الباحث القرآني

﴿مَثَلُهم كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نارًا فَلَمّا أضاءَتْ ما حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وتَرَكَهم في ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُونَ﴾: المَثَلُ في أصْلِ كَلامِ العَرَبِ بِمَعْنى المِثْلِ والمَثِيلِ، كَشَبَهٍ وشِبْهٍ وشَبِيهٍ، وهو النَّظِيرُ، ويُجْمَعُ المَثَلُ والمِثْلُ عَلى أمْثالٍ. قالَ اليَزِيدِيُّ: الأمْثالُ: الأشْباهُ، وأصْلُ المَثَلِ الوَصْفُ، هَذا مِثْلُ كَذا، أيْ وصْفُهُ مُساوٍ لِوَصْفِ الآخَرِ بِوَجْهٍ مِنَ الوُجُوهِ. والمَثَلُ: القَوْلُ السّائِرُ الَّذِي فِيهِ غَرابَةٌ مِن بَعْضِ الوُجُوهِ. وقِيلَ: المَثَلُ، ذِكْرُ وصْفٍ ظاهِرٍ مَحْسُوسٍ وغَيْرِ مَحْسُوسٍ، يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلى وصْفٍ مُشابِهٍ لَهُ مِن بَعْضِ الوُجُوهِ، فِيهِ نَوْعٌ مِنَ الخَفاءِ لِيَصِيرَ في الذِّهْنِ مُساوِيًا لِلْأوَّلِ في الظُّهُورِ مِن وجْهٍ دُونَ وجْهٍ. والمَقْصُودُ مِن ذِكْرِ المَثَلِ أنَّهُ يُؤَثِّرُ في القُلُوبِ ما لا يُؤَثِّرُهُ وصْفُ الشَّيْءِ في نَفْسِهِ؛ لِأنَّ الغَرَضَ مِن ضَرْبِ المَثَلِ تَشْبِيهُ الخَفِيِّ بِالجَلِيِّ، والغائِبِ بِالشّاهِدِ، فَيَتَأكَّدُ الوُقُوفُ عَلى ماهِيَّتِهِ ويَصِيرُ الحِسُّ مُطابِقًا لِلْعَقْلِ. والَّذِي: اسْمٌ مَوْصُولٌ لِلْواحِدِ المُذَكَّرِ، ونُقِلَ عَنْ أبِي عَلِيٍّ أنَّهُ مُبْهَمٌ يَجْرِي مَجْرى مَن في وُقُوعِهِ عَلى الواحِدِ والجَمْعِ. وقالَ الأخْفَشُ: هو مُفْرَدٌ، ويَكُونُ في مَعْنى الجَمْعِ، وهَذا شَبِيهٌ بِقَوْلِ أبِي عَلِيٍّ، وقالَ صاحِبُ التَّسْهِيلِ فِيهِ، وقَدْ ذَكَرَ الَّذِينَ، قالَ: ويُغْنِي عَنْهُ الَّذِي في غَيْرِ تَخْصِيصٍ كَثِيرًا وفِيهِ لِلضَّرُورَةِ قَلِيلًا، وأصْحابُنا يَقُولُونَ: يَجُوزُ أنْ تُحْذَفَ النُّونُ مِنَ الَّذِينَ فَيَبْقى الَّذِي، وإذا كانَ الَّذِي لِمُفْرَدٍ فَسُمِعَ تَشْدِيدُ الياءِ فِيهِ مَكْسُورَةً أوْ مَضْمُومَةً، وحَذْفُ الياءِ وإبْقاءُ الذّالِ مَكْسُورَةً أوْ ساكِنَةً، وأكْثَرُ أصْحابِنا عَلى (p-٧٥)أنَّ تِلْكَ لُغاتٌ في الَّذِي. والِاسْتِيقادُ: بِمَعْنى الإيقادِ واسْتِدْعاءِ ذَلِكَ، ووَقُودُ النّارِ ارْتِفاعُ لَهِيبِها. والنّارُ: جَوْهَرٌ لَطِيفٌ مُضِيءٌ حارٌّ مُحْرِقٌ. لَمّا: حَرْفُ نَفْيٍ يَعْمَلُ الجَزْمَ وبِمَعْنى إلّا، وظَرْفٌ بِمَعْنى حِينَ عِنْدَ الفارِسِيِّ، والجَوابُ عامِلٌ فِيها إذِ الجُمْلَةُ بَعْدَها في مَوْضِعِ جَرٍّ، وحَرْفُ وُجُوبٍ لِوُجُوبٍ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ، وهو الصَّحِيحُ لِتَقَدُّمِها عَلى ما نُفِيَ بِما، ولِمَجِيءِ جَوابِها مُصَدَّرًا بِإذا الفُجائِيَّةِ. الإضاءَةُ: الإشْراقُ، وهو فَرْطُ الإنارَةِ. وحَوْلَهُ: ظَرْفُ مَكانٍ لا يَتَصَرَّفُ، ويُقالُ: حَوالٍ بِمَعْناهُ، ويُثَنَّيانِ ويَجْمَعُ أحْوالٌ، وكُلُّها لا تَتَصَرَّفُ وتَلْزَمُ الإضافَةَ. الذَّهابُ: الِانْطِلاقُ. النُّورُ: الضَّوْءُ مِن كُلِّ نَيِّرٍ ونَقِيضُهُ الظُّلْمَةُ، ويُقالُ نارَ يَنُورُ إذا نَفَرَ، وجارِيَةٌ نَوارٌ: أيْ نَفُورٌ، ومِنهُ اسْمُ امْرَأةِ الفَرَزْدَقَ، وسَمِّيَ نُورًا لِأنَّ فِيهِ اضْطِرابًا وحَرَكَةً. التَّرْكُ: التَّخْلِيَةُ، اتْرُكْ هَذا أيْ خَلِّهِ ودَعْهُ، وفي تَضْمِينِهِ مَعْنى التَّصْيِيرِ وتَعْدِيَتُهُ إلى اثْنَيْنِ خِلافٌ، الأصَحُّ جَوازُ ذَلِكَ. الظُّلْمَةُ: عَدَمُ النُّورِ، وقِيلَ: هو عَرَضٌ يُنافِي النُّورَ، وهو الأصَحُّ لِتَعَلُّقِ الجَعْلِ بِمَعْنى الخَلْقِ بِهِ، والأعْدامُ لا تُوصَفُ بِالخَلْقِ، وقَدْ رَدَّهُ بَعْضُهم لِمَعْنى الظُّلْمِ، وهو المَنعُ، قالَ: لِأنَّ الظُّلْمَةَ تَسُدُّ البَصَرَ وتَمْنَعُ الرُّؤْيَةَ. الإبْصارُ: الرُّؤْيَةُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب