الباحث القرآني
﴿قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكم بِالأخْسَرِينَ أعْمالًا﴾ ﴿الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهم في الحَياةِ الدُّنْيا وهم يَحْسَبُونَ أنَّهم يُحْسِنُونَ صُنْعًا﴾ ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ ولِقائِهِ فَحَبِطَتْ أعْمالُهم فَلا نُقِيمُ لَهم يَوْمَ القِيامَةِ وزْنًا﴾ ﴿ذَلِكَ جَزاؤُهم جَهَنَّمُ بِما كَفَرُوا واتَّخَذُوا آياتِي ورُسُلِي هُزُوًا﴾ .
أيْ (قُلْ) يا مُحَمَّدُ لِلْكافِرِينَ هَلْ نُخْبِرُكُمُ. الآيَةَ، فَإذا طَلَبُوا ذَلِكَ فَقُلْ لَهم ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ والأخْسَرُونَ أعْمالًا عَنْ عَلِيٍّ هُمُ الرُّهْبانُ كَقَوْلِهِ ﴿عامِلَةٌ ناصِبَةٌ﴾ [الغاشية: ٣] . وعَنْ مُجاهِدٍ: هم أهْلُ الكِتابِ. وقِيلَ: هُمُ الصّابِئُونَ. وسَألَ ابْنُ الكَوّاءِ عَلِيًّا عَنْهم فَقالَ: مِنهم أهْلُ حَرُوراءَ. ويَنْبَغِي حَمْلُ هَذِهِ الأقْوالِ عَلى (p-١٦٧)التَّمْثِيلِ عَلى الحَصْرِ إذِ الأخْسَرُونَ أعْمالًا هم كُلُّ مَن دانَ بِدِينٍ غَيْرِ الإسْلامِ، أوْ راءى بِعَمَلِهِ، أوْ أقامَ عَلى بِدْعَةٍ تَئُولُ بِهِ إلى الكُفْرِ، والأخْسَرُ مَن أتْعَبَ نَفْسَهُ فَأدّى تَعَبُهُ بِهِ إلى النّارِ. وانْتَصَبَ ﴿أعْمالًا﴾ عَلى التَّمْيِيزِ وجُمِعَ؛ لِأنَّ أعْمالَهم في الضَّلالِ مُخْتَلِفَةٌ ولَيْسُوا مُشْتَرِكِينَ في عَمَلٍ واحِدٍ و(الَّذِينَ) يَصِحُّ رَفْعُهُ عَلى أنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَإٍ مَحْذُوفٍ، أيْ: هُمُ (الَّذِينَ) وكَأنَّهُ جَوابٌ عَنْ سُؤالٍ، ويَجُوزُ نَصْبُهُ عَلى الذَّمِّ وخَبَرُهُ عَلى الوَصْفِ أوِ البَدَلِ ﴿ضَلَّ سَعْيُهُمْ﴾، أيْ: هَلَكَ وبَطَلَ وذَهَبَ و(يَحْسَبُونَ) و﴿يُحْسِنُونَ﴾ مِن تَجْنِيسِ التَّصْحِيفِ وهو أنْ يَكُونَ النَّقْطُ فَرْقًا بَيْنَ الكَلِمَتَيْنِ. ومِنهُ قَوْلُ أبِي عُبادَةَ البُحْتُرِيِّ:
؎ولَمْ يَكُنِ المُغْتَرُّ بِاللَّهِ إذْ سَرى لِيُعْجِزَ والمُعْتَزُّ بِاللَّهِ طالِبُهْ
ومِن غَرِيبِ هَذا النَّوْعِ مِنَ التَّجْنِيسِ. قالَ الشّاعِرُ:
؎سَقَيْنَنِي رَبِّي وغَنَيْنَنِي بُحْتُ ∗∗∗ بِحُبِّي حِينَ بِنَّ الخُرَّدُ
صُحِّفَ بِقَوْلِهِ:
؎سَقَيْتَنِي رَبِّي وغَنَيْتَنِي ∗∗∗ بِحُبِّ يَحْيى بْنِ الجُرَّدِ
وقَرَأ ابْنُ عَبّاسٍ وأبُو السَّمّالِ ﴿فَحَبَطَتْ﴾ بِفَتْحِ الباءِ والجُمْهُورُ بِكَسْرِها. وقَرَأ الجُمْهُورُ ﴿فَلا نُقِيمُ﴾ بِالنُّونِ (وزْنًا) بِالنَّصْبِ ومُجاهِدٌ وعُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ (فَلا يُقِيمُ) بِالياءِ لِتَقَدُّمِ قَوْلِهِ ﴿بِآياتِ رَبِّهِمْ﴾ وعَنْ عُبَيْدٍ أيْضًا (يَقُومُ) بِفَتْحِ الياءِ كَأنَّهُ جَعَلَ قامَ مُتَعَدِّيًا. وعَنْ مُجاهِدٍ وابْنِ مُحَيْصِنٍ ويَعْقُوبَ بِخِلافٍ عَنْهم: فَلا يَقُومُ مُضارِعُ قامَ (وزْنٌ) مَرْفُوعٌ بِهِ. واحْتَمَلَ قَوْلُهُ (فَلا نُقِيمُ) إلّا بِهِ أنَّهم لا حَسَنَةَ لَهم تُوزَنُ في مَوازِينِ القِيامَةِ، ومَن لا حَسَنَةَ لَهُ فَهو في النّارِ. واحْتَمَلَ أنْ يُرِيدَ المَجازَ كَأنَّهُ قالَ: فَلا قَدْرَ لَهم عِنْدَنا يَوْمَئِذٍ.
وفِي الحَدِيثِ: «يُؤْتى بِالأكُولِ الشَّرُوبِ الطَّوِيلِ فَلا يَزِنُ جَناحَ بَعُوضَةٍ ”ثُمَّ قَرَأ ﴿فَلا نُقِيمُ﴾ الآيَةَ» . وفي الحَدِيثِ أيْضًا:“ «يَأْتِي ناسٌ بِأعْمالٍ يَوْمَ القِيامَةِ هي عِنْدَهم في العِظَمِ كَجِبالِ تِهامَةَ فَإذا وزَنُوها لَمْ تَزِنْ شَيْئًا» .
﴿ذَلِكَ جَزاؤُهُمْ﴾ مُبْتَدَأٌ وخَبَرٌ و(جَهَنَّمُ) بَدَلٌ و(ذَلِكَ) إشارَةٌ إلى تَرْكِ إقامَةِ الوَزْنِ، ويَجُوزُ أنْ يُشارَ بِذَلِكَ وإنْ كانَ مُفْرَدًا إلى الجَمْعِ فَيَكُونُ بِمَعْنى أُولَئِكَ ويَكُونُ ﴿جَزاؤُهم جَهَنَّمُ﴾ مُبْتَدَأً وخَبَرًا. وقالَ أبُو البَقاءِ: (ذَلِكَ)، أيِ: الأمْرُ ذَلِكَ وما بَعْدَهُ مُبْتَدَأٌ وخَبَرٌ، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ (ذَلِكَ) مُبْتَدَأً و(جَزاؤُهم) مُبْتَدَأٌ ثانٍ و(جَهَنَّمُ) خَبَرُهُ. والجُمْلَةُ خَبَرُ الأوَّلِ والعائِدُ مَحْذُوفٌ، أيْ: جَزاؤُهُ انْتَهى. ويَحْتاجُ هَذا التَّوْجِيهُ إلى نَظَرٍ قالَ: ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ (ذَلِكَ) مُبْتَدَأً و(جَزاؤُهم) بَدَلٌ أوْ عَطْفُ بَيانٍ و(جَهَنَّمُ) الخَبَرُ. ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ (جَهَنَّمُ) بَدَلًا مِن جَزاءٍ أوْ خَبَرٌ لِابْتِداءٍ مَحْذُوفٍ، أيْ: هو جَهَنَّمُ و﴿بِما كَفَرُوا﴾ خَبَرُ ذَلِكَ، ولا يَجُوزُ أنْ تَتَعَلَّقَ الباءُ بِـ (جَزاؤُهم) لِلْفَصْلِ بَيْنَهُما و(اتَّخَذُوا) يَجُوزُ أنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلى (كَفَرُوا) وأنْ يَكُونَ مُسْتَأْنَفًا انْتَهى. والآياتُ هي المُعْجِزاتُ الظّاهِرَةُ عَلى أيْدِي الأنْبِياءِ، والصُّحُفُ الإلَهِيَّةُ المُنَزَّلَةُ عَلَيْهِمْ.
{"ayahs_start":103,"ayahs":["قُلۡ هَلۡ نُنَبِّئُكُم بِٱلۡأَخۡسَرِینَ أَعۡمَـٰلًا","ٱلَّذِینَ ضَلَّ سَعۡیُهُمۡ فِی ٱلۡحَیَوٰةِ ٱلدُّنۡیَا وَهُمۡ یَحۡسَبُونَ أَنَّهُمۡ یُحۡسِنُونَ صُنۡعًا","أُو۟لَـٰۤىِٕكَ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ بِـَٔایَـٰتِ رَبِّهِمۡ وَلِقَاۤىِٕهِۦ فَحَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَلَا نُقِیمُ لَهُمۡ یَوۡمَ ٱلۡقِیَـٰمَةِ وَزۡنࣰا","ذَ ٰلِكَ جَزَاۤؤُهُمۡ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا۟ وَٱتَّخَذُوۤا۟ ءَایَـٰتِی وَرُسُلِی هُزُوًا"],"ayah":"ذَ ٰلِكَ جَزَاۤؤُهُمۡ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا۟ وَٱتَّخَذُوۤا۟ ءَایَـٰتِی وَرُسُلِی هُزُوًا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق