الباحث القرآني

﴿يَوْمَئِذٍ﴾ أيْ: يَوْمَ إذْ ما ذُكِرَ وهو يَقَعُ ظَرْفًا لِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿يَصْدُرُ النّاسُ﴾ يَخْرُجُونَ مِن قُبُورِهِمْ بَعْدَ أنْ دُفِنُوا فِيها إلى مَوْقِفِ الحِسابِ ﴿أشْتاتًا﴾ مُتَفَرِّقِينَ بِحَسَبِ طَبَقاتِهِمْ، بِيضَ الوُجُوهِ آمِنِينَ وسُودَ الوُجُودِ فَزِعِينَ، وراكِبِينَ وماشِينَ، ومُقَيَّدِينَ بِالسَّلاسِلِ وغَيْرَ مُقَيَّدِينَ. وعَنْ بَعْضِ السَّلَفِ: مُتَفَرِّقِينَ إلى سَعِيدٍ وأسْعَدَ، وشَقِيٍّ وأشْقى. وقِيلَ: إلى مُؤْمِنٍ وكافِرٍ. وعَنِ ابْنِ عَبّاسٍ: أهْلُ الإيمانِ عَلى حِدَةٍ، وأهْلُ كُلِّ دِينٍ عَلى حِدَةٍ، وجُوِّزَ أنْ يَكُونَ المُرادُ: كُلَّ واحِدٍ وحْدَهُ لا ناصِرَ لَهُ ولا عاضِدَ؛ كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿ولَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى﴾ وقِيلَ: مُتَفَرِّقِينَ بِحَسَبِ الأقْطارِ. ﴿لِيُرَوْا أعْمالَهُمْ﴾ أيْ: لِيُبْصِرُوا جَزاءَ أعْمالِهِمْ خَيْرًا كانَ أوْ شَرًّا، فالرُّؤْيَةُ بَصَرِيَّةٌ، والكَلامُ عَلى حَذْفِ مُضافٍ أوْ عَلى أنَّهُ تَجُوُّزٌ بِالأعْمالِ عَمّا يَتَسَبَّبُ عَنْها مِنَ الجَزاءِ، وقَدَّرَ بَعْضُهم كُتُبَ أوْ صَحائِفَ، وقالَ آخَرُ: لا حاجَةَ إلى التَّأْوِيلِ والأعْمالُ تُجَسَّمُ نُورانِيَّةً وظُلْمانِيَّةٍ بَلْ يَجُوزُ رُؤْيَتُها مَعَ عَرْضِيَّتِها وهو كَما تَرى. وقِيلَ: المُرادُ: لِيَعْرِفُوا أعْمالَهم ويُوقَفُوا عَلَيْها تَفْصِيلًا عِنْدَ الحِسابِ فَلا يَحْتاجُ إلى ما ذُكِرَ أيْضًا. وقالَ النِّقاشُ: الصُّدُورُ مُقابِلُ الوُرُودِ، فَيَرِدُونَ المَحْشَرَ ويُصْدَرُونَ مِنهُ مُتَفَرِّقِينَ، فَقَوْمٌ إلى الجَنَّةِ وقَوْمٌ إلى النّارِ لِيُرَوْا جَزاءَ أعْمالِهِمْ مِنَ الجَنَّةِ والنّارِ ولَيْسَ بِذاكَ. وأيًّا ما كانَ فَقَوْلُهُ تَعالى: ﴿لِيُرَوْا﴾ مُتَعَلِّقٌ بِ: ﴿يَصْدُرُ﴾ وقِيلَ: هو مُتَعَلِّقٌ بِ ﴿أوْحى لَها﴾ وما بَيْنَهُما اعْتِراضٌ. وقَرَأ الحَسَنُ والأعْرَجُ وقَتادَةُ وحَمّادُ بْنَ سَلَمَةَ والزُّهْرِيُّ وأبُو حَيْوَةَ وعِيسى ونافِعٌ في رِوايَةٍ: «لِيَرَوْا» بِفَتْحِ الياءِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب