الباحث القرآني
﴿أفَمَن يَخْلُقُ كَمَن لا يَخْلُقُ أفَلا تَذَكَّرُونَ﴾ ﴿وإنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوها إنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ ﴿واللَّهُ يَعْلَمُ ما تُسِرُّونَ وما تُعْلِنُونَ﴾ ﴿والَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وهم يُخْلَقُونَ﴾ ﴿أمْواتٌ غَيْرُ أحْياءٍ وما يَشْعُرُونَ أيّانَ يُبْعَثُونَ﴾ ﴿إلَهُكم إلَهٌ واحِدٌ فالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ قُلُوبُهم مُنْكِرَةٌ وهم مُسْتَكْبِرُونَ﴾ ﴿لا جَرَمَ أنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وما يُعْلِنُونَ إنَّهُ لا يُحِبُّ المُسْتَكْبِرِينَ﴾: ذَكَرَ تَعالى التَّبايُنَ بَيْنَ مَن يَخْلُقُ وهو البارِي تَعالى، وبَيْنَ مَن لا يَخْلُقُ وهي الأصْنامُ، ومَن عُبِدَ مِمَّنْ لا يَعْقِلُ، فَجَدِيرٌ أنْ يُفْرَدَ بِالعِبادَةِ مَن لَهُ الإنْشاءُ دُونَ غَيْرِهِ. وجِيءَ بِمَن في الثّانِي لِاشْتِمالِ المَعْبُودِ غَيْرِ اللَّهِ عَلى مَن يَعْقِلُ وما لا يَعْقِلُ، أوْ لِاعْتِقادِ الكُفّارِ أنَّ لَها تَأْثِيرًا وأفْعالًا، فَعُومِلَتْ مُعامَلَةَ أُولِي العِلْمِ، أوْ لِلْمُشاكَلَةِ بَيْنَهُ وبَيْنَ مَن يَخْلُقُ، أوْ لِتَخْصِيصِهِ بِمَن يَعْلَمُ. فَإذا وقَعَتِ البَيْنُونَةُ بَيْنَ الخالِقِ وبَيْنَ غَيْرِ الخالِقِ، مِن أُولِي العِلْمِ فَكَيْفَ بِمَن لا يَعْلَمُ البَتَّةَ كَقَوْلِهِ: ﴿ألَهم أرْجُلٌ يَمْشُونَ بِها﴾ [الأعراف: ١٩٥] أيْ: أنَّ آلِهَتَهم مُنْحَطَّةٌ عَنْ حالِ مَن لَهُ أرْجُلٌ، لِأنَّ مَن لَهُ هَذِهِ حَيٌّ، وتِلْكَ أمْواتٌ، فَكَيْفَ يَصِحُّ أنْ يُعْبَدَ، لا أنَّ مَن لَهُ رِجْلٌ يَصِحُّ أنْ يُعْبَدَ ؟ قالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: (فَإنْ قُلْتَ): هو إلْزامٌ لِلَّذِينِ عَبَدُوا الأوْثانَ وسَمَّوْها آلِهَةً تَشْبِيهًا بِاللَّهِ، فَقَدْ جَعَلُوا غَيْرَ الخالِقِ مِثْلَ الخالِقِ، فَكانَ حَقَّ الإلْزامِ أنْ يُقالَ لَهم: أفَمَن لا يَخْلُقُ كَمَن يَخْلُقُ ؟ (قُلْتُ): حِينَ جَعَلُوا غَيْرَ اللَّهِ مِثْلَ اللَّهِ في تَسْمِيَتِهِ بِاسْمِهِ والعِبادَةِ لَهُ، وسَوَّوْا بَيْنَهُ وبَيْنَهُ، فَقَدْ جَعَلُوا اللَّهَ مِن جِنْسِ المَخْلُوقاتِ وشَبِيهًا بِها، فَأنْكَرَ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: ﴿أفَمَن يَخْلُقُ كَمَن لا يَخْلُقُ﴾، ثُمَّ وبَّخَهم بِقَوْلِهِ: ﴿أفَلا تَذَكَّرُونَ﴾، أيْ: مِثْلُ هَذا لا يَنْبَغِي أنْ تَقَعَ فِيهِ الغَفْلَةُ. والنِّعْمَةُ يُرادُ بِها النِّعَمُ لا نِعْمَةٌ واحِدَةٌ، يَدُلُّ عَلى ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وإنْ تَعُدُّوا﴾ وقَوْلُهُ: ﴿لا تُحْصُوها﴾ إذْ يَنْتَفِي العَدُّ والإحْصاءُ في الواحِدَةِ، والمَعْنى: لا تُحْصُوا عَدَّها، لِأنَّها لِكَثْرَتِها خَرَجَتْ عَنْ إحْصائِكم لَها، وانْتِفاءُ إحْصائِها يَقْتَضِي انْتِفاءَ القِيامِ بِحَقِّها مِنَ الشُّكْرِ. ولَمّا ذَكَرَ نِعَمًا سابِقَةً أخْبَرَ أنَّ جَمِيعَ نِعَمِهِ (p-٤٨٢)لا يُطِيقُونَ عَدَّها. وأتْبَعَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: ﴿إنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ﴾، حَيْثُ يَتَجاوَزُ عَنْ تَقْصِيرِكم في أداءِ شُكْرِ النِّعَمِ، ولا يَقْطَعُها عَنْكم لِتَفْرِيطِكم، ولا يُعاجِلُكم بِالعُقُوبَةِ عَلى كُفْرانِها. ولَمّا كانَ الإنْسانُ غَيْرَ قادِرٍ عَلى أداءِ شُكْرِ النِّعَمِ، وأنَّ لَهُ حالَةً يَعْرِضُ فِيها مِنهُ كُفْرانَها؛ قالَ في عَقِبِ الآيَةِ الَّتِي في إبْراهِيمَ: ﴿إنَّ الإنْسانَ لَظَلُومٌ كَفّارٌ﴾ [إبراهيم: ٣٤] أيْ لَظَلُومٌ بِتَرْكِ الشُّكْرِ، كَفّارٌ لِلنِّعْمَةِ. وفي هَذِهِ الآيَةِ ذِكْرُ الغُفْرانِ والرَّحْمَةِ لُطْفًا بِهِ، وإيذانًا في التَّجاوُزِ عَنْهُ. وأخْبَرَ تَعالى أنَّهُ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ، وضَمَّنَهُ الوَعِيدَ لَهم، والإخْبارَ بِعِلْمِهِ تَعالى. وفِيهِ التَّنْبِيهُ عَلى نَفْيِ هَذِهِ الصِّفَةِ الشَّرِيفَةِ عَنْ آلِهَتِهِمْ.
وقَرَأ الجُمْهُورُ: بِالتّاءِ مِن فَوْقُ في تُسِرُّونَ وتُعْلِنُونَ وتَدْعُونَ، وهي قِراءَةُ: مُجاهِدٍ، والأعْرَجِ، وشَيْبَةَ، وأبِي جَعْفَرٍ، وهُبَيْرَةَ، عَنْ عاصِمٍ، عَلى مَعْنى: قُلْ لَهم. وقَرَأ عاصِمٌ في مَشْهُورِهِ: يَدْعُونَ، بِالياءِ مِن تَحْتُ، وبِالتّاءِ في السّابِقَتَيْنِ. وقَرَأ الأعْمَشُ وأصْحابُ عَبْدِ اللَّهِ: يَعْلَمُ الَّذِي يُبْدُونَ وما يَكْتُمُونَ، وتَدْعُونَ، بِالتّاءِ مِن فَوْقُ في الثَّلاثَةِ. وقَرَأ طَلْحَةُ: ما يُخْفُونَ وما يُعْلِنُونَ، وتَدْعُونَ، بِالتّاءِ مِن فَوْقُ، وهاتانِ القِراءَتانِ مُخالِفَتانِ لِسَوادِ المُصْحَفِ، والمَشْهُورُ ما رُوِيَ عَنِ الأعْمَشِ وغَيْرِهِ، فَوَجَبَ حَمْلُها عَلى التَّفْسِيرِ، لا عَلى أنَّها قُرْآنٌ. ولَمّا أظْهَرَ تَعالى التَّبايُنَ بَيْنَ الخالِقِ وغَيْرِهِ، نَصَّ عَلى أنَّ آلِهَتَهم لا تَخْلُقُ، وعَلى أنَّها مَخْلُوقَةٌ. وأخْبَرَ أنَّهم أمْواتٌ. وأكَّدَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: ﴿غَيْرُ أحْياءٍ﴾، ثُمَّ نَفى عَنْهُمُ الشُّعُورَ الَّذِي يَكُونُ لِلْبَهائِمِ، فَضْلًا عَنِ العِلْمِ الَّذِي تَتَّصِفُ بِهِ العُقَلاءُ. وعَبَّرَ بِالَّذِينِ، وهو لِلْعاقِلِ، عُومِلَ غَيْرُهُ مُعامَلَتَهُ، لِكَوْنِها عُبِدَتْ واعْتُقِدَتْ فِيها الأُلُوهِيَّةُ، وقَرَأ مُحَمَّدٌ اليَمانِيُّ: يُدْعَوْنَ، بِضَمِّ الياءِ وفَتْحِ العَيْنِ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ، والظّاهِرُ أنَّ قَوْلَهُ: ﴿وهم يُخْلَقُونَ﴾، أيِ: اللَّهُ أنْشَأهم واخْتَرَعَهم. وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: ووَجْهٌ آخَرُ وهو أنْ يَكُونَ المَعْنى: أنَّ النّاسَ يَخْلُقُونَهم بِالنَّحْتِ والتَّصْوِيرِ، وهم لا يَقْدِرُونَ عَلى ذَلِكَ، فَهم أعْجَزُ مِن عَبَدَتِهِمْ؛ انْتَهى. وأمْواتٌ: خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، أيْ: هم أمْواتٌ. ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ خَبَرًا بَعْدَ خَبَرٍ. والظّاهِرُ أنَّ هَذِهِ كُلَّها مِمّا حَدَّثَ بِهِ عَنِ الأصْنامِ، ويَكُونُ بَعْثُهم إعادَتُها بَعْدَ فَنائِها. ألا تَرى إلى قَوْلِهِ تَعالى: ﴿إنَّكم وما تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ﴾ [الأنبياء: ٩٨] . وقِيلَ: مَعْنى بَعْثِها: إثارَتُها، كَما تَقُولُ: بَعَثْتُ النّائِمَ مِن نَوْمِهِ إذا نَبَّهْتَهُ، كَأنَّهُ وصَفَهم بِغايَةِ الجُمُودِ، أيْ: وإنْ طَلَبْتَهم بِالتَّحْرِيكِ أوْ حَرَّكْتَهم لَمْ يَشْعُرُوا بِذَلِكَ، ونَفى عَنْهُمُ الحَياةَ لِأنَّ مِنَ الأمْواتِ ما يَعْقُبُ مَوْتَهُ حَياةٌ كالنُّطَفِ الَّتِي يُنْشِئُها اللَّهُ حَيَوانًا، وأجْسادِ الحَيَوانِ الَّتِي تُبْعَثُ بَعْدَ مَوْتِها. وأمّا الأصْنامُ مِنَ الحِجارَةِ والخَشَبِ فَأمْواتٌ لا يَعْقُبُ مَوْتَها حَياةٌ، وذَلِكَ أعْرَقُ في مَوْتِها. وقِيلَ: والَّذِينَ تَدْعُونَ، هُمُ المَلائِكَةُ، وكانَ ناسٌ مِنَ الكُفّارِ يَعْبُدُونَهم. وأمْواتٌ، أيْ: لا بُدَّ لَهم مِنَ المَوْتِ، وغَيْرُ أحْياءٍ، أيْ: غَيْرُ باقٍ حَياتُهم، وما يَشْعُرُونَ، أيْ: لا عِلْمَ لَهم بِوَقْتِ بَعْثِهِمْ. وجَوَّزُوا في قِراءَةِ: والَّذِينَ يَدْعُونَ، بِالياءِ مِن تَحْتُ أنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: أمْواتٌ، يُرادُ بِهِ الكُفّارُ الَّذِينَ ضَمِيرُهم في: يَدْعُونَ، شَبَّهَهم بِالأمْواتِ غَيْرِ الأحْياءِ مِن حَيْثُ هم ضُلّالٌ، غَيْرُ مُهْتَدِينَ وما بَعْدَهُ عائِدٌ عَلَيْهِمْ، والبَعْثُ: الحَشْرُ مِن قُبُورِهِمْ. وقِيلَ: في هَذا التَّقْدِيرِ وعِيدٌ، أيْ: أيّانَ يُبْعَثُونَ إلى التَّعْذِيبِ. وقِيلَ: الضَّمِيرُ في ﴿وما يَشْعُرُونَ﴾، لِلْأصْنامِ، وفي: يُبْعَثُونَ، لِعَبَدَتِها، أيْ: لا تَشْعُرُ الأصْنامُ مَتى تُبْعَثُ عَبَدَتُها. وفِيهِ تَهَكُّمٌ بِالمُشْرِكِينَ، وأنَّ آلِهَتَهم لا يَعْلَمُونَ وقْتَ بَعْثِ عَبَدَتِهِمْ، فَكَيْفَ يَكُونُ لَهم وقْتُ جَزاءٍ عَلى عِبادَتِهِمْ. وتَلَخَّصُ مِن هَذِهِ الأقْوالِ: أنْ تَكُونَ الأخْبارُ بِتِلْكَ الجُمَلِ كُلِّها مِنَ المَدْعُوِّينَ آلِهَةً، إمّا الأصْنامُ، وإمّا المَلائِكَةُ، أوْ يَكُونُ مِن قَوْلِهِ: أمْواتٌ، إلى آخِرِهِ، إخْبارًا عَنِ المَدْعُوِّينَ، ويُبْعَثُونَ: إخْبارًا عَنِ الدّاعِينَ العابِدِينَ. وقَرَأ أبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ (إيّانَ) بِكَسْرِ الهَمْزَةِ، وهي لُغَةُ قَوْمِهِ سُلَيْمٍ. والظّاهِرُ أنَّ قَوْلَهُ: إيّانَ، مَعْمُولٌ لِيُبْعَثُونِ، والجُمْلَةُ في مَوْضِعِ نَصْبٍ بِيَشْعُرُونَ، لِأنَّهُ مُعَلَّقٌ. إذْ مَعْناهُ: العِلْمُ. (p-٤٨٣)والمَعْنى: أنَّهُ نَفى عَنْهم عِلْمَ ما انْفَرَدَ بِعِلْمِهِ الحَيُّ القَيُّومُ، وهو وقْتُ البَعْثِ إذا أُرِيدَ بِالبَعْثِ الحَشْرُ إلى الآخِرَةِ. وقِيلَ: تَمَّ الكَلامُ عِنْدَ قَوْلِهِ: ﴿وما يَشْعُرُونَ﴾ . و﴿أيّانَ يُبْعَثُونَ﴾: ظَرْفٌ لِقَوْلِهِ: ﴿إلَهُكم إلَهٌ واحِدٌ﴾، أخْبَرَ عَنْ يَوْمِ القِيامَةِ أنَّ الإلَهَ فِيهِ واحِدٌ؛ انْتَهى. ولا يَصِحُّ هَذا القَوْلُ لِأنَّ (أيّانَ) إذْ ذاكَ تَخْرُجُ عَمّا اسْتَقَرَّ فِيها مِن كَوْنِها ظَرْفًا، إمّا اسْتِفَهامًا، وإمّا شَرْطًا. وفي هَذا التَّقْدِيرِ تَكُونُ ظَرْفًا بِمَعْنى (وقْتٍ) مُضافًا لِلْجُمْلَةِ بَعْدَها، مَعْمُولًا لِقَوْلِهِ: واحِدٌ، كَقَوْلِك: يَوْمَ يَقُومُ زَيْدٌ قائِمٌ. وفي قَوْلِهِ: ﴿أيّانَ يُبْعَثُونَ﴾، دَلالَةٌ عَلى أنَّهُ لا بُدَّ مِنَ البَعْثِ، وأنَّهُ مِن لَوازِمِ التَّكْلِيفِ. ولَمّا ذَكَرَ تَعالى ما اتَّصَفَتْ بِهِ آلِهَتُهم بِما يُنافِي الأُلُوهِيَّةَ، أخْبَرَ تَعالى أنَّ إلَهَ العالَمِ هو واحِدٌ لا يَتَعَدَّدُ ولا يَتَجَزَّأُ، وأنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالجَزاءِ بَعْدَ وُضُوحِ بُطْلانِ أنْ تَكُونَ الإلَهِيَّةُ لِغَيْرِهِ بَلْ لَهُ وحْدَهُ، هم مُسْتَمِرُّونَ عَلى شِرْكِهِمْ، مُنْكِرُونَ وحْدانِيَّتَهُ، مُسْتَكْبِرُونَ عَنِ الإقْرارِ بِها، لِاعْتِقادِهِمُ الإلَهِيَّةَ لِأصْنامِهِمْ وتَكَبُّرِها في الوُجُودِ. ووَصْفُهم بِأنَّهم لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ مُبالَغَةٌ في نِسْبَةِ الكُفْرِ إلَيْهِمْ، إذْ عَدَمُ التَّصْدِيقِ بِالجَزاءِ في الآخِرَةِ يَتَضَمَّنُ التَّكْذِيبَ بِاللَّهِ تَعالى وبِالبَعْثِ، إذْ مَن آمَنَ بِالبَعْثِ يَسْتَحِيلُ أنْ يُكَذِّبَ اللَّهَ - عَزَّ وجَلَّ - وقِيلَ: مُسْتَكْبِرُونَ عَنِ الإيمانِ بِرَسُولِ اللَّهِ واتِّباعِهِ. وقالَ العُلَماءُ: كُلُّ ذَنْبٍ يُمْكِنُ التَّسَتُّرُ بِهِ وإخْفاؤُهُ إلّا التَّكَبُّرَ فَإنَّهُ فِسْقٌ يَلْزَمُهُ الإعْلانُ. وفي الحَدِيثِ الصَّحِيحِ: «إنَّ المُسْتَكْبِرِينَ يَجِيئُونَ أمْثالَ الذَّرِّ يَوْمَ القِيامَةِ، يَطَؤُهُمُ النّاسُ بِأقْدامِهِمْ» أوْ كَما قالَ ﷺ وتَقَدَّمَ الكَلامُ في ﴿لا جَرَمَ﴾ [هود: ٢٢] في هُودٍ. وقَرَأ عِيسى الثَّقَفِيُّ (إنَّ) بِكَسْرِ الهَمْزَةِ عَلى الِاسْتِئْنافِ والقَطْعِ مِمّا قَبْلَهُ. وقالَ بَعْضُ أصْحابِنا: وقَدْ يُغْنِي (لا جَرَمَ) عَنْ لَفْظِ القَسَمِ، تَقُولُ: لا جَرَمَ لَآتِيَنَّكَ، فَعَلى هَذا يَكُونُ لِقَوْلِهِ: ﴿إنَّ اللَّهَ﴾ بِكَسْرِ الهَمْزَةِ تَعَلَّقَ بِلا جَرَمَ، ولا يَكُونُ اسْتِئْنافًا. وقَدْ قالَ بَعْضُ الأعْرابِ لِمِرْداسٍ الخارِجِيِّ: لا جَرَمَ واللَّهِ لَأُفارِقَنَّكَ أبَدًا، نَفى كَلامَهُ تَعَلُّقُها بِالقَسَمِ. وفي قَوْلِهِ: ﴿يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وما يُعْلِنُونَ﴾ وعِيدٌ وتَنْبِيهٌ عَلى المُجازاةِ، وقالَ يَحْيى بْنُ سَلامٍ، والنَّقّاشُ: المُرادُ هُنا بِما يُسِرُّونَ، تَشاوُرُهم في دارِ النَّدْوَةِ في قَتْلِ النَّبِيِّ ﷺ انْتَهى. ولا يُحِبُّ المُسْتَكْبِرِينَ: عامٌّ في الكافِرِينَ والمُؤْمِنِينَ، يَأْخُذُ كُلُّ واحِدٍ مِنهم بِقِسْطِهِ.
{"ayahs_start":17,"ayahs":["أَفَمَن یَخۡلُقُ كَمَن لَّا یَخۡلُقُۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ","وَإِن تَعُدُّوا۟ نِعۡمَةَ ٱللَّهِ لَا تُحۡصُوهَاۤۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَغَفُورࣱ رَّحِیمࣱ","وَٱللَّهُ یَعۡلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعۡلِنُونَ","وَٱلَّذِینَ یَدۡعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ لَا یَخۡلُقُونَ شَیۡـࣰٔا وَهُمۡ یُخۡلَقُونَ","أَمۡوَ ٰتٌ غَیۡرُ أَحۡیَاۤءࣲۖ وَمَا یَشۡعُرُونَ أَیَّانَ یُبۡعَثُونَ","إِلَـٰهُكُمۡ إِلَـٰهࣱ وَ ٰحِدࣱۚ فَٱلَّذِینَ لَا یُؤۡمِنُونَ بِٱلۡـَٔاخِرَةِ قُلُوبُهُم مُّنكِرَةࣱ وَهُم مُّسۡتَكۡبِرُونَ","لَا جَرَمَ أَنَّ ٱللَّهَ یَعۡلَمُ مَا یُسِرُّونَ وَمَا یُعۡلِنُونَۚ إِنَّهُۥ لَا یُحِبُّ ٱلۡمُسۡتَكۡبِرِینَ"],"ayah":"وَإِن تَعُدُّوا۟ نِعۡمَةَ ٱللَّهِ لَا تُحۡصُوهَاۤۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَغَفُورࣱ رَّحِیمࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق