الباحث القرآني
﴿كَذَلِكَ أرْسَلْناكَ في أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِها أُمَمٌ لِتَتْلُوَ عَلَيْهِمُ الَّذِي أوْحَيْنا إلَيْكَ وهم يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ قُلْ هو رَبِّي لا إلَهَ إلّا هو عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وإلَيْهِ مَتابِ﴾
قالَ قَتادَةُ وابْنُ جُرَيْجٍ ومُقاتِلٌ: لَمّا رَأوْا كِتابَ الصُّلْحِ يَوْمَ الحُدَيْبِيَةِ وقَدْ كُتِبَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قالَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو: ما يَعْرِفُ الرَّحْمَنَ إلّا مُسَيْلِمَةُ، فَنَزَلَتْ. وقِيلَ: سَمِعَ أبُو جَهْلٍ الرَّسُولَ ﷺ يَقُولُ: يا رَحْمَنُ، فَقالَ: إنَّ مُحَمَّدًا يَنْهانا عَنْ عِبادَةِ آلِهَةٍ وهو يَدْعُو إلَهَيْنِ فَنَزَلَتْ. ذَكَرَ هَذا عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ النَّيْسابُورِيُّ، وعَنِ ابْنِ عَبّاسٍ: لَمّا قِيلَ لِكُفّارِ قُرَيْشٍ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قالُوا: وما الرَّحْمَنُ فَنَزَلَتْ. قالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: مِثْلُ ذَلِكَ الإرْسالِ أرْسَلْناكَ يَعْنِي: أرْسَلْناكَ إرْسالًا لَهُ شَأْنٌ وفَضْلٌ عَلى سائِرِ الإرْسالاتِ، انْتَهى. ولَمْ يَتَقَدَّمْ إرْسالٌ يُشارُ إلَيْهِ بِذَلِكَ، إلّا إنْ كانَ يُفْهَمُ مِنَ المَعْنى فَيُمْكِنُ ذَلِكَ. وقالَ الحَسَنُ: كَإرْسالِنا الرُّسُلَ أرْسَلْناكَ، فَذَلِكَ إشارَةٌ إلى إرْسالِهِ الرُّسُلَ. وقِيلَ: الكافُ مُتَعَلِّقَةٌ بِالمَعْنى الَّذِي في قَوْلِهِ: ﴿قُلْ إنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشاءُ ويَهْدِي إلَيْهِ مَن أنابَ﴾ [الرعد: ٢٧] كَما أنْفَذَ اللَّهُ هَذا كَذَلِكَ أرْسَلْناكَ. وقالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: والَّذِي يَظْهَرُ لِي أنَّ المَعْنى كَما أجْرَيْنا العادَةَ بِأنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشاءُ ويَهْدِي بِالآياتِ المُقْتَرَحَةِ، فَكَذَلِكَ فَعَلْنا في هَذِهِ الأُمَّةِ أرْسَلْناكَ إلَيْهِمْ بِوَحْيٍ لا بِالآياتِ المُقْتَرَحَةِ، فَيُضِلُّ اللَّهُ مَن يَشاءُ ويَهْدِي مَن يَشاءُ، انْتَهى. وقالَ الحَوْفِيُّ: الكافُ لِلتَّشْبِيهِ في مَوْضِعِ نَصْبٍ أيْ: كَفِعْلِنا الهِدايَةَ والإضْلالَ، والإشارَةُ بِذَلِكَ إلى ما وصَفَ بِهِ نَفْسَهُ مِن أنَّهُ يُضِلُّ مَن يَشاءُ ويَهْدِي مَن يَشاءُ. وقالَ أبُو البَقاءِ: كَذَلِكَ التَّقْدِيرُ الأمْرُ كَذَلِكَ.
﴿قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِها أُمَمٌ﴾ أيْ: تَقَدَّمَتْها أُمَمٌ كَثِيرَةٌ، والمَعْنى: أُرْسِلَتْ فِيهِمْ رُسُلٌ فَمِثْلُ ذَلِكَ الإرْسالِ أرْسَلْناكَ. ودَلَّ هَذا المَحْذُوفُ الَّذِي يَقْتَضِيهِ المَعْنى عَلى أنَّ الإشارَةَ بِذَلِكَ إلى إرْسالِهِ تَعالى الرُّسُلَ كَما قالَ الحَسَنُ. و﴿لِتَتْلُوَ﴾ أيْ: لِتَقْرَأ عَلَيْهِمُ الكِتابَ المُنَزَّلَ عَلَيْكَ. وعِلَّةُ الإرْسالِ هي الإبْلاغُ لِلدِّينِ الَّذِي أتى بِهِ الرَّسُولُ ﷺ ﴿وهم يَكْفُرُونَ﴾ أيْ: وحالُ هَؤُلاءِ أنَّهم يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ؛ جُمْلَةٌ حالِيَّةٌ؛ أيْ: أرْسَلْناكَ في أُمَّةٍ رَحْمَةً لَها مِنِّي وهم يَكْفُرُونَ بِي؛ أيْ: وحالُ هَؤُلاءِ أنَّهم يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ بِالبَلِيغِ الرَّحْمَةِ. والظّاهِرُ أنَّ الضَّمِيرَ في قَوْلِهِ: (وهم) عائِدٌ عَلى أُمَّةِ المُرْسَلِ إلَيْهِمُ الرَّسُولُ إعادَةً عَلى المَعْنى، إذْ لَوْ أعادَ عَلى اللَّفْظِ لَكانَ التَّرْكِيبُ وهي تَكْفُرُ، والمَعْنى: أرْسَلْناكَ (p-٣٩١)إلَيْهِمْ وهم يَدِينُونَ دِينَ الكُفْرِ، فَهَدى اللَّهُ بِكَ مَن أرادَ هِدايَتَهُ. وقِيلَ: يَعُودُ عَلى الَّذِينَ قالُوا: ﴿لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِن رَبِّهِ﴾ [الرعد: ٢٧] وقِيلَ: يَعُودُ عَلى أُمَّةٍ وعَلى أُمَمٍ، والمَعْنى: الإخْبارُ بِأنَّ الأُمَمَ السّالِفَةَ أُرْسِلَتْ إلَيْهِمُ الرُّسُلُ، والأُمَّةُ الَّتِي أُرْسِلَتْ إلَيْها، جَمِيعُهم جاءَتْهُمُ الرُّسُلُ وهم يَدِينُونَ دِينَ الكُفْرِ، فَيَكُونُ في ذَلِكَ تَسْلِيَةٌ لِلرَّسُولِ ﷺ إذْ أُمَّتُهُ مِثْلُ الأُمَمِ السّالِفَةِ، ونَبَّهَ عَلى الوَصْفِ المُوجِبِ لِإرْسالِ الرَّسُولِ وهو الرَّحْمَةُ المُوجِبَةُ لَشُكْرِ اللَّهِ عَلى إنْعامِهِ عَلَيْهِمْ بِبَعْثَةِ الرَّسُولِ والإيمانِ بِهِ.
(قُلْ هو) أيِ: الرَّحْمَنُ الَّذِي كَفَرُوا بِهِ هو رَبِّي الواحِدُ المُتَعالِ عَنِ الشُّرَكاءِ، عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ في نُصْرَتِي عَلَيْكم، وجَمِيعِ أُمُورِي، وإلَيْهِ مَرْجِعِي، فَيُثَبِّتُنِي عَلى مُجاهَدَتِكم.
{"ayah":"كَذَ ٰلِكَ أَرۡسَلۡنَـٰكَ فِیۤ أُمَّةࣲ قَدۡ خَلَتۡ مِن قَبۡلِهَاۤ أُمَمࣱ لِّتَتۡلُوَا۟ عَلَیۡهِمُ ٱلَّذِیۤ أَوۡحَیۡنَاۤ إِلَیۡكَ وَهُمۡ یَكۡفُرُونَ بِٱلرَّحۡمَـٰنِۚ قُلۡ هُوَ رَبِّی لَاۤ إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ عَلَیۡهِ تَوَكَّلۡتُ وَإِلَیۡهِ مَتَابِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق