الباحث القرآني
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
لاهُمَّ رَبِّ إنَّ بَكْرًا دُونَكا يَبَرُّكُ النّاسُ ويَفْخَرُونَكا
والبِرُّ: الفُؤادُ، ووَلَدُ الثَّعْلَبِ والهِرُّ، وبَرَّ والِدَهُ: أجَلَّهُ وأعْظَمَهُ. يَبَرُّهُ: عَلى وزْنِ فَعَلَ يَفَعْلُ، ورَجُلٌ بارٌّ، وبَرٌّ، وبَرَّتْ يَمِينُهُ، وبَرَّ حَجُّهُ: أجَلَّها وجَمَعَ أنْواعًا مِنَ الخَيْرِ، والبِرُّ سَعَةُ المَعْرُوفِ والخَيْرِ، ومِنهُ: البَرُّ والبَرِّيَّةُ لِلسَّعَةِ. ويَتَناوَلُ كُلَّ خَيْرٍ، والإبْرارُ: الغَلَبَةُ، قالَ الشّاعِرُ:ويَبَرُّونَ عَلى الآبِي المُبِرِّ
النِّسْيانُ: ضِدُّ الذِّكْرِ، وهو السَّهْوُ الحادِثُ بَعْدَ حُصُولِ العِلْمِ، ويُطْلَقُ أيْضًا عَلى التَّرْكِ، وضِدُّهُ الفِعْلُ، والفِعْلُ: نَسِيَ يَنْسى عَلى فَعِلَ يَفْعَلُ، ويَتَعَدّى لِواحِدٍ، وقَدْ يُعَلَّقُ نَسِيَ حَمْلًا عَلى عَلِمَ، قالَ الشّاعِرُ:ومَن أنْتُمُ إنّا نَسِينا مَنَ انْتُمُ ∗∗∗ ورِيحُكُمُ مِن أيِّ رِيحِ الأعاصِرِ
وفِي البَيْتِ احْتِمالٌ.عَقْلًا ورَقْمًا تَظَلُّ الطَّيْرُ تَتْبَعُهُ ∗∗∗ كَأنَّهُ مِن دَمِ الأجْوافِ مَدْمُومُ
والعِقالُ: زَكاةُ العامِ، قالَ الشّاعِرُ:سَعى عِقالًا فَلَمْ يَتْرُكْ لَنا سَبَدًا ∗∗∗ فَكَيْفَ لَوْ قَدْ سَعى عَمْرٌو عِقالَيْنِ
ورَمْلٌ عَقَنْقَلٌ: مُتَماسِكٌ عَنِ الِانْهِيارِ. الصَّبْرُ: حَبْسُ النَّفْسِ عَلى المَكْرُوهِ، والفِعْلُ: صَبَرَ يَصْبِرُ عَلى فَعَلَ يَفْعِلُ، وأصْلُهُ أنْ يَتَعَدّى لِواحِدٍ، قالَ الشّاعِرُ:فَصَبَرْتُ عارِفَةً لِذَلِكَ حُرَّةً ∗∗∗ تَرْسُو إذا نَفْسُ الجَبانِ تَطَلَّعُ
وقَدْ كَثُرَ حَذْفُ مَفْعُولِهِ حَتّى صارَ كَأنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ.صَغِيرَيْنِ نَرْعى البَهْمَ يا لَيْتَ أنَّنا ∗∗∗ إلى اليَوْمِ لَمْ نَكْبُرْ ولَمْ يَكْبُرِ البَهْمُ
الخُشُوعُ: قَرِيبٌ مِنَ الخُضُوعِ، وأصْلُهُ: اللِّينُ والسُّهُولَةُ، وقِيلَ: الِاسْتِكانَةُ والتَّذَلُّلُ. وقالَ اللَّيْثُ: الخُضُوعُ في البَدَنِ، والخُشُوعُ في البَدَنِ والبَصَرِ والصَّوْتِ، والخُشْعَةُ: الرَّمْلَةُ المُتَطامِنَةُ. وفي الحَدِيثِ: «كانَتِ الكَعْبَةُ خُشْعَةً عَلى الماءِ» .لا تَنْهَ عَنْ خُلُقٍ وتَأْتِيَ مِثْلَهُ ∗∗∗ عارٌ عَلَيْكَ إذا فَعَلْتَ عَظِيمُ
وقَوْلُ الآخَرِ:وابْدَأْ بِنَفْسِكَ فانْهَها عَنْ غَيِّها ∗∗∗ فَإنِ انْتَهَتْ عَنْهُ فَأنْتَ حَكِيمُ
فَيَقْبُحُ في العُقُولِ أنْ يَأْمُرَ الإنْسانُ بِخَيْرٍ وهو لا يَأْتِيهِ، وأنْ يَنْهى عَنْ سُوءٍ وهو يَفْعَلُهُ، وفي تَفْسِيرِ البِرِّ هُنا أقْوالٌ: الثَّباتُ عَلى دِينِ رَسُولِ اللَّهِ، ﷺ، وهم لا يَتَّبِعُونَهُ، أوِ اتِّباعُ التَّوْراةِ وهم يُخالِفُونَها في جَحْدِهم صِفَتَهُ. ورُوِيَ عَنْ قَتادَةَ وابْنِ جُرَيْجٍ والسُّدِّيِّ: أوْ عَلى الصَّدَقَةِ ويَبْخَلُونَ، أوْ عَلى الصِّدْقِ وهم لا يَصْدُقُونَ، أوْ حَضُّ أصْحابِهِمْ عَلى الصَّلاةِ والزَّكاةِ ولا يَأْتُونَهُما. وقالَ السُّلَمِيُّ: أتُطالِبُونَ النّاسَ بِحَقائِقِ المَعانِي وأنْتُمْ قُلُوبُكم خالِيَةٌ عَنْ ظَواهِرِ رُسُومِها ؟ وقالَ القُشَيْرِيُّ: أتُحَرِّضُونَ النّاسَ عَلى البِدارِ وتَرْضَوْنَ بِالتَّخَلُّفِ ؟ وقالَ: أتَدْعُونَ الخَلْقَ إلَيْنا وتَقْعُدُونَ عَنّا ؟ وألْفاظًا مِن هَذا المَعْنى، وأتى بِالمُضارِعِ في: (أتَأْمُرُونَ)، وإنْ كانَ قَدْ وقَعَ ذَلِكَ مِنهم لِأنَّهُ يُفْهَمُ مِنهُ في الِاسْتِعْمالِ في كَثِيرٍ مِنَ المَواضِعِ: الدَّيْمُومَةُ وكَثْرَةُ التَّلَبُّسِ بِالفِعْلِ، نَحْوَ قَوْلِهِمْ: زَيْدٌ يُعْطِي ويَمْنَعُ، وعَبَّرَ عَنْ تَرْكِ فِعْلِهِمْ بِالنِّسْيانِ مُبالَغَةً في التَّرْكِ، فَكَأنَّهُ لا يَجْرِي لَهم عَلى بالٍ، وعَلَّقَ النِّسْيانَ بِالأنْفُسِ تَوْكِيدًا لِلْمُبالَغَةِ في الغَفْلَةِ المُفْرِطَةِ.إذا المَرْءُ لَمْ يُخْزِنْ عَلَيْهِ لِسانَهُ ∗∗∗ فَلَيْسَ عَلى شَيْءٍ سِواهُ بِخَزّانِ
فَإذا صَدَرَ مِنَ الإنْسانِ تَحْصِيلُ المَصْلَحَةِ لِغَيْرِهِ، ومَنَعَ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ، كانَ ذَلِكَ خارِجًا عَنْ أفْعالِ العُقَلاءِ، خُصُوصًا في الأُمُورِ الَّتِي يُرْجى بِسُلُوكِها النَّجاةُ مِن عَذابِ اللَّهِ، والفَوْزُ بِالنَّعِيمِ السَّرْمَدِيِّ. وقَدْ فَسَّرُوا قَوْلَهُ: (أفَلا تَعْقِلُونَ) بِأقْوالٍ: (أفَلا تَعْقِلُونَ) أفَلا تَمْنَعُونَ أنْفُسَكم مِن مُواقَعَةِ هَذِهِ الحالِ المُرْدِيَةِ بِكم، أوْ: أفَلا تَفْهَمُونَ قُبْحَ ما تَأْتُونَ مِن مَعْصِيَةِ رَبِّكم في اتِّباعِ مُحَمَّدٍ، ﷺ، والإيمانِ بِهِ، أوْ: أفَلا تَنْتَهُونَ؛ لِأنَّ العَقْلَ يَنْهى عَنِ القَبِيحِ، أوْ أفَلا تَرْجِعُونَ؛ لِأنَّ العَقْلَ يُرادُ إلى الأحْسَنِ، أوْ أفَلا تَعْقِلُونَ أنَّهُ حَقٌّ فَتَتَّبِعُونَهُ، أوْ أنَّ وبالَ ذَلِكَ عَلَيْكم راجِعٌ، أوْ: أفَلا تَمْتَنِعُونَ مِنَ المَعاصِي، أوْ: أفَلا تَعْقِلُونَ، إذْ لَيْسَ في قَضِيَّةِ العَقْلِ أنْ تَأْمُرَ بِالمَعْرُوفِ ولا تَأْتِيَهُ، أوْ: أفَلا تَفْطِنُونَ لِقُبْحِ ما أقْدَمْتُمْ عَلَيْهِ حَتّى يَصُدَّكُمُ اسْتِقْباحُهُ عَنِ ارْتِكابِهِ، وكَأنَّكم في ذَلِكَ مَسْلُوبُو العَقْلِ؛ لِأنَّ العُقُولَ تَأْباهُ وتَدْفَعُهُ. وشَبِيهٌ بِهَذِهِ الآيَةِ ﴿لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ﴾ [الصف: ٢] الآيَةَ. والمَقْصُودُ مِنَ الأمْرِ بِالمَعْرُوفِ والنَّهْيِ عَنِ المُنْكَرِ: الإرْشادُ إلى المَنفَعَةِ والتَّحْذِيرُ عَنِ المَفْسَدَةِ، وذَلِكَ مَعْلُومٌ بِشَواهِدِ العَقْلِ، فَمَن وعَظَ ولَمْ يَتَّعِظْ فَكَأنَّهُ أتى بِفِعْلٍ مُتَناقِضٍ لا يَقْبَلُهُ العَقْلُ، ويَصِيرُ ذَلِكَ الوَعْظُ سَبَبًا لِلرَّغْبَةِ في المَعْصِيَةِ؛ لِأنَّهُ يُقالُ: لَوْلا اطِّلاعُ الواعِظِ عَلى أنْ لا أصْلَ لِهَذِهِ التَّخْوِيفاتِ لَما أقْدَمَ عَلى المَعْصِيَةِ، فَتَكُونُ النَّفْسُ نافِرَةً عَنْ قَبُولِ وعْظِ مَن لَمْ يَتَّعِظْ، وأنْشَدُوا:مَواعِظُ الواعِظِ لَنْ تُقْبَلا ∗∗∗ حَتّى يَعِيَها قَلْبُهُ أوَّلا
وقالَ عَلِيٌّ - كَرَّمَ اللَّهُ وجْهَهُ: قَصَمَ ظَهْرِي رَجُلانِ: عالِمٌ مُتَهَتِّكٌ، وجاهِلٌ مُتَنَسِّكٌ. ولا دَلِيلَ في الآيَةِ لِمَنِ اسْتَدَلَّ بِها عَلى أنَّهُ لَيْسَ لِلْعاصِي أنْ يَأْمُرَ بِالمَعْرُوفِ ويَنْهى عَنِ المُنْكَرِ، ولا في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ﴾ [الصف: ٢] ولا لِلْمُعْتَزِلَةِ في أنَّ فِعْلَ العَبْدِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ لِلَّهِ تَعالى، قالُوا: التَّوْبِيخُ لا يَحْسُنُ إلّا إذا كانُوا فاعِلِي أفْعالِهِمْ، وهَذِهِ مَسْألَةٌ مُشْكَلَةٌ يُبْحَثُ فِيها في عِلْمِ الكَلامِ. وهَذا الإنْكارُ والتَّوْبِيخُ والتَّقْرِيعُ، وإنْ كانَ خِطابًا لِبَنِي إسْرائِيلَ، فَهو عامٌّ مِن حَيْثُ المَعْنى. وعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ واسْعٍ: بَلَغَنِي أنَّ ناسًا مِن أهْلِ الجَنَّةِ اطَّلَعُوا عَلى ناسٍ مِن أهْلِ النّارِ فَقالُوا لَهم: قَدْ كُنْتُمْ تَأْمُرُونَنا بِأشْياءَ عَمِلْناها فَدَخَلْنا الجَنَّةَ، قالُوا: كُنّا نَأْمُرُكم بِها ونُخالِفُ إلى غَيْرِها.