِيًا عادَ إلى شَرْحِ حالِ الكافِرِينَ، والظّاهِرُ أنَّ (السّاعَةُ) يَوْمَ القِيامَةِ. قِيلَ: واليَوْمُ العَقِيمُ يَوْمُ بَدْرٍ. وقِيلَ: ساعَةُ مَوْتِهِمْ أوْ قَتْلِهِمْ في الدُّنْيا كَيَوْمِ بَدْرٍ، واليَوْمُ العَقِيمُ يَوْمُ القِيامَةِ. وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: اليَوْمُ العَقِيمُ يَوْمُ بَدْرٍ، وإنَّما وُصِفَ يَوْمُ الحَرْبِ بِالعَقِيمِ لِأنَّ أوْلادَ النِّساءِ يُقْتَلُونَ فِيهِ فَيَصِرْنَ كَأنَّهُنَّ عُقْمٌ لَمْ يَلِدْنَ، أوْ لِأنَّ المُقاتِلِينَ يُقالُ لَهم أبْناءُ الحَرْبِ فَإذا قُتِلُوا وُصِفَ يَوْمُ الحَرْبِ بِالعُقْمِ عَلى سَبِيلِ المَجازِ. وقِيلَ: هو الَّذِي لا خَيْرَ فِيهِ يُقالُ: رِيحٌ عَقِيمٌ إذا لَمْ تُنْشِئْ مَطَرًا ولَمْ تُلَقِّحْ شَجَرًا. وقِيلَ: لا مَثَلَ لَهُ في عِظَمِ أمْرِهِ لِقِتالِ المَلائِكَةِ فِيهِ. وعَنِ الضَّحّاكِ: إنَّهُ يَوْمُ القِيامَةِ وإنَّ المُرادَ بِالسّاعَةِ مُقَدِّماتُهُ ويَجُوزُ أنْ يُرادَ بِالسّاعَةِ و﴿يَوْمٍ عَقِيمٍ﴾ يَوْمُ القِيامَةِ كَأنَّهُ قِيلَ ﴿حَتّى تَأْتِيَهُمُ السّاعَةُ﴾ أوْ يَأْتِيَهم عَذابُها فَوَضَعَ ﴿يَوْمٍ عَقِيمٍ﴾ مَوْضِعَ الضَّمِيرِ. انْتَهى. وقالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وسُمِّيَ يَوْمُ القِيامَةِ أوْ يَوْمُ الِاسْتِئْصالِ عَقِيمًا لِأنَّهُ لا لَيْلَةَ بَعْدَهُ ولا يَوْمَ، والأيّامُ كُلُّها نَتائِجُ يَجِيءُ واحِدٌ إثْرَ واحِدٍ، وكانَ آخِرُ يَوْمٍ قَدْ عَقِمَ وهَذِهِ اسْتِعارَةٌ، وجُمْلَةُ هَذِهِ الآيَةِ تَوَعُّدٌ. انْتَهى. و(حَتّى) غايَةٌ لِاسْتِمْرارِ مِرْيَتِهِمْ، فالمَعْنى ﴿حَتّى تَأْتِيَهُمُ السّاعَةُ﴾ (أوْ ﴿عَذابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ﴾) فَتَزُولُ مِرْيَتُهم ويُشاهِدُونَ الأمْرَ عِيانًا. والتَّنْوِينُ في (يَوْمَئِذٍ) تَنْوِينُ العِوَضِ، والجُمْلَةُ المُعَوَّضُ مِنها هَذا التَّنْوِينُ هو الَّذِي حُذِفَ بَعْدَ الغايَةِ أيِ (المُلْكُ) يَوْمُ تَزُولُ مِرْيَتُهم وقَدَّرَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ أوَّلًا يَوْمَ يُؤْمِنُونَ وهو لازِمٌ لِزَوالِ المِرْيَةِ، فَإنَّهُ إذا زالَتِ المِرْيَةُ آمَنُوا، وقُدِّرَ ثانِيًا كَما قَدَّرَنا وهو الأوْلى. والظّاهِرُ أنَّ هَذا اليَوْمَ هو يَوْمُ القِيامَةِ مِن حَيْثُ إنَّهُ لا مُلْكَ فِيهِ لِأحَدٍ مِن مُلُوكِ الدُّنْيا كَما قالَ تَعالى: ﴿لِمَنِ المُلْكُ اليَوْمَ﴾ [غافر: ١٦] ويُساعِدُ هَذا التَّقْسِيمُ بَعْدَهُ، ومَن قالَ إنَّهُ يَوْمُ بَدْرٍ ونَحْوُهُ فَمِن حَيْثُ يَنْفُذُ قَضاءُ اللَّهِ وحْدَهُ ويَبْطُلُ ما سِواهُ ويَمْضِي حُكْمُهُ فِيمَن أرادَ تَعْذِيبَهُ، ويَكُونُ التَّقْسِيمُ إخْبارًا مُتَرَكِّبًا عَلى حالِهِمْ في ذَلِكَ اليَوْمِ العَقِيمِ مِنَ الإيمانِ والكُفْرِ وألْفاظُ التَّقْسِيمِ ومَعانِيها واضِحَةٌ لا تَحْتاجُ إلى شَرْحٍ. وقابَلَ النَّعِيمَ بِالعَذابِ ووَصَفَهُ بِالمُهِينِ مُبالَغَةً فِيهِ. ﴿والَّذِينَ هاجَرُوا﴾ الآيَةَ هَذا ابْتِداءُ مَعْنًى آخَرَ، وذَلِكَ أنَّهُ لَمّا ماتَ عُثْمانُ بْنُ مَظْعُونٍ وأبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الأسَدِ قالَ بَعْضُ النّاسِ: مَن قُتِل مِنَ المُهاجِرِينَ أفْضَلُ مِمَّنْ ماتَ حَتْفَ أنْفِهِ، فَنَزَلَتْ مُسَوِّيَةً بَيْنَهم في أنَّ اللَّهَ يَرْزُقُهم ﴿رِزْقًا حَسَنًا﴾ وظاهِرُ ﴿والَّذِينَ هاجَرُوا﴾ العُمُومُ. وقالَ مُجاهِد: نَزَلَتْ في طَوائِفَ خَرَجُوا مِن مَكَّةَ إلى المَدِينَةِ لِلْهِجْرَةِ فَتَبِعَهُمُ المُشْرِكُونَ وقاتَلُوهم. ورُوِيَ أنَّ طَوائِفَ مِنَ الصَّحابَةِ قالُوا: يا نَبِيَّ اللَّهِ هَؤُلاءِ الَّذِينَ قُتِلُوا قَدْ عَلِمْنا ما أعْطاهُمُ اللَّهُ مِنَ الخَيْرِ ونَحْنُ نُجاهِدُ مَعَكَ كَما جاهَدُوا، فَما لَنا إنْ مِتْنا مَعَكَ ؟ فَأنْزَلَ اللَّهُ هاتَيْنِ الآيَتَيْنِ. وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: لَمّا جَمَعَتْهُمُ المُهاجِرَةُ في سَبِيلِ اللَّهِ سَوّى بَيْنَهم في المَوْعِدِ أنْ يُعْطِيَ مَن ماتَ مِنهم مِثْلَ ما يُعْطِي مَن قُتِلَ فَضْلًا مِنهُ وإحْسانًا واللَّهُ عَلِيمٌ بِدَرَجاتِ العامِلِينَ ومَراتِبِ اسْتِحْقاقِهِمْ، حَلِيمٌ عَنْ تَفْرِيطِ المُفَرِّطِ مِنهم بِفَضْلِهِ وكَرَمِهِ. انْتَهى. وفِي قَوْلِهِ: ومَراتِبُ اسْتِحْقاقِهِمْ دَسِيسَةُ الِاعْتِزالِ، والتَّسْوِيَةُ في الوَعْدِ بِالرِّزْقِ لا تَدُلُّ عَلى تَفْضِيلٍ في قَدْرِ المُعْطى، ولا تَسْوِيَةَ فَإنْ يَكُنْ تَفْضِيلٌ فَمِن دَلِيلٍ آخَرَ وظاهِرُ الشَّرِيعَةِ أنَّ المَقْتُولَ أفْضَلُ. وقِيلَ: المَقْتُولُ (p-٣٨٤)والمَيِّتُ في سَبِيلِ اللَّهِ شَهِيدانِ. والرِّزْقُ الحَسَنُ يُحْتَمَلُ أنْ يُرادَ بِهِ رِزْقُ الشُّهَداءِ في البَرْزَخِ، ويُحْتَمَلُ أنَّهُ بَعْدَ يَوْمِ القِيامَةِ في الجَنَّةِ وهو النَّعِيمُ فِيها. وقالَ الكَلْبِيُّ: هو الغَنِيمَةُ. وقالَ الأصَمُّ: هو العِلْمُ والفَهْمُ كَقَوْلِ شُعَيْبٍ ﴿ورَزَقَنِي مِنهُ رِزْقًا حَسَنًا﴾ [هود: ٨٨] وضُعِّفَ هَذانِ القَوْلانِ لِأنَّهُ تَعالى جَعَلَ الرِّزْقَ الحَسَنَ جَزاءً عَلى قَتْلِهِمْ في سَبِيلِ اللَّهِ أوْ مَوْتِهِمْ بَعْدَ هِجْرَتِهِمْ، وبَعْدَ ذَلِكَ لا يَكُونُ الرِّزْقُ في الدُّنْيا. والظّاهِرُ أنَّ ﴿خَيْرُ الرّازِقِينَ﴾ أفْعَلُ تَفْضِيلٍ، والتَّفاوُتُ أنَّهُ تَعالى مُخْتَصٌّ بِأنْ يَرْزُقَ بِما لا يَقْدِرُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ تَعالى، وبِأنَّهُ الأصْلُ في الرِّزْقِ وغَيْرِهِ إنَّما يَرْزُقُ بِمالِهِ مِنَ الرِّزْقِ مِن جِهَةِ اللَّهِ. ولَمّا ذَكَرَ الرِّزْقَ ذَكَرَ المَسْكَنَ فَقالَ ﴿لَيُدْخِلَنَّهم مُدْخَلًا يَرْضَوْنَهُ﴾ وهو الجَنَّةُ يَرْضَوْنَهُ يَخْتارُونَهُ إذْ فِيهِ رِضاهم كَما قالَ ﴿لا يَبْغُونَ عَنْها حِوَلًا﴾ [الكهف: ١٠٨] وتَقَدَّمَ الخِلافُ في القِراءَةِ بِضَمِّ المِيمِ أوْ فَتْحِها في النِّساءِ، والأوْلى أنْ يَكُونَ يُرادُ بِالمَدْخَلِ مَكانَ الدُّخُولِ أوْ مَكانَ الإدْخالِ، ويُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ مَصْدَرًا. ﴿ذَلِكَ ومَن عاقَبَ﴾ الآيَةَ قِيلَ: نَزَلَتْ في قَوْمٍ مِنَ المُؤْمِنِينَ لَقِيَهم كُفّارٌ في الأشْهُرِ الحُرُمِ فَأبى المُؤْمِنُونَ مِن قِتالِهِمْ وأبى المُشْرِكُونَ إلّا القِتالَ، فَلَمّا اقْتَتَلُوا جَدَّ المُؤْمِنُونَ ونَصَرَهُمُ اللَّهُ. ومُناسَبَتُها لِما قَبْلَها واضِحَةٌ وهو أنَّهُ تَعالى لَمّا ذَكَرَ ثَوابَ مَن هاجَرَ وقُتِلَ أوْ ماتَ في سَبِيلِ اللَّهِ أخْبَرَ أنَّهُ لا يَدَعُ نُصْرَتَهم في الدُّنْيا عَلى مَن بَغى عَلَيْهِمْ. وقالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: الآيَةُ في المُشْرِكِينَ بَغَوْا عَلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وأخْرَجُوهُ والتَّقْدِيرُ الأمْرُ ذَلِكَ. قالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: تَسْمِيَةُ الِابْتِداءِ بِالجَزاءِ لِمُلابَسَتِهِ لَهُ مِن حَيْثُ إنَّهُ سَبَبٌ وذَلِكَ مُسَبَّبٌ عَنْهُ كَما يُجْمِلُونَ النَّظِيرَ عَلى النَّظِيرِ والنَّقِيضَ عَلى النَّقِيضِ لِلْمُلابَسَةِ فَإنْ قُلْتَ: كَيْفَ طابَقَ ذِكْرُ العَفُوِّ الغَفُورِ هَذا المَوْضِعَ ؟ قُلْتُ: المُعاقِبُ مَبْعُوثٌ مِن جِهَةِ اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ عَلى الإخْلالِ بِالعِقابِ، والعَفْوُ عَنِ الجانِي عَلى طَرِيقِ التَّنْزِيهِ لا التَّحْرِيمِ ومَندُوبٌ إلَيْهِ ومُسْتَوْجِبٌ عِنْدَ اللَّهِ المَدْحَ إنْ آثَرَ ما نُدِبَ إلَيْهِ وسَلَكَ سَبِيلَ التَّنْزِيهِ، فَحِينَ لَمْ يُؤْثِرْ ذَلِكَ وانْتَصَرَ وعاقَبَ ولَمْ يَنْظُرْ في قَوْلِ ﴿فَمَن عَفا وأصْلَحَ فَأجْرُهُ عَلى اللَّهِ﴾ [الشورى: ٤٠] ﴿وأنْ تَعْفُوا أقْرَبُ لِلتَّقْوى﴾ [البقرة: ٢٣٧] ﴿ولَمَن صَبَرَ وغَفَرَ إنَّ ذَلِكَ لَمِن عَزْمِ الأُمُورِ﴾ [الشورى: ٤٣] ﴿إنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ﴾ أيْ لا يَلُومُهُ عَلى تَرْكِ ما بَعَثَهُ عَلَيْهِ وهو ضامِنٌ لِنَصْرِهِ في كَرَّتِهِ الثّانِيَةِ مِن إخْلالِهِ بِالعَفْوِ وانْتِقامِهِ مِنَ الباغِي عَلَيْهِ، ويَجُوزُ أنْ يَضْمَنَ لَهُ النَّصْرَ عَلى الباغِي فَيُعْرِضُ مَعَ ذَلِكَ بِما كانَ أوْلى بِهِ مِنَ العَفْوِ، ويُلَوِّحُ بِهِ ذِكْرُ هاتَيْنِ الصِّفَتَيْنِ أوْ دَلَّ بِذِكْرِ العَفْوِ والمَغْفِرَةِ عَلى أنَّهُ قادِرٌ عَلى العُقُوبَةِ لِأنَّهُ لا يُوصَفُ بِالعَفْوِ إلّا القادِرُ عَلى حَدِّهِ ذَلِكَ، أيْ ذَلِكَ النَّصْرِ بِسَبَبِ أنَّهُ قادِرٌ. ومِن آياتِ قُدْرَتِهِ البالِغَةِ أنَّهُ ﴿يُولِجُ اللَّيْلَ في النَّهارِ﴾ و﴿النَّهارَ في اللَّيْلِ﴾ أوْ بِسَبَبِ أنَّهُ خالِقُ اللَّيْلِ والنَّهارِ ومُصَرِّفُهُما فَلا يَخْفى عَلَيْهِ ما يَجْرِي فِيهِما عَلى أيْدِي عِبادِهِ مِنَ الخَيْرِ والشَّرِّ والبَغْيِ والِانْتِصارِ. وأنَّهُ (سَمِيعٌ) لِما يَقُولُونَ (بَصِيرٌ) بِما يَفْعَلُونَ وتَقَدَّمَ في أوائِلِ آلِ عِمْرانَ شَرْحُ هَذا الإيلاجِ. (ذَلِكَ) أيْ ذَلِكَ الوَصْفِ بِخَلْقِ اللَّيْلِ والنَّهارِ والإحاطَةِ بِما يَجْرِي فِيهِما وإدْراكِ كُلِّ قَوْلٍ وفِعْلٍ بِسَبَبِ (أنَّ اللَّهَ) الحَقُّ الثّابِتُ الإلَهِيَّةِ وأنَّ كُلَّ ما يُدْعى إلَهًا دُونَهُ باطِلُ الدَّعْوَةِ، وأنَّهُ لا شَيْءَ أعْلى مِنهُ شَأْنًا وأكْبَرُ سُلْطانًا. وقَرَأ الجُمْهُورُ (وأنَّ ما) بِفَتْحِ الهَمْزَةِ. وقَرَأ الحَسَنُ بِكَسْرِها. وقَرَأ الأخَوانِ وأبُو عَمْرٍو وحَفْصٌ (يَدْعُونَ) بِياءِ الغَيْبَةِ هُنا وفي لُقْمانَ. وقَرَأ باقِي السَّبْعَةِ بِتاءِ الخِطابِ وكِلاهُما الفِعْلُ فِيهِ مَبْنِيٌّ لِلْفاعِلِ. وقَرَأ مُجاهِدٌ واليَمانِيُّ ومُوسى الأُسْوارِيُّ يُدْعُو بِالياءِ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ والواوُ عائِدَةٌ عَلى ما عَلى مَعْناها و(ما) الظّاهِرُ أنَّها أصْنامُهم. وقِيلَ: الشَّياطِينُ والأوْلى العُمُومُ في كُلِّ مَدْعُوٍّ دُونَ اللَّهِ تَعالى.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب