الباحث القرآني
﴿وإذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكم إذْ أنْجاكم مِن آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكم سُوءَ العَذابِ ويُذَبِّحُونَ أبْناءَكم ويَسْتَحْيُونَ نِساءَكم وفي ذَلِكم بَلاءٌ مِن رَبِّكم عَظِيمٌ﴾ ﴿وإذْ تَأذَّنَ رَبُّكم لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأزِيدَنَّكم ولَئِنْ كَفَرْتُمْ إنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ﴾ ﴿وقالَ مُوسى إنْ تَكْفُرُوا أنْتُمْ ومَن في الأرْضِ جَمِيعًا فَإنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ﴾
لَمّا تَقَدَّمَ أمْرُهُ تَعالى لِمُوسى بِالتَّذْكِيرِ بِأيّامِ اللَّهِ، ذَكَّرَهم بِما أنْعَمَ تَعالى عَلَيْهِمْ مِن نَجاتِهِمْ مِن آلِ فِرْعَوْنَ، وفي ضِمْنِها تَعْدادُ شَيْءٍ مِمّا جَرى عَلَيْهِمْ مِن نَقَماتِ اللَّهِ. وتَقَدَّمَ إعْرابُ ”إذْ“ في نَحْوِ هَذا التَّرْكِيبِ في قَوْلِهِ: ﴿واذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكم إذْ كُنْتُمْ أعْداءً﴾ [آل عمران: ١٠٣] وتَفْسِيرُ هَذِهِ الآيَةِ، إلّا أنَّ هُنا (ويُذَبِّحُونَ) بِالواوِ، وفي البَقَرَةِ بِغَيْرِ واوٍ، وفي الأعْرافِ (يَقْتُلُونَ) فَحَيْثُ لَمْ يُؤْتَ بِالواوِ جَعَلَ الفِعْلَ تَفْسِيرًا لِقَوْلِهِ: (يَسُومُونَكم) . وحَيْثُ أتى بِها دَلَّ عَلى المُغايَرَةِ. وأنَّ سَوْمَ سُوءِ العَذابِ كانَ بِالتَّذْبِيحِ وبِغَيْرِهِ، وحَيْثُ جاءَ يُقَتِّلُونَ جاءَ بِاللَّفْظِ المُطْلَقِ المُحْتَمِلِ لِلتَّذْبِيحِ، (p-٤٠٧)ولِغَيْرِهِ مِن أنْواعِ القَتْلِ. وقَرَأ ابْنُ مُحَيْصِنٍ: (ويَذْبَحُونَ) مُضارِعُ ذَبَحَ ثُلاثِيًّا، وقَرَأ زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ كَذَلِكَ؛ إلّا أنَّهُ حَذَفَ الواوَ. وتَقَدَّمَ شَرْحُ (تَأذَّنَ) وتَلَقِّيهِ بِالقَسَمِ في قَوْلِهِ في الأعْرافِ: ﴿وإذْ تَأذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ﴾ [الأعراف: ١٦٧] واحْتَمَلَ (إذْ) أنْ يَكُونَ مَنصُوبًا بِـ (اذْكُرُوا)، وأنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلى ﴿إذْ أنْجاكُمْ﴾ لِأنَّ هَذا الإعْلامَ بِالمَزِيدِ عَلى الشُّكْرِ مَن نِعَمِهِ تَعالى. والظّاهِرُ أنَّ مُتَعَلِّقَ الشُّكْرِ هو الإنْعامُ؛ أيْ: لَئِنْ شَكَرْتُمْ إنْعامِي، وقالَهُ الحَسَنُ والرَّبِيعُ. قالَ الحَسَنُ: لَأزِيدَنَّكم مِن طاعَتِي. وقالَ الرَّبِيعُ: لَأزِيدَنَّكم مِن فَضْلِي. وقالَ ابْنُ عَبّاسٍ: أيْ لَئِنْ وحَّدْتُمْ وأطَعْتُمْ لَأزِيدَنَّكم في الثَّوابِ. وكَأنَّهُ راعى ظاهِرَ المُقابَلَةِ في قَوْلِهِ: ﴿ولَئِنْ كَفَرْتُمْ إنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ﴾ وظاهِرُ الكُفْرِ المُرادُ بِهِ الشِّرْكُ، فَلِذَلِكَ فَسَّرَ الشُّكْرَ بِالتَّوْحِيدِ والطّاعَةِ وغَيْرِهِ. قالَ: ﴿ولَئِنْ كَفَرْتُمْ﴾ أيْ نِعْمَتِي فَلَمْ تَشْكُرُوها، رَتَّبَ العَذابَ الشَّدِيدَ عَلى كُفْرانِ نِعْمَةِ اللَّهِ تَعالى، ولَمْ يُبَيِّنْ مَحَلِّ الزِّيادَةِ، فاحْتَمَلَ أنْ يَكُونَ في الدُّنْيا أوْ في الآخِرَةِ أوْ فِيهِما، وجاءَ التَّرْكِيبُ عَلى ما عُهِدَ في القُرْآنِ مِن أنَّهُ إذا ذُكِرَ الخَيْرُ أُسْنِدَ إلَيْهِ تَعالى. وإذا ذُكِرَ العَذابُ بَعْدَهُ عَدَلَ عَنْ نِسْبَتِهِ إلَيْهِ فَقالَ: ﴿لَأزِيدَنَّكُمْ﴾، فَنَسَبَ الزِّيادَةَ إلَيْهِ وقالَ: ﴿إنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ﴾، ولَمْ يَأْتِ التَّرْكِيبُ لَأُعَذِّبَنَّكم، وخَرَجَ في لَأزِيدَنَّكم بِالمَفْعُولِ، وهُنا لَمْ يُذْكَرْ. وإنْ كانَ المَعْنى عَلَيْهِ؛ أيْ: إنَّ عَذابِي لَكم لَشَدِيدٌ. وقَرَأ عَبْدُ اللَّهِ: (وإذْ قالَ رَبُّكم)، كَأنَّهُ فَسَّرَ قَوْلَهُ: (تَأذَّنَ) لِأنَّهُ بِمَعْنى أذِنَ؛ أيْ: أعْلَمَ، وأعْلَمَ يَكُونُ بِالقَوْلِ. ثُمَّ نَبَّهَ مُوسى - عَلَيْهِ السَّلامُ - قَوْمَهُ عَلى أنَّ البارِيَ تَعالى، وإنْ أوْعَدَ بِالعَذابِ الشَّدِيدِ عَلى الكُفْرِ، فَهو غَيْرُ مُفْتَقِرٍ إلى شُكْرِكم؛ لِأنَّهُ تَعالى هو الغَنِيُّ عَنْ شُكْرِكم، الحَمِيدُ المُسْتَوْجِبُ الحَمْدَ عَلى ما أسْبَغَ مِن نِعَمِهِ، وإنْ لَمْ يَحْمَدْهُ الحامِدُونَ، فَثَمَرَةُ شُكْرِكم إنَّما هي عائِدَةٌ إلَيْكم. و(أنْتُمْ) خِطابٌ لِقَوْمِهِ، وقالَ: ﴿ومَن في الأرْضِ﴾ يَعْنِي النّاسَ كُلَّهم، لِأنَّ مَن كانَ في العالَمِ العُلْوِيِّ وهُمُ المَلائِكَةُ لا يَدْخُلُونَ في مَن في الأرْضِ، وجَوابُ (إنْ تَكْفُرُوا) مَحْذُوفٌ لِدَلالَةِ المَعْنى، التَّقْدِيرُ: فَإنَّما ضَرَرُ كُفْرِكم لاحِقٌ بِكم، واللَّهُ تَعالى مُتَّصِفٌ بِالغِنى المُطْلَقِ والحَمْدِ، سَواءٌ كَفَرُوا أمْ شَكَرُوا، وفي خِطابِهِ لَهم تَحْقِيرٌ لِشَأْنِهِمْ، وتَعْظِيمٌ لِلَّهِ تَعالى، وكَذَلِكَ في ذِكْرِ هاتَيْنِ الصِّفَتَيْنِ.
{"ayahs_start":6,"ayahs":["وَإِذۡ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوۡمِهِ ٱذۡكُرُوا۟ نِعۡمَةَ ٱللَّهِ عَلَیۡكُمۡ إِذۡ أَنجَىٰكُم مِّنۡ ءَالِ فِرۡعَوۡنَ یَسُومُونَكُمۡ سُوۤءَ ٱلۡعَذَابِ وَیُذَبِّحُونَ أَبۡنَاۤءَكُمۡ وَیَسۡتَحۡیُونَ نِسَاۤءَكُمۡۚ وَفِی ذَ ٰلِكُم بَلَاۤءࣱ مِّن رَّبِّكُمۡ عَظِیمࣱ","وَإِذۡ تَأَذَّنَ رَبُّكُمۡ لَىِٕن شَكَرۡتُمۡ لَأَزِیدَنَّكُمۡۖ وَلَىِٕن كَفَرۡتُمۡ إِنَّ عَذَابِی لَشَدِیدࣱ","وَقَالَ مُوسَىٰۤ إِن تَكۡفُرُوۤا۟ أَنتُمۡ وَمَن فِی ٱلۡأَرۡضِ جَمِیعࣰا فَإِنَّ ٱللَّهَ لَغَنِیٌّ حَمِیدٌ"],"ayah":"وَإِذۡ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوۡمِهِ ٱذۡكُرُوا۟ نِعۡمَةَ ٱللَّهِ عَلَیۡكُمۡ إِذۡ أَنجَىٰكُم مِّنۡ ءَالِ فِرۡعَوۡنَ یَسُومُونَكُمۡ سُوۤءَ ٱلۡعَذَابِ وَیُذَبِّحُونَ أَبۡنَاۤءَكُمۡ وَیَسۡتَحۡیُونَ نِسَاۤءَكُمۡۚ وَفِی ذَ ٰلِكُم بَلَاۤءࣱ مِّن رَّبِّكُمۡ عَظِیمࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق