الباحث القرآني

﴿يَتِيمًا ذا مَقْرَبَةٍ﴾ أيْ: قَرابَةٍ؛ فَهو مَصْدَرٌ مِيمِيٌّ أيْضًا مِن قَرُبَ في النَّسَبِ، يُقالُ: فُلانٌ ذُو قَرابَتِي وذُو مَقْرِبَتِي بِمَعْنًى. قالَ الزَّجّاجُ: وفُلانٌ قَرابَتِي قَبِيحٌ؛ لِأنَّ القَرابَةَ مَصْدَرٌ. قالَ: ؎يَبْكِي الغَرِيبُ عَلَيْهِ لَيْسَ يَعْرِفُهُ وذُو قَرابَتِهِ في الحَيِّ مَسْرُورُ وفِيهِ بَحْثٌ. وفي ﴿إطْعامٌ﴾ هَذا جَمْعٌ بَيْنَ الصَّدَقَةِ والصِّلَةِ وفِيهِما مِنَ الأجْرِ ما فِيهِما. وقِيلَ: إنَّهُ لا يَخُصُّ القَرِيبَ نَسَبًا بَلْ يَشْمَلُ مِن لَهُ قُرْبٌ بِالجِوارِ. ﴿أوْ مِسْكِينًا ذا مَتْرَبَةٍ﴾ أيِ افْتِقارٍ وهو مَصْدَرٌ مِيمِيٌّ كَما تَقَدَّمَ مِن تَرِبَ إذا افْتَقَرَ ومَعْناهُ التَصَقَ بِالتُّرابِ، وأمّا أتْرَبَ فاسْتَغْنى؛ أيْ: صارَ ذا مالٍ كالتُّرابِ في الكَثْرَةِ كَما قِيلَ: أثْرى. وعَنِ ابْنِ عَبّاسِ أنَّهُ فَسَّرَهُ هُنا بِالَّذِي لا يَقِيهِ مِنَ التُّرابِ شَيْءٌ. وفي رِوايَةٍ أُخْرى هو المَطْرُوحُ عَلى ظَهْرِ الطَّرِيقِ قاعِدًا عَلى التُّرابِ لا بَيْتَ لَهُ وهو قَرِيبٌ مِمّا أخْرَجَهُ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا: ««هُوَ الَّذِي مَأْواهُ المَزابِلُ»». فَإنْ صَحَّ لا يُعْدَلُ عَنْهُ. وفي رِوايَةٍ أُخْرى عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ هو الَّذِي يَخْرُجُ مِن بَيْتِهِ ثُمَّ يُقَلِّبُ وجْهَهُ إلَيْهِ مُسْتَيْقِنًا أنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إلّا التُّرابُ، وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وابْنُ المُنْذِرِ وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْهُ أنَّهُ قالَ في ذَلِكَ: يَعْنِي بَعِيدَ التُّرْبَةِ؛ أيْ: بَعِيدًا مِن وطَنِهِ وهو بَعِيدٌ، والصِّفَةُ عَلى بَعْضِ هَذِهِ التَّفاسِيرِ صِفَةٌ كاشِفَةٌ، وبَعْضٍ آخَرَ مُخَصِّصَةُ واوٍ عَلى ما في البَحْرِ لِلتَّنْوِيعِ. وقَدِ اسْتُشْكِلَ عَدَمُ تَكْرارِ لا هُنا مَعَ أنَّها دَخَلَتْ عَلى الماضِي وهم قالُوا: يَلْزَمُ تَكْرارُها حِينَئِذٍ كَما في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿فَلا صَدَّقَ ولا صَلّى﴾ وقَوْلِ الحُطَيْئَةِ: ؎وإنْ كانَتِ النَّعْماءُ فِيهِمْ جَزَوْا بِها ∗∗∗ وإنْ أنْعَمُوا لا كَدَّرُوها ولا كَدُّوا وشَذَّ قَوْلُهُ: ؎لا هُمَّ إنَّ الحارِثَ بْنَ جَبَلَهْ ∗∗∗ جَنى عَلى أبِيهِ ثُمَّ قَتَلَهْ ؎وكانَ في جاراتِهِ لا عَهْدَ لَهُ ∗∗∗ فَأيُّ أمْرٍ سَيِّئٍ لا فَعَلَهْ وأُجِيبَ بِأنَّ اللّازِمَ تَكْرارُها لَفْظًا أوْ مَعْنًى، وهي هُنا مُكَرَّرَةُ مَعْنًى؛ لِأنَّ تَفْسِيرَ العَقَبَةِ بِما فُسِّرَتْ بِهِ مِنَ الأُمُورِ المُتَعَدِّدَةِ يَلْزَمُ مِنهُ تَفْسِيرُ الِاقْتِحامِ فَيَكُونُ: فَلا اقْتَحَمَ العَقَبَةَ في مَعْنى: فَلا فَكَّ رَقَبَةً ولا أطْعَمَ يَتِيمًا... إلَخْ. وقَدْ يُقالُ في البَيْتِ نَحْوَ ذَلِكَ بِأنْ يُقالَ: إنَّ العُمُومَ فِيهِ قائِمٌ مَقامَ التَّكْرارِ ويَلْزَمُهُ عَلى ما قِيلَ: جَوازُ: لا جاءَنِي زَيْدٌ وعَمْرٌو؛ لِأنَّهُ في مَعْنى: لا جاءَنِي زَيْدٌ ولا جاءَنِي عَمْرٌو ومَنَعَهُ الزُّجاجُ والفَرّاءُ. يَجُوزُ أنْ يَكُونَ مِنهُ
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب