الباحث القرآني
﴿ولَقَدْ بَوَّأْنا بَنِي إسْرائِيلَ مُبَوَّأ صِدْقٍ ورَزَقْناهم مِنَ الطَّيِّباتِ فَما اخْتَلَفُوا حَتّى جاءَهُمُ العِلْمُ إنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهم يَوْمَ القِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ﴾: لَمّا ذَكَرَ تَعالى ما جَرى لِـ فِرْعَوْنَ وأتْباعِهِ مِنَ الهَلاكِ، ذَكَرَ ما أحْسَنَ بِهِ لِ بَنِي إسْرائِيلَ وما امْتَنَّ بِهِ عَلَيْهِمْ، إذْ كانَ بَنُو إسْرائِيلَ قَدْ أُخْرِجُوا مِن مَساكِنِهِمْ خائِفِينَ مِن فِرْعَوْنَ، فَذَكَرَ تَعالى أنَّهُ اخْتارَ لَهم مِنَ الأماكِنِ أحْسَنَها.
والظّاهِرُ أنَّ بَنِي إسْرائِيلَ هُمُ الَّذِينَ كانُوا آمَنُوا بِـ مُوسى ونَجَوْا مِنَ الغَرَقِ، وسِياقُ الآياتِ يَشْهَدُ لَهم. وقِيلَ: هُمُ الَّذِينَ كانُوا بِحَضْرَةِ النَّبِيِّ ﷺ مِن بَنِي إسْرائِيلَ، قُرَيْظَةَ والنَّضِيرِ وبَنِي قَيْنُقاعَ، وانْتَصَبَ ﴿مُبَوَّأ صِدْقٍ﴾ عَلى أنَّهُ مَفْعُولٌ ثانٍ لَبَوَّأْنا كَقَوْلِهِ: ﴿لَنُبَوِّئَنَّهم مِنَ الجَنَّةِ غُرَفًا﴾ [العنكبوت: ٥٨] وقِيلَ: يَجُوزُ أنْ يَكُونَ مَصْدَرًا.
ومَعْنى صِدْقٍ، أيْ: فَضْلٍ وكَرامَةٍ ومِنَّةٍ ﴿فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ﴾ [القمر: ٥٥] . وقِيلَ: مَكانَ صِدْقِ الوَعْدِ، وكانَ وعَدَهم فَصَدَقَهم وعْدَهُ. وقِيلَ: (صِدْقٍ) تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِمْ، لِأنَّ الصَّدَقَةَ والبِرَّ مِنَ الصِّدْقِ. وقِيلَ: صَدَقَ فِيهِ ظَنُّ قاصِدِهِ وساكِنِهِ. وقِيلَ: مَنزِلًا صالِحًا مُرْضِيًا، وعَنِ ابْنِ عَبّاسٍ: هو الأُرْدُنُّ وفِلَسْطِينُ. وقالَ الضَّحّاكُ وابْنُ زَيْدٍ وقَتادَةُ: الشّامُ وبَيْتُ المَقْدِسِ. وقالَ مُقاتِلٌ: بَيْتُ المَقْدِسِ. وعَنِ الضَّحّاكِ أيْضًا: مِصْرُ، وعَنْهُ أيْضًا: مِصْرُ والشّامُ. قالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: والأصَحُّ أنَّهُ الشّامُ وبَيْتُ المَقْدِسِ بِحَسَبِ ما حُفِظَ مِن أنَّهم لَمْ يَعُودُوا إلى مِصْرَ، عَلى أنَّهُ في القُرْآنِ كَذَلِكَ.
﴿وأوْرَثْناها بَنِي إسْرائِيلَ﴾ [الشعراء: ٥٩] يَعْنِي ما تَرَكَ القِبْطُ مِن جَنّاتٍ وعُيُونٍ وغَيْرِ ذَلِكَ. وقَدْ يُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ وأوْرَثْناها مَعْناها: الحالَّةُ مِنَ النِّعْمَةِ وإنْ لَمْ تَكُنْ في قُطْرٍ واحِدٍ، انْتَهى.
وقِيلَ: ما بَيْنَ المَدِينَةِ والشّامِ مِن أرْضِ يَثْرِبَ ذَكَرَهُ عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ النَّيْسابُورِيُّ، وهَذا عَلى قَوْلِ مَن قالَ: إنَّ بَنِي إسْرائِيلَ هُمُ الَّذِينَ بِحَضْرَةِ النَّبِيِّ ﷺ . ولَمّا ذَكَرَ أنَّهُ بَوَّأهم مُبَوَّأ صِدْقٍ ذَكَرَ امْتِنانَهُ عَلَيْهِمْ بِما رَزَقَهم مِنَ الطَّيِّباتِ، وهي: المَآكِلُ المُسْتَلَذّاتُ أوِ الحَلّالُ، فَما اخْتَلَفُوا أيْ: كانُوا عَلى مِلَّةٍ واحِدَةٍ وطَرِيقَةٍ واحِدَةٍ مَعَ مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ في أوَّلِ حالِهِ، حَتّى جاءَهُمُ العِلْمُ أيْ: عِلْمُ التَّوْراةِ فاخْتَلَفُوا، وهَذا ذَمٌّ لَهم.
أيْ أنَّ سَبَبَ الإيقافِ هو العِلْمُ، فَصارَ عِنْدَهم سَبَبُ الِاخْتِلافِ، فَتَشَعَّبُوا شُعَبًا بَعْدَما قَرَءُوا التَّوْراةَ. وقِيلَ: العِلْمُ بِمَعْنى المَعْلُومِ وهو مُحَمَّدٌ، لِأنَّ رِسالَتَهُ كانَتْ مَعْلُومَةً عِنْدَهم مَكْتُوبَةً في التَّوْراةِ، وكانُوا يَسْتَفْتِحُونَ بِهِ، أيْ: يَسْتَنْصِرُونَ، وكانُوا قَبْلَ مَجِيئِهِ إلى المَدِينَةِ مُجْمِعِينَ عَلى نُبُوَّتِهِ يَسْتَنْصِرُونَ بِهِ في الحُرُوبِ يَقُولُونَ: اللَّهُمَّ بِحُرْمَةِ النَّبِيِّ المَبْعُوثِ في آخِرِ الزَّمانِ انْصُرْنا فَيُنْصَرُونَ، فَلَمّا جاءَ قالُوا: النَّبِيُّ المَوْعُودُ بِهِ مِن ولَدِ يَعْقُوبَ، وهَذا مِن ولَدِ إسْماعِيلَ، فَلَيْسَ هو ذاكَ، فَآمَنَ بِهِ بَعْضُهم كَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلامٍ وأصْحابِهِ.
وقِيلَ: العِلْمُ: القُرْآنُ، واخْتِلافُهم: قَوْلُ بَعْضِهِمْ: هو مِن كَلامِ مُحَمَّدٍ، وقَوْلُ بَعْضِهِمْ: مِن كَلامِ اللَّهِ ولَيْسَ لَنا إنَّما هو لِلْعَرَبِ. وصَدَّقَ بِهِ قَوْمٌ فَآمَنُوا، وهَذا الِاخْتِلافُ لا يُمْكِنُ زَوالُهُ في الدُّنْيا، وأنَّهُ تَعالى يَقْضِي فِيهِ في الآخِرَةِ فَيُمَيِّزُ المُحِقَّ مِنَ المُبْطِلِ.
{"ayah":"وَلَقَدۡ بَوَّأۡنَا بَنِیۤ إِسۡرَ ٰۤءِیلَ مُبَوَّأَ صِدۡقࣲ وَرَزَقۡنَـٰهُم مِّنَ ٱلطَّیِّبَـٰتِ فَمَا ٱخۡتَلَفُوا۟ حَتَّىٰ جَاۤءَهُمُ ٱلۡعِلۡمُۚ إِنَّ رَبَّكَ یَقۡضِی بَیۡنَهُمۡ یَوۡمَ ٱلۡقِیَـٰمَةِ فِیمَا كَانُوا۟ فِیهِ یَخۡتَلِفُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق