الباحث القرآني
﴿فَأمّا الَّذِينَ شَقُوا فَفي النّارِ لَهم فِيها زَفِيرٌ وشَهِيقٌ﴾ ﴿خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ والأرْضُ إلّا ما شاءَ رَبُّكَ إنَّ رَبَّكَ فَعّالٌ لِما يُرِيدُ﴾ ﴿وأمّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفي الجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ والأرْضُ إلّا ما شاءَ رَبُّكَ عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ﴾ قالَ الضَّحّاكُ ومُقاتِلٌ والفَرّاءُ: الزَّفِيرُ: أوَّلُ نَهِيقِ الحِمارِ، والشَّهِيقُ: آخِرُهُ، ورُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، وقالَ أبُو العالِيَةِ والرَّبِيعُ بْنُ أنَسٍ: الزَّفِيرُ: في الحَلْقِ، والشَّهِيقُ: (p-٢٦٣)فِي الصَّدْرِ، ورُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أيْضًا. وقالَ ابْنُ السّائِبِ: الزَّفِيرُ: زَفِيرُ الحِمارِ، والشَّهِيقُ: شَهِيقُ البِغالِ. وانْتِصابُ خالِدِينَ عَلى أنَّها حالٌ مُقَدَّرَةٌ، وما مَصْدَرِيَّةٌ ظَرْفِيَّةٌ، أيْ: مُدَّةُ دَوامِ السَّماواتِ والأرْضِ، والمُرادُ بِهَذا التَّوْقِيتِ: التَّأْبِيدُ، كَقَوْلِ العَرَبِ: ما أقامَ ثَبِيرٌ وما لاحَ كَوْكَبٌ، وضَعَتِ العَرَبُ ذَلِكَ لِلتَّأْبِيدِ مِن غَيْرِ نَظَرٍ لِفَناءِ ثَبِيرٍ أوِ الكَوْكَبِ، أوْ عَدَمِ فَنائِهِما.
وقِيلَ: سَماواتُ الآخِرَةِ وأرْضُها وهي دائِمَةٌ لا بُدَّ، يَدُلُّ عَلى ذَلِكَ ﴿يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرْضُ غَيْرَ الأرْضِ والسَّماواتُ﴾ [إبراهيم: ٤٨] وقَوْلُهُ: ﴿وأوْرَثَنا الأرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ﴾ [الزمر: ٧٤] ولِأنَّهُ لا بُدَّ لِأهْلِ الآخِرَةِ مِمّا يُقِلُّهم ويُظِلُّهم، إمّا سَماءٌ يَخْلُقُها اللَّهُ، أوْ يُظِلُّهُمُ العَرْشُ وكُلُّ ما أظَلَّكَ فَهو سَماءٌ.
وعَنِ ابْنِ عَبّاسٍ: إنَّ السَّماواتِ والأرْضَ في الآخِرَةِ يُرَدّانِ إلى النُّورِ الَّذِي أُخِذَتا مِنهُ، فَهُما دائِمَتانِ أبَدًا في نُورِ العَرْشِ. والظّاهِرُ أنَّ قَوْلَهُ: ﴿إلّا ما شاءَ رَبُّكَ﴾: اسْتِثْناءٌ مِنَ الزَّمانِ الدّالِّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: ﴿خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ والأرْضُ﴾ . والمَعْنى: إلّا الزَّمانَ الَّذِي شاءَهُ اللَّهُ تَعالى، فَلا يَكُونُ في النّارِ، ولا في الجَنَّةِ، ويُمْكِنُ أنْ يَكُونَ هَذا الزَّمانُ المُسْتَثْنى هو الزَّمانُ الَّذِي يَفْصِلُ اللَّهُ بَيْنَ الخَلْقِ يَوْمَ القِيامَةِ، إذا كانَ الِاسْتِثْناءُ مِنَ الكَوْنِ في النّارِ والجَنَّةِ، لِأنَّهُ زَمانٌ يَخْلُو فِيهِ الشَّقِيُّ والسَّعِيدُ مِن دُخُولِ النّارِ أوِ الجَنَّةِ.
وأمّا إنْ كانَ الِاسْتِثْناءُ مِنَ الخُلُودِ فَيُمْكِنُ ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ إلى أهْلِ النّارِ، ويَكُونُ الزَّمانُ المُسْتَثْنى: هو الزَّمانُ الَّذِي فاتَ أهْلَ النّارِ العُصاةَ مِنَ المُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَخْرُجُونَ مِنَ النّارِ ويَدْخُلُونَ الجَنَّةَ، فَلَيْسُوا خالِدِينَ في النّارِ إذْ قَدْ أُخْرِجُوا مِنها وصارُوا في الجَنَّةِ، وهَذا رُوِيَ مَعْناهُ عَنْ قَتادَةَ والضَّحّاكِ وغَيْرِهِما، ويَكُونُ الَّذِينَ شَقُوا شامِلًا لِلْكُفّارِ وعُصاةِ المُسْلِمِينَ.
وأمّا بِالنِّسْبَةِ إلى أهْلِ الجَنَّةِ فَلا يَتَأتّى مِنهم ما تَأتّى في أهْلِ النّارِ، إذْ لَيْسَ مِنهم مَن يَدْخُلُ الجَنَّةَ ثُمَّ لا يَخْلُدُ فِيها، لَكِنْ يُمْكِنُ ذَلِكَ بِاعْتِبارِ أنْ يَكُونَ أُرِيدَ الزَّمانُ الَّذِي فاتَ أهْلَ النّارِ العُصاةَ مِنَ المُؤْمِنِينَ، أوِ الَّذِي فاتَ أصْحابَ الأعْرافِ، فَإنَّهم بِفَواتِ تِلْكَ المُدَّةِ الَّتِي دَخَلَ المُؤْمِنُونَ فِيها الجَنَّةَ وخُلِّدُوا فِيها، صَدَقَ عَلى العُصاةِ المُؤْمِنِينَ وأصْحابِ الأعْرافِ أنَّهم ما خُلِّدُوا في الجَنَّةِ تَخْلِيدَ مَن دَخَلَها لِأوَّلِ وهْلَةٍ، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ اسْتِثْناءً مِنَ الضَّمِيرِ المُسْتَكِنِّ في الجارِّ والمَجْرُورِ، أوْ في خالِدِينَ، وتَكُونُ (ما) واقِعَةً عَلى نَوْعِ مَن يَعْقِلُ، كَما وقَعَتْ في قَوْلِهِ: ﴿فانْكِحُوا ما طابَ لَكم مِنَ النِّساءِ﴾ [النساء: ٣]، أوْ تَكُونُ واقِعَةً عَلى مَن يَعْقِلُ، عَلى مَذْهَبِ مَن يَرى وُقُوعَها عَلى مَن يَعْقِلُ مُطْلَقًا، ويَكُونُ المُسْتَثْنى في قِصَّةِ النّارِ: عُصاةَ المُؤْمِنِينَ، وفي قِصَّةِ الجَنَّةِ: هم أوْ أصْحابَ الأعْرافِ لِأنَّهم لَمْ يَدْخُلُوا الجَنَّةَ لِأوَّلِ وهْلَةٍ، ولا خُلِّدُوا فِيها خُلُودَ مَن دَخَلَها أوَّلَ وهْلَةٍ.
وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: (فَإنْ قُلْتَ): ما مَعْنى الِاسْتِثْناءِ في قَوْلِهِ: ﴿إلّا ما شاءَ رَبُّكَ﴾، وقَدْ ثَبَتَ خُلُودُ أهْلِ الجَنَّةِ والنّارِ في الآيَةِ مِن غَيْرِ اسْتِثْناءٍ ؟ (قُلْتُ): هو اسْتِثْناءٌ مِنَ الخُلُودِ في عَذابِ النّارِ، ومِنَ الخُلُودِ في نَعِيمِ أهْلِ الجَنَّةِ، وذَلِكَ أنَّ أهْلَ النّارِ لا يَخْلُدُونَ في عَذابِ النّارِ وحْدَهُ، بَلْ يُعَذَّبُونَ بِالزَّمْهَرِيرِ وبِأنْواعٍ مِنَ العَذابِ يُساوِي عَذابَ النّارِ، وبِما هو أغْلَظُ مِنها كُلِّها وهو سَخَطُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ وخَسْؤُهُ لَهم وإهانَتُهُ إيّاهم.
وهَكَذا أهْلُ الجَنَّةِ لَهم مَعَ تَبَوُّءِ الجَنَّةِ ما هو أكْبَرُ مِنها، وأجَلُّ مَوْقِعًا مِنهم، وهو رِضْوانُ اللَّهِ تَعالى. كَما قالَ: ﴿وعَدَ اللَّهُ﴾ [النساء: ٩٥]، الآيَةَ إلى قَوْلِهِ: ﴿ورِضْوانٌ مِنَ اللَّهِ أكْبَرُ﴾ [التوبة: ٧٢] ولَهم ما يَتَفَضَّلُ بِهِ عَلَيْهِمْ سِوى ثَوابِ الجَنَّةِ ما لا يَعْرِفُ كُنْهَهُ إلّا هو، فَهو المُرادُ بِالِاسْتِثْناءِ، والدَّلِيلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: ﴿عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ﴾ . ومَعْنى قَوْلِهِ في مُقابَلَتِهِ: ﴿إنَّ رَبَّكَ فَعّالٌ لِما يُرِيدُ﴾: أنَّهُ يَفْعَلُ بِأهْلِ النّارِ ما يُرِيدُ مِنَ العَذابِ، كَما يُعْطِي أهْلَ الجَنَّةِ عَطاءَهُ الَّذِي لا انْقِطاعَ لَهُ، فَتَأمَّلْهُ فَإنَّ القُرْآنَ يُفَسِّرُ بَعْضُهُ بَعْضًا ولا يَخْدَعَنَّكَ عَنْهُ قَوْلُ المُجْبِرَةِ: المُرادُ بِالِاسْتِثْناءِ: خُرُوجُ أهْلِ الكَبائِرِ مِنَ النّارِ بِالشَّفاعَةِ، فَإنَّ الِاسْتِثْناءَ الثّانِيَ يُنادِي عَلى تَكْذِيبِهِمْ ويُسَجِّلُ بِافْتِرائِهِمْ. وما ظَنُّكَ بِقَوْمٍ نَبَذُوا كِتابَ اللَّهِ وراءَ ظُهُورِهِمْ ؟ لِما رَوى لَهم بَعْضُ الثَّوابِتِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العاصِ: لَيَأْتِيَنَّ عَلى جَهَنَّمَ يَوْمٌ تَصْفِقُ (p-٢٦٤)فِيهِ أبْوابُها لَيْسَ فِيها أحَدٌ، وذَلِكَ عِنْدَما يَلْبَثُونَ فِيها أحْقابًا. وقَدْ بَلَغَنِي أنَّ مِنَ الضُّلّالِ مَنِ اعْتَبَرَ هَذا الحَدِيثَ، فاعْتَقَدَ أنَّ الكُفّارَ لا يَخْلُدُونَ في النّارِ، وهَذا ونَحْوُهُ والعِياذُ بِاللَّهِ مِنَ الخِذْلانِ المُبِينِ زادَنا اللَّهُ هِدايَةً إلى الحَقِّ ومَعْرِفَةً بِكِتابِهِ، وتَنْبِيهًا عَنْ أنْ نَغْفُلَ عَنْهُ.
ولَئِنْ صَحَّ هَذا عَنْ أبِي العاصِ فَمَعْناهُ: يَخْرُجُونَ مِنَ النّارِ إلى بَرْدِ الزَّمْهَرِيرِ، فَذَلِكَ خُلُوُّ جَهَنَّمَ وصَفْقُ أبْوابِها، انْتَهى. وهو عَلى طَرِيقِ الِاعْتِزالِ في تَخْلِيدِ أهْلِ الكَبائِرِ غَيْرِ التّائِبِينَ مِنَ المُؤْمِنِينَ في النّارِ، وأمّا ما ذَكَرَهُ مِنَ الِاسْتِثْناءِ في أهْلِ النّارِ مِن كَوْنِهِمْ لا يَخْلُدُونَ في عَذابِ النّارِ، إذْ يَنْتَقِلُونَ إلى الزَّمْهَرِيرِ فَلا يُضَيِّقُ عَلَيْهِمْ أنَّهم خالِدُونَ في عَذابِ النّارِ، فَقَدْ يَتَمَشّى. وأمّا ما ذَكَرَهُ مِنَ الِاسْتِثْناءِ في أهْلِ الجَنَّةِ مِن قَوْلِهِ: (خالِدِينَ)، فَلا يَتَمَشّى لِأنَّهم مَعَ ما أعْطاهُمُ اللَّهُ مِن رِضْوانِهِ، وما تَفَضَّلَ عَلَيْهِمْ بِهِ مِن سِوى ثَوابِ الجَنَّةِ، لا يُخْرِجُهم ذَلِكَ عَنْ كَوْنِهِمْ خالِدِينَ في الجَنَّةِ، فَلا يَصِحُّ الِاسْتِثْناءُ عَلى هَذا، بِخِلافِ أهْلِ النّارِ، فَإنَّهُ لِخُرُوجِهِمْ مِن عَذابِها إلى الزَّمْهَرِيرِ يَصِحُّ الِاسْتِثْناءُ.
وقالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وأمّا قَوْلُهُ: ﴿إلّا ما شاءَ رَبُّكَ﴾ فَقِيلَ فِيهِ: إنَّ ذَلِكَ عَلى طَرِيقِ الِاسْتِثْناءِ الَّذِي نَدَبَ الشَّرْعُ إلى اسْتِعْمالِهِ في كُلِّ كَلامٍ، فَهو عَلى نَحْوِ قَوْلِهِ: ﴿لَتَدْخُلُنَّ المَسْجِدَ الحَرامَ إنْ شاءَ اللَّهُ آمِنِينَ﴾ [الفتح: ٢٧] اسْتِثْناءٌ في واجِبٍ، وهَذا الِاسْتِثْناءُ هو في حُكْمِ الشَّرْطِ، كَأنَّهُ قالَ: إنْ شاءَ اللَّهُ، فَلَيْسَ يَحْتاجُ أنْ يُوصَفَ بِمُتَّصِلٍ ولا مُنْقَطِعٍ.
وقِيلَ: هو اسْتِثْناءٌ مِن طُولِ المُدَّةِ، وذَلِكَ عَلى ما رُوِيَ أنَّ جَهَنَّمَ تُخَرَّبُ ويُعْدَمُ أهْلُها، وتَخْفُقُ أبْوابُها، فَهم عَلى هَذا يَخْلُدُونَ حَتّى يَصِيرَ أمْرُهم إلى هَذا، وهَذا قَوْلٌ مُحالٌ. والَّذِي رُوِيَ ونُقِلَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وغَيْرِهِ: أنَّها تَخْلُو مِنَ النّارِ إنَّما هو الدَّرْكُ الأعْلى المُخْتَصُّ بِعُصاةِ المُؤْمِنِينَ، وهو الَّذِي يُسَمّى: جَهَنَّمُ، وسُمِّيَ الكُلُّ بِهِ تَجَوُّزًا. وقِيلَ: إلّا بِمَعْنى: الواوِ، فَمَعْنى الآيَةِ: و﴿ما شاءَ اللَّهُ﴾ [الأنعام: ١٢٨] زائِدًا عَلى ذَلِكَ.
وقِيلَ: إلّا في هَذِهِ الآيَةِ بِمَعْنى: سِوى، والِاسْتِثْناءُ مُنْقَطِعٌ كَما تَقُولُ: لِي عِنْدَكَ ألْفا دِرْهَمٍ إلّا الألْفَ الَّتِي كُنْتُ أسْلَفْتُكَ، بِمَعْنى: سِوى تِلْكَ الألْفِ. فَكَأنَّهُ قالَ: ﴿خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ والأرْضُ﴾، سِوى ما شاءَ اللَّهُ زائِدًا عَلى ذَلِكَ، ويُؤَيِّدُ هَذا التَّأْوِيلَ قَوْلُهُ تَعالى بَعْدَ هَذا: ﴿عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ﴾، وهَذا قَوْلُ الفَرّاءِ. وقِيلَ: سِوى ما أُعِدَّ لَهم مِن أنْواعِ العَذابِ مِمّا لا يُعْرَفُ كالزَّمْهَرِيرِ.
وقِيلَ: اسْتِثْناءٌ مِن مُدَّةِ السَّماواتِ والأرْضِ الَّتِي فَرَطَتْ لَهم في الحَياةِ الدُّنْيا. وقِيلَ: في البَرْزَخِ بَيْنَ الدُّنْيا والآخِرَةِ. وقِيلَ: في المَسافاتِ الَّتِي بَيْنَهم في دُخُولِ النّارِ إذْ دُخُولُهم إنَّما هو زُمَرًا بَعْدَ زُمَرٍ.
وقِيلَ: الِاسْتِثْناءُ مِن قَوْلِهِ فَفي النّارِ، كَأنَّهُ قالَ: إلّا ما شاءَ رَبُّكَ مِن تَأْخِيرِ قَوْمٍ عَنْ ذَلِكَ، وهَذا قَوْلٌ رَواهُ أبُو نَضْرَةَ عَنْ جابِرٍ، أوْ عَنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، ثُمَّ أخْبَرَ مُنَبِّهًا عَلى قُدْرَةِ اللَّهِ تَعالى فَقالَ: ﴿إنَّ رَبَّكَ فَعّالٌ لِما يُرِيدُ﴾، انْتَهى. وقالَ أبُو مِجْلَزٍ: إلّا ما شاءَ رَبُّكَ أنْ يَتَجاوَزَ عَنْهُ بِعَذابٍ يَكُونُ جَزاؤُهُ الخُلُودَ في النّارِ، فَلا يُدْخِلُهُ النّارَ. وقِيلَ: مَعْنى ﴿إلّا ما شاءَ رَبُّكَ﴾: كَما شاءَ رَبُّكَ قِيلَ: كَقَوْلِهِ: ﴿ولا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكم مِنَ النِّساءِ إلّا ما قَدْ سَلَفَ﴾ [النساء: ٢٢] أيْ: كَما قَدْ سَلَفَ. وقَرَأ الحَسَنُ: شُقُوا بِضَمِّ الشِّينِ، والجُمْهُورِ: بِفَتْحِها. وقَرَأ ابْنُ مَسْعُودٍ وطَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ وابْنُ وثّابٍ والأعْمَشُ وحَمْزَةُ والكِسائِيُّ وحَفْصٌ: سُعِدُوا بِضَمِّ السِّينِ، وباقِي السَّبْعَةِ والجُمْهُورُ: بِفَتْحِها. وكانَ عَلِيُّ بْنُ سُلَيْمانَ يَتَعَجَّبُ مِن قِراءَةِ الكِسائِيِّ: سَعِدُوا، مَعَ عِلْمِهِ بِالعَرَبِيَّةِ، ولا يُتَعَجَّبُ مِن ذَلِكَ إذْ هي قِراءَةٌ مَنقُولَةٌ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ومَن ذَكَرْنا مَعَهُ. وقَدِ احْتَجَّ الكِسائِيُّ بِقَوْلِهِمْ: مَسْعُودٌ، قِيلَ: ولا حُجَّةَ فِيهِ لِأنَّهُ يُقالُ: مَكانٌ مَسْعُودٌ فِيهِ، ثُمَّ حُذِفَ فِيهِ وسُمِّيَ بِهِ، وقالَ المَهْدَوِيُّ: مَن قَرَأ سَعِدُوا فَهو مَحْمُولٌ عَلى مَسْعُودٍ، وهو شاذٌّ قَلِيلٌ لِأنَّهُ لا يُقالُ سَعَدَهُ اللَّهُ، إنَّما يُقالُ: أسْعَدَهُ اللَّهُ.
وقالَ الثَّعْلَبِيُّ: سَعِدَ وأسْعَدَ بِمَعْنًى واحِدٍ، وانْتَصَبَ عَطاءً عَلى المَصْدَرِ، أيْ: أُعْطُوا عَطاءً بِمَعْنى إعْطاءٍ كَقَوْلِهِ: ﴿واللَّهُ أنْبَتَكم مِنَ الأرْضِ نَباتًا﴾ [نوح: ١٧] أيْ: إنْباتًا. ومَعْنى ﴿غَيْرَ مَجْذُوذٍ﴾: غَيْرَ مَقْطُوعٍ، بَلْ هو مُمْتَدٌّ إلى غَيْرِ نِهايَةٍ.
{"ayahs_start":106,"ayahs":["فَأَمَّا ٱلَّذِینَ شَقُوا۟ فَفِی ٱلنَّارِ لَهُمۡ فِیهَا زَفِیرࣱ وَشَهِیقٌ","خَـٰلِدِینَ فِیهَا مَا دَامَتِ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتُ وَٱلۡأَرۡضُ إِلَّا مَا شَاۤءَ رَبُّكَۚ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالࣱ لِّمَا یُرِیدُ","۞ وَأَمَّا ٱلَّذِینَ سُعِدُوا۟ فَفِی ٱلۡجَنَّةِ خَـٰلِدِینَ فِیهَا مَا دَامَتِ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتُ وَٱلۡأَرۡضُ إِلَّا مَا شَاۤءَ رَبُّكَۖ عَطَاۤءً غَیۡرَ مَجۡذُوذࣲ"],"ayah":"۞ وَأَمَّا ٱلَّذِینَ سُعِدُوا۟ فَفِی ٱلۡجَنَّةِ خَـٰلِدِینَ فِیهَا مَا دَامَتِ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتُ وَٱلۡأَرۡضُ إِلَّا مَا شَاۤءَ رَبُّكَۖ عَطَاۤءً غَیۡرَ مَجۡذُوذࣲ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق