الباحث القرآني

(p-٢٧٠)﴿ولَقَدْ قالَ لَهم هارُونُ مِن قَبْلُ يا قَوْم إنَّما فُتِنْتُمْ بِهِ وإنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فاتَّبِعُونِي وأطِيعُوا أمْرِي﴾ ﴿قالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عاكِفِينَ حَتّى يَرْجِعَ إلَيْنا مُوسى﴾ ﴿قالَ يا هارُونُ ما مَنَعَكَ إذْ رَأيْتَهم ضَلُّوا﴾ [طه: ٩٢] ﴿ألّا تَتَّبِعَنِي أفَعَصَيْتَ أمْرِي﴾ [طه: ٩٣] ﴿قالَ يا ابْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي ولا بِرَأْسِي إنِّي خَشِيتُ أنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إسْرائِيلَ ولَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي﴾ [طه: ٩٤] ﴿قالَ فَما خَطْبُكَ يا سامِرِيُّ﴾ [طه: ٩٥] ﴿قالَ بَصُرْتُ بِما لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِن أثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُها وكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي﴾ [طه: ٩٦] ﴿قالَ فاذْهَبْ فَإنَّ لَكَ في الحَياةِ أنْ تَقُولَ لا مِساسَ وإنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَنْ تُخْلَفَهُ وانْظُرْ إلى إلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ في اليَمِّ نَسْفًا﴾ [طه: ٩٧] ﴿إنَّما إلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لا إلَهَ إلّا هو وسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا﴾ [طه: ٩٨] ﴿كَذَلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِن أنْباءِ ما قَدْ سَبَقَ وقَدْ آتَيْناكَ مِن لَدُنّا ذِكْرًا﴾ [طه: ٩٩] ﴿مَن أعْرَضَ عَنْهُ فَإنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ القِيامَةِ وِزْرًا﴾ [طه: ١٠٠] ﴿خالِدِينَ فِيهِ وساءَ لَهم يَوْمَ القِيامَةِ حِمْلًا﴾ [طه: ١٠١] ﴿يَوْمَ يُنْفَخُ في الصُّورِ ونَحْشُرُ المُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا﴾ [طه: ١٠٢] ﴿يَتَخافَتُونَ بَيْنَهم إنْ لَبِثْتُمْ إلّا عَشْرًا﴾ [طه: ١٠٣] ﴿نَحْنُ أعْلَمُ بِما يَقُولُونَ إذْ يَقُولُ أمْثَلُهم طَرِيقَةً إنْ لَبِثْتُمْ إلّا يَوْمًا﴾ [طه: ١٠٤] ﴿ويَسْألُونَكَ عَنِ الجِبالِ فَقُلْ يَنْسِفُها رَبِّي نَسْفًا﴾ [طه: ١٠٥] ﴿فَيَذَرُها قاعًا صَفْصَفًا﴾ [طه: ١٠٦] ﴿لا تَرى فِيها عِوَجًا ولا أمْتًا﴾ [طه: ١٠٧] ﴿يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدّاعِيَ لا عِوَجَ لَهُ وخَشَعَتِ الأصْواتُ لِلرَّحْمَنِ فَلا تَسْمَعُ إلّا هَمْسًا﴾ [طه: ١٠٨] ﴿يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ إلّا مَن أذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ ورَضِيَ لَهُ قَوْلًا﴾ [طه: ١٠٩] ﴿يَعْلَمُ ما بَيْنَ أيْدِيهِمْ وما خَلْفَهم ولا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا﴾ [طه: ١١٠] ﴿وعَنَتِ الوُجُوهُ لِلْحَيِّ القَيُّومِ وقَدْ خابَ مَن حَمَلَ ظُلْمًا﴾ [طه: ١١١] ﴿ومَن يَعْمَلْ مِنَ الصّالِحاتِ وهو مُؤْمِنٌ فَلا يَخافُ ظُلْمًا ولا هَضْمًا﴾ [طه: ١١٢] ﴿وكَذَلِكَ أنْزَلْناهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا وصَرَّفْنا فِيهِ مِنَ الوَعِيدِ لَعَلَّهم يَتَّقُونَ أوْ يُحْدِثُ لَهم ذِكْرًا﴾ [طه: ١١٣] ﴿فَتَعالى اللَّهُ المَلِكُ الحَقُّ ولا تَعْجَلْ بِالقُرْآنِ مِن قَبْلِ أنْ يُقْضى إلَيْكَ وحْيُهُ وقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا﴾ [طه: ١١٤] ﴿ولَقَدْ عَهِدْنا إلى آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ ولَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا﴾ [طه: ١١٥] ﴿وإذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إلّا إبْلِيسَ أبى﴾ [طه: ١١٦] ﴿فَقُلْنا يا آدَمُ إنَّ هَذا عَدُوٌّ لَكَ ولِزَوْجِكَ فَلا يُخْرِجَنَّكُما مِنَ الجَنَّةِ فَتَشْقى﴾ [طه: ١١٧] ﴿إنَّ لَكَ ألّا تَجُوعَ فِيها ولا تَعْرى﴾ [طه: ١١٨] ﴿وأنَّكَ لا تَظْمَأُ فِيها ولا تَضْحى﴾ [طه: ١١٩] ﴿فَوَسْوَسَ إلَيْهِ الشَّيْطانُ قالَ يا آدَمُ هَلْ أدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ الخُلْدِ ومُلْكٍ لا يَبْلى﴾ [طه: ١٢٠] ﴿فَأكَلا مِنها فَبَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما وطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِن ورَقِ الجَنَّةِ وعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى﴾ [طه: ١٢١] ﴿ثُمَّ اجْتَباهُ رَبُّهُ فَتابَ عَلَيْهِ وهَدى﴾ [طه: ١٢٢] ﴿قالَ اهْبِطا مِنها جَمِيعًا بَعْضُكم لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإمّا يَأْتِيَنَّكم مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ فَلا يَضِلُّ ولا يَشْقى﴾ [طه: ١٢٣] ﴿ومَن أعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا ونَحْشُرُهُ يَوْمَ القِيامَةِ أعْمى﴾ [طه: ١٢٤] ﴿قالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أعْمى وقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا﴾ [طه: ١٢٥] ﴿قالَ كَذَلِكَ أتَتْكَ آياتُنا فَنَسِيتَها وكَذَلِكَ اليَوْمَ تُنْسى﴾ [طه: ١٢٦] ﴿وكَذَلِكَ نَجْزِي مَن أسْرَفَ ولَمْ يُؤْمِن بِآياتِ رَبِّهِ ولَعَذابُ الآخِرَةِ أشَدُّ وأبْقى﴾ [طه: ١٢٧] ﴿أفَلَمْ يَهْدِ لَهم كَمْ أهْلَكْنا قَبْلَهم مِنَ القُرُونِ يَمْشُونَ في مَساكِنِهِمْ إنَّ في ذَلِكَ لَآياتٍ لِأُولِي النُّهى﴾ [طه: ١٢٨] ﴿ولَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَبِّكَ لَكانَ لِزامًا وأجَلٌ مُسَمًّى﴾ [طه: ١٢٩] ﴿فاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وقَبْلَ غُرُوبِها ومِن آناءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وأطْرافَ النَّهارِ لَعَلَّكَ تَرْضى﴾ [طه: ١٣٠] ﴿ولا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إلى ما مَتَّعْنا بِهِ أزْواجًا مِنهم زَهْرَةَ الحَياةِ الدُّنْيا لِنَفْتِنَهم فِيهِ ورِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وأبْقى﴾ [طه: ١٣١] ﴿وأْمُرْ أهْلَكَ بِالصَّلاةِ واصْطَبِرْ عَلَيْها لا نَسْألُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ والعاقِبَةُ لِلتَّقْوى﴾ [طه: ١٣٢] ﴿وقالُوا لَوْلا يَأْتِينا بِآيَةٍ مِن رَبِّهِ أوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ ما في الصُّحُفِ الأُولى﴾ [طه: ١٣٣] ﴿ولَوْ أنّا أهْلَكْناهم بِعَذابٍ مِن قَبْلِهِ لَقالُوا رَبَّنا لَوْلا أرْسَلْتَ إلَيْنا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آياتِكَ مِن قَبْلِ أنْ نَذِلَّ ونَخْزى﴾ [طه: ١٣٤] ﴿قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا فَسَتَعْلَمُونَ مَن أصْحابُ الصِّراطِ السَّوِيِّ ومَنِ اهْتَدى﴾ [طه: ١٣٥] اللِّحْيَةُ مَعْرُوفَةٌ، وتُجْمَعُ عَلى لِحًى بِكَسْرِ اللّامِ وضَمِّها. نَسَفَ يَنْسِفُ بِكَسْرِ سِينِ المُضارِعِ وضَمِّها نَسْفًا فَرَّقَ وذَرى. وقالَ ابْنُ الأعْرابِيِّ: قَلَعَ مِنَ الأصْلِ. الزُّرْقَةُ: لَوْنٌ مَعْرُوفٌ، يُقالُ: زَرَقَتْ عَيْنُهُ وازْرَقَّتْ وازْراقَتْ، القاعُ قالَ ابْنُ الأعْرابِيِّ: الأرْضُ المَلْساءُ لا نَباتَ فِيها ولا بِناءَ. وقالَ الجَوْهَرِيُّ: المُسْتَوِي مِنَ الأرْضِ. ومِنهُ قَوْلُ ضِرارِ بْنِ الخَطّابِ: ؎لَيَكُونَنَّ بِالبِطاحِ قُرَيْشٌ فَقُعَّةُ القاعِ في أكُفِّ الإماءِ (p-٢٧١)والجَمْعُ أقْوُعٌ وأقْواعٌ وقِيعانٌ. وحَكى مَكِّيٌّ أنَّ القاعَ في اللُّغَةِ المَكانُ المُنْكَشِفُ. وقالَ بَعْضُ أهْلِ اللُّغَةِ: القاعُ مُسْتَنْقَعُ الماءِ. الصَّفْصَفُ: المُسْتَوِي الأمْلَسُ. وقِيلَ: الَّذِي لا نَباتَ فِيهِ، وهو مُضاعَفٌ كالسَّبْسَبِ. الأمْتُ: التَّلُّ. والعِوَجُ: التَّعَوُّجُ في الفِجاجِ قالَهُ ابْنُ الأعْرابِيِّ. الهَمْسُ: الصَّوْتُ الخَفِيُّ قالَهُ أبُو عُبَيْدَةَ. وقِيلَ: وطْءُ الأقْدامِ. قالَ الشّاعِرُ: ؎وهُـنَّ يَمْشِيـنَ بِنَـا هَمِيسًا ويُقالُ لِلْأسَدِ الهَمُوسُ لِخَفاءِ وطْئِهِ، ويُقالُ هَمْسُ الطَّعامِ مَضْغُهُ. عَنا يَعْنُو: ذَلَّ وخَضَعَ، وأعَناهُ غَيْرُهُ أذَلَّهُ. وقالَ أُمَيَّةُ بْنُ أبِي الصَّلْتِ: ؎مَلِيكٌ عَلى عَرْشِ السَّماءِ مُهَيْمِنٌ ∗∗∗ لِعِزَّتِهِ تَعْنُو الوُجُوهُ وتَسْجُدُ الهَضْمُ: النَّقْصُ تَقُولُ العَرَبُ: هَضَمْتُ لَكَ حَقِّي أيْ حَطَطْتُ مِنهُ، ومِنهُ هَضِيمُ الكَشْحَيْنِ أيْ ضامِرْهُما وفي الصِّحاحِ: رَجُلٌ هَضِيمٌ ومُتَهَضِّمٌ مَظْلُومٌ وتَهَضَّمُهُ واهْتَضَمَهُ ظَلَمَهُ. وقالَ المُتَوَكِّلُ اللَّيْثِيُّ: ؎إنَّ الأذِلَّةَ واللِّئامَ لَمَعْشَرٌ ∗∗∗ مَوْلاهُمُ المُنْهَضِمُ المَظْلُومُ عَرى يَعْرى لَمْ يَكُنْ عَلى جِلْدِهِ شَيْءٌ يَقِيهِ. قالَ الشّاعِرُ: ؎وأنْ يَعْرَينَ إنْ كُسِيَ الجَوارِي ∗∗∗ فَتَنْبُو العَيْنُ عَنْ كَرَمٍ عِجافِ ضَحى يَضْحى: بَرَزَ لِلشَّمْسِ. قالَ عَمْرُو بْنُ أبِي رَبِيعَةَ: ؎رَأتْ رَجُلًا أمّا إذا الشَّمْسُ عارَضَتْ ∗∗∗ فَيَضْحى وأمّا بِالعَشِيِّ فَيَحْضُرُ الضَّنْكُ: الضِّيقُ والشِّدَّةُ: ضَنُكَ عِيشَةً يَضْنُكُ ضَناكَةً وضَنْكًا، وامْرَأةٌ ضَناكٌ كَثِيرَةُ اللَّحْمِ صارَ جِلْدُها بِهِ. زَهْرَةَ: بِفَتْحِ الهاءِ وسُكُونِها نَحْوَ نَهْرٍ ونَهَرٍ ما يَرُوقُ مِنَ النَّوْرِ، وسِراجٌ زاهِرٌ لَهُ بَرِيقٌ، والأنْجُمُ الزَّهْرُ المُضِيئَةُ، وأزْهَرَ الشَّجَرُ بَدا زَهْرُهُ وهو النَّوْرُ. * * * ﴿ولَقَدْ قالَ لَهم هارُونُ مِن قَبْلُ يا قَوْم إنَّما فُتِنْتُمْ بِهِ وإنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فاتَّبِعُونِي وأطِيعُوا أمْرِي﴾ ﴿قالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عاكِفِينَ حَتّى يَرْجِعَ إلَيْنا مُوسى﴾ ﴿قالَ ياهارُونُ ما مَنَعَكَ إذْ رَأيْتَهم ضَلُّوا﴾ [طه: ٩٢] ﴿ألّا تَتَّبِعَنِي أفَعَصَيْتَ أمْرِي﴾ [طه: ٩٣] ﴿قالَ ياابْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي ولا بِرَأْسِي إنِّي خَشِيتُ أنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إسْرائِيلَ ولَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي﴾ [طه: ٩٤] ﴿قالَ فَما خَطْبُكَ ياسامِرِيُّ﴾ [طه: ٩٥] ﴿قالَ بَصُرْتُ بِما لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِن أثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُها وكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي﴾ [طه: ٩٦] ﴿قالَ فاذْهَبْ فَإنَّ لَكَ في الحَياةِ أنْ تَقُولَ لا مِساسَ وإنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَنْ تُخْلَفَهُ وانْظُرْ إلى إلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ في اليَمِّ نَسْفًا﴾ [طه: ٩٧] ﴿إنَّما إلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لا إلَهَ إلّا هو وسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا﴾ [طه: ٩٨] . (p-٢٧٢)أشْفَقَ هارُونُ عَلى نَفْسِهِ وعَلَيْهِمْ وبَذَلَ لَهُمُ النَّصِيحَةَ، وبَيَّنَ أنَّ ما ذَهَبُوا إلَيْهِ مِن أمْرِ العِجْلِ إنَّما هو فِتْنَةٌ إذْ كانَ مَأْمُورًا مِن عِنْدِ اللَّهِ بِالأمْرِ بِالمَعْرُوفِ والنَّهْيِ عَنِ المُنْكَرِ، ومِن أخِيهِ مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ ﴿اخْلُفْنِي في قَوْمِي﴾ [الأعراف: ١٤٢] الآيَةَ ولا يُمْكِنُهُ أنْ يُخالِفَ أمْرَ اللَّهِ وأمْرَ أخِيهِ. ورُوِيَ أنَّ اللَّهَ أوْحى إلى يُوشَعٍ إنِّي مُهْلِكٌ مِن قَوْمِكَ أرْبَعِينَ ألْفًا فَقالَ: يا رَبِّ فَما بالُ الأخْيارِ ؟ قالَ: إنَّهم لَمْ يَغْضَبُوا لِغَضَبِي، والمُضافُ إلَيْهِ المَقْطُوعُ عَنْهُ مِن قَبْلُ قَدَّرَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ مِن قَبْلُ أنْ يَقُولَ لَهُمُ السّامِرِيُّ ما قالَ، كَأنَّهم أوَّلُ ما وقَعَتْ عَلَيْهِ أبْصارُهم حِينَ طَلَعَ مِنَ الحُفْرَةِ افْتَتَنُوا بِهِ واسْتَحْسَنُوهُ قَبْلَ أنْ يَنْطِقَ السّامِرِيُّ بادَرَ هارُونُ عَلَيْهِ السَّلامُ بِقَوْلِهِ ﴿إنَّما فُتِنْتُمْ بِهِ وإنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ﴾ . وقالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: أخْبَرَ عَزَّ وجَلَّ أنَّ هارُونَ قَدْ كانَ قالَ لَهم في أوَّلِ حالِ العِجْلِ إنَّما هي فِتْنَةٌ وبَلاءٌ وتَمْوِيهٌ مِنَ السّامِرِيِّ، وإنَّما رَبُّكُمُ الرَّحْمَنُ الَّذِي لَهُ القُدْرَةُ والعِلْمُ والخَلْقُ والِاخْتِراعُ (فاتَّبِعُونِي) إلى الطُّورِ الَّذِي واعَدَكُمُ اللَّهُ تَعالى إلَيْهِ ﴿وأطِيعُوا أمْرِي﴾ فِيما ذَكَرْتُهُ لَكم. انْتَهى. والضَّمِيرُ في (بِهِ) عائِدٌ عَلى العِجْلِ، زَجَرَهم أوَّلًا هارُونُ عَنِ الباطِلِ وإزالَةِ الشُّبْهَةِ بِقَوْلِهِ ﴿إنَّما فُتِنْتُمْ﴾ ثُمَّ نَبَّهَهم عَلى مَعْرِفَةِ رَبِّهِمْ وذَكَرَ وصْفَ الرَّحْمَةِ تَنْبِيهًا عَلى أنَّهم مَتى تابُوا قَبِلَهم وتَذْكِيرًا لِتَخْلِيصِهِمْ مِنفِرْعَوْنَ زَمانَ لَمْ يُوجَدِ العِجْلُ، ثُمَّ أمَرَهم بِاتِّباعِهِ تَنْبِيهًا عَلى أنَّهُ نَبِيٌّ يَجِبُ أنْ يُتَّبَعَ ويُطاعَ أمْرُهُ. وقَرَأ الحَسَنُ وعِيسى وأبُو عَمْرٍو في رِوايَةٍ وأنَّ رَبَّكم بِفَتْحِ الهَمْزَةِ والجُمْهُورُ بِكَسْرِها، والمَصْدَرُ المُنْسَبِكُ مِنها في مَوْضِعِ خَبَرِ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ والأمْرُ ﴿وإنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ﴾ فَهو مِن عَطْفِ جُمْلَةٍ عَلى جُمْلَةٍ، وقَدَّرَهُ أبُو حاتِمٍ ولِأنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ. وقَرَأتْ فِرْقَةٌ أنَما وأنَّ رَبَّكم بِفَتْحِ الهَمْزَتَيْنِ وتَخْرِيجُ هَذِهِ القِراءَةِ عَلى لُغَةِ سُلَيْمٍ حَيْثُ يَفْتَحُونَ أنَّ بَعْدَ القَوْلِ مُطْلَقًا. ولَمّا وعَظَهم هارُونُ ونَبَّهَهم عَلى ما فِيهِ رُشْدُهُمُ اتَّبَعُوا سَبِيلَ الغَيِّ و﴿قالُوا لَنْ نَبْرَحَ﴾ عَلى عِبادَتِهِ مُقِيمِينَ مُلازِمِينَ لَهُ، وغَيُّوا ذَلِكَ بِرُجُوعِ مُوسى وفي قَوْلِهِمْ ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلى عَدَمِ رُجُوعِهِمْ إلى الِاسْتِدْلالِ وأخَذَ بِتَقْلِيدِهِمُ السّامِرِيُّ ودَلالَةٌ عَلى أنَّ (لَنْ) لا تَقْتَضِي التَّأْيِيدَ خِلافًا لِلزَّمَخْشَرِيِّ إذْ لَوْ كانَ مِن مَوْضُوعِها التَّأْبِيدُ لَما جازَتِ التَّغْيِيَةُ بِحَتّى لِأنَّ التَّغْيِيَةَ لا تَكُونُ إلّا حَيْثُ يَكُونُ الشَّيْءُ مُحْتَمَلًا فَيُزِيلُ ذَلِكَ الِاحْتِمالَ بِالتَّغْيِيَةِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب