الباحث القرآني
﴿وإذْ قُلْنا لَكَ إنَّ رَبَّكَ أحاطَ بِالنّاسِ وما جَعَلْنا الرُّؤْيا الَّتِي أرَيْناكَ إلّا فِتْنَةً لِلنّاسِ والشَّجَرَةَ المَلْعُونَةَ في القُرْآنِ ونُخَوِّفُهم فَما يَزِيدُهم إلّا طُغْيانًا كَبِيرًا﴾ .
لَمّا طَلَبُوا الرَّسُولَ بِالآياتِ المُقْتَرَحَةِ وأخْبَرَ اللَّهُ بِالمَصْلَحَةِ في عَدَمِ المَجِيءِ بِها طَعَنَ الكُفّارُ فِيهِ، وقالُوا: لَوْ كانَ رَسُولًا حَقًّا لَأتى بِالآياتِ المُقْتَرَحَةِ، فَبَيَّنَ اللَّهُ أنَّهُ يَنْصُرُهُ ويُؤَيِّدُهُ وأنَّهُ ﴿أحاطَ بِالنّاسِ﴾ . فَقِيلَ: بِعِلْمِهِ فَلا يَخْرُجُ شَيْءٌ عَنْ عِلْمِهِ، وقِيلَ: بِقُدْرَتِهِ فَقُدْرَتُهُ غالِبَةٌ كُلَّ شَيْءٍ، وقِيلَ: الإحاطَةُ هُنا: الإهْلاكُ كَقَوْلِهِ: ﴿وأُحِيطَ بِثَمَرِهِ﴾ [الكهف: ٤٢] والظّاهِرُ: أنَّ النّاسَ عامٌّ. وقِيلَ: أهْلُ مَكَّةَ، بَشَّرَهُ اللَّهُ تَعالى أنَّهُ يَغْلِبُهم ويَظْهَرُ عَلَيْهِمْ، و﴿أحاطَ﴾ بِمَعْنى يُحِيطُ، عَبَّرَ عَنِ المُسْتَقْبَلِ بِالماضِي؛ لِأنَّهُ واقِعٌ لا مَحالَةَ، والوَقْتُ الَّذِي وقَعَتْ فِيهِ الإحاطَةُ بِهِمْ، قِيلَ: يَوْمُ بَدْرٍ. وقالَ العَسْكَرِيُّ: هَذا خَبَرُ غَيْبٍ قَدَّمَهُ قَبْلَ وقْتِهِ، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ ذَلِكَ في أمْرِ الخَنْدَقِ ومَجِيءِ الأحْزابِ يَطْلُبُونَ ثَأْرَهم بِبَدْرٍ فَصَرَفَهُمُ اللَّهُ بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنالُوا خَيْرًا. وقِيلَ: يَوْمُ بَدْرٍ ويَوْمُ الفَتْحِ. وقِيلَ: الأشْبَهُ أنَّهُ يَوْمُ الفَتْحِ؛ فَإنَّهُ اليَوْمُ الَّذِي أحاطَ أمْرُ اللَّهِ بِإهْلاكِ أهْلِ مَكَّةَ فِيهِ وأمْكَنَ مِنهم. وقالَ الطَّبَرِيُّ: ﴿أحاطَ بِالنّاسِ﴾ في مَنعِكَ يا مُحَمَّدُ وحِياطَتِكَ وحِفْظِكَ، فالآيَةُ إخْبارٌ لَهُ أنَّهُ مَحْفُوظٌ مِنَ الكَفَرَةِ آمِنٌ أنْ يُقْتَلَ ويُنالَ بِمَكْرُوهٍ عَظِيمٍ، أيْ: فَلْتُبَلِّغْ رِسالَةَ رَبِّكَ ولا تَتَهَيَّبْ أحَدًا مِنَ المَخْلُوقِينَ. قالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وهَذا تَأْوِيلٌ بَيِّنٌ جارٍ مَعَ اللَّفْظِ. وقَدْ رُوِيَ نَحْوُهُ عَنِ الحَسَنِ والسُّدِّيِّ إلّا أنَّهُ لا يُناسِبُ ما بَعْدَهُ مُناسَبَةً شَدِيدَةً، ويُحْتَمَلُ أنْ يُجْعَلَ الكَلامُ مُناسِبًا لِما بَعْدَهُ تَوْطِئَةً لَهُ.
فَأقُولُ: اخْتَلَفَ النّاسُ في الرُّؤْيا. فَقالَ الجُمْهُورُ: هي رُؤْيا عَيْنٍ ويَقَظَةٍ، وهي ما رَأى في لَيْلَةِ الإسْراءِ مِنَ العَجائِبِ قالَ الكُفّارُ: إنَّ هَذا لَعَجَبٌ نَخُبُّ إلى بَيْتِ المَقْدِسِ شَهْرَيْنِ إقْبالًا وإدْبارًا، ويَقُولُ مُحَمَّدٌ جاءَهُ مِن لَيْلَتِهِ وانْصَرَفَ مِنهُ، فافْتَتَنَ بِهَذا التَّلْبِيسِ قَوْمٌ مِن ضُعَفاءِ المُسْلِمِينَ فارْتَدُّوا وشَقَّ ذَلِكَ عَلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ، فَعَلى هَذا يَحْسُنُ أنْ يَكُونَ مَعْنى قَوْلِهِ: ﴿وإذْ قُلْنا لَكَ إنَّ رَبَّكَ أحاطَ بِالنّاسِ﴾ أيْ: في إضْلالِهِمْ وهِدايَتِهِمْ، وأنَّ كُلَّ واحِدٍ مُيَسَّرٌ لِما خُلِقَ لَهُ أيْ: فَلا تَهْتَمَّ أنْتَ بِكُفْرِ مَن كَفَرَ، ولا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ فَقَدْ قِيلَ لَكَ: إنَّ اللَّهَ مُحِيطٌ بِهِمْ مالِكٌ لِأمْرِهِمْ، وهو جَعَلَ رُؤْياكَ هَذِهِ فِتْنَةً؛ لِيَكْفُرَ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الكُفْرُ، وسُمِّيَتِ الرُّؤْيَةُ في هَذا التَّأْوِيلِ رُؤْيا إذْ هُما مَصْدَرانِ مِن رَأى. وقالَ النَّقّاشُ: جاءَ ذَلِكَ مِنِ اعْتِقادِ مَنِ اعْتَقَدَ أنَّها مَنامِيَّةٌ وإنْ كانَتِ الحَقِيقَةُ غَيْرَ ذَلِكَ. انْتَهى. وعَنِ ابْنِ عَبّاسٍ والحَسَنِ ومُجاهِدٍ وغَيْرِهِمْ: هو قِصَّةُ الإسْراءِ والمِعْراجِ عِيانًا آمَنَ بِهِ المُوَفَّقُونَ وكَفَرَ بِهِ المَخْذُولُونَ، وسَمّاهُ رُؤْيا لِوُقُوعِهِ في اللَّيْلِ وسُرْعَةِ تَقَضِّيهِ، كَأنَّهُ مَنامٌ. وعَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أيْضًا هو رُؤْياهُ أنَّهُ يَدْخُلُ مَكَّةَ فَعَجَّلَ في سَنَتِهِ الحُدَيْبِيَةَ ورُدَّ فافْتَتَنَ النّاسُ، وهَذا مُناسِبٌ لِصَدْرِ الآيَةِ فَإنَّ الإحاطَةَ بِمَكَّةَ أكْثَرُ ما كانَتْ. وعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ: هي رُؤْياهُ بَنِي أُمَيَّةَ يَنْزُونَ عَلى (p-٥٥)مِنبَرِهِ نَزْوَ القِرَدَةِ فاهْتَمَّ لِذَلِكَ وما اسْتَجْمَعَ ضاحِكًا مِن يَوْمِئِذٍ حَتّى ماتَ، فَنَزَلَتِ الآيَةُ مُخْبِرَةً أنَّ ذَلِكَ مِن مُلْكِهِمْ، وصُعُودِهِمُ المَنابِرَ إنَّما يَجْعَلُها اللَّهُ فِتْنَةً لِلنّاسِ. ويَجِيءُ قَوْلُهُ: ﴿أحاطَ بِالنّاسِ﴾ أيْ: بِأقْدارِهِ وإنْ كانَ ما قَدَّرَهُ اللَّهُ فَلا تَهْتَمَّ بِما يَكُونُ بَعْدَكَ مِن ذَلِكَ.
وقالَ الحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ في خُطْبَتِهِ في شَأْنِ بَيْعَتِهِ لِمُعاوِيَةَ: وإنْ أدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكم ومَتاعٌ إلى حِينٍ. وقالَتْ عائِشَةُ: ﴿الرُّؤْيا﴾ رُؤْيا مَنامٍ. قالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وهَذِهِ الآيَةُ تَقْضِي بِفَسادِهِ، وذَلِكَ أنَّ رُؤْيا المَنامِ لا فِتْنَةَ فِيها، وما كانَ أحَدٌ لِيُنْكِرَها. انْتَهى. ولَيْسَ كَما قالابْنُ عَطِيَّةَ: فَإنَّ رُؤْيا الأنْبِياءِ حَقٌّ ويُخْبِرُ النَّبِيُّ بِوُقُوعِ ذَلِكَ لا مَحالَةَ فَيَصِيرُ إخْبارُهُ بِذَلِكَ فِتْنَةً لِمَن يُرِيدُ اللَّهُ بِهِ ذَلِكَ. وقالَ صاحِبُ التَّحْرِيرِ: سَألْتُ أبا العَبّاسِ القُرْطُبِيَّ عَنْ هَذِهِ الآيَةِ فَقالَ: ذَهَبَ المُفَسِّرُونَ فِيها إلى أمْرٍ غَيْرِ مُلائِمٍ في سِياقِ أوَّلِ الآيَةِ، والصَّحِيحُ أنَّها رُؤْيَةُ عَيْنٍ يَقَظَةً، لَمّا آتاهُ بَدْرًا أراهُ جِبْرِيلُ - عَلَيْهِ السَّلامُ - مَصارِعَ القَوْمِ فَأراها النّاسَ، وكانَتْ فِتْنَةً لِقُرَيْشٍ، فَإنَّهم لَمّا سَمِعُوا أخَذُوا في الهُزْءِ والسُّخْرِيَةِ بِالرَّسُولِ ﷺ .
﴿والشَّجَرَةَ المَلْعُونَةَ﴾ هُنا هي أبُو جَهْلٍ. انْتَهى.
وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: ولَعَلَّ اللَّهَ تَعالى أراهُ مَصارِعَهم في مَنامِهِ فَقَدْ كانَ يَقُولُ حِينَ ورَدَ ماءَ بَدْرٍ: «واللَّهِ لَكَأنِّي أنْظُرُ إلى مَصارِعِ القَوْمِ» وهو يُومِئُ إلى الأرْضِ، ويَقُولُ: «هَذا مَصْرَعُ فُلانٍ هَذا مَصْرَعُ فُلانٍ» . فَتَسامَعَتْ قُرَيْشٌ بِما أُوحِيَ إلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مِن أمْرِ بَدْرٍ وما أُرِيَ في مَنامِهِ مِن مَصارِعِهِمْ، فَكانُوا يَضْحَكُونَ ويَسْتَسْخِرُونَ بِهِ اسْتِهْزاءً. وقِيلَ: رَأى في المَنامِ أنَّ ولَدَ الحَكَمِ يَتَداوَلُونَ مِنبَرَهُ كَما يَتَداوَلُ الصِّبْيانُ الكُرَةَ. انْتَهى. والظّاهِرُ أنَّهُ أُرِيدَ بِالشَّجَرَةِ حَقِيقَتُها. فَقالَ ابْنُ عَبّاسٍ: هي الكَشُوثُ المَذْكُورَةُ في قَوْلِهِ: ﴿كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الأرْضِ ما لَها مِن قَرارٍ﴾ [إبراهيم: ٢٦] وعَنْهُ أيْضًا: هي الشَّجَرَةُ الَّتِي تَلْتَوِي عَلى الشَّجَرَةِ فَتُفْسِدُها. قالَ: والفِتْنَةُ قَوْلُهم ما بالُ الحَشائِشِ تُذْكَرُ في القُرْآنِ. وقالَ الجُمْهُورُ: هي شَجَرَةُ الزَّقُّومِ لَمّا نَزَلَ أمْرُها في الصّافّاتِ وغَيْرِها قالَ أبُو جَهْلٍ وغَيْرُهُ: هَذا مُحَمَّدٌ يَتَوَعَّدُكم بِنارٍ تُحْرِقُ الحِجارَةَ ثُمَّ يَزْعُمُ أنَّها تُنْبِتُ الشَّجَرَ، والنّارُ تَأْكُلُ الشَّجَرَ، وما نَعْرِفُ الزَّقُّومَ إلّا التَّمْرَ بِالزُّبْدِ، ثُمَّ أمَرَ أبُو جَهْلٍ جارِيَةً لَهُ فَأحْضَرَتْ تَمْرًا وزُبْدًا، وقالَ لِأصْحابِهِ: ”تَزَقَّمُوا“ فافْتَتَنَ أيْضًا بِهَذِهِ المَقالَةِ بَعْضُ الضُّعَفاءِ.
قالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وما أنْكَرُوا أنْ يَجْعَلَ اللَّهُ (الشَّجَرَةَ) مِن جِنْسٍ لا تَأْكُلُهُ النّارُ، فَهَذا وبَرُ السَّمَندَلِ، وهو دُوَيْبَةٌ بِبِلادِ التُّرْكِ يُتَّخَذُ مِنها مَنادِيلُ إذا اتَّسَخَتْ طُرِحَتْ في النّارِ فَيَذْهَبُ الوَسَخُ، وبَقِيَ المِندِيلُ سالِمًا لا تَعْمَلُ فِيهِ النّارُ، وتَرى النَّعامَةَ تَبْتَلِعُ الجَمْرَ وقِطَعَ الحَدِيدِ الحُمْرِ كالجَمْرِ بِإحْماءِ النّارِ فَلا يَضُرُّها، ثُمَّ أقْرَبُ مِن ذَلِكَ أنَّهُ خَلَقَ في كُلِّ شَجَرَةٍ نارًا فَلا تُحْرِقُها فَما أنْكَرُوا أنْ يَخْلُقَ في النّارِ شَجَرَةً لا تُحْرِقُها، والمَعْنى: أنَّ الآياتِ إنَّما نُرْسِلُ بِها تَخْوِيفًا لِلْعِبادِ، وهَؤُلاءِ قَدْ خُوِّفُوا بِعَذابِ الدُّنْيا وهو القَتْلُ يَوْمَ بَدْرٍ فَما كانَ ما أرَيْناكَ مِنهُ في مَنامِكَ بَعْدَ الوَحْيِ إلَيْكَ إلّا فِتْنَةً لَهم حَيْثُ اتَّخَذُوهُ سُخْرِيًّا، وخُوِّفُوا بِعَذابِ الآخِرَةِ وبِشَجَرَةِ الزَّقُّومِ فَما أثَّرَ فِيهِمْ، ثُمَّ قالَ: ﴿ونُخَوِّفُهُمْ﴾ أيْ: بِمَخاوِفَ الدُّنْيا والآخِرَة ﴿فَما يَزِيدُهُمْ﴾ التَّخْوِيفُ ﴿إلّا طُغْيانًا كَبِيرًا﴾ فَكَيْفَ يَخافُ قَوْمٌ هَذِهِ حالُهم بِإرْسالِ ما يَقْتَرِحُونَ مِنَ الآياتِ. انْتَهى. وقَوْلُهُ بَعْدَ الوَحْيِ إلَيْكَ هو قَوْلُهُ: ﴿سَيُهْزَمُ الجَمْعُ ويُوَلُّونَ الدُّبُرَ﴾ [القمر: ٤٥] وقَوْلُهُ: ﴿قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ﴾ [آل عمران: ١٢] والظّاهِرُ إسْنادُ اللَّعْنَةِ إلى (الشَّجَرَةَ) واللَّعْنُ: الإبْعادُ مِنَ الرَّحْمَةِ، وهي في أصْلِ الجَحِيمِ في أبْعَدِ مَكانٍ مِنَ الرَّحْمَةِ. وقِيلَ: تَقُولُ العَرَبُ لِكُلِّ طَعامٍ مَكْرُوهٍ ضارٍّ: مَلْعُونٌ.
قالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وسَألْتُ بَعْضَهم، فَقالَ: نَعَمِ الطَّعامُ المَلْعُونُ القِشْبُ المَمْحُونُ. وقالَ ابْنُ عَبّاسٍ: ﴿المَلْعُونَةَ﴾ يُرِيدُ آكِلَها، ونَمَّقَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ، فَقالَ: لُعِنَتْ حَيْثُ لُعِنَ طاعِمُوها مِنَ الكَفَرَةِ والظَّلَمَةِ؛ لِأنَّ الشَّجَرَةَ لا ذَنْبَ لَها حَتّى تُلْعَنَ عَلى الحَقِيقَةِ، وإنَّما وُصِفَتْ بِلَعْنِ أصْحابِها عَلى المَجازِ. انْتَهى.
وقِيلَ لَمّا شَبَّهَ طَلْعَها بِرُءُوسِ الشَّياطِينِ، والشَّيْطانُ (p-٥٦)مَلْعُونٌ نُسِبَتِ اللَّعْنَةُ إلَيْها. وقالَ قَوْمٌ (الشَّجَرَةَ) هُنا مَجازٌ عَنْ واحِدٍ وهو أبُو جَهْلٍ، وقِيلَ: هو الشَّيْطانُ، وقِيلَ: مَجازٌ عَنْ جَماعَةٍ وهُمُ اليَهُودُ الَّذِينَ تَظاهَرُوا عَلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ ولَعَنَهُمُ اللَّهُ تَعالى وفِتْنَتُهم أنَّهم كانُوا يَنْتَظِرُونَ بَعْثَةَ الرَّسُولِ عَلَيْهِ السَّلامُ، فَلَمّا بَعَثَهُ اللَّهُ كَفَرُوا بِهِ وقالُوا: لَيْسَ هو الَّذِي كُنّا نَنْتَظِرُهُ فَثَبَّطُوا كَثِيرًا مِنَ النّاسِ بِمَقالَتِهِمْ عَنِ الإسْلامِ. وقِيلَ: بَنُو أُمَيَّةَ حَتّى إنَّ مِنَ المُفَسِّرِينَ مَن لا يُعَبِّرُ عَنْهم إلّا بِالشَّجَرَةِ المَلْعُونَةِ لِما صَدَرَ مِنهم مَنِ اسْتِباحَةِ الدِّماءِ المَعْصُومَةِ، وأخْذِ الأمْوالِ مِن غَيْرِ حِلِّها وتَغْيِيرِ قَواعِدِ الدِّينِ وتَبْدِيلِ الأحْكامِ، ولَعْنُها في القُرْآنِ ﴿ألا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلى الظّالِمِينَ﴾ [هود: ١٨] إنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ ورَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ في الدُّنْيا والآخِرَةِ.
وقَرَأ الجُمْهُورُ: (الشَّجَرَةَ المَلْعُونَةَ) عَطْفًا عَلى ﴿الرُّؤْيا﴾ فَهي مُنْدَرِجَةٌ في الحَصْرِ، أيْ وما جَعَلْنا الرُّؤْيا الَّتِي أرَيْناكَ والشَّجَرَةَ المَلْعُونَةَ في القُرْآنِ إلّا فِتْنَةً لِلنّاسِ. وقَرَأ زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ بِرَفْعِ ﴿والشَّجَرَةُ المَلْعُونَةُ﴾ عَلى الِابْتِداءِ، والخَبَرُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ كَذَلِكَ أيْ: فِتْنَةٌ، والضَّمِيرُ في ﴿ونُخَوِّفُهُمْ﴾ لِكُفّارِ مَكَّةَ. وقِيلَ: لِمُلُوكِ بَنِي أُمَيَّةَ بَعْدَ الخِلافَةِ الَّتِي قالَ النَّبِيُّ ﷺ: «الخِلافَةُ بَعْدِي ثَلاثُونَ ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا عَضُوضًا» والأوَّلُ أصْوَبُ. وقَرَأ الأعْمَشُ: ويُخَوِّفُهم بِياءِ الغَيْبَةِ والجُمْهُورُ بِنُونِ العَظَمَةِ.
{"ayah":"وَإِذۡ قُلۡنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِٱلنَّاسِۚ وَمَا جَعَلۡنَا ٱلرُّءۡیَا ٱلَّتِیۤ أَرَیۡنَـٰكَ إِلَّا فِتۡنَةࣰ لِّلنَّاسِ وَٱلشَّجَرَةَ ٱلۡمَلۡعُونَةَ فِی ٱلۡقُرۡءَانِۚ وَنُخَوِّفُهُمۡ فَمَا یَزِیدُهُمۡ إِلَّا طُغۡیَـٰنࣰا كَبِیرࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق