الباحث القرآني

﴿فَكَذَّبُوهُ﴾ أيْ: في وعِيدِهِ إيّاهم كَما حُكِيَ عَنْهُ بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿ولا تَمَسُّوها بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكم عَذابٌ ألِيمٌ﴾ فالتَّكْذِيبُ لِخَبَرٍ مُقَدَّرٍ ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ لِخَبَرٍ تَضَمَّنَهُ الأمْرُ التَّحْذِيرِيُّ السّابِقُ وهو الخَبَرُ بِحُلُولِ العَذابِ إنْ فَعَلُوا ما حَذَّرَهم مِنهُ وقِيلَ: إنَّ ما قالَهُ لَهم مِنَ الأمْرِ قالَهُ ناقِلًا لَهُ عَنِ اللَّهِ تَعالى كَما يُؤْذِنُ بِذَلِكَ التَّعْبِيرُ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلامُ بِعُنْوانِ الرِّسالَةِ، ومَآلُ ذَلِكَ أنَّهُ قالَ لَهُمْ: إنَّهُ قالَ اللَّهُ تَعالى: (p-146)﴿ناقَةَ اللَّهِ وسُقْياها﴾ فالتَّكْذِيبُ لِذَلِكَ وهو وجْهٌ لا بَأْسَ بِهِ ﴿فَعَقَرُوها﴾ أيْ: فَنَحَرُوها أوْ فَقَتَلُوها، وضَمِيرُ الجَمْعِ لِلْأشْقى وجَمْعُهُ عَلى تَقْدِيرِ وحْدَتِهِ لِرِضا الكُلِّ بِفِعْلِهِ. قالَ قَتادَةُ: بَلَغَنا أنَّهُ لَمْ يَعْقِرْها حَتّى تابَعَهُ صَغِيرُهم وكَبِيرُهم وذَكَرُهم وأُنْثاهم. ﴿فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ﴾ فَأطْبَقَ عَلَيْهِمُ العَذابَ وقالُوا: دَمْدَمَ عَلَيْهِ القَبْرَ؛ أيْ: أطْبَقَهُ وهو مِمّا تُكَرَّرُ فِيهِ الفاءُ، فَوَزْنُهُ فَعْفَلَ لا فَعْلَلَ مِن قَوْلِهِمْ: ناقَةٌ مَدْمُومَةٌ إذا لَبِسَها الشَّحْمُ وغَطّاها، وقالَ في القامُوسِ: مَعْناهُ أتَمَّ العَذابَ عَلَيْهِمْ. وقالَ مُؤَرِّخٌ: الدَّمْدَمَةُ إهْلاكٌ بِاسْتِئْصالٍ. وفي الصِّحاحِ: دَمْدَمْتُ الشَّيْءَ ألْزَقْتُهُ بِالأرْضِ وطَحْطَحْتُهُ. وقَرَأ ابْنُ الزُّبَيْرِ: «فَدَهْدَمَ» بَهاءٍ بَيْنَ الدّالَيْنِ والمَعْنى كَما تَقَدَّمَ. ﴿بِذَنْبِهِمْ﴾ بِسَبَبِ ذَنْبِهِمُ المَحْكِيِّ، والتَّصْرِيحُ بِذَلِكَ مَعَ دَلالَةِ الفاءِ عَلَيْهِ لِلْإنْذارِ بِعاقِبَةِ الذَّنْبِ لِيَعْتَبِرَ بِهِ كُلُّ مُذْنِبٍ. ﴿فَسَوّاها﴾ الضَّمِيرُ لِلدَّمْدَمَةِ المَفْهُومَةِ مِن دَمْدَمَ؛ أيْ: فَجَعَلَ الدَّمْدَمَةَ سَواءً بَيْنَهم أوْ جَعَلَها عَلَيْهِمْ سَواءً فَلَمْ يُفْلِتْ سُبْحانَهُ مِنهم أحَدًا لا صَغِيرًا ولا كَبِيرًا أوْ هو لِثَمُودَ، والتَّأْنِيثُ بِاعْتِبارِ القَبِيلَةِ كَما في «طَغْواها وأشْقاها» والمَعْنى ما ذُكِرَ أيْضًا أوْ فَسَوّاها بِالأرْضِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب