الباحث القرآني

﴿وأمّا السّائِلَ فَلا تَنْهَرْ﴾ أيْ: فَلا تَزْجُرْهُ ولَكِنْ تَفَضَّلْ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ أوْ رُدَّهُ بِقَوْلٍ جَمِيلٍ، وأُرِيدَ بِهِ عِنْدَ جَمْعٍ: السّائِلُ المُسْتَجْدِي الطّالِبُ لِشَيْءٍ مِنَ الدُّنْيا، وتَدُلُّ الآيَةُ عَلى الِاعْتِناءِ بِشَأْنِهِ أيْضًا وعَنْ إبْراهِيمَ بْنِ أدْهَمَ: نِعْمَ القَوْمُ السُّؤّالُ يَحْمِلُونَ زادَنا إلى الآخِرَةِ، وعَنْ إبْراهِيمَ النَّخَعِيِّ: السّائِلُ يُرِيدُ الآخِرَةَ يَجِيءُ إلى بابِ أحَدِكم فَيَقُولُ: أتَبْعَثُونَ إلى أهْلِيكم بِشَيْءٍ. وِشاعَ حَدِيثُ: ««لِلسّائِلِ حَقٌّ وإنْ جاءَ عَلى فَرَسٍ»». وقَدْ قالَ فِيهِ الإمامُ أحْمَدُ كَما في تَمْيِيزِ الطَّيِّبِ مِنَ الخَبِيثِ: لا أصْلَ لَهُ. وأخْرَجَهُ أبُو داوُدَ عَنِ الحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُما مَوْقُوفًا وسَكَتَ عَنْهُ، وقالَ العِراقِيُّ: سَنَدُهُ جَيِّدٌ، وتَبِعَهُ غَيْرُهُ، وقالَ ابْنُ عَبْدِ البَرِّ: إنَّهُ لَيْسَ بِالقَوِيِّ وعَوَّلَ كَثِيرٌ عَلى ما قالَ الإمامُ أحْمَدُ: وفي مَعْناهُ احْتِمالانِ كُلٌّ مِنهُما يُؤْذِنُ بِالِاهْتِمامِ بِأمْرِ السّائِلِ. ورُوِيَ مِن طُرُقٍ عَنْ عائِشَةَ وغَيْرِها: لَوْ صَدَقَ السّائِلُ ما أفْلَحَ مَن رَدَّهُ. وهو أيْضًا عَلى ما قالَ ابْنُ المَدِينِيِّ: لا أصْلَ لَهُ، وقالَ ابْنُ عَبْدِ البَرِّ: جَمِيعُ أسانِيدِهِ لَيْسَتْ بِالقَوِيَّةِ. نَعَمْ أخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ في الكَبِيرِ عَنْ أبِي أُمامَةَ مَرْفُوعًا ما يَقْرُبُ مِنهُ وهُوَ: ««لَوْلا أنَّ المَساكِينَ يَكْذِبُونَ ما أفْلَحَ مَن رَدَّهُمْ»». ولَمْ أقِفْ عَلى مَن تَعَقَّبَهُ. ثُمَّ النَّهْيُ عَلى النَّهْرِ عَلى ما قالُوا إذا لَمْ يُلِحَّ في السُّؤالِ فَإنْ ألَحَّ ولَمْ يَنْفَعِ الرَّدُّ اللَّيِّنُ فَلا بَأْسَ بِالزَّجْرِ. وقالَ أبُو الدَّرْداءِ والحَسَنُ وسُفْيانُ وغَيْرُهُمُ: المُرادُ بِالسّائِلِ هُنا السّائِلُ عَنِ العِلْمِ والدِّينِ لا سائِلُ المالِ. ولَعَلَّ النَّهْيَ عَنْ زَجْرِهِ عَلى القَوْلِ الأوَّلِ يُعْلَمُ بِالأوْلى ويَشْهَدُ لِلْأوْلَوِيَّةِ أنَّهُ لا وعِيدَ عَلى تَرْكِ إعْطاءِ المُسْتَجْدِي لِمَن يَجِدُ ما يَسْتَجْدِيهِ بِخِلافِ تَرْكِ جَوابِ سائِلِ العِلْمِ لِمَن يَعْلَمُ، فَفي الحَدِيثِ: ««مَن سُئِلَ عَنْ عِلْمٍ فَكَتَمَهُ أُلْجِمَ بِلِجامٍ مِن نارٍ»». وسَيَأْتِي إنْ شاءَ اللَّهُ تَعالى ما قِيلَ مِن أنَّ الظّاهِرَ الثّانِي مِنَ القَوْلَيْنِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب