الباحث القرآني
﴿وإذا أنْعَمْنا عَلى الإنْسانِ أعْرَضَ ونَأى بِجانِبِهِ وإذا مَسَّهُ الشَّرُّ كانَ يَئُوسًا﴾ [الإسراء: ٨٣] ﴿قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ فَرَبُّكم أعْلَمُ بِمَن هو أهْدى سَبِيلًا﴾ [الإسراء: ٨٤] ﴿ويَسْألُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِن أمْرِ رَبِّي وما أُوتِيتُمْ مِنَ العِلْمِ إلّا قَلِيلًا﴾ [الإسراء: ٨٥] ﴿ولَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أوْحَيْنا إلَيْكَ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنا وكِيلًا﴾ [الإسراء: ٨٦] ﴿إلّا رَحْمَةً مِن رَبِّكَ إنَّ فَضْلَهُ كانَ عَلَيْكَ كَبِيرًا﴾ .
(p-٧٥)لَمّا ذَكَرَ تَعالى تَنْوِيعَ ما أنْزَلَ مِنَ القُرْآنِ شِفاءً ورَحْمَةً لِلْمُؤْمِنِ وبِزِيادَةِ خَسارَةٍ لِلظّالِمِ، وعَرَّضَ بِما أنْعَمَ بِهِ وما حَواهُ مِن لَطائِفِ الشَّرائِعِ عَلى الإنْسانِ، ومَعَ ذَلِكَ (أعْرَضَ) عَنْهُ وبَعُدَ بِجانِبِهِ اشْمِئْزازًا لَهُ وتَكَبُّرًا عَنْ قُرْبِ سَماعِهِ وتَبْدِيلًا مَكانَ شُكْرِ الإنْعامِ كُفْرَهُ. وقَرَأ الجُمْهُورُ: (ونَأى) مِنَ النَّأْيِ وهو البُعْدُ، وقَرَأ ابْنُ عامِرٍ وناءٍ. وقِيلَ: هو مَقْلُوبٌ نَأى فَمَعْناهُ بَعُدَ. وقِيلَ: مَعْناهُ نَهَضَ بِجانِبِهِ. وقالَ الشّاعِرُ:
؎حَتّى إذا ما التَأمَتْ مَفاصِلُهُ وناءَ في شِقِّ الشِّمالِ كاهِلُهُ
أيْ: نَهَضَ مُتَوَكِّئًا عَلى شِمالِهِ. ومَعْنى ﴿يَئُوسًا﴾ [الإسراء: ٨٣] قَنُوطًا مِن أنْ يُنْعِمَ اللَّهُ عَلَيْهِ. والظّاهِرُ أنَّ المُرادَ بِالإنْسانِ هُنا لَيْسَ واحِدًا بِعَيْنِهِ بَلِ المُرادُ بِهِ الجِنْسُ كَقَوْلِهِ: ﴿إنَّ الإنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ﴾ [العاديات: ٦] ﴿إنَّ الإنْسانَ خُلِقَ هَلُوعًا﴾ [المعارج: ١٩] الآيَةَ. وهو راجِعٌ لِمَعْنى الكافِرِ، والإعْراضُ يَكُونُ بِالوَجْهِ والنَّأْيُ بِالجانِبِ يَكُونُ بِتَوْلِيَةِ العِطْفِ أوْ يُرادُ بِنَأْيِ الجانِبِ الِاسْتِكْبارُ؛ لِأنَّ ذَلِكَ مِن عادَةِ المُسْتَكْبِرِينَ. والشّاكِلَةُ قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: ناحِيَتُهُ. وقالَ مُجاهِدٌ: طَبِيعَتُهُ. وقالَ الضَّحّاكُ: حِدَّتُهُ. وقالَ قَتادَةُ والحَسَنُ: نِيَّتُهُ. وقالَ ابْنُ زَيْدٍ: دِينُهُ. وقالَ مُقاتِلٌ: خَلْقُهُ وهَذِهِ أقْوالٌ مُتَقارِبَةٌ. وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: عَلى مَذْهَبِ الَّذِي يُشاكِلُ حالَهُ في الهُدى والضَّلالَةِ مِن قَوْلِهِمْ: طَرِيقٌ ذُو شَواكِلَ وهي الطُّرُقُ الَّتِي تَشَعَّبَتْ مِنهُ، والدَّلِيلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: ﴿فَرَبُّكم أعْلَمُ بِمَن هو أهْدى سَبِيلًا﴾ [الإسراء: ٨٤] أيْ: أشَدُّ مَذْهَبًا وطَرِيقَةً.
وعَنْ أبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُ: لَمْ أرَ في القُرْآنِ آيَةً أرْجى مِن هَذِهِ لا يُشاكِلُ بِالعَبْدِ إلّا العِصْيانُ ولا يُشاكِلُ بِالرَّبِّ إلّا الغُفْرانُ، وعَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لَمْ أرَ آيَةً أرْجى مِنَ الَّتِي فِيها ﴿غافِرِ الذَّنْبِ وقابِلِ التَّوْبِ﴾ [غافر: ٣] قَدَّمَ الغُفْرانَ قَبْلَ قَبُولِ التَّوْبَةِ. وعَنْ عُثْمانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لَمْ أرَ آيَةً أرْجى مِن ﴿نَبِّئْ عِبادِي أنِّي أنا الغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ [الحجر: ٤٩] . وعَنْ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ وجْهَهُ ورَضِيَ عَنْهُ: لَمْ أرَ آيَةً أرْجى مِن ﴿يا عِبادِيَ الَّذِينَ أسْرَفُوا عَلى أنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَحْمَةِ اللَّهِ﴾ [الزمر: ٥٣] الآيَةَ. قالُوا: ذَلِكَ حِينَ تَذاكَرُوا القُرْآنَ. وعَنِ القُرْطُبِيِّ: لَمْ أرَ آيَةً أرْجى مِن ﴿الَّذِينَ آمَنُوا ولَمْ يَلْبِسُوا إيمانَهم بِظُلْمٍ﴾ [الأنعام: ٨٢] الآيَةَ.
وقالَ أبُو عَبْدِ اللَّهِ الرّازِيُّ: الأرْواحُ والنُّفُوسُ مُخْتَلِفَةٌ بِماهِيَّتِها فَبَعْضُها مُشْرِقَةٌ صافِيَةٌ يَظْهَرُ فِيها مِنَ القُرْآنِ نُورٌ عَلى نُورٍ، وبَعْضُها كَدِرَةٌ ظَلْمانِيَّةٌ يَظْهَرُ فِيها مِنَ القُرْآنِ ضَلالٌ ونَكالٌ. انْتَهى. وثَبَتَ في الصَّحِيحِ مِن «حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ أنَّهُ قالَ: إنِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ في حَرْثٍ بِالمَدِينَةِ وهو مُتَّكِئٌ عَلى عَسِيبٍ، فَمَرَّ بِنا ناسٌ مِنَ اليَهُودِ فَقالَ: سَلُوهُ عَنِ الرُّوحِ فَقالَ بَعْضُهم: لا تَسْألُوهُ فَسَيُفْتِيكم بِما تَكْرَهُونَ فَأتاهُ نَفَرٌ مِنهم، فَقالُوا: يا أبا القاسِمِ، ما تَقُولُ في الرُّوحِ ؟ فَسَكَتَ ثُمَّ ماجَ فَأمْسَكْتُ بِيَدِي عَلى جَبْهَتِهِ، فَعَرَفْتُ أنَّهُ يُنَزَّلُ عَلَيْهِ فَأُنْزِلَ عَلَيْهِ ﴿ويَسْألُونَكَ عَنِ الرُّوحِ﴾ [الإسراء: ٨٥] الآيَةَ» . ورُوِيَ «أنَّ يَهُودَ قالُوا لِقُرَيْشٍ: سَلُوهُ عَنِ الرُّوحِ وعَنْ فِتْيَةٍ فُقِدُوا في أوَّلِ الزَّمانِ، وعَنْ رَجُلٍ بَلَغَ شَرْقَ الأرْضِ وغَرْبَها فَإنْ أجابَ في ذَلِكَ كُلِّهِ أوْ لَمْ يُجِبْ في شَيْءٍ فَهو كَذّابٌ، وإنْ أجابَ في بَعْضِ ذَلِكَ وسَكَتَ عَنْ بَعْضٍ فَهو نَبِيٌّ» . وفي بَعْضِ طُرُقِ هَذا: «إنْ فَسَّرَ الثَّلاثَةَ فَهو كَذّابٌ وإنْ سَكَتَ عَنِ الرُّوحِ فَهو نَبِيٌّ فَنَزَلَ في شَأْنِ الفِتْيَةِ ﴿أمْ حَسِبْتَ أنَّ أصْحابَ الكَهْفِ﴾ [الكهف: ٩] ونَزَلَ في شَأْنِ الَّذِي بَلَغَ الشَّرْقَ والغَرْبَ ﴿ويَسْألُونَكَ عَنْ ذِي القَرْنَيْنِ﴾ [الكهف: ٨٣] ونَزَلَ في الرُّوحِ ﴿ويَسْألُونَكَ عَنِ الرُّوحِ﴾ [الإسراء: ٨٥]» والظّاهِرُ مِن حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ أنَّ الآيَةَ مَدَنِيَّةٌ ومِن سُؤالِ قُرَيْشٍ أنَّها مَكِّيَّةٌ، والرُّوحُ عَلى قَوْلِ الجُمْهُورِ هُنا الرُّوحُ الَّتِي في الحَيَوانِ وهو اسْمُ جِنْسٍ وهو الظّاهِرُ. وقالَ قَتادَةُ: هو جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ قالَ: وكانَ ابْنُ عَبّاسٍ يَكْتُمُهُ. وقِيلَ: عِيسى ابْنُ (p-٧٦)مَرْيَمَ - عَلَيْهِ السَّلامُ - وعَنْ عَلِيٍّ أنَّهُ مَلَكٌ، وذَكَرَ مِن وصْفِهِ ما اللَّهُ أعْلَمُ بِهِ ولا يَصِحُّ عَنْ عَلِيٍّ.
وقِيلَ: الرُّوحُ القُرْآنُ، ويَدُلُّ عَلَيْهِ الآيَةُ قَبْلَهُ والآيَةُ بَعْدَهُ. وقِيلَ: خَلْقٌ عَظِيمٌ رُوحانِيٌّ أعْظَمُ مِنَ المَلَكِ. وقِيلَ: الرُّوحُ جُنْدٌ مِن جُنُودِ اللَّهِ لَهم أيْدٍ وأرْجُلٌ يَأْكُلُونَ الطَّعامَ ذَكَرَهُ العَزِيزِيُّ. وقالَ أبُو صالِحٍ: خَلْقٌ كَخَلْقِ آدَمَ ولَيْسُوا بَنِي آدَمَ لَهم أيْدٍ وأرْجُلٌ، ولا يَنْزِلُ مَلَكٌ مِنَ السَّماءِ إلّا ومَعَهُ واحِدٌ مِنهم، والصَّحِيحُ مِن هَذِهِ الأقْوالِ القَوْلُ الأوَّلُ، والظّاهِرُ أنَّهم سَألُوا عَنْ ماهِيَّتِها وحَقِيقَتِها، وقِيلَ عَنْ كَيْفِيَّةِ مُداخَلَتِها الجَسَدَ الحَيَوانِيَّ وانْبِعاثِها فِيهِ وصُورَةِ مُلابَسَتِها لَهُ، وكِلاهُما مُشْكِلٌ لا يَعْلَمُهُ قَبْلُ إلّا اللَّهُ. وقَدْ رَأيْتُ كِتابًا يُتَرْجَمُ بِكِتابِ النَّفْخَةِ والتَّسْوِيَةِ لِبَعْضِ الفُقَهاءِ المُتَصَوِّفَةِ يَذْكُرُ فِيها أنَّ الجَوابَ في قَوْلِهِ: ﴿قُلِ الرُّوحُ مِن أمْرِ رَبِّي﴾ [الإسراء: ٨٥] إنَّما هو لِلْعَوامِّ، وأمّا الخَواصُّ فَهم عِنْدَهُ يَعْرِفُونَ الرُّوحَ، وأجْمَعَ عُلَماءُ الإسْلامِ عَلى أنَّ الرُّوحَ مَخْلُوقَةٌ، وذَهَبَ كَفَرَةُ الفَلاسِفَةِ، وكَثِيرٌ مِمَّنْ يَنْتَمِي إلى الإسْلامِ إلى أنَّها قَدِيمَةٌ واخْتِلافُ النّاسِ في الرُّوحِ بَلَغَ إلى سَبْعِينَ قَوْلًا، وكَذَلِكَ اخْتَلَفُوا هَلِ الرُّوحُ النَّفْسُ أمْ شَيْءٌ غَيْرُها، ومَعْنى ﴿مِن أمْرِ رَبِّي﴾ [الإسراء: ٨٥] أيْ: فِعْلُ رَبِّي كَوْنُها بِأمْرِهِ، وفي ذَلِكَ دَلالَةٌ عَلى حُدُوثِها، والأمْرُ بِمَعْنى الفِعْلِ وارِدٌ قالَ تَعالى: ﴿وما أمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ﴾ [هود: ٩٧] أيْ: فِعْلُهُ، ويُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ أمْرًا واحِدَ الأُمُورِ وهو اسْمُ جِنْسٍ لَها أيْ: مِن جُمْلَةِ أُمُورِ اللَّهِ الَّتِي اسْتَأْثَرَ بِعِلْمِها. وقِيلَ: مِن وحْيِ رَبِّي، وكَلامُهُ لَيْسَ مِن كَلامِ البَشَرِ ويَتَخَرَّجُ عَلى قَوْلِ مَن قالَ: إنَّ الرُّوحَ هُنا القُرْآنُ. وقِيلَ: مِن عِلْمِ رَبِّي، والظّاهِرُ أنَّ الخِطابَ في ﴿وما أُوتِيتُمْ﴾ [الإسراء: ٨٥] هُمُ الَّذِينَ سَألُوا عَنِ الرُّوحِ وهم طائِفَةٌ مِنَ اليَهُودِ. وقِيلَ: اليَهُودُ بِجُمْلَتِهِمْ. وقِيلَ: النّاسُ كُلُّهم.
قالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وهَذا هو الصَّحِيحُ؛ لِأنَّ قَوْلَهُ: ﴿قُلِ الرُّوحُ﴾ [الإسراء: ٨٥] إنَّما هو أمْرٌ بِالقَوْلِ لِجَمِيعِ العالَمِ إذْ جَمِيعُ عُلُومِهِمْ مَحْصُورَةٌ وعِلْمُهُ تَعالى لا يَتَناهى. وقَرَأ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ والأعْمَشُ: وما أُوتُوا بِضَمِيرِ الغَيْبَةِ عائِدًا عَلى السّائِلِينَ، ولَمّا ذَكَرَ تَعالى ما أنْعَمَ بِهِ مِن تَنْزِيلِ القُرْآنِ عَلى رَسُولِهِ ﷺ شِفاءً ورَحْمَةً وقُدْرَتَهُ عَلى ذَلِكَ، ذَكَرَ قُدْرَتَهُ عَلى أنَّهُ لَوْ شاءَ لَذَهَبَ بِما أوْحى ولَكِنَّهُ تَعالى لَمْ يَشَأْ ذَلِكَ، والمَعْنى أنّا كَما نَحْنُ قادِرُونَ عَلى إنْزالِهِ نَحْنُ قادِرُونَ عَلى إذْهابِهِ. وقالَ أبُو سَهْلٍ: هَذا تَهْدِيدٌ لِغَيْرِ الرَّسُولِ ﷺ بِإذْهابِ ما أُوتُوا لِيَصُدَّهم عَنْ سُؤالِ ما لَمْ يُؤْتَوْا كَعِلْمِ الرُّوحِ وعِلْمِ السّاعَةِ. ورُوِيَ لا تَقُومُ السّاعَةُ حَتّى يَرْتَفِعَ القُرْآنُ والحَدِيثُ، وفي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ يُسْرى بِهِ في لَيْلَةٍ فَيَذْهَبُ بِما في المَصاحِفِ وبِما في القُلُوبِ، ثُمَّ قَرَأ عَبْدُ اللَّهِ ﴿ولَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أوْحَيْنا إلَيْكَ﴾ [الإسراء: ٨٦] . وقالَ صاحِبُ التَّحْرِيرِ: ويُحْتَمَلُ عِنْدِي في تَأْوِيلِ الآيَةِ وجْهٌ غَيْرُ ما ذُكِرَ وهو أنَّهُ ﷺ لَمّا أبْطَأ عَلَيْهِ الوَحْيُ لَمّا سُئِلَ عَنِ الرُّوحِ شَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ وبَلَغَ مِنهُ الغايَةَ، فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى تَهْذِيبًا لَهُ هَذِهِ الآيَةَ، ويَكُونُ التَّقْدِيرُ أيَعِزُّ عَلَيْكَ تَأخُّرُ الوَحْيِ فَإنّا لَوْ شِئْنا ذَهَبْنا بِما ﴿أوْحَيْنا إلَيْكَ﴾ [الإسراء: ٨٦] جَمِيعِهِ فَسَكَتَ النَّبِيُّ ﷺ وطابَ قَلْبُهُ ولَزِمَ الأدَبَ. انْتَهى. والباءُ في ﴿لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي﴾ [الإسراء: ٨٦] لِلتَّعْدِيَةِ كالهَمْزَةِ وتَقَدَّمَ الكَلامُ عَلى ذَلِكَ في قَوْلِهِ: ﴿لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ﴾ [البقرة: ٢٠] في أوائِلِ سُورَةِ البَقَرَةِ.
والكَفِيلُ هُنا قِيلَ: مَن يَحْفَظُ ما أوْحَيْنا إلَيْكَ، وقِيلَ: كَفِيلًا بِإعادَتِهِ إلى الصُّدُورِ، وقِيلَ: كَفِيلًا يَضْمَنُ لَكَ أنْ يُؤْتِيَكَ ما أُخِذَ مِنكَ. وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: والمَعْنى إنْ شِئْنا ذَهَبْنا بِالقُرْآنِ ومَحَوْناهُ عَنِ الصُّدُورِ والمَصاحِفِ ولَمْ نَتْرُكْ لَهُ أثَرًا وبَقِيتَ كَما كُنْتَ لا تَدْرِي ما الكِتابُ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ بِهَذا الذَّهابِ مَن يَتَوَكَّلُ عَلَيْنا بِاسْتِرْدادِهِ وإعادَتِهِ مَحْفُوظًا مَسْطُورًا ﴿إلّا رَحْمَةً مِن رَبِّكَ﴾ إلّا أنْ يَرْحَمَكَ رَبُّكَ فَيَرُدُّهُ عَلَيْكَ كانَ رَحْمَتُهُ يَتَوَكَّلُ عَلَيْهِ بِالرَّدِّ أوْ يَكُونُ عَلى الِاسْتِثْناءِ المُنْقَطِعِ بِمَعْنى ولَكِنْ رَحْمَةً مِن رَبِّكَ نَتْرُكُهُ غَيْرَ مَذْهُوبٍ بِهِ، وهَذا امْتِنانٌ مِنَ اللَّهِ تَعالى بِبَقاءِ القُرْآنِ مَحْفُوظًا بَعْدَ المِنَّةِ في تَنْزِيلِهِ وتَحْفِيظِهِ. انْتَهى. وعَلى الِاسْتِثْناءِ المُنْقَطِعِ خَرَّجَهُ ابْنُ الأنْبارِيِّ وابْنُ عَطِيَّةَ.
قالَ ابْنُ الأنْبارِيِّ: (p-٧٧)لَكِنْ رَحْمَةً مِن رَبِّكَ تَمْنَعُ مِن أنْ تُسْلَبَ القُرْآنَ، وقالَ في زادِ المَسِيرِ: المَعْنى لَكِنَّ اللَّهَ يَرْحَمُكَ فَأثْبَتُ ذَلِكَ في قَلْبِكَ. وقالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: لَكِنْ ﴿رَحْمَةً مِن رَبِّكَ﴾ تُمْسِكَ ذَلِكَ عَلَيْكَ وتَخْرِيجُ الزَّمَخْشَرِيِّ الأوَّلُ جَعَلَهُ اسْتِثْناءً مُتَّصِلًا جَعَلَ رَحْمَتَهُ تَعالى مُنْدَرِجَةً تَحْتَ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وكِيلًا﴾ [الإسراء: ٨٦] .
{"ayah":"إِلَّا رَحۡمَةࣰ مِّن رَّبِّكَۚ إِنَّ فَضۡلَهُۥ كَانَ عَلَیۡكَ كَبِیرࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق