الباحث القرآني
سُورَةُ القَدْرِ
قالَ أبُو حَيّانَ: مَدَنِيَّةٌ في قَوْلِ الأكْثَرِ، وحَكى اَلْماوَرْدِيُّ عَكْسَهُ، وذَكَرَ الواحِدِيُّ أنَّها أوَّلُ سُورَةٍ نَزَلَتْ بِالمَدِينَةِ. وقالَ الجَلالُ في الإتْقانِ: فِيها قَوْلانِ، والأكْثَرُ عَلى أنَّها مَكِّيَّةٌ، ويُسْتَدَلُّ لِكَوْنِها مَدَنِيَّةً بِما أخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ والحاكِمُ عَنِ الحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُما «أنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ أُرِيَ بَنِي أُمَيَّةَ عَلى مِنبَرِهِ فَساءَهُ ذَلِكَ. فَنَزَلَتْ: ﴿إنّا أعْطَيْناكَ الكَوْثَرَ﴾ ونَزَلَتْ: ﴿إنّا أنْزَلْناهُ في لَيْلَةِ القَدْرِ﴾» الحَدِيثَ.
وهُوَ كَما قالَ المُزَنِيُّ: حَدِيثٌ مُنْكَرٌ. انْتَهى. وقَدْ أخْرَجَ الجَلالُ هَذا الحَدِيثَ في الدُّرِّ المَنثُورِ عَنِ ابْنِ جَرِيرٍ والطَّبَرانِيِّ وابْنِ مَرْدَوَيْهِ والبَيْهَقِيُّ في الدَّلائِلِ أيْضًا مِن رِوايَةِ يُوسُفَ بْنِ سَعْدٍ، وذَكَرَ فِيهِ أنَّ التِّرْمِذِيَّ أخْرَجَهُ وضَعَّفَهُ، وأنَّ الخَطِيبَ أخْرَجَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ نَحْوَهُ، وكَذا عَنِ ابْنِ المُسَيِّبِ بِلَفْظِ: «قالَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ: «أُرِيتُ بَنِي أُمَيَّةَ يَصْعَدُونَ مِنبَرِي فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيَّ». فَأُنْزِلَتْ: ﴿إنّا أنْزَلْناهُ في لَيْلَةِ القَدْرِ﴾» .
فَفِي قَوْلِ المُزَنِيِّ: هو مُنْكَرٌ تَرَدُّدٌ عِنْدِي، وأيًّا ما كانَ فَقَدِ اسْتُشْكِلَ وجْهُ دَلالَتِهِ عَلى كَوْنِ السُّورَةِ مَدَنِيَّةً، وأُجِيبَ بِأنَّهُ يُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِقَوْلِهِ فِيهِ: عَلى مِنبَرِهِ.
والظّاهِرُ أنْ يَكُونَ المِنبَرُ مَوْجُودًا زَمَنَ الرُّؤْيا وهو لَمْ يُتَّخَذْ إلّا في المَدِينَةِ، وآيُها سِتٌّ في المَكِّيِّ والشّامِيِّ، وخَمْسٌ فِيما عَداهُما.
وجاءَ في حَدِيثٍ أخْرَجَهُ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ عَنْ أنَسٍ مَرْفُوعًا: ««أنَّها تَعْدِلُ رُبْعَ القُرْآنِ»».
وذَكَرَ غَيْرُ واحِدٍ مِنَ الشّافِعِيَّةِ أنَّهُ يُسُنُّ قِراءَتُها بَعْدَ الوُضُوءِ. وقالَ بَعْضُ أئِمَّتِهِمْ: ثَلاثًا. ووَجْهُ مُناسَبَتِها لِما (p-189)قَبْلَها أنَّها كالتَّعْلِيلِ لِلْأمْرِ بِقِراءَةِ القُرْآنِ المُتَقَدِّمِ فِيهِ كَأنَّهُ قِيلَ: اقْرَأِ القُرْآنَ لِأنَّ قَدْرَهُ عَظِيمٌ وشَأْنَهُ فَخِيمٌ. وقالَ الخَطّابِيُّ: المُرادُ بِالكِتابَةِ في قَوْلِهِ تَعالى فِيها: ﴿إنّا أنْزَلْناهُ﴾ الإشارَةُ إلى قَوْلِهِ تَعالى: ﴿اقْرَأْ﴾ ولِذا وُضِعَتْ بَعْدُ. وارْتَضاهُ القاضِي أبُو بَكْرِ بْنُ العَرَبِيِّ وقالَ: هَذا بَدِيعٌ جِدًّا. والظّاهِرُ أنَّهُ أرادَ أنَّ الضَّمِيرَ المَنصُوبَ في ذاكَ لِاقْرَأْ... إلَخْ. عَلى ما سَتَسْمَعُهُ إنْ شاءَ اللَّهُ تَعالى. وكَوْنُهُ أرادَ أنَّهُ لِلْمَقْرُوءِ المَفْهُومِ مِنَ اقْرَأْ فَيَكُونُ في مَعْنى رُجُوعِهِ لِلْقُرْآنِ خِلافَ الظّاهِرِ فَلا تَغْفُلْ.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴿إنّا أنْزَلْناهُ في لَيْلَةِ القَدْرِ﴾ الضَّمِيرُ عِنْدَ الجُمْهُورِ لِلْقُرْآنِ، وادَّعى الإمامُ فِيهِ إجْماعَ المُفَسِّرِينَ وكَأنَّهُ لَمْ يَعْتَدَّ بِقَوْلِ مَن قالَ مِنهم بِرُجُوعِهِ لِجِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ أوْ غَيْرِهِ لِضَعْفِهِ، قالُوا: وفي التَّعْبِيرِ عَنْهُ بِضَمِيرِ الغائِبِ مَعَ عَدَمِ تَقَدُّمِ ذِكْرِهِ تَعْظِيمٌ لَهُ أيُّ تَعْظِيمٍ؛ لِما أنَّهُ يُشْعِرُ بِأنَّهُ لِعُلُوِّ شَأْنِهِ كَأنَّهُ حاضِرٌ عِنْدَ كُلِّ أحَدٍ فَهو في قُوَّةِ المَذْكُورِ، وكَذا في إسْنادِ إنْزالِهِ إلى نُونِ العَظَمَةِ مَرَّتَيْنِ وتَأْكِيدِ الجُمْلَةِ، وأشارَ الزَّمَخْشَرِيُّ إلى إفادَةِ الجُمْلَةِ اخْتِصاصَ الإنْزالِ بِهِ سُبْحانَهُ بِناءً عَلى أنَّها مِن بابِ: أنا سَعَيْتُ في حاجَتِكَ مِمّا قُدِّمَ فِيهِ الفاعِلُ المَعْنَوِيُّ عَلى الفِعْلِ، وتُعُقِّبَ بِأنَّ ما ذَكَرُوهُ في الضَّمِيرِ المُنْفَصِلِ دُونَ المُتَّصِلِ كَما في اسْمِ إنَّ هُنا، نَعَمْ؛ الِاخْتِصاصُ يُفْهَمُ مِن سِياقِ الكَلامِ. وفِيهِ أنَّهم لَمْ يُصَرِّحُوا بِاشْتِراطِ ما ذُكِرَ في تَفْخِيمِ وقْتِ إنْزالِهِ بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿وما أدْراكَ ما لَيْلَةُ القَدْرِ﴾ لِما فِيهِ مِنَ الدَّلالَةِ عَلى أنَّ عُلُوَّها خارِجٌ عَنْ دائِرَةِ دِرايَةِ الخَلْقِ لا يُعْلَمُ ذَلِكَ ولا يَعْلَمُ بِهِ إلّا عَلّامُ الغُيُوبِ كَما يُشْعِرُ بِهِ.
{"ayahs_start":1,"ayahs":["إِنَّاۤ أَنزَلۡنَـٰهُ فِی لَیۡلَةِ ٱلۡقَدۡرِ","وَمَاۤ أَدۡرَىٰكَ مَا لَیۡلَةُ ٱلۡقَدۡرِ"],"ayah":"وَمَاۤ أَدۡرَىٰكَ مَا لَیۡلَةُ ٱلۡقَدۡرِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











