الباحث القرآني
﴿الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ تَقَدَّمَ الكَلامُ عَلَيْهِما في البَسْمَلَةِ، وهُما مَعَ قَوْلِهِ ﴿رَبِّ العالَمِينَ﴾ [الفاتحة: ٢] صِفاتُ مَدْحٍ؛ لِأنَّ ما قَبْلَهُما عَلَمٌ لَمْ يَعْرِضْ في التَّسْمِيَةِ بِهِ اشْتَراكٌ فَيُخَصَّصُ، وبَدَأ أوَّلًا بِالوَصْفِ بِالرُّبُوبِيَّةِ، فَإنْ كانَ الرَّبُّ بِمَعْنى السَّيِّدِ أوْ بِمَعْنى المالِكِ أوْ بِمَعْنى المَعْبُودِ كانَ صِفَةَ فِعْلٍ لِلْمَوْصُوفِ بِها التَّصْرِيفُ في المَسُودِ والمَمْلُوكِ والعابِدِ بِما أرادَ مِنَ الخَيْرِ والشَّرِّ، فَناسَبَ ذَلِكَ الوَصْفُ بِالرَّحْمانِيَّةِ والرَّحِيمِيَّةِ، لِيَنْبَسِطَ أمَلُ العَبْدِ في العَفْوِ إنْ زَلَّ، ويَقْوى رَجاؤُهُ إنْ هَفا، ولا يَصِحُّ أنْ يَكُونَ الرَّبُّ بِمِعْنى الثّابِتِ ولا بِمَعْنى الصّاحِبِ؛ لِامْتِناعِ إضافَتِهِ إلى العالَمِينَ، وإنْ كانَ بِمَعْنى المُصْلِحِ كانَ الوَصْفُ بِالرَّحْمَةِ مُشْعِرًا بِقِلَّةِ الإصْلاحِ؛ لِأنَّ الحامِلَ لِلشَّخْصِ عَلى إصْلاحِ حالِ الشَّخْصِ رَحْمَتُهُ لَهُ. ومَضْمُونُ الجُمْلَةِ والوَصْفِ أنَّ مَن كانَ مَوْصُوفًا بِالرُّبُوبِيَّةِ والرَّحْمَةِ لِلْمَرْبُوبِينَ كانَ مُسْتَحِقًّا لِلْحَمْدِ. وخَفَضَ ﴿الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ الجُمْهُورُ، ونَصَبَهُما أبُو العالِيَةِ وابْنُ السَّمَيْفَعِ وعِيسى بْنُ عَمْرٍو، ورَفَعَهُما أبُو رَزِينٍ العُقَيْلِيُّ والرَّبِيعُ بْنُ خَيْثَمٍ وأبُو عِمْرانَ الجُونِيُّ، فالخَفْضُ عَلى النَّعْتِ، وقِيلَ في الخَفْضِ: إنَّهُ بَدَلٌ أوْ عَطْفُ بَيانٍ، وتَقَدَّمَ شَيْءٌ مِن هَذا، والنَّصْبُ والرَّفْعُ لِلْقَطْعِ. وفي تَكْرارِ ﴿الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ إنْ كانَتِ التَّسْمِيَةُ آيَةً مِنَ الفاتِحَةِ تَنْبِيهٌ عَلى عِظَمِ قَدْرِ هاتَيْنِ الصِّفَتَيْنِ وتَأْكِيدُ أمْرِهِما، وجَعَلَ مَكِّيٌّ تَكْرارَها دَلِيلًا عَلى أنَّ التَّسْمِيَةَ لَيْسَتْ بِآيَةٍ مِنَ الفاتِحَةِ، قالَ: إذْ لَوْ كانَتْ آيَةً لَكُنّا قَدْ أتَيْنا بِآيَتَيْنِ مُتَجاوِرَتَيْنِ بِمَعْنًى واحِدٍ، وهَذا لا يُوجَدُ إلّا بِفَواصِلَ تَفْصِلُ بَيْنَ الأُولى والثّانِيَةِ. قالَ: والفَصْلُ بَيْنَهُما بِـ ﴿الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العالَمِينَ﴾ [الفاتحة: ٢] كَلا فَصْلٍ، قالَ: لِأنَّهُ مُؤَخَّرٌ يُرادُ بِهِ التَّقْدِيمُ تَقْدِيرُهُ الحَمْدُ لِلَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ رَبِّ العالَمِينَ، وإنَّما قُلْنا بِالتَّقْدِيمِ لِأنَّ مُجاوَرَةَ الرَّحْمَةِ بِالحَمْدِ أوْلى، ومُجاوَرَةَ المَلِكِ بِالمُلْكِ أولى. قالَ: (p-٢٠)والتَّقْدِيمُ والتَّأْخِيرُ كَثِيرٌ في القُرْآنِ، وكَلامُ مَكِّيٍّ مَدْخُولٌ مِن غَيْرِ وجْهٍ، ولَوْلا جَلالَةُ قائِلِهِ نَزَّهْتُ كِتابِي هَذا عَنْ ذِكْرِهِ. والتَّرْتِيبُ القُرْآنِيُّ جاءَ في غايَةِ الفَصاحَةِ لِأنَّهُ - تَعالى - وصَفَ نَفْسَهُ بِصِفَةِ الرُّبُوبِيَّةِ وصِفَةِ الرَّحْمَةِ، ثُمَّ ذَكَرَ شَيْئَيْنِ أحَدُهُما مِلْكُهُ يَوْمَ الجَزاءِ، والثّانِي العِبادَةُ. فَناسَبَ الرُّبُوبِيَّةَ المُلْكُ، والرَّحْمَةَ العِبادَةُ. فَكانَ الأوَّلُ لِلْأوَّلِ والثّانِي لِلثّانِي.
وقَدْ ذَكَرَ المُفَسِّرُونَ في عِلْمِ التَّفْسِيرِ الوَقْفَ، وقَدِ اخْتُلِفَ في أقْسامِهِ، فَقِيلَ: تامٌّ وكافٌّ وقَبِيحٌ وغَيْرُ ذَلِكَ. وقَدْ صَنَّفَ النّاسُ في ذَلِكَ كُتُبًا مُرَتَّبَةً عَلى السُّوَرِ، كَكِتابِ أبِي عَمْرٍو الدّانِيِّ وكِتابِ الكِرْمانِيِّ وغَيْرِهِما، ومَن كانَ عِنْدَهُ حَظٌّ في عِلْمِ العَرَبِيَّةِ اسْتَغْنى عَنْ ذَلِكَ.
{"ayah":"ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِیمِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق