الباحث القرآني
﴿ألَمْ تَرَ إلى الَّذِينَ خَرَجُوا مِن دِيارِهِمْ وهم أُلُوفٌ حَذَرَ المَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أحْياهم إنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلى النّاسِ ولَكِنَّ أكْثَرَ النّاسِ لا يَشْكُرُونَ﴾ ﴿وقاتِلُوا في سَبِيلِ اللَّهِ واعْلَمُوا أنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: ٢٤٤] ﴿مَن ذا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضاعِفَهُ لَهُ أضْعافًا كَثِيرَةً واللَّهُ يَقْبِضُ ويَبْسُطُ وإلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ [البقرة: ٢٤٥] ﴿ألَمْ تَرَ إلى المَلَإ مِن بَنِي إسْرائِيلَ مِن بَعْدِ مُوسى إذْ قالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنا مَلِكًا نُقاتِلْ في سَبِيلِ اللَّهِ قالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ القِتالُ ألّا تُقاتِلُوا قالُوا وما لَنا ألّا نُقاتِلَ في سَبِيلِ اللَّهِ وقَدْ أُخْرِجْنا مِن دِيارِنا وأبْنائِنا فَلَمّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ القِتالُ تَوَلَّوْا إلّا قَلِيلًا مِنهم واللَّهُ عَلِيمٌ بِالظّالِمِينَ﴾ [البقرة: ٢٤٦] ﴿وقالَ لَهم نَبِيُّهم إنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكم طالُوتَ مَلِكًا قالُوا أنّى يَكُونُ لَهُ المُلْكُ عَلَيْنا ونَحْنُ أحَقُّ بِالمُلْكِ مِنهُ ولَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ المالِ قالَ إنَّ اللَّهَ اصْطَفاهُ عَلَيْكم وزادَهُ بَسْطَةً في العِلْمِ والجِسْمِ واللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشاءُ واللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: ٢٤٧]، الألْفُ: عَدَدٌ مَعْرُوفٌ، وجَمْعُهُ في القِلَّةِ آلافٌ وفي الكَثْرَةِ أُلُوفٌ، ويُقالُ: آلَفْتُ الدَّراهِمَ وآلَفَتْ هي، وقِيلَ: أُلُوفٌ جَمْعُ ألْفٍ كَشاهِدٍ وشُهُودٍ. القَرْضُ: القَطْعُ بِالسِّنِّ، ومِنهُ سُمِّيَ المِقْراضُ لِأنَّهُ يُقْطَعُ بِهِ، ويُقالُ: انْقَرَضَ القَوْمُ أيْ ماتُوا وانْقَطَعَ خَبَرُهم، ومِنهُ: أقْرَضْتُ فُلانًا أيْ قَطَعْتُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ المالِ، وقالَ الأخْفَشُ: تَقُولُ العَرَبُ: لَكَ عِنْدِي قَرْضُ صِدْقٍ وقَرْضُ سُوءٍ، لِأمْرٍ تَأْتِي مَسَرَّتُهُ ومَساءَتُهُ. وقالَ الزَّجّاجُ: القَرْضُ: البَلاءُ الحَسَنُ والبَلاءُ السَّيِّئُ. وقالَ اللَّيْثُ: القَرْضُ: اسْمٌ لِكُلِّ ما يُلْتَمَسُ عَلَيْهِ الجَزاءُ، يُقالُ: أقْرَضَ فُلانٌ فُلانًا: أعْطاهُ ما يَتَجازاهُ مِنهُ. والِاسْمُ مِنهُ: القَرْضُ، وهو ما أعْطَيْتَهُ لِتُكافَأ عَلَيْهِ. وقالَ ابْنُ كَيْسانَ: القَرْضُ: أنْ تُعْطِيَ شَيْئًا لِيَرْجِعَ إلَيْكَ مِثْلُهُ، ويُقالَ: تَقارَضا الثَّناءَ: أثْنى كُلُّ واحِدٍ مِنهُما عَلى صاحِبِهِ، ويُقالُ قارَضَهُ الوُدَّ والثَّناءَ. وحَكى الكِسائِيُّ: القِرْضُ بِالكَسْرِ، والأشْهَرُ فَتْحُ القافِ. الضِّعْفُ: مِثْلُ قَدْرَيْنِ مُتَساوِيَيْنِ، ويُقالُ مِثْلُ الشَّيْءِ في المِقْدارِ، وضِعْفُ الشَّيْءِ مِثْلُهُ ثَلاثَ مَرّاتٍ، إلّا أنَّهُ إذا قِيلَ ضِعْفانِ فَقَدْ يُطْلَقُ عَلى الِاثْنَيْنِ المِثْلَيْنِ في القَدْرِ؛ مِن حَيْثُ إنَّ كُلَّ واحِدٍ يُضَعِّفُ الآخَرَ، كَما يُقالُ: الزَّوْجانِ لِكُلِّ واحِدٍ مِنهُما زَوْجًا لِلْآخَرِ، وفَرَّقَ بَعْضُهم بَيْنَ: يُضاعِفُ ويُضَعِّفُ، فَقالَ: التَّضْعِيفُ لِما جُعِلَ مِثْلَيْنِ، والمُضاعَفَةُ لِما زِيدَ عَلَيْهِ أكْثَرُ مِن ذَلِكَ. القَبْضُ: ضَمُّ الشَّيْءِ والجَمْعُ عَلَيْهِ والبَسْطُ ضِدُّهُ، ومِنهُ قَوْلُ أبِي تَمّامٍ:
؎تَعَوَّدَ بَسْطَ الكَفِّ حَتّى لَوَ انَّهُ دَعاها لِقَبْضٍ لَمْ تُجِبْهُ أنامِلُهُ
المَلَأُ: الأشْرافُ مِنَ النّاسِ، وهو اسْمُ جَمْعٍ، ويُجْمَعُ عَلى أمْلاءٍ، قالَ الشّاعِرُ:
؎وقالَ لَها الأمْلاءُ مِن كُلِّ مَعْشَرٍ ∗∗∗ وخَيْرُ أقاوِيلِ الرِّجالِ سَدِيدُها
وسُمُّوا بِذَلِكَ لِأنَّهم يَمْلَؤُونَ العُيُونَ هَيْبَةً، أوِ المَكانَ إذا حَضَرُوهُ، أوْ لِأنَّهم مَلِيئُونَ بِما يُحْتاجُ إلَيْهِ. وقالَ الفَرّاءُ: المَلَأُ: الرِّجالُ في كُلِّ القُرْآنِ لا تَكُونُ فِيهِمُ امْرَأةٌ، وكَذَلِكَ: القَوْمُ، والنَّفَرُ، والرَّهْطُ. وقالَ الزَّجّاجُ: المَلَأُ: هُمُ الوُجُوهُ وذَوُو الرَّأْيِ. طالُوتُ: اسْمُهُ بِالسُّرْيانِيَّةِ ”سايِلُ“ وبِالعِبْرانِيَّةِ ”ساوُلُ بْنُ قَيْسٍ“، مِن أوْلادِ بِنْيامِينَ بْنِ يَعْقُوبَ، وسُمِّيَ طالُوتَ، قالُوا: لِطُولِهِ، وكانَ أطْوَلَ مِن كُلِّ أحَدٍ بِرَأْسِهِ ومَنكِبَيْهِ؛ فَعَلى هَذا يَكُونُ وزْنُهُ: فَعَلُوتًا، كَرَحَمُوتٍ ومَلَكُوتٍ؛ فَتَكُونُ ألِفُهُ مُنْقَلِبَةً عَنْ واوٍ، إلّا أنَّهُ يُعَكِّرُ عَلى هَذا الِاشْتِقاقِ مَنعُهُ الصَّرْفَ، إلّا أنْ يُقالَ: إنَّ هَذا التَّرْكِيبَ مَفْقُودٌ في اللِّسانِ العَرَبِيِّ، ولَمْ يُوجَدْ إلّا في اللِّسانِ العَجَمِيِّ، وقَدِ اتَّفَقَتِ اللُّغَتانِ في مادَّةِ الكَلِمَةِ، كَما زَعَمُوا في ”يَعْقُوبَ“ أنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنَ العَقِبِ، لَكِنَّ هَذا التَّرْكِيبَ بِهَذا المَعْنى مَفْقُودٌ في اللِّسانِ العَرَبِيِّ. الجِسْمُ: مَعْرُوفٌ، وجُمِعَ في الكَثْرَةِ عَلى جُسُومٍ، إذا كانَ عَظِيمَ الجِسْمِ.
﴿ألَمْ تَرَ إلى الَّذِينَ خَرَجُوا مِن دِيارِهِمْ وهم أُلُوفٌ﴾، مُناسَبَةُ هَذِهِ الآيَةِ لِما قَبْلَها أنَّهُ تَعالى مَتى ذَكَرَ شَيْئًا مِنَ الأحْكامِ التَّكْلِيفِيَّةِ؛ أعْقَبَ ذَلِكَ بِشَيْءٍ مِنَ القَصَصِ (p-٢٤٩)عَلى سَبِيلِ الِاعْتِبارِ لِلسّامِعِ؛ فَيَحْمِلُهُ ذَلِكَ عَلى الِانْقِيادِ وتَرْكِ العِنادِ، وكانَ تَعالى قَدْ ذَكَرَ أشْياءَ مِن أحْكامِ المَوْتى ومَن خَلَفُوا؛ فَأعْقَبَ ذَلِكَ بِذِكْرِ هَذِهِ القِصَّةِ العَجِيبَةِ، وكَيْفَ أماتَ اللَّهُ هَؤُلاءِ الخارِجِينَ مِن دِيارِهِمْ، ثُمَّ أحْياهم في الدُّنْيا، فَكَما كانَ قادِرًا عَلى إحْيائِهِمْ في الدُّنْيا هو قادِرٌ عَلى إحْياءِ المُتَوَفَّيْنَ في الآخِرَةِ، فَيُجازِي كُلًّا مِنهم بِما عَمِلَ. فَفي هَذِهِ القِصَّةِ تَنْبِيهٌ عَلى المَعادِ، وأنَّهُ كائِنٌ لا مَحالَةَ؛ فَيَلِيقُ بِكُلِّ عاقِلٍ أنْ يَعْمَلَ لِمَعادِهِ بِأنْ يُحافِظَ عَلى عِبادَةِ رَبِّهِ، وأنْ يُوَفِّيَ في حُقُوقِ عِبادِهِ. وقِيلَ: لَمّا بَيَّنَ تَعالى حُكْمَ النِّكاحِ بَيَّنَ حُكْمَ القِتالِ؛ لِأنَّ النِّكاحَ تَحْصِينٌ لِلدِّينِ، والقِتالَ تَحْصِينٌ لِلدِّينِ والمالِ والرُّوحِ، وقِيلَ: مُناسَبَةُ هَذِهِ الآيَةِ لِما قَبْلَها: هو أنَّهُ لَمّا ذَكَرَ: ﴿كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكم آياتِهِ لَعَلَّكم تَعْقِلُونَ﴾ [البقرة: ٢٤٢] ذَكَرَ هَذِهِ القِصَّةَ لِأنَّها مِن عَظِيمِ آياتِهِ، وبَدائِعِ قُدْرَتِهِ. وهَذِهِ هَمْزَةُ الِاسْتِفْهامِ دَخَلَتْ عَلى حَرْفِ النَّفْيِ؛ فَصارَ الكَلامُ تَقْرِيرًا، فَيُمْكِنُ أنْ يَكُونَ المُخاطَبُ عَلِمَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ قَبْلَ نُزُولِ هَذِهِ الآيَةِ، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ لَمْ يَعْرِفْها إلّا مِن هَذِهِ الآيَةِ. ومَعْناهُ التَّنْبِيهُ والتَّعَجُّبُ مِن حالِ هَؤُلاءِ، والرُّؤْيَةُ هُنا عِلْمِيَّةٌ، وضُمِّنَتْ مَعْنى ما يَتَعَدّى بِـ إلى، فَلِذَلِكَ لَمْ يَتَعَدَّ إلى مَفْعُولَيْنِ، وكَأنَّهُ قِيلَ: ألَمْ يَنْتَهِ عِلْمُكَ إلى كَذا ؟ وقالَ الرّاغِبُ: ”رَأيْتُ“ يَتَعَدّى بِنَفْسِهِ دُونَ الجارِّ، لَكِنْ لَمّا اسْتُعِيرَ قَوْلُهم ”ألَمْ تَرَ“ لِمَعْنى: ألَمْ تَنْظُرْ، عُدِّيَ تَعْدِيَتَهُ، وقَلَّما يُسْتَعْمَلُ ذَلِكَ في غَيْرِ التَّقْرِيرِ، ما يُقالُ: رَأيْتُ إلى كَذا. انْتَهى. و”ألَمْ تَرَ“ جَرى مَجْرى التَّعَجُّبِ في لِسانِهِمْ، كَما جاءَ في الحَدِيثِ: (ألَمْ تَرَ إلى مُجَزِّزٍ)، وذَلِكَ في رُؤْيَتِهِ أرْجُلَ زَيْدٍ وابْنِهِ أُسامَةَ، وكانَ أسْوَدَ، فَقالَ هَذِهِ الأقْدامُ بَعْضُها مِن بَعْضٍ، فَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلى بَعْضِ نِسائِهِ، فَقالَ عَلى سَبِيلِ التَّعَجُّبِ: (ألَمْ تَرَ إلى مُجَزِّزٍ) الحَدِيثَ. وقَدْ جاءَ هَذا اللَّفْظُ في القُرْآنِ: ﴿ألَمْ تَرَ إلى الَّذِينَ نافَقُوا﴾ [الحشر: ١١]، ﴿ألَمْ تَرَ إلى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ﴾ [المجادلة: ١٤]، ﴿ألَمْ تَرَ إلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ﴾ [الفرقان: ٤٥]، وقالَ الشّاعِرُ:
؎ألَمْ تَرَيانِي كُلَّما جِئْتُ طارِقًا ∗∗∗ وجَدَتُ بِها طِيبًا وإنْ لَمْ تُطَيَّبِ
ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ الخِطابُ لِلنَّبِيِّ ﷺ ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ لِكُلِّ سامِعٍ. وقَرَأ السُّلَمِيُّ: ”تَرْ“ بِسُكُونِ الرّاءِ، قالُوا: عَلى تَوَهُّمٍ أنَّ الرّاءَ آخِرُ الكَلِمَةِ، قالَ الرّاجِزُ:
؎قالَتْ سُلَيْمى اشْتَرْ لَنا سَوِيقًا ∗∗∗ واشْتَرْ فَعَجِّلْ خادِمًا لَبِيقا
ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ مِن إجْراءِ الوَصْلِ مَجْرى الوَقْفِ، وقَدْ جاءَ في القُرْآنِ: كَإثْباتِ ألِفِ: (الظُّنُونا)، و(السَّبِيلا) و(الرَّسُولا) في الوَصْلِ. وهَؤُلاءِ الَّذِينَ خَرَجُوا قَوْمٌ مِن بَنِي إسْرائِيلَ أُمِرُوا بِالجِهادِ فَخافُوا القَتْلَ؛ فَخَرَجُوا مِن دِيارِهِمْ فِرارًا مِن ذَلِكَ، فَأماتَهُمُ اللَّهُ لِيُعَرِّفَهم أنَّهُ لا يُنْجِيهِمْ مِنَ المَوْتِ شَيْءٌ، ثُمَّ أحْياهم وأمَرَهم بِالجِهادِ بِقَوْلِهِ: ﴿وقاتِلُوا في سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [البقرة: ٢٤٤] الآيَةَ. وقِيلَ: قَوْمٌ مِن بَنِي إسْرائِيلَ وقَعَ فِيهِمُ الوَباءُ؛ فَخَرَجُوا فِرارًا مِنهُ، فَأماتَهُمُ اللَّهُ فَبَنى عَلَيْهِمْ سائِرُ بَنِي إسْرائِيلَ حائِطًا، حَتّى إذا بَلِيَتْ عِظامُهم بَعَثَ اللَّهُ حِزْقِيلَ فَدَعا اللَّهَ فَأحْياهم لَهُ. حَكى هَذا قَوْمٌ مِنَ اليَهُودِ لِعُمَرَ بْنِ الخَطّابِ. وقالَ السُّدِّيُّ: هم أُمَّةٌ كانَتْ قِبَلَ واسِطٍ في قَرْيَةٍ يُقالُ لَها داوَرْدانُ وقَعَ بِها الطّاعُونُ؛ فَهَرَبُوا مِنهُ، فَأماتَهُمُ اللَّهُ، ثُمَّ أحْياهم لِيَعْتَبِرُوا ويَعْلَمُوا أنْ لا مَفَرَّ مِن قَضاءِ اللَّهِ. وقِيلَ: مَرَّ عَلَيْهِمْ حِزْقِيلُ بَعْدَ زَمانٍ طَوِيلٍ وقَدْ عَرِيَتْ عِظامُهم وتَفَرَّقَتْ أوْصالُهم، فَلَوى شِدْقَهُ وأصابِعَهُ تَعَجُّبًا مِمّا رَأى؛ فَأُوحِيَ إلَيْهِ: نادِ فِيهِمْ أنْ قُومُوا بِإذْنِ اللَّهِ، فَنادى، فَنَظَرَ إلَيْهِمْ قِيامًا يَقُولُونَ: سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ وبِحَمْدِكَ، لا إلَهَ لا أنْتَ. ومِمَّنْ قالَ فَرُّوا مِنَ الطّاعُونِ: الحَسَنُ، وعَمّارُ بْنُ دِينارٍ. وقِيلَ: فَرُّوا مِنَ الحُمّى، حَكاهُ النَّقّاشُ. وقَدْ كَثُرَ الِاخْتِلافُ والزِّيادَةُ والنَّقْصُ في هَذِهِ القِصَصِ، واللَّهُ أعْلَمُ بِصِحَّةِ ذَلِكَ، ولا تَعارُضَ بَيْنَ هَذِهِ القِصَصِ، إلّا إنْ عُيِّنَ أنَّ ﴿الَّذِينَ خَرَجُوا مِن دِيارِهِمْ﴾ هم مَن ذُكِرَ في القِصَّةِ لا غَيْرُ؛ وإلّا فَيَجُوزُ إنْ ذُكِرَتْ كُلُّ قِصَّةٍ عَلى سَبِيلِ المِثالِ؛ إذْ لا يَمْتَنِعُ أنْ يَفِرَّ ناسٌ مِنَ الجِهادِ، (p-٢٥٠)وناسٌ مِنَ الطّاعُونِ، وناسٌ مِنَ الحُمّى، فَيُمِيتُهم ثُمَّ يُحْيِيهِمْ؛ لِيَعْتَبِرُوا بِذَلِكَ ويَعْتَبِرَ مَن يَأْتِي بَعْدَهم، ولِيَعْلَمُوا جَمِيعًا أنَّ الإماتَةَ والإحْياءَ بِيَدِ اللَّهِ؛ فَلا يَنْبَغِي أنْ يُخافَ مِن شَيْءٍ مُقَدَّرٍ، ولا يَغْتَرَّ فَطِنٌ بِحِيلَةٍ أنَّها تُنْجِيهِ مِمّا شاءَ اللَّهُ.
﴿وهم أُلُوفٌ﴾، في هَذا تَنْبِيهٌ عَلى أنَّ الكَثْرَةَ والتَّعاضُدَ، وإنْ كانا نافِعَيْنِ في دَفْعِ الأذِيّاتِ الدُّنْيَوِيَّةِ، فَلَيْسا بِمُغْنِيَيْنِ في الأُمُورِ الإلَهِيَّةِ. وهي جُمْلَةٌ حالِيَّةٌ، وأُلُوفٌ جَمْعُ ألْفٍ جَمْعُ كَثْرَةٍ، فَناسَبَ أنْ يُفَسَّرَ بِما زادَ عَلى عَشَرَةِ آلافٍ، فَقِيلَ: سِتُّمِائَةِ ألْفٍ، وقالَ عَطاءٌ: تِسْعُونَ، وقِيلَ: ثَمانُونَ، وقالَ عَطاءٌ أيْضًا: سَبْعُونَ، وقالَ ابْنُ عَبّاسٍ: أرْبَعُونَ، وقالَ أيْضًا: بِضْعٌ وثَلاثُونَ، وقالَ أبُو مالِكٍ: ثَلاثُونَ. يَعْنُونَ ألْفًا. وقَدْ فُسِّرَ بِما هو لِأدْنى العَدَدِ اسْتُعِيرَ لَفْظُ الجَمْعِ الكَثِيرِ لِلْجَمْعِ القَلِيلِ، فَقالَ أبُو رَوْقٍ: عَشَرَةُ آلافٍ، وقالَ الكَلْبِيُّ ومُقاتِلٌ: ثَمانِيَةٌ، وقالَ أبُو صالِحٍ: سَبْعَةٌ، وقالَ ابْنُ عَبّاسٍ، وابْنُ جُبَيْرٍ: أرْبَعَةٌ، وقالَ عَطاءٌ الخُراسانِيُّ: ثَلاثَةُ آلافٍ، وقالَ البَغَوِيُّ: الأوْلى قَوْلُ مَن قالَ: إنَّهم كانُوا زِيادَةً عَلى عَشَرَةِ آلافٍ؛ لِأنَّ أُلُوفًا جَمْعُ الكَثِيرِ، ولا يُقالُ لِما دُونَ العَشْرَةِ الآلافِ أُلُوفٌ. انْتَهى. وهَذا لَيْسَ كَما ذُكِرَ؛ فَقَدْ يُسْتَعارُ أحَدُ الجَمْعَيْنِ لِلْآخَرِ، وإنْ كانَ الأصْلُ اسْتِعْمالَ كُلِّ واحِدٍ مِنهُما في مَوْضُوعِهِ. وهَذِهِ التَّقْدِيراتُ كُلُّها لا دَلِيلَ عَلى شَيْءٍ مِنها، ولَفْظُ القُرْآنِ: ﴿وهم أُلُوفٌ﴾ لَمْ يَنُصَّ عَلى عَدَدٍ مُعَيَّنٍ، ويُحْتَمَلُ أنْ لا يُرادَ ظاهِرُ جَمْعِ ألْفٍ، بَلْ يَكُونُ ذَلِكَ المُرادُ مِنهُ التَّكْثِيرُ، كَأنَّهُ قِيلَ: خَرَجُوا مِن دِيارِهِمْ وهم عالَمٌ كَثِيرُونَ، لا يَكادُونَ يُحْصِيهِمْ عادٌّ؛ فَعَبَّرَ عَنْ هَذا المَعْنى بِقَوْلِهِ: ”وهم أُلُوفٌ“، كَما يَصِحُّ أنْ تَقُولَ: جِئْتُكَ ألْفَ مَرَّةٍ، لا تُرِيدُ حَقِيقَةَ العَدَدِ إنَّما تُرِيدُ جِئْتُكَ مِرارًا كَثِيرَةً لا تَكادُ تُحْصى مِن كَثْرَتِها، ونَظِيرُ ذَلِكَ قَوْلُ الشّاعِرِ:
؎هُوَ المُنْزِلُ الآلافَ مِن جَوِّ ناعِطٍ ∗∗∗ بَنِي أسَدٍ حُزْنًا مِنَ الأرْضِ أوْعَرا
ولَعَلَّ مَن كانَ مَعَهُ لَمْ يَكُنْ أُلُوفًا، فَضْلًا عَنْ أنْ يَكُونُوا آلافًا، ولَكِنَّهُ أرادَ بِذَلِكَ التَّكْثِيرَ؛ لِأنَّ العَرَبَ تُكَثِّرُ بِآلافِ وتَجْمَعُهُ، والجُمْهُورُ عَلى أنَّ قَوْلَهُ: ”وهم أُلُوفٌ“ جَمْعُ ألْفٍ العَدَدِ المَعْرُوفِ الَّذِي هو تَكْرِيرُ مِائَةٍ عَشْرَ مَرّاتٍ، وقالَ ابْنُ زَيْدٍ: أُلُوفٌ جَمْعُ ألْفٍ. كَقاعِدٍ وقُعُودٍ. أيْ: خَرَجُوا وهم مُؤْتَلِفُونَ لَمْ يُخْرِجْهم فُرْقَةُ قَوْمِهِمْ ولا فِتْنَةٌ بَيْنَهم، بَلِ ائْتَلَفُوا، فَخالَفَتْ هَذِهِ الفِرْقَةُ، فَخَرَجَتْ فِرارًا مِنَ المَوْتِ وابْتِغاءَ الحَياةِ؛ فَأماتَهُمُ اللَّهُ في مَنجاهم بِزَعْمِهِمْ. وقالالزَّمَخْشَرِيُّ: وهَذا مِن بِدَعِ التَّفاسِيرِ، وهو كَما قالَ. وقالَ القاضِي: كَوْنُهُ جَمْعَ ألْفٍ مِنَ العَدَدِ أوْلى؛ لِأنَّ وُرُودَ المَوْتِ عَلَيْهِمْ وهم كَثْرَةٌ عَظِيمَةٌ تُفِيدُ مَزِيدَ اعْتِبارٍ، وأمّا وُرُودُهُ عَلى قَوْمٍ بَيْنَهُمُ ائْتِلافٌ فَكَوُرُودِهِ وبَيْنَهُمُ اخْتِلافٌ في أنَّ وجْهَ الِاعْتِبارِ لا يَتَغَيَّرُ.
﴿حَذَرَ المَوْتِ﴾، هَذا عِلَّةٌ لِخُرُوجِهِمْ، لَمّا غَلَبَ عَلى ظَنِّهِمُ المَوْتُ بِالطّاعُونِ أوْ بِالجِهادِ؛ حَمَلَهم عَلى الخُرُوجِ ذَلِكَ، وهو مَفْعُولٌ مِن أجْلِهِ، وشُرُوطُ المَفْعُولِ لَهُ مَوْجُودَةٌ فِيهِ مِن كَوْنِهِ مَصْدَرًا مُتَّحِدَ الفاعِلِ والزَّمانِ.
﴿فَقالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا﴾، ظاهِرُهُ أنَّ ثَمَّ قَوْلًا لِلَّهِ، فَقِيلَ: قالَ لَهم ذَلِكَ عَلى لِسانِ الرَّسُولِ الَّذِي أذِنَ لَهُ في أنْ يَقُولَ لَهم ذَلِكَ عَنِ اللَّهِ، وقِيلَ: عَلى لِسانِ المَلَكِ. وحُكِيَ: أنَّ مَلَكَيْنِ صاحا بِهِمْ: مُوتُوا؛ فَماتُوا. وقِيلَ: سَمِعَتِ المَلائِكَةُ ذَلِكَ فَتَوَفَّتْهم، وقِيلَ: لا قَوْلَ هُناكَ، وهو كِنايَةٌ عَنْ قابِلِيَّتِهِمُ المَوْتَ في ساعَةٍ واحِدَةٍ، ومَوْتِهِمْ كَمَوْتَةِ رَجُلٍ واحِدٍ، والمَعْنى: فَأماتَهم، لَكِنْ أخْرَجَ ذَلِكَ مَخْرَجَ الشَّخْصِ المَأْمُورِ بِشَيْءٍ، المُسْرِعِ الِامْتِثالَ مِن غَيْرِ تَوَقُّفٍ ولا امْتِناعٍ، كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿كُنْ فَيَكُونُ﴾ [البقرة: ١١٧] . وفي الكَلامِ حَذْفٌ، التَّقْدِيرُ: فَماتُوا، وظاهِرُ هَذا المَوْتِ مُفارَقَةُ الأرْواحِ الأجْسادَ، فَقِيلَ: ماتُوا ثَمانِيَةَ أيّامٍ ثُمَّ أحْياهم بَعْدُ بِدُعاءِ حِزْقِيلَ. وقِيلَ: سَبْعَةُ أيّامٍ. وقَدْ تَقَدَّمَ في بَعْضِ القِصَصِ أنَّهُ عَرِيَتْ عِظامُهم وتَفَرَّقَتْ أوْصالُهم، وهَذا لا يَكُونُ في العادَةِ في ثَمانِيَةِ أيّامٍ، وهَذا المَوْتُ لَيْسَ بِمَوْتِ الآجالِ، بَلْ جَعَلَهُ اللَّهُ في هَؤُلاءِ كَمَرَضٍ وحادِثٍ مِمّا يَحْدُثُ عَلى البَشَرِ، كَحالِ ﴿الَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ﴾ [البقرة: ٢٥٩] المَذْكُورَةِ بَعْدَ هَذا.
﴿ثُمَّ أحْياهُمْ﴾، العَطْفُ بِـ ثُمَّ يَدُلُّ عَلى تَراخِي الإحْياءِ عَنِ (p-٢٥١)الإماتَةِ، قالَ قَتادَةُ: أحْياهم لِيَسْتَوْفُوا آجالَهم. وظاهِرُهُ أنَّ اللَّهَ هو الَّذِي أحْياهم بِغَيْرِ واسِطَةٍ، وقالَ مُقاتِلٌ: كانُوا قَوْمَ حِزْقِيلَ، فَخَرَجَ فَوَجَدَهم مَوْتى. فَأوْحى اللَّهُ إلَيْهِ: إنِّي جَعَلْتُ حَياتَهم إلَيْكَ. فَقالَ لَهُمُ: احْيَوْا. وقالَ ابْنُ عَبّاسٍ: النَّبِيُّ شَمْعُونُ، ورِيحُ المَوْتى تُوجَدُ في أوْلادِهِمْ. وقِيلَ: النَّبِيُّ يُوشَعُ بْنُ نُونٍ، وقالَ وهْبٌ: اسْمُهُ شَمْوِيلُ، وهو ذُو الكِفْلِ، وقالَ مُجاهِدٌ: لَمّا أُحْيُوا رَجَعُوا إلى قَوْمِهِمْ يَعْرَقُونَ، لَكِنَّ سَحْنَةَ المَوْتِ عَلى وُجُوهِهِمْ ولا يَلْبَسُ أحَدٌ مِنهم ثَوْبًا إلّا عادَ كَفَنًا دَسِمًا، حَتّى ماتُوا لِآجالِهِمُ الَّتِي كُتِبَتْ لَهم. وقِيلَ: مَعْنى إماتَتِهِمْ تَذْلِيلُهم تَذْلِيلًا يَجْرِي مَجْرى المَوْتِ؛ فَلَمْ تُغْنِ عَنْهم كَثْرَتُهم وتَظاهُرُهم مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، ثُمَّ أعانَهم وخَلَّصَهم لِيَعْرِفُوا قُدْرَةَ اللَّهِ في أنَّهُ يُذِلُّ مَن يَشاءُ، ويُعِزُّ مَن يَشاءُ، وقِيلَ: عَنى بِالمَوْتِ: الجَهْلَ، وبِالحَياةِ: العِلْمَ، كَما يَحْيا الجَسَدُ بِالرُّوحِ. وأتَتْ هَذِهِ القِصَّةُ بَيْنَ يَدَيِ الأمْرِ بِالقِتالِ تَشْجِيعًا لِلْمُؤْمِنِينَ، وحَثًّا عَلى الجِهادِ. والتَّعْرِيضِ لِلشَّهادَةِ، وإعْلامًا أنْ لا مَفَرَّ مِمّا قَضى اللَّهُ تَعالى ﴿قُلْ لَنْ يُصِيبَنا إلّا ما كَتَبَ اللَّهُ لَنا﴾ [التوبة: ٥١]، واحْتِجاجًا عَلى اليَهُودِ والنَّصارى بِإنْبائِهِ ﷺ بِما لا يَدْفَعُونَ صِحَّتَهُ، مَعَ كَوْنِهِ أُمِّيًّا لَمْ يَقْرَأْ كِتابًا، ولَمْ يُدارِسْ أحَدًا، وعَلى مُشْرِكِي العَرَبِ؛ إذْ مَن قَرَأ الكُتُبَ يُصَدِّقُهُ في إخْبارِهِ بِما جاءَ بِهِ مِمّا هو في كُتُبِهِمْ.
﴿إنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلى النّاسِ﴾، أكَّدَ هَذِهِ الجُمْلَةَ بِـ إنَّ واللّامِ، وأتى الخَبَرُ ”لَذُو“ الدّالَّةُ عَلى الشَّرَفِ، بِخِلافِ صاحِبٍ، و”النّاسِ“ هُنا عامٌّ؛ لِأنَّ كُلَّ أحَدٍ لِلَّهِ عَلَيْهِ فَضْلٌ أيُّ فَضْلٍ، وخُصُوصًا هُنا؛ حَيْثُ نَبَّهَهم عَلى ما بِهِ يَسْتَبْصِرُونَ ويَعْتَبِرُونَ عَلى النَّشْأةِ الآخِرَةِ، وأنَّها مُمْكِنَةٌ عَقْلًا، كائِنَةٌ بِإخْبارِهِ تَعالى؛ إذْ أعادَ إلى الأجْسامِ البالِيَةِ المُشاهَدَةِ بِالعَيْنِ الأرْواحَ المُفارِقَةَ، وأبْقاها فِيها الأزْمانَ الطَّوِيلَةَ إلى أنْ قَبَضَها ثانِيَةً، وأيُّ فَضْلٍ أجَلُّ مِن هَذا الفَضْلِ؛ إذْ تَتَضَمَّنُ جَمِيعَ كُلِّيّاتِ العَقائِدِ المُنْجِيَةِ وجُزْئِيّاتِها. ويَجُوزُ أنْ يُرادَ بِالنّاسِ هَهُنا: الخُصُوصُ، وهم هَؤُلاءِ الَّذِينَ تَفَضَّلَ عَلَيْهِمْ بِالنِّعَمِ، وأمَرَهم بِالجِهادِ فَفَرُّوا مِنهُ خَوْفًا مِنَ المَوْتِ؛ فَأماتَهم، ثُمَّ تَفَضَّلَ عَلَيْهِمْ بِالإحْياءِ وطَوَّلَ لَهم في الحَياةِ؛ لِيَسْتَيْقِنُوا أنْ لا مَفَرَّ مِنَ القَدَرِ، ويَسْتَدْرِكُوا ما فاتَهم مِنَ الطّاعاتِ، وقَصَّ اللَّهُ عَلَيْنا ذَلِكَ تَنْبِيهًا عَلى أنْ لا نَسْلُكَ مَسْلَكَهم، بَلْ نَمْتَثِلُ ما يَأْمُرُ بِهِ تَعالى.
﴿ولَكِنَّ أكْثَرَ النّاسِ لا يَشْكُرُونَ﴾، تَقَدَّمَ فَضْلُ اللَّهِ عَلى جَمِيعِ النّاسِ بِالإيجادِ والرِّزْقِ، وغَيْرِ ذَلِكَ، فَكانَ المُناسِبُ لَهم أنَّهم يَشْكُرُونَ اللَّهَ عَلى ذَلِكَ، وهَذا الِاسْتِدْراكُ بِـ ”لَكِنَّ“ مِمّا تَضَمَّنَهُ قَوْلُهُ: ﴿إنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلى النّاسِ﴾، والتَّقْدِيرُ: فَيَجِبُ عَلَيْهِمْ أنْ يَشْكُرُوا اللَّهَ عَلى فَضْلِهِ؛ فاسْتَدْرَكَ بِأنَّ أكْثَرَهم لا يَشْكُرُونَ، ودَلَّ عَلى أنَّ الشّاكِرَ قَلِيلٌ، كَقَوْلِهِ: ﴿وقَلِيلٌ مِن عِبادِيَ الشَّكُورُ﴾ [سبإ: ١٣]، ويَخُصُّ ”النّاسِ“ الثّانِي بِالمُكَلَّفِينَ.
{"ayah":"۞ أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِینَ خَرَجُوا۟ مِن دِیَـٰرِهِمۡ وَهُمۡ أُلُوفٌ حَذَرَ ٱلۡمَوۡتِ فَقَالَ لَهُمُ ٱللَّهُ مُوتُوا۟ ثُمَّ أَحۡیَـٰهُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَذُو فَضۡلٍ عَلَى ٱلنَّاسِ وَلَـٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا یَشۡكُرُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق