الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿لَقَدْ خَلَقْنا الإنْسانَ﴾ إلَخْ. وأُرِيدَ بِالإنْسانِ الجِنْسُ؛ فَهو شامِلٌ لِلْمُؤْمِنِ والكافِرِ لا مَخْصُوصَ بِالثّانِي، واسْتُدِلَّ عَلَيْهِ بِصِحَّةِ الِاسْتِثْناءِ وأنَّ الأصْلَ فِيهِ الِاتِّصالُ. وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿فِي أحْسَنِ تَقْوِيمٍ﴾ في مَوْضِعِ الحالِ مِنَ الإنْسانِ؛ أيْ: كائِنًا في تَقْوِيمٍ أحْسَنِ تَقْوِيمٍ، والتَّقْوِيمُ التَّثْقِيفُ والتَّعْدِيلُ وهو فِعْلُ اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ، فَمَعْنى كَوْنِ الإنْسانِ كائِنًا في ذَلِكَ عَلى ما قِيلَ: إنَّهُ مُلْتَبِسٌ بِهِ، نَظِيرَ قَوْلِكَ: فُلانٌ في رِضا زَيْدٍ. بِمَعْنى أنَّهُ مَرْضِيٌّ عَنْهُ. وقالَ الخَفاجِيُّ: هو مُؤَوَّلٌ بِمَعْنى القَوّامِ أوِ المُقَوِّمِ، وفِيهِ مُضافٌ مُقَدَّرٌ؛ أيْ: قَوامٍ أحْسَنِ تَقْوِيمٍ أوْ «فِي زائِدَةٌ» وما بَعْدَها في مَوْضِعِ المَفْعُولِ المُطْلَقِ وقَدْ نابَ فِيهِ عَنِ المَصْدَرِ صِفَتُهُ. والتَّقْدِيرُ: قَوَّمْناهُ تَقْوِيمًا أحْسَنَ تَقْوِيمٍ، والمُرادُ بِذَلِكَ جَعْلُهُ عَلى أحْسَنِ ما يَكُونُ صُورَةً ومَعْنًى، فَيَشْمَلُ ما لَهُ مِنَ انْتِصابِ القامَةِ وحُسْنِ الصُّورَةِ والإحْساسِ وجَوْدَةِ العَقْلِ وغَيْرِ ذَلِكَ. ومَن أمْعَنَ نَظَرَهُ في أمْرِهِ وأجالَ فِكْرَهُ في دَقائِقِ ظاهِرِهِ وسِرِّهِ رَآهُ كَما قالَ بَعْضُ الأجِلَّةِ: مَجْمَعُ الغَيْبِ والشَّهادَةِ ومَطْلَعُ نَيِّرَيْ فَلَكَيِ الإفادَةِ والِاسْتِفادَةِ، والنُّسْخَةُ الجامِعَةُ لِما في رَسائِلِ إخْوانِ الصَّفا وسائِرِ المُتُونِ والشّارِحِ بِطُورِ طُرُوسِ العَجائِبِ الإلَهِيَّةِ المُودَعَةِ فِيهِ لِما كانَ وسَيَكُونُ وظَهَرَ لَهُ صِدْقُ ما قِيلَ: ونُسِبَ لِعَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ تَعالى وجْهَهُ:
؎دَواؤُكَ فِيكَ ولا تَشْعُرُ وداؤُكَ مِنكَ وما تُبْصِرُ
؎وتَزْعُمُ أنَّكَ جِرْمٌ صَغِيرٌ ∗∗∗ وفِيكَ انْطَوى العالَمُ الأكْبَرُ
ومِمّا يَدُلُّ عَلى أحْسَنِيَّةِ تَقْوِيمِهِ أنَّ اللَّهَ تَعالى رَسَمَ فِيهِ مِنَ الصِّفاتِ ما تُذَكِّرُهُ صِفاتِهِ عَزَّ وجَلَّ، وتَدُلُّهُ عَلَيْها فَجَعَلَهُ عالِمًا مُرِيدًا قادِرًا إلى غَيْرِ ذَلِكَ.
وقالَ تَعالى: «تَخَلَّقُوا بِأخْلاقِ اللَّهِ لِئَلّا يُتَوَهَّمَ أنَّ ما لِلسَّيِّدِ عَلى العَبْدِ حَرامٌ».
ويَكْفِي في هَذا البابِ وهو القَوْلُ الفَصْلُ أنَّ اللَّهَ تَعالى خَلَقَهُ بِيَدَيْهِ وأمَرَ سُبْحانَهُ مَلائِكَتَهُ عَلَيْهِمُ السَّلامُ بِالسُّجُودِ لَهُ وهُمُ المُكَرَّمُونَ لَدَيْهِ.
وجاءَ أنَّ اللَّهَ تَعالى خَلَقَ آدَمَ عَلى صُورَتِهِ، وفي رِوايَةٍ: عَلى صُورَةِ الرَّحْمَنِ.
وهِيَ تَأْبى احْتِمالَ عَوْدِ الضَّمِيرِ عَلى آدَمَ عَلى مَعْنى خَلَقَهُ غَيْرَ مُتَنَقِّلٍ في الأطْوارِ كَبَنِيهِ ولِكَوْنِهِ النُّسْخَةَ الجامِعَةَ. قالَ يَحْيى بْنُ مُعاذٍ الرّازِيُّ: مَن عَرَفَ نَفْسَهُ فَقَدْ عَرَفَ رَبَّهُ. والنّاسُ يَزْعُمُونَهُ حَدِيثًا ولَيْسَ -كَما قالَ النَّوَوِيُّ- بِثابِتٍ. وعَنْ يَحْيى بْنِ أكْثَمَ وبَعْضِ الحَنَفِيَّةِ أنَّهُما أفْتَيا مَن قالَ لِزَوْجَتِهِ: إنْ لَمْ تَكُونِي أحْسَنَ مِنَ القَمَرِ فَأنْتِ طالِقٌ بِعَدَمِ وُقُوعِ الطَّلاقِ، واسْتَدَلّا بِهَذِهِ الآيَةِ في قِصَّةٍ مَشْهُورَةٍ. ولِلشُّعَراءِ في تَفْضِيلِ مَعْشُوقِهِمْ عَلى القَمَرِ لَيْلَةَ تِمِّهِ ما يَضِيقُ عَنْهُ نِطاقُ الحَصْرِ، والحَقُّ أنَّ الفَرْقَ مِثْلُ الصُّبْحِ ظاهِرٌ.
{"ayah":"لَقَدۡ خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَـٰنَ فِیۤ أَحۡسَنِ تَقۡوِیمࣲ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق