الباحث القرآني
وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَأمّا مَن أعْطى﴾ إلَخْ تَفْصِيلٌ مُبَيِّنٌ لِتَفَرُّقِها واخْتِلافِها في ذَلِكَ، وجُوِّزَ أنْ يُرادَ بِاخْتِلافِها كَوْنُ البَعْضِ طالِبًا لِلْيَوْمِ المُتَجَلِّي، والبَعْضُ طالِبًا لِلَّيْلِ الغاشِي وبَعْضُها مُسْتَعانًا بِالذَّكَرِ وبَعْضُها مُسْتَعانًا بِالأُنْثى، فَيَكُونُ الجَوابُ شَدِيدَ المُناسَبَةِ بِالقَسَمِ ولا يَخْفى بُعْدُهُ ورَكاكَتُهُ.
والظّاهِرُ أنَّ المُرادَ بِالإعْطاءِ بَذْلُ المالِ ومِن هُنا قالَ ابْنُ زَيْدٍ: المُرادُ إنْفاقُ مالِهِ في سَبِيلِ اللَّهِ تَعالى. وقالَ قَتادَةُ: المَعْنى: أعْطى حَقَّ اللَّهِ تَعالى، وظاهِرُهُ الحُقُوقُ المالِيَّةُ.
﴿واتَّقى﴾ أيْ: واتَّقى اللَّهَ عَزَّ وجَلَّ كَما قالَ ابْنُ عَبّاسٍ، وفي مَعْناهُ قَوْلُ قَتادَةَ: واتَّقى ما نُهِيَ عَنْهُ. وفي رِوايَةٍ: مَحارِمَ اللَّهِ تَعالى. وقالَ مُجاهِدٌ: واتَّقى البُخْلَ وهو كَما تَرى.
﴿وصَدَّقَ بِالحُسْنى﴾ أيْ: بِالكَلِمَةِ الحُسْنى وهي كَما قالَ أبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ وغَيْرُهُ، ورُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ: لا إلَهَ إلّا اللَّهُ، أوْ هي ما دَلَّتْ عَلى حَقٍّ كَما قالَ بَعْضُهُمْ: وتَدْخُلُ كَلِمَةُ التَّوْحِيدِ دُخُولًا أوَّلِيًّا أوْ بِالمِلَّةِ الحُسْنى وهي مِلَّةُ الإسْلامِ. وقالَ عِكْرِمَةُ وجَماعَةٌ: ورُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أيْضًا: هي المَثُوبَةُ بِالخَلَفِ في الدُّنْيا مَعَ المُضاعَفَةِ، وقالَ مُجاهِدٌ: الجَنَّةُ، وقِيلَ: المَثُوبَةُ مُطْلَقًا ويَتَرَجَّحُ عِنْدِي أنَّ الإعْطاءَ إشارَةٌ إلى العِبادَةِ المالِيَّةِ، والِاتِّقاءَ إشارَةٌ إلى ما يَشْمَلُ سائِرَ العِباداتِ مِن فِعْلِ الحَسَناتِ وتَرْكِ السَّيِّئاتِ مُطْلَقًا والتَّصْدِيقِ بِالحُسْنى إشارَةً إلى الإيمانِ بِالتَّوْحِيدِ أوْ بِما يَعُمُّهُ وغَيْرِهِ مِمّا يَجِبُ الإيمانُ بِهِ وهو تَفْصِيلٌ شامِلٌ لِلْمَساعِي كُلِّها، وتَقْدِيمُ الإعْطاءِ لِما أنَّهُ سَبَبُ النُّزُولِ ظاهِرًا؛ فَقَدْ أخْرَجَ الحاكِمُ وصَحَّحَهُ عَنْ عامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ أبِيهِ قالَ: قالَ أبُو قُحافَةَ لِأبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُ: أراكَ تُعْتِقُ رِقابًا ضِعافًا فَلَوْ أنَّكَ إذْ فَعَلْتَ ما فَعَلْتَ أعْتَقْتَ رِجالًا جُلُدًا يَمْنَعُونَكَ ويُقِيمُونَ دُونَكَ. فَقالَ: يا أبَهْ، إنَّما أُرِيدُ ما أُرِيدُ، فَنَزَلَتْ: ﴿فَأمّا مَن أعْطى واتَّقى﴾ إلى: ﴿وما لأحَدٍ عِنْدَهُ مِن نِعْمَةٍ تُجْزى﴾ .
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ وأبُو الشَّيْخِ وابْنُ عَساكِرَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قالَ: إنَّ أبا بَكْرٍ اشْتَرى بِلالًا مِن أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ بِبُرْدَةٍ وعَشَرَةِ أواقٍ فَأعْتَقَهُ، فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى: ﴿واللَّيْلِ إذا يَغْشى﴾ إلى قَوْلِهِ سُبْحانَهُ: ﴿إنَّ سَعْيَكم لَشَتّى﴾ وكَذا عَلى القَوْلِ بِأنَّها نَزَلَتْ في أبِي الدَّحْداحِ. ولَمّا كانَ الإيمانُ أمْرًا مُعْتَنًى بِهِ في نَفْسِهِ أُخِّرَ عَنِ الِاتِّقاءِ لِيَكُونَ ذِكْرُهُ بَعْدَهُ مِن بابِ ذِكْرِ الخاصِّ بَعْدَ العامِّ مَعَ ما في ذَلِكَ مِن رِعايَةِ الفاصِلَةِ.
وقِيلَ: المُرادُ أعْطى الطّاعَةَ واتَّقى المَعْصِيَةَ وصَدَّقَ بِالكَلِمَةِ الدّالَّةِ عَلى الحَقِّ كَكَلِمَةِ التَّوْحِيدِ. وفِيهِ أنَّ المَعْرُوفَ في الإعْطاءِ تَعَلُّقُهُ بِالمالِ خُصُوصًا وقَدْ وقَعَ في مُقابَلَةِ ذِكْرِ البُخْلِ والمالِ، وأمْرُ تَأْخِيرِ الإيمانِ عَلَيْهِ بِحالِهِ وقِيلَ: أُخِّرَ لِأنَّ مِن جُمْلَةِ إعْطاءِ الطّاعَةِ بِالإصْغاءِ لِتَعَلُّمِ كَلِمَةِ التَّوْحِيدِ الَّتِي لا يَتِمُّ الإيمانُ إلّا بِها.
ومِن جُمْلَةِ الِاتِّقاءِ عَنِ الإشْراكِ وهُما مُتَقَدِّمانِ عَلى ذَلِكَ ولَيْسَ بِشَيْءٍ.
﴿فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى﴾ فَسَنُهَيِّئُهُ لِلْخَلَصَةِ الَّتِي تُؤَدِّي إلى يُسْرٍ وراحَةٍ كَدُخُولِ الجَنَّةِ ومَبادِيهِ مِن يُسْرِ الفَرَسِ لِلرُّكُوبِ إذا أسْرَجَها وألْجَمَها. ووَصَفَها (p-149)بِاليُسْرى إمّا عَلى الِاسْتِعارَةِ المُصَرِّحَةِ أوِ المَجازِ المُرْسَلِ أوِ التَّجَوُّزِ في الإسْنادِ.
{"ayahs_start":5,"ayahs":["فَأَمَّا مَنۡ أَعۡطَىٰ وَٱتَّقَىٰ","وَصَدَّقَ بِٱلۡحُسۡنَىٰ","فَسَنُیَسِّرُهُۥ لِلۡیُسۡرَىٰ"],"ayah":"وَصَدَّقَ بِٱلۡحُسۡنَىٰ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق