الباحث القرآني

﴿وقَدْ خابَ﴾ أيْ لَمْ يَنْجَحْ ولا ظَفَرَ بِمَطْلُوبِهِ، والظُّلْمُ يَعُمُّ الشِّرْكَ والمَعاصِيَ وخَيْبَةَ كُلِّ حامِلٍ بِقَدْرِ ما حَمَلَ مِنَ الظُّلْمِ، فَخَيْبَةُ المُشْرِكِ دائِمًا وخَيْبَةُ المُؤْمِنِ العاصِي مُقَيَّدَةٌ بِوَقْتٍ في العُقُوبَةِ إنْ عُوقِبَ. ولَمّا خَصَّ الزَّمَخْشَرِيُّ الوُجُوهَ بِوُجُوهِ العُصاةِ قالَ في قَوْلِهِ ﴿وقَدْ خابَ مَن حَمَلَ ظُلْمًا﴾ أنَّهُ اعْتِراضٌ كَقَوْلِكَ: خابُوا وخَسِرُوا حَتّى تَكُونَ الجُمْلَةُ دَخَلَتْ بَيْنَ العُصاةِ وبَيْنَ مَن يَعْمَلُ مِنَ الصّالِحاتِ، فَهَذا عِنْدَهُ قَسِيمٌ ﴿وعَنَتِ الوُجُوهُ﴾ . وأمّا ابْنُ عَطِيَّةَ فَجَعَلَ قَوْلَهُ ﴿ومَن يَعْمَلْ﴾ - إلى - ﴿هَضْمًا﴾ مُعادِلًا لِقَوْلِهِ ﴿وقَدْ خابَ مَن حَمَلَ ظُلْمًا﴾ لِأنَّهُ جَعَلَ ﴿وعَنَتِ الوُجُوهُ﴾ عامَّةً في وُجُوهِ الخَلائِقِ. و﴿مِنَ الصّالِحاتِ﴾ بِيَسِيرٍ في الشَّرْعِ لِأنَّ (مِن) لِلتَّبْعِيضِ والظُّلْمُ مُجاوَزَةُ الحَدِّ في عِظَمِ سَيِّئاتِهِ، والهَضْمُ نَقْصٌ مِن حَسَناتِهِ قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ. وقالَ قَتادَةُ: الظُّلْمُ أنْ يُزادَ مِن ذَنْبِ غَيْرِهِ. وقالَ ابْنُ زَيْدٍ: الظُّلْمُ أنْ لا يُجْزى بِعَمَلِهِ. وقِيلَ: الظُّلْمُ أنْ يَأْخُذَ مِن صاحِبِهِ فَوْقَ حَقِّهِ، والهَضْمُ أنْ يَكْسِرَ مِن حَقِّ أخِيهِ فَلا يُوَفِّيَهُ لَهُ كَصِفَةِ المُطَفِّفِينَ يَسْتَرْجِحُونَ لِأنْفُسِهِمْ إذا اكْتالُوا ويُخْسِرُونَ إذا كالُوا. انْتَهى. والظُّلْمُ والهَضْمُ مُتَقارِبانِ. قالَ الماوَرْدِيُّ: والفَرْقُ أنَّ الظُّلْمَ مَنعُ الحَقِّ كُلِّهِ والهَضْمُ مَنعُ بَعْضِهِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب