الباحث القرآني
وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿إلا الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ﴾ عَلى ما تَقَدَّمَ اسْتِثْناءٌ مُتَّصِلٌ مِن ضَمِيرِ رَدَدْناهُ العائِدِ عَلى الإنْسانِ؛ فَإنَّهُ في مَعْنى الجَمْعِ؛ فالمُؤْمِنُونَ لا يُرَدُّونَ أسْفَلَ سافِلِينَ يَوْمَ القِيامَةِ ولا تُقَبَّحُ صُوَرُهم بَلْ يَزْدادُونَ بَهْجَةً إلى بَهْجَتِهِمْ وحُسْنًا إلى حُسْنِهِمْ.
وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَلَهم أجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ﴾ أيْ: غَيْرُ مَقْطُوعٍ أوْ غَيْرُ مَمْنُونٍ بِهِ عَلَيْهِمْ مُقَرِّرٌ لِما يُفِيدُهُ الِاسْتِثْناءُ مِن خُرُوجِهِمْ عَنْ حُكْمِ الرَّدِّ ومُبَيِّنٌ لِكَيْفِيَّةِ حالِهِمْ وعَلى الأخِيرِ الِاسْتِثْناءُ مُنْقَطِعٌ والمَوْصُولُ مُبْتَدَأٌ وجُمْلَةُ: لَهم أجْرٌ خَبَرُهُ، والفاءُ لِتَضَمُّنِ المُبْتَدَأِ مَعْنى الشَّرْطِ والكَلامُ عَلى مَعْنى الِاسْتِدْراكِ كَأنَّهُ قِيلَ: لَكِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا لَهم أجْرٌ... إلَخْ. وهو لِدَفْعِ ما يُتَوَهَّمُ مِن أنَّ التَّساوِيَ في أرْذَلِ العُمْرِ يَقْتَضِي التَّساوِيَ في غَيْرِهِ فَلا يَرِدُ أنَّهُ كَيْفَ يَكُونُ مُنْقَطِعًا والمُؤْمِنُونَ داخِلُونَ في المَرْدُودِينَ إلى أرْذَلِ العُمْرِ غَيْرُ مُخالِفِينَ لِغَيْرِهِمْ في الحُكْمِ. وقالَ بَعْضُ المُحَقِّقِينَ: الِانْقِطاعُ لِأنَّهُ لَمْ يُقْصَدْ إخْراجُهم مِنَ الحُكْمِ وهو مَدارُ الِاتِّصالِ والِانْقِطاعِ -كَما صَرَّحَ بِهِ في الأُصُولِ- لا الخُرُوجِ والدُّخُولِ فَلا تَغْفُلْ.
وحَمَلَ غَيْرُ واحِدٍ هَؤُلاءِ المُؤْمِنِينَ عَلى الصّالِحِينَ مِنَ الهَرْمى كَأنَّهُ قِيلَ: لَكِنَّ الَّذِينَ كانُوا صالِحِينَ مِنَ الهَرْمى لَهم ثَوابٌ دائِمٌ غَيْرُ مُنْقَطِعٍ أوْ غَيْرُ مَمْنُونٍ بِهِ عَلَيْهِمْ لِصَبْرِهِمْ عَلى ما ابْتُلُوا بِهِ مِنَ الهَرَمِ والشَّيْخُوخَةِ المانِعَيْنِ إيّاهم عَنِ النُّهُوضِ لِأداءِ وظائِفِهِمْ مِنَ العِبادَةِ.
أخْرَجَ أحْمَدُ والبُخارِيُّ وابْنُ حِبّانَ عَنْ أبِي مُوسى قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ: ««إذا مَرِضَ العَبْدُ أوْ سافَرَ كَتَبَ اللَّهُ تَعالى لَهُ مِنَ الأجْرِ مِثْلَ ما كانَ يَعْمَلُ صَحِيحًا مُقِيمًا».
وفِي رِوايَةٍ عَنْهُ ثُمَّ قَرَأ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ: ﴿فَلَهم أجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ﴾» .
أخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ عَنْ شَدّادِ بْنِ أوْسٍ قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَقُولُ: ««إنَّ اللَّهَ تَبارَكَ وتَعالى يَقُولُ: إذا ابْتَلَيْتُ عَبْدًا مِن عِبادِي مُؤْمِنًا فَحَمِدَنِي عَلى ما ابْتَلَيْتُهُ فَإنَّهُ يَقُومُ مِن مَضْجَعِهِ كَيَوْمِ ولَدَتْهُ أُمُّهُ مِنَ الخَطايا، ويَقُولُ الرَّبُّ عَزَّ وجَلَّ: إنِّي أنا قَيَّدْتُ عَبْدِي هَذا وابْتَلَيْتُهُ فَأجْرُوا لَهُ ما كُنْتُمْ تُجْرُونَ لَهُ قَبْلَ ذَلِكَ»». وهو صَحِيحٌ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسِ أنَّهُ قالَ في الآيَةِ: إذا كَبِرَ العَبْدُ وضَعُفَ عَنِ العَمَلِ كُتِبَ لَهُ أجْرُ ما كانَ يَعْمَلُ في شَبِيبَتِهِ، ومِنَ النّاسِ مَن حَمَلَهم عَلى قُرّاءِ القُرْآنِ وجَعَلَ الِاسْتِثْناءَ مُتَّصِلًا مُخْرِجًا لَهم عَنْ حُكْمِ الرَّدِّ إلى أرْذَلِ العُمْرِ بِناءً عَلى ما أخْرَجَ الحاكِمُ (p-177)وصَحَّحَهُ والبَيْهَقِيُّ في الشُّعَبِ عَنِ الحَبْرِ قالَ: مَن قَرَأ القُرْآنَ لَمْ يُرَدَّ إلى أرْذَلِ العُمْرِ؛ وذَلِكَ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ثُمَّ رَدَدْناهُ أسْفَلَ سافِلِينَ﴾ ﴿إلا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ قالَ: إلّا الَّذِينَ قَرَءُوا القُرْآنَ.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وابْنُ جَرِيرٍ عَنْ عِكْرِمَةَ نَحْوَهُ، وفِيهِ أنَّهُ لا يُنَزَّلُ تِلْكَ المَنزِلَةَ -يَعْنِي الهَرَمَ- كَيْ لا يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا أحَدٌ مِن قُرّاءِ القُرْآنِ ولا يَخْفى أنَّ تَخْصِيصَ ( الَّذِينَ آمَنُوا ) بِما خُصِّصَ بِهِ خِلافُ الظّاهِرِ. وفي كَوْنِ أحَدٍ مِنَ القُرّاءِ لا يُرَدُّ إلى أرْذَلِ العُمْرِ تَوَقُّفٌ فَلْيُتَتَبَّعْ.
{"ayah":"إِلَّا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ فَلَهُمۡ أَجۡرٌ غَیۡرُ مَمۡنُونࣲ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











