الباحث القرآني
﴿فَإنْ رَجَعَكَ اللَّهُ﴾ أيْ: مِن سَفَرِكَ، والفاءُ لِتَفْرِيعِ الأمْرِ الآتِي عَلى ما بَيَّنَ مِن أمْرِهِمْ و( رَجَعَ ) هُنا مُتَعَدٍّ بِمَعْنى رَدَّ ومَصْدَرُهُ الرَّجْعُ وقَدْ يَكُونُ لازِمًا ومَصْدَرُهُ الرُّجُوعُ، وأُوثَرَ اسْتِعْمالُ المُتَعَدِّي وإنْ كانَ اسْتِعْمالُ اللّازِمِ كَثِيرًا إشارَةً إلى أنَّ ذَلِكَ السَّفَرَ لِما فِيهِ مِنَ الخَطَرِ يَحْتاجُ الرُّجُوعُ مِنهُ لِتَأْيِيدٍ إلَهِيٍّ ولِذا أُوثِرَتْ كَلِمَةُ ( إنْ ) عَلى إذا أيْ فَإنْ رَدَّكَ اللَّهُ سُبْحانَهُ ( ﴿إلى طائِفَةٍ مِنهُمْ﴾ ) أيْ إلى المُنافِقِينَ مِنَ المُتَخَلِّفِينَ بِناءً عَلى أنَّ مِنهم مَن لَمْ يَكُنْ مُنافِقًا أوْ إلى مَن بَقِيَ مِنَ المُنافِقِينَ المُتَخَلِّفِينَ بِأنْ ذَهَبَ بَعْضُهم بِالمَوْتِ أوْ بِالغَيْبَةِ عَنِ البَلَدِ أوْ بِإنْ لَمْ (p-153)يَسْتَأْذِنْكَ البَعْضُ، وقِيلَ: المُرادُ بِتِلْكَ الطّائِفَةِ مَن بَقِيَ مِنَ المُنافِقِينَ عَلى نِفاقِهِ ولَمْ يَتُبْ ولَيْسَ بِذاكَ.
أخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، وغَيْرُهُ عَنْ قَتادَةَ أنَّهُ قالَ في الآيَةِ: ذُكِرَ لَنا أنَّهم كانُوا اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا مِنَ المُنافِقِينَ وفِيهِمْ قِيلَ ما قِيلَ.
﴿فاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ﴾ مَعَكَ إلى غَزْوَةٍ أُخْرى بَعْدَ غَزْوَتِكَ هَذِهِ الَّتِي رَدَّكَ اللَّهُ مِنها بِتَأْيِيدِهِ ( ﴿فَقُلْ﴾ ) لَهم إهانَةً لَهم عَلى أتَمِّ وجْهٍ ﴿لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أبَدًا﴾ ما دُمْتُ ودُمْتُمْ ﴿ولَنْ تُقاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا﴾ مِنَ الأعْداءِ، وهو إخْبارٌ في مَعْنى النَّهْيِ لِلْمُبالَغَةِ.
وذَكَرَ القِتالَ كَما قالَ بَعْضُ المُحَقِّقِينَ لِأنَّهُ المَقْصُودُ مِنَ الخُرُوجِ، فَلَوِ اقْتَصَرَ عَلى أحَدِهِما لَكَفى إسْقاطًا لَهم عَنْ مَقامِ الصُّحْبَةِ ومَقامِ الجِهادِ أوْ عَنْ دُيُونِ الغُزاةِ ودِيوانِ المُجاهِدِينَ، وإظْهارًا لِكَراهَةِ صُحْبَتِهِمْ وعَدَمِ الحاجَةِ مِنَ الجُنْدِ، أوْ ذُكِرَ الثّانِي لِلتَّأْكِيدِ لِأنَّهُ أصْرَحُ في المُرادِ والأوَّلُ لِمُطابَقَتِهِ لِلسُّؤالِ، ونَظِيرُ ذَلِكَ:
؎أقُولُ لَهُ ارْحَلْ لا تُقِيمَنَّ عِنْدَنا
فَإنَّ الثّانِيَ أدَلُّ عَلى الكَراهَةِ ﴿إنَّكم رَضِيتُمْ بِالقُعُودِ﴾ عَنِ الخُرُوجِ مَعِي وفَرِحْتُمْ بِهِ ﴿أوَّلَ مَرَّةٍ﴾ أيْ: مِنَ الخُرُوجِ فَنُصِبَ أفْعَلُ المُضافُ عَلى المَصْدَرِيَّةِ، وقِيلَ: عَلى الظَّرْفِيَّةِ الزَّمانِيَّةِ واسْتَبْعَدَهُ أبُو حَيّانَ، والظّاهِرُ أنَّ هَذا الِاخْتِلافَ لِلِاخْتِلافِ في ( مَرَّةٍ ) ونُقِلَ عَنْ أبِي البَقاءِ أنَّها في الأصْلِ مَصْدَرٌ مَرَّ يَمُرُّ ثُمَّ اسْتُعْمِلَتْ ظَرْفًا، واخْتارَ القاضِي البَيْضاوِيُّ بَيَّضَ اللَّهُ غُرَّةَ أحْوالِهِ النَّصْبَ عَلى المَصْدَرِيَّةِ، وأشارَ إلى تَأْنِيثِ المَوْصُوفِ حَيْثُ قالَ: وأوَّلُ مَرَّةٍ هي الخَرْجَةُ إلى عِزْوَةِ تَبُوكَ وذَكَرَ أفْعَلَ لِأنَّ التَّذْكِيرَ هو الأكْثَرُ في مِثْلِ ذَلِكَ، وفي الكَشّافِ أنَّ ( مَرَّةٍ ) نَكِرَةٌ وُضِعَتْ مَوْضِعَ المَرّاتِ لِلتَّفْضِيلِ، وذَكَرَ اسْمَ التَّفْضِيلِ المُضافَ إلَيْها وهو دالٌّ عَلى واحِدَةٍ مِنَ المَرّاتِ لِأنَّ أكْثَرَ اللُّغَتَيْنِ- هِنْدُ أكْبَرُ النِّساءِ وهي أكْبَرُهُنَّ-، وهي كُبْرى مَرْأةٍ لا تَكادُ تَعْثُرُ عَلَيْهِ ولَكِنْ هي أكْبَرُ امْرَأةٍ وأوَّلُ مَرَّةٍ وآخِرُ مَرَّةٍ، وعَلَّلَ في الكَشْفِ عَدَمَ العُثُورِ عَلى نَحْوِ: هي كُبْرى امْرَأةٍ بِأنَّ أفْعَلَ فِيهِ مُضافٌ إلى غَيْرِ المُفَضَّلِ عَلَيْهِ، بَلْ إلى العَدَدِ المُتَلَبَّسِ هو بِهِ بَيانًا لَهُ فَكَأنَّهُ قِيلَ: هي امْرَأةٌ أكْبَرُ مِن كُلِّ واحِدَةٍ واحِدَةٍ مِنَ النِّساءِ، وفي مِثْلِهِ لا يَخْتَلِفُ أفْعَلُ التَّفْضِيلِ، فالتَّحْقِيقُ أنَّهُ لا يُشْبِهُ ما فِيهِ اللّامُ وإنَّما المُطابَقَةُ بَيْنَ مَوْصُوفَةٍ وما أُضِيفَ إلَيْهِ ولا مَدْخَلَ لِطِباقِهِ في اللَّفْظِ والمَعْنى فَتَدَبَّرْ، والجُمْلَةُ في مَوْضِعِ التَّعْلِيلِ لِما سَلَفَ فَهي مُسْتَأْنَفَةٌ اسْتِئْنافًا بَيانِيًّا أيْ لِأنَّكم رَضِيتُمْ ﴿فاقْعُدُوا مَعَ الخالِفِينَ﴾ أيِ: المُتَخَلِّفِينَ لِعَدَمِ لِياقَتِهِمْ كالنِّساءِ والصِّبْيانِ والرِّجالِ العاجِزِينَ، وجَمْعُ المُذَكَّرِ لِلتَّغْلِيبِ، واقْتَصَرَ ابْنُ عَبّاسٍ عَلى الأخِيرِ، وتَفْسِيرُ الخالِفِ بِالمُتَخَلِّفِ هو المَأْثُورُ عَنْ أكْثَرِ المُفَسِّرِينَ السَّلَفِ، وقِيلَ: إنَّهُ مِن خَلَفَ بِمَعْنى فَسَدَ.
ومِنهُ خُلُوفُ فَمِ الصّائِمِ لِتَغَيُّرِ رائِحَتِهِ، والظَّرْفُ مُتَعَلِّقٌ بِما عِنْدَهُ أوْ بِمَحْذُوفٍ وقَعَ حالًا مِن ضَمِيرِ الجَمْعِ، والفاءُ لِتَفْرِيعِ الأمْرِ بِالقُعُودِ بِطَرِيقِ العُقُوبَةِ عَلى ما صَدَرَ مِنهم مَنِ الرِّضا بِالقُعُودِ أيْ إذا رَضِيتُمْ بِالقُعُودِ أوَّلَ مَرَّةٍ فاقْعُدُوا مِن بَعْدُ.
وقَرَأ عِكْرِمَةُ ( الخَلِفِينَ ) بِوَزْنِ حَذِرِينَ ولَعَلَّهُ صِفَةٌ مُشَبَّهَةٌ مِثْلُهُ، وقِيلَ: هو مَقْصُورٌ مِنَ الخالِفِينَ إذْ لَمْ يَثْبُتْ اسْتِعْمالُهُ كَذَلِكَ عَلى أنَّهُ صِفَةٌ مُشَبَّهَةٌ.
{"ayah":"فَإِن رَّجَعَكَ ٱللَّهُ إِلَىٰ طَاۤىِٕفَةࣲ مِّنۡهُمۡ فَٱسۡتَـٔۡذَنُوكَ لِلۡخُرُوجِ فَقُل لَّن تَخۡرُجُوا۟ مَعِیَ أَبَدࣰا وَلَن تُقَـٰتِلُوا۟ مَعِیَ عَدُوًّاۖ إِنَّكُمۡ رَضِیتُم بِٱلۡقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةࣲ فَٱقۡعُدُوا۟ مَعَ ٱلۡخَـٰلِفِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











